من الوعد الصادق 2006م إلى طوفان الأقصى م2023.. هل أعاد التاريخ نفسه؟
تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT
في 17 ربيع الأول 1445هـ، الموافق 2 أكتوبر 2023م ، دوى في سماء الوطن اليمني الكبير، خبر قيام فخامة المشير الركن مهدي محمد المشاط – رئيس المجلس السي
بعد عملية عناقيد الغضب 1996م نجح حزب الله في فرض قواعد اشتباك جديدة على إسرائيل حَدّتْ من قدرتَها التكتيكية على استهداف المدنيين وألزمتها بقوة ردع الكاتيوشا و”تفاهم نيسان” أن لا ترد على أي استهداف عسكري إلا باستهداف عسكري، مما أدى بعد أربع سنوات فقط من عام 2000 إلى خروج مُذلّ لإسرائيل من جنوب لبنان بدون اتفاق سلام وبشكل مفاجئ حتى انها خلفت عملاءَها وراءها دون سابق إنذار ليُلاقوا مصيرهم.
كانت هذه الهزيمة التاريخية إيذانا بعهد جديد في النضال العربي ضد إسرائيل أعاد الأمل لهزيمتها وظلت كلمة السيد حسن نصر الله بعد تحرير جنوب لبنان المحتل في بنت جبيل على الحدود مع فلسطين المحتلة *”إسرائيل هذه أوهن من بيت العنكبوت”* تدوي في مسامع جميع أحرار العالم وكان لها معنى خاص لدى الفلسطينيين بالذات لذا كان لا بد لإسرائيل من معاقبة حزب الله ونموذجه الفريد في المقاومة الذي قام على ركنين:
*الركن الأول:* هو الصبر على الجراح والقصف والاغتيالات والاعتقالات والتدمير الهائل والتآمر الداخلي.
*الركن الثاني:* هو النضال المسلح الحكيم والذكي الذي يقوم على فكرة توجيه ضربات عسكرية استنزافية لجيش إسرائيل مع القدرة في نفس الوقت على توجيه ضربات ردعية عقابية لمستوطنات شمال إسرائيل، كرد على أي استهداف للمدنيين لردع إسرائيل من استهداف المدنيين وهي السياسة التي تلجأ إليها عندما تتعرض للهزائم في الميدان العسكري.
وبالطبع لا يمكن أن يتم ذلك لحزب الله إلا بتوفر أربعة شروط:
*الشرط الأول:* هو حاضنة شعبية تؤمن بالقضية مستعدة للصمود والتضحية.
*الشرط الثاني:* هو قيادة حكيمة وشجاعة ومقاتلون مستميتون ومدربون ومنظمون مع جهاز إعلامي ولوجستي محترف.
*الشرط الثالث:* هو خط إمداد سخي كان يأتي من إيران.
*الشرط الرابع:* هو غطاء سياسي ولوجستي وفرته سوريا والرئيس اللبناني إيميل لحود ورئيس الوزراء اللبناني سليم الحص ومختلف القوى السياسية الحليفة لحزب الله.
في تموز 2006م بدأت عملية الوعد الصادق حين قام حزب الله باختطاف ثلاثة جنود صهاينة بغرض تحرير جميع أسراه، فأعلنت إسرائيلُ حربا حاقدة هدفها كان التدمير والتهجير والعقاب الجماعي للحاضنة الشعبية لحزب الله ثم الغزو البري بدبابات الميركافا وذلك تحت غطاء أمريكي ومباركة دولية وتآمر عربي رسمي كان رأس حربته هو رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة، لكن التأييد الشعبي العربي التام لحزب الله كان واضحا، حيث توحد العرب والمسلمون خلف حزب الله وكانوا يعيشون معه كل تفاصيل معركته ومفاجآته للعدو الصهيوني ابتداء بضرب البارجة الإسرائيلية ساعر وإغراقها مرورا بقصف العمق الإسرائيلي الذي تجاوز مستوطنات الشمال ليصل هذه المرة إلى مدينة حيفا المحتلة.. ومن سينسى تحذير السيد حسن نصر الله بعد مفاجأة قصف حيفا أن المقاومة قادرة أن تذهب إلى *”ما بعد حيفا”* وإلى *”ما بعد حيفا”* ثم قوله *”إذا قصفتم عاصمتنا فسنقصف عاصمة كيانكم الغاصب”* في إشارة لقدرة حزب الله على قصف تل أبيب، وانتهاء بمجزرة الميركافا في وادي الحجير والتي منعت وصول الجيش الإسرائيلي لنهر الليطاني لتحقيق أي نصر ميداني قبل وقف إطلاق النار وعودته خائبا يجر أذيال الخسائر الثقيلة والذعر..
رغم التدمير الواسع وتهجير مئات الآلاف، انتهت عملية الوعد الصادق بإخفاق عسكري إسرائيلي ثم بعودة النازحين وتعويضهم وإعادة الإعمار ثم باتفاق تبادل للأسرى حرر به لبنانُ جميعَ أسراه.. والأهم استراتيجيا من كل ذلك أن عملية الوعد الصادق انتهت بوحدة عربية إسلامية لا سابق لها وشعور بالانتصار والأمل بعد عقود طويلة مظلمة من الهزائم والانتكاسات.. وستبقى كلمة السيد حسن نصر الله للشعب العربي محفورة في ذاكرة الأحرار *”لقد ولى زمن الهزائم وجاء زمن الانتصارات”.
لم تنفع الفتاوى الخليجية المذهبية للتحذير من حزب الله “الشيعي” في صرف الشارع العربي الإسلامي عن تأييد حزب الله، بل قوبلت تلك الفتاوى بالسخرية والاستنكار وتم رفع صورة السيد حسن نصر الله في الأزهر الشريف، وجاءت إلى لبنان وفودُ العرب والمسلمين مُلهَمين بصمود حزب الله وحكمته وشجاعته مُهنئين من كل أرجاء المعمورة، وكان لا بد للصهيونية من رد فعل على هذه النتيجة الخطيرة وكان لا بد من هندسة لعبة جديدة لإعادة خلط الأوراق عبَّرت عنها وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس بـ *”الفوضى الخلاقة”* بدأت بإعدام الرئيس العراقي صدام حسين تحت عنوان مذهبي خبيث ومشبوه تمهيدا لما عُرف بعد ذلك بـ*”الربيع العربي”* الذي أدى إلى خلق شرخ طائفي عميق في جسد الأمة الإسلامية أصبحت به للفتاوى الخليجية المذهبية صدى بعد أن كانت محطا للسخرية والاستنكار..
منذ 2011م مرت السنوات مثقلة بالفوضى مثخنة بالجراح غارقة في ظلمة الفتن حتى جاءت عملية طوفان الأقصى 2023م ليتوحد حولها الشارع العربي الإسلامي من جديد وليُعاد من خلالها سيناريو عملية الوعد الصادق 2006م بتفاصيله من بداية جرئية وتدمير وتهجير وتآمر رسمي وتوحد عربي إسلامي وستنتهي إن شاء الله بنصر فلسطيني وذل صهيوأمريكي..
والأمل كل الأمل أن نجعل عملية طوفان الأقصى نكالا على المشروع الصهيوأمريكي بأن نردم الشرخ الطائفي في جسد هذه الأمة ونُخرس أصواتَ الفتنة المذهبية إلى الأبد، وهذه مسؤولية الجميع سيما الواعين والشرفاء والمناضلين والصادقين..
والله المستعان هو نعم المولى ونعم النصير.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
"طوفان الأقصى" تعصف باستقرار المستوطنين وتدفعهم للهجرة
الضفة الغربية - خاص صفا
عقب عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/ تشرين أول 2023، دخلت "إسرائيل" منعطفاً لم تسلكه منذ عام 1948، وباتت الدولة التي كان يروج ساستها أنها المكان الأكثر أماناً، تحت نار صواريخ المقاومة وضغط الحرب.
وأفادت تقارير بمغادرة نحو نصف مليون "إسرائيلي" بعد بدء الحرب على قطاع غزة، وتجاوز عدد "الإسرائيليين" الذين قرروا العيش خارج حدود دولة الاحتلال أعداد العائدين بنسبة 44%.
وأظهرت البيانات انخفاضاً بنسبة 7% في عدد العائدين إلى "إسرائيل" بعد العيش في الخارج، حيث عاد 11 ألفاً و300 إسرائيلي فقط خلال عام 2023، مقارنة بمتوسط 12 ألفاً و214 في العقد الماضي.
وتتصاعد الهجرة العكسية في "إسرائيل" لأسباب أمنية واقتصادية، ما يضع الاحتلال أمام انعطافة ديموغرافية تهدد مستقل الدولة اليهودية.
وأفاد المختص في الشأن الإسرائيلي نهاد أبو غوش، بأن اتجاهات الهجرة بدأت ترتفع مع وجود حكومة اليمين ومحاولات تغيير النظام السياسي "الإسرائيلي" من خلال مشروع الانقلاب القضائي.
وقال في حديثه لوكالة "صفا"، إن ارتفاع مؤشرات الهجرة بشكل ملحوظ بعد طوفان الأقصى، يأتي بسبب زعزعت فكرة الوطن القومي الآمن لليهود، التي كان يروج لها الاحتلال على مدار عقود لاستقطاب يهود العالم.
أن صواريخ ومسيرات المقاومة وصلت كافة الأراضي المحتلة، وخلقت واقعاً يتنافى مع العقيدة الأمنية للاحتلال، التي ترتكز على تحقيق الأمن والاستقرار للمستوطنين.
وأشار أبو غوش إلى أن الأزمة الاقتصادية والخسائر التي يتكبدها الاحتلال في انفاقه على الحرب، والضغط على جنود الاحتياط واستمرار خدمتهم لفترات طويلة، فضلاً عن تغلغل اليمين المتطرف في مفاصل الحكومة، عوامل ساهمت مجتمعة في تشجيع الهجرة العكسية لليهود.
وبيّن أن الهجرة الداخلية من القدس إلى تل أبيب، كانت دائماً موجودة من قبل الفئات الليبرالية بسبب القيود التي يفرضها اليهود المتدينين "الحريديم" على الحياة اليومية.
وتتركز الهجرة في أوساط الليبراليين العلمانيين، والمهنيين الذين يديرون عجلة اقتصاد الاحتلال، بحسب أبو غوش، مرجحاً الأسباب إلى اتساع سيطرة اليمين المتطرف على الحكومة، وكلفة الحرب وتبيعاتها الاقتصادية التي يدفع فاتورتها المستوطنين.
وأكد على أن الهجرة العكسية هي الكابوس الأكبر الذي من شأنه أن ينهي حلم الدولة للكيان الصهيوني، إذ تتحول "إسرائيل" تدريجياً إلى دولة متطرفة لا ديموقراطية فيها، بعدما كان نظامها الليبرالي الديموقراطي أبرز عناصر قوتها وجذبها ليهود العالم.
وأضاف "إن هيمنة اليهود المتدينين وتغلغلهم في الحكم، وهم فئة غير منتجة ومساهمتها صفرية في الاقتصاد، إلى جانب رفضها الانضمام إلى الجيش، ستحول إسرائيل إلى دولة عالم ثالث تعتمد على المساعدات".
وهدمت الحرب أسطورة الجيش الذي لا يقهر، وأظهرت ضعف "إسرائيل" واعتمادها التام على الدعم الأمريكي، وكشفت حقيقة الاحتلال المجرم للعالم، وفق أبو غوش، مبيّناً أن كل هذه العوامل أسقطت ثقة المستوطنين في حكومتهم ودفعتهم إلى الهجرة إلى أماكن أكثر أماناً واستقراراً.
ويتكتم الاحتلال على حقيقة الأرقام المتعلقة بالهجرة العكسية أو عودة اليهود إلى أوطانهم الحقيقية، إلا أن الأرقام التي تتضح في مفاصل أخرى للدولة مثل مؤسسات التأمين الصحي تظهر عزوفاً وتراجعاً في الرغبة بالعيش داخل "إسرائيل".
وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 10 آلاف "إسرائيلي" هاجروا إلى كندا هذا العام، في حين حصل حوالي 8 آلاف إسرائيلي على تأشيرات عمل، وهي زيادة كبيرة عن أعداد العام الماضي، كما تقدم أكثر من 18000 "إسرائيلي" بطلب جنسية ألمانية في الأشهر التسعة الأولى من عام 2024.
وأفاد تقرير لـ "هآرتس" بأن من يغادرون هم رأس مال بشري نوعي، ومغادرتهم تعرض استمرار النمو الاقتصادي في "إسرائيل" للخطر، إذ بلغت الزيادة في نسبة الأثرياء الباحثين عن الهجرة نحو 250%، ليتراجع أعداد أصحاب الملايين في "إسرائيل" من 11 ألف إلى 200 مليونير فقط.