في الـ7 من أكتوبر
– ظهر وعد الآخرة وتحققت لعنة العقد الثامن
– دولة الاحتلال تعيش أسوأ مخاوفها وتسارع لإجلاء نصف مليون مستوطن
– مليون مستوطن غادروا فلسطين وثلث سكان إسرائيل يستعدون للرحيل
– اليهود يفقدون أسباب البقاء ويبحثون عن جنسيات بديلة في أوروبا

في الوقت الذي مثلت عملية طوفان الأقصى انتصاراً للمقاومة وللقضية الفلسطينية وتتويجاً لنضالات الشعب الفلسطيني، إلا أن أبعاد طوفان يوم السابع من أكتوبر بالنسبة للقيادات الإسرائيلية بل ولليهود بشكلٍ عام، تجاوزت حدود الهزيمة العسكرية إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير، إذ اعتبره الإسرائيليون أكبر علامة لتحقق نبوءة زوال إسرائيل.


الثورة / عادل عبدالإله

• لعنة العقد الثامن
عملية طوفان الأقصى التي أضاءت ليل الخذلان العربي الحالك السواد، مثلت القشة التي قصمت ظهر إسرائيل، إذ تؤمن أغلبية القيادات الإسرائيلية والجمهور الإسرائيلي بلعنة عقد الثمانين، حيث تشير الروايات الإسرائيلية إلى أن أغلبية ممالك بني إسرائيل بعد النبي سليمان انهارت خلال العقد الثامن، أي أن عمر إسرائيل التي تأسست في مايو من العام 1948، لن يدوم أكثر من 80 عاما وسيكون قبل 14 مايو/أيار 2028.
ويشير رئيس وزراء إسرائيل الأسبق إيهود باراك نفسه إلى ذلك بقوله في مقال بصحيفة يديعوت أحرونوت: «على مر التاريخ اليهودي لم تعمّر لليهود دولة أكثر من 80 سنة إلا في فترتين: فترة الملك داود وفترة الحشمونائيم، وكلتا الفترتين كانت بداية تفككها في العقد الثامن، ويتوجب استخلاص العبر من التشرذم والانقسام اللذين عصفا بممالك اليهود السابقة، والتي بدأت بالاندثار على أعتاب العقد الثامن».
وإذا كانت هذه النبوءة تعيد الانهيار إلى أسباب داخلية، فإن الأزمة غير المسبوقة التي تشهدها مؤسسات دولة الاحتلال في ظل حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة والانقسام غير المسبوق في المجتمع الإسرائيلي وحالة التوتر والإحباط والخشية من «تفكك الهوية» والقلق الوجودي، إضافة إلى الحرب بمفاعيلها غير المسبوقة تدفع الإسرائيليين إلى البحث عن ملاذات أخرى آمنة، ومن المرجح أن ترتفع موجات الهجرات العكسية بوتيرة غير مسبوقة بناء على تلك النبوءات التي تثير رعب الإسرائيليين والتي يعززها الواقع.

• انهيار عسكري
لم يكن اجتياح المقاومة الفلسطينية يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري غلاف غزة ومستوطناتها على امتداد 45 كيلومترا ومشاهد الهلع والفرار الجماعي للمستوطنين وعجز الجيش الإسرائيلي مجرد معركة عسكرية رابحة فقط، فمفاعيل تلك المعركة تشير (إلى انهيار في معنويات العسكريين والمستوطنين الإسرائيليين وهو ما أكدته تصريحات نتنياهو وقادة الجيش الصهيوني التي أشارت ولأول مرة إلى أن معنويات الجنود في أفضل حالاتها لإخفاء حقيقة الانهيار الذي يعانون منه، والناجم عن تآكل بنية وجود إسرائيل من خلال هروب الإسرائيليين الكثيف إلى الخارج تحت وطأة المشاكل الداخلية العويصة أيضا ونبوءات متوارثة ومخيفة عن زوال إسرائيل الذي أصبحوا يرونه قاب قوسين أو أدنى.

– نزوح جماعي لليهود
لم يتعود الإسرائيليون على «النزوح» كان هذا مصطلحاً لصيقاً بالفلسطينيين والعرب في الأماكن التي تطالها الاعتداءات الإسرائيلية، لكن وبعد 7 أكتوبر بات الإسرائيليون ينزحون أيضا، حيث أعلن الجيش الإسرائيلي أن 500 ألف نزحوا داخل إسرائيل، وهم مستوطنون مهاجرون في الأصل، فيما أخليت مدينة سديروت بالكامل وهي تضم نحو 20 ألف مستوطن، ويتم الآن إجلاء أكثر من 140 ألف مستوطن من مدينة عسقلان، كما يتم إخلاء المستوطنات القريبة من الحدود الشمالية مع لبنان.
ويشير دخول الإسرائيليين إلى دائرة النزوح وسقوط صواريخ المقاومة في تل أبيب وجنوب القدس وتعطيل جلسات أعضاء الكنيست وهروبهم إلى الملاجئ بالصورة القاتمة إلى زيف مقولة الأمن والاستقرار، ويعطي انطباعاً للإسرائيليين عما قد يحصل مستقبلا، فباتوا يتفقدون جوازاتهم البديلة المكتسبة بحكم جنسياتهم الأصلية القديمة أو تلك التي حصلوا عليها لاحقا لاستخدامها عند الضرورة.

• وشهد شاهد منهم
يقول أحد الفارين عقب عملية طوفان الأقصى في تحقيق أجرته صحيفة هآرتس العبرية تحت عنوان (قاتل حماس أو اهرب): «لقد هربنا إلى قبرص مباشرة بعد انطلاق صفارة الإنذار الأولى يوم السبت، أخبرني حدسي أن هذه لم تكن مجرد جولة أخرى، وكانت أعصابي متوترة لمدة 10 أشهر بسبب هذا البلد الذي جن جنونه علينا».
وأكدت مشاهد الازدحام غير المسبوق في مطار تل أبيب -الذي تعطل بعد قصف المقاومة – والمطارات الأخرى أن الأمر أكبر من أن يفسر بسياقات السفر العادية، فمعظم من يخرجون باتوا لا يعودون، ويضرب كل ذلك عمق العقيدة الصهيونية التي تقوم على عنصر الإحلال والاستقرار وتشجيع الهجرة المكثفة إلى «أرض الميعاد»، والذي كان هاجس الوكالة اليهودية منذ تأسيسها عام 1922.

– اليهود يغادرون
في الوقت الذي تؤكد المؤشرات إن هجرة اليهود من فلسطين ليست ظاهرة جديدة وكانت تتم بنسبة بسيطة، إلا أنها أصبحت لافتة في السنوات الأخيرة وتعرف باسم «يورديم»، وهو مصطلح عبري يستخدم لوصف اليهود الذين يغادرون فلسطين، إذ تشير الإحصائيات إلى أنه بين عامي 1948 و1950 غادر 10 % من المهاجرين اليهود، وحتى عام 1967 هاجر أكثر من 180 ألف إسرائيلي، رغم الإجراءات التي سعت إلى الحد من الهجرة العكسية.
وحسب بيانات وزارة الهجرة واستيعاب القادمين الجدد الإسرائيلية والوكالة اليهودية، فقد انخفضت وتيرة الهجرة إلى فلسطين بشكل حاد في النصف الأول من عام 2022، وتراجعت نسبة استقدام اليهود بنحو 20 % من أمريكا وأوروبا، وإذا كانت سنة 2022 قد شهدت زيادة في معدل قدوم اليهود الأوكرانيين والروس، فإن ذلك يعود إلى ظروف تتعلق بالحرب هناك، لكنهم ما لبثوا أن أصيبوا بالصدمة عندما أمطرتهم عملية طوفان الأقصى بآلاف الصواريخ.
وتشير إحصائيات إلى نحو 1800 يهودي روسي من أصل 5600 ممن استفادوا من «قانون العودة» الإسرائيلي قد عادوا إلى روسيا بجوازات سفرهم الإسرائيلية بعد فترة قصيرة من اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

• موسم الهجرة إلى أوروبا
كما أشار استطلاع للرأي إلى أن 33 % من سكان إسرائيل يفكرون فعلياً بالهجرة والانتقال للعيش في أوروبا وأمريكا بسبب حكومة نتنياهو المتطرفة وسياساتها التي لا تحظى بالدعم الشعبي، وبما أن نصف سكان إسرائيل تقريبا ما زالوا يحملون عملياً جوازات سفر بلدانهم الأصلية (الأشكناز) فإنهم جاهزون لاستخدامها في حال اقتضى الأمر الهرب.
ونشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية بيانات صادرة عن مركز الإحصاء الإسرائيلي يشير إلى أن عدد اليهود الذين غادروا إسرائيل عام 2015 -أي بعد معركة العصف المأكول- بلغ 17 ألفا شخص لم يعد منهم سوى 8500 فقط.
كما ذكرت تقديرات إحصائية إسرائيلية أن نحو 800 ألف مستوطن ممن يحملون جوازات سفر إسرائيلية يقيمون بصورة دائمة تقريبا في دول عدة ولا يرغبون بالعودة إلى إسرائيل.

• فرار جماعي
وفي أعقاب انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني الماضي وتشكيل الحكومة التي وصفت بأنها الأكثر تطرفا في تاريخ إسرائيل وضمّت عتاة المتطرفين مثل بتسلئيل سموتريتش (حزب الصهيونية الدينية) وإيتمار بن غفير (حزب القوة اليهودية) ارتفع عدد المواطنين الإسرائيليين الذين يسعون للحصول على الجنسيات الأوروبية بشكل ملحوظ.
وأشارت تقارير إلى ارتفاع الإقبال على نيل الجنسية الفرنسية بنسبة 13 %، وسجلت السلطات البرتغالية زيادة بنسبة 68 % في طلبات الحصول على الجنسية من الإسرائيليين، كما سجلت السلطات البولندية والألمانية زيادة بنسبة 10 % في نفس الطلبات خلال الشهرين الماضيين.
وبحسب صحيفة معاريف الإسرائيلية، فإنه حتى عام 2020 غادر أكثر من 756 ألف يهودي إسرائيل للعيش في بلدان أخرى، ويعود ذلك إلى تدهور الوضع الاقتصادي وعدم المساواة والإحباط بسبب تعثر مسار السلام، بالإضافة إلى تصاعد عمليات المقاومة الفلسطينية.

• نصف اليهود ينوون الهجرة
ويشير الباحث الفلسطيني جورج كرزم في كتابه «الهجرة اليهودية المعاكسة ومستقبل الوجود الكولونيالي في فلسطين» الصادر عام 2018 إلى أن «أكثر من نصف اليهود الإسرائيليين قد أعلنوا في ظروف سلمية أنهم يفكرون بترك إسرائيل، وأن نحو 70 % من الإسرائيليين يتوجهون للحصول على جنسية أخرى أو فكروا في ذلك».
أما في ظروف الحرب -مثل التي تجري حالياً- أو في ظروف مواجهة طويلة الأمد مع إسرائيل وفقدان أسباب البقاء فإن هذا العدد سيتضاعف، وفي حال نفّذ نصف العدد المذكور فكرتهم في الهجرة العكسية فإن إسرائيل ستفقد عمليا ربع سكانها على الأقل، مما يعني تآكل إسرائيل وتفوق عدد السكان العرب تدريجيا بفعل الزيادة السكانية المرتفعة لديهم.
ووفقاً لمراقبين فان ظاهرة الهجرة العكسية المتزايدة تشير إلى انكسار أسباب الاستقرار المبنية على الأمن، فبالنسبة للكثيرين لم تعد إسرائيل دولة آمنة ولا يتوفر فيها عنصر الاستقرار الأمن ومبررات البقاء والمستقبل الذي ينشدونه مع التآكل المتسارع لنظريتها الأمنية، وأكدوا أن عملية «طوفان الأقصى» نجحت -كما كل الحروب السابقة- في كشف عوامل القصور والضعف في بنية إسرائيل بتهشيم الواجهة الهشة التي كانت تعتمد عليها، وبفعل صدمة 7 أكتوبر العسكرية وتفاقم المشاكل الداخلية ونزيف الهجرة العكسية تذهب إسرائيل إلى الفراغ، فلا استقرار ولا أمن ولا ازدهار يدعو للبقاء، وفي ذلك زيادة لعوامل الانهيار الداخلي لبنية وجودها الأساسية.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

سامح عسكر: الجهاديون والصهاينة يعتبرون مقاومة إسرائيل عمالة لإيران

قال الباحث التاريخي والأممي سامح عسكر، إن القاعدة عند الصهاينة والجهاديين، اعتبار كل من يقاتل إسرائيل عميلا إيرانيا، مضيفا أن فكرة الحرية والاستقلال غير موجودة في قاموسهم، وهي تهمة قائمة على مغالطة «تسميم البئر» وجهت ضد كل حركات المقاومة ضد الاستعمار والامبريالية الغربية في التاريخ.

وتابع عسكر، في منشور على إكس: أنه لو حاربت مصر إسرائيل، سيقولون إيران تحتل القاهرة، ونظام الملالي يحكم قرار مصر، لقد قالوا عن عبد الناصر إنه عميل شيوعي، لأنه حارب إسرائيل وكان مقاوما للاحتلال الإنجليزي، وظل طوال فترة حكمه الـ 16 عاما يحذر من عودة الإنجليز، ويقاوم نفوذ إنجلترا في أكثر من بلد عربي.

وواصل: مصر كانت تعلم بأن قوة بريطانيا ونفوذها العربي بعد الجلاء عام 1956 سيسمح لها بحصار مصر واحتلالها مرة أخرى، ولو لم يكن بالقوة العسكرية فسيحدث ذلك بطرق أخرى في الاقتصاد والسياسة.

وأردف: أن قرار مصر بالمقاومة كان عن قناعة ذاتية دفاعا عن مصالحها وأمنها القومي وامتدادها الجغرافي والثقافي قبل كل شيء، فلم يرق ذلك لهم فاتهموا مصر بالعمالة للشيوعيين.

وِأشار إلى أنه يمكن القول الآن أن كل من يتهم حركات المقاومة ضد إسرائيل بالعمالة لإيران، هو (عبد من عبيد الصهيونية) ويروج لخطابها وأفكارها ومصالحها الاستعمارية على حساب شعوب المنطقة.

وأكمل: لقد تعلمنا من التجارب، أن من اتهم مصر في السابق بالعمالة للشيوعية، كان مواليا للغرب والولايات المتحدة ومحورها في الحرب الباردة.

وأوضح: أن المقاومة هي خيار شعب وليست عمالة، فلا إيران ولا تركيا ولا روسيا ولا غيرها يمكنها إقناع شعب ما بالتضحية لأجل قضية فاسدة وغير نزيهة، أو لا تحقق له أي منفعة.

وأكد: أن كل الذين اختاروا مقاومة إسرائيل فعلوا ذلك بمحض إراداتهم، وهم يعلمون جيدا الثمن المدفوع لقاء ذلك، وهم غير مسؤولين عن هوية من يدعمهم، حتى لو كان الهندوس والبوذيين.

وتابع: فمن يعيب على معتقد داعمي المقاومة، ما دورك أنت يا صحيح الإيمان؟ أين جهدك ونشاطك وتضحيتك؟

واختتم قائلا: إن رفضك للمقاومة وشيطنتك للمقاومين، لا يمكن تفسيرهم سوى بأنك عميل صهيوني، أو منافق جبان أبصرت جيدا قوة ونفوذ وحضور المقاومين شعبيا، فلم يرق لك هذا الحضور، واستشعرت خطره عليك وعلى مصالحك وسقوط جميع شعاراتك الحنجورية التي خدعت بها المغيبين.

اقرأ أيضاًحفظ الله سوريا!

"سوريا ".. وغيوم المستقبل الجولاني (٢).. !!

السوداني: الورقة العراقية بشأن سوريا حظيت بترحيب جميع الأشقاء

مقالات مشابهة

  • سامح عسكر: الجهاديون والصهاينة يعتبرون مقاومة إسرائيل عمالة لإيران
  • الحاج حسن من حي السلم: على الدولة القيام بمسؤولياتها تجاه الخروقات الإسرائيلية
  • «جميلة» تطلب الطلاق للضرر بعد 15 يوما فقط من الزواج.. حلم تحول لـ«كابوس»
  • معهد واشنطن: هذه مصالح إسرائيل في سوريا وهكذا يمكن أن تتحقق
  • الموسوي من حورتعلا: ثبات المقاومة مع الجيش والشعب هو الذي يقدم الحماية
  • بلال الدوي: مصر الدولة الوحيدة التي أجبرت إسرائيل على السلام
  • معركة السلطة في جنين بين دعم أميركا ورضا إسرائيل
  • عائلات المحتجزين الإسرائيليين بغزة توجه رسالة لترامب
  • صور تظهر ما نجم عن صاروخ الحوثي الذي استهدف إسرائيل وفشلت باعتراضه
  • ما الذي يريده محمود عباس من مطاردته لرجال المقاومة بعد كل تلك الملاحم؟!