محمد الغريب يكتب: الطريق إلى حطين الثانية
تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT
الخامس والعشرون من ربيع الثاني، تأريخ يتجدد لكنه لا ينسى وسط زخم أحداث حامية الوطيس في مأوى الخليل ومهد المسيح ومسرى الحبيب، تاريخ يترقبه المسلمون هذا العام بعد طوفان الأقصى الذي هز أركان قضية السبعين عامًا، ومع تخبط المشاعر بين قلق وفرحة، حزن وسعادة، اليقين واليأس، تبقى حاضرة حطين شاهدة على أمجاد وبطولات أمة ربما يستعيدها الزمان ولو انقضى عليها نحو تسعة قرون.
في الـ 25 من ربيع الآخر لعام 583 هـ، كانت المعركة الفاصلة بين الناصر صلاح الدين الأيوبي وأذناب أوروبا من الصليبيين، بعد أن يأس المسلمون أن يعود إليهم أقصاهم سِلمًا أم قاتلًا، وحسبما يروي المؤرخون ويسطرون كيف كانت حال أمتنا الإسلامية يوم أن سقط بيت المقدس في أيدي الغرب الصليبي من تفرق وشتات واستقواء بالعدو على الأخ الشقيق، وكيف تحول الأمر مع استرداد المسجد الأقصى على يد صلاح الدين الذي طهره يومًا من دنسهم وخناريرهم، ما يغرس الأمل ويقوي اليقين، ولعل تكرار ذلك قريبًا.
فمع التوجس والقلق السائدين في الوقت الراهن من أن تسفر العمليات الإرهابية للصهاينة عن إبادة للشعب الفلسطيني الأبي والمرابط في غزة أو ارتكانهم للتهجير قسرًا، حق لنا أن نتساءل: أي إرهاب استطاع أن يدوم؟!، وأي بلاد كتب عليها أن تدنس مهما طال أمد المستعمر أو توهم غفلة الزمان عنه إلى غير خروج؟!، قال تعالى: «وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ (174) وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (175) أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ».
ولربما تدمى الأعين وتنفطر القلوب على ارتقاء البراءة في مهدها على مرأي ومسمع من عالم منقسم بين المؤازرة لعدو مغتصب كاشف لأقنعة المتشدقين بما يُزعم إنسانية وشرعية دولية، وآخر مكلوم نظن أن الدعاء في حقه إبراء للذمة وأن الشجب والإدانة ترفع عار هذه الأمة. مأساة قد تكون كاشفة للمتخاذلين والمتصهينين إلا أنها في الوقت عينه بارقة أمل في أن تعود حطين وأمجادها، فمع قلة حيلة شعب جوع وحُصور واستبيحت أرضه وماله وثرواته إلا أنه حقق مالم يحققه آخرون يدعون أنهم أحرار.
بقي أن استبشروا فلقد اقترب النصر، فتلك قناعتي الشخصية بمقدرة مصر أن تكون رقمًا مهمًا في المعادلة كما كانت في حطين الأولى، كما أنه لم يكن صلاح الدين بساحرٍ أو أوتي ما كان لسليمان من جنود الجن والإنس، ولم يكن المسلمون يومئذ بأفضل حال مما نحن فيه فسُبق بمن خان وأحيط بمن باع؛ إلا أنه قد توافرت لديه أسباب النصر، فوفق ما ذكره محمد علي الصلابي في كتابه «صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الأموية وتحرير بيت المقدس»، فإن أهم الدروس والعبر والفوائد في تحرير بيت المقدس، تتمثل في أهمية العلماء الربانيين في إيقاظ هذه الأمة، وتنشئة أجيالهم على عقيدة الإسلام الصحيحة، وتحرير الولاء لله ورسوله والمؤمنين، ووحدتهم، ووضوح رايتهم.
آن الأوان أن نلتف حول كتاب الله لنعتصم ونتحد ونعد العدة والعتاد، فلقد كان للقرآن وقعه في نفوس المسلمين، فقال عنه غلادستون رئيس الوزراء البريطاني الأسبق: «ما دام هذا – أي المصحف- في عقول المصريين وقلوبهم فلن نقدر عليهم أبدا»، فللمقاومة النابعة من عقيدتنا وقع السحر في مواجهة هؤلاء فبها يقذف الله الرهبة في قلوب عدوكم ولنا في مشاهد الفزع والفرار يوم السابع من أكتوبر ما يبرهن وهن هؤلاء الشرذمة، يقول الحق سبحانه: "هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ۚ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا ۖ وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ۖ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ۚ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ".
ختامًا بات اليوم متوافرًا لهذه الأمة من أي وقتٍ مضى ومنذ انكسارها في العام 48 أسباب النصر على الكيان الصهيوني اللقيط بعد أن كثر عداءه وتعدد كارهوه، وأحيط ببغضاء وكراهية الحجر والشجر، وعلها بشارة لوعد رسولنا الكريم بأن الحجر والشجر سيكونان من أسباب الظفر بهم والانتصار عليهم، وعزاؤنا لشهداء فلسطين أن دمائهم تروي أشجار حطين الجديدة وأرواحهم تحرسها، وإنا في لقاء ربنا راغبون.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: صلاح الدین
إقرأ أيضاً:
الوصل والبطائح.. الطريق إلى «مربع ذهب» السلة
علي معالي (أبوظبي)
يلتقي الوصل مع البطائح، في الساعة العاشرة مساء الأحد، ضمن «التمهيدي الثاني» لدوري السلة، على صالة نادي الوصل في زعبيل، والفائز من الفريقين يتأهل إلى «المربع الذهبي» الذي يضم الشارقة وشباب الأهلي والنصر بعد تصدرها القمة في «التمهيدي الأول».
تمثل المباراة تحدياً كبيراً للاعبي الوصل، حيث يحتاج «أبناء زعبيل» إلى الفوز من أجل إقامة مباراة ثانية، وسبق أن رجحت كفة البطائح في «التمهيدي» بالتفوق على الوصل ذهاباً وإياباً، ما منح «الراقي» نقطة إضافية في الأدوار التالية، وإذا نجح البطائح في الفوز على الوصل يتأهل إلى «المربع الذهبي» مباشرة، وإذا صبت المباراة في مصلحة الوصل يحتكم الفريقان إلى مباراة ثانية في ضيافة البطائح يوم الخميس المقبل، وتأهل الوصل إلى هذه المرحلة، على حساب الوحدة، والبطائح عبر بوابة الظفرة.
يعتمد الوصل على مجموعة رائعة من اللاعبين المواطنين أصحاب المهارات العالية، ومنهم راشد أيمن، وعبدالعزيز خليفة، ومحمد محمود صالح، وعبدالله محمد عبدالله، ومحمود أحمد فؤاد، وسالم خليفة، وسيف حامد، تحت قيادة المدرب أحمد طلعت، وقدم الفريق في مباراته السابقة مع الوحدة عرضاً مثيراً، في مباراة استغرقت ساعتين ونصف الساعة، وخوض 7 أرباع في مباراة تاريخية بالدوري.
وفي المقابل، يملك البطائح مجموعة من المواهب أصحاب الخبرة منهم راشد ناصر وجاسم محمد ووليد محمد الظنحاني وراشد سالم وحمد يعقوب غابش، وثنائي أجنبي قوي ومتميز، بقيادة المدرب إيهاب فاروق.