صدى البلد:
2025-01-31@06:58:32 GMT

محمد الغريب يكتب: الطريق إلى حطين الثانية

تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT

الخامس والعشرون من ربيع الثاني، تأريخ يتجدد لكنه لا ينسى وسط زخم أحداث حامية الوطيس في مأوى الخليل ومهد المسيح ومسرى الحبيب، تاريخ يترقبه المسلمون هذا العام بعد طوفان الأقصى الذي هز أركان قضية السبعين عامًا، ومع تخبط المشاعر بين قلق وفرحة، حزن وسعادة، اليقين واليأس، تبقى حاضرة حطين شاهدة على أمجاد وبطولات أمة ربما يستعيدها الزمان ولو انقضى عليها نحو تسعة قرون.


في الـ 25 من ربيع الآخر لعام 583 هـ، كانت المعركة الفاصلة بين الناصر صلاح الدين الأيوبي وأذناب أوروبا من الصليبيين، بعد أن يأس المسلمون أن يعود إليهم أقصاهم سِلمًا أم قاتلًا، وحسبما يروي المؤرخون ويسطرون كيف كانت حال أمتنا الإسلامية يوم أن سقط بيت المقدس في أيدي الغرب الصليبي من تفرق وشتات واستقواء بالعدو على الأخ الشقيق، وكيف تحول الأمر مع استرداد المسجد الأقصى على يد صلاح الدين الذي طهره يومًا من دنسهم وخناريرهم، ما يغرس الأمل ويقوي اليقين، ولعل تكرار ذلك قريبًا.

فمع التوجس والقلق السائدين في الوقت الراهن من أن تسفر العمليات الإرهابية للصهاينة عن إبادة للشعب الفلسطيني الأبي والمرابط في غزة أو ارتكانهم للتهجير قسرًا، حق لنا أن نتساءل: أي إرهاب استطاع أن يدوم؟!، وأي بلاد كتب عليها أن تدنس مهما طال أمد المستعمر أو توهم  غفلة الزمان عنه إلى غير خروج؟!، قال تعالى: «وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ (174) وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (175) أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ».

ولربما تدمى الأعين وتنفطر القلوب على ارتقاء البراءة في مهدها على مرأي ومسمع من عالم منقسم بين المؤازرة لعدو مغتصب كاشف لأقنعة المتشدقين بما يُزعم إنسانية وشرعية دولية، وآخر مكلوم نظن أن الدعاء في حقه إبراء للذمة وأن الشجب والإدانة ترفع عار هذه الأمة. مأساة قد تكون كاشفة للمتخاذلين والمتصهينين إلا أنها في الوقت عينه بارقة أمل في أن تعود حطين وأمجادها، فمع قلة حيلة شعب جوع وحُصور واستبيحت أرضه وماله وثرواته إلا أنه حقق مالم يحققه آخرون يدعون أنهم أحرار.

 

بقي أن استبشروا فلقد اقترب النصر، فتلك قناعتي الشخصية بمقدرة مصر أن تكون رقمًا مهمًا في المعادلة كما كانت في حطين الأولى، كما أنه لم يكن صلاح الدين بساحرٍ أو أوتي ما كان لسليمان من جنود الجن والإنس، ولم يكن المسلمون يومئذ بأفضل حال مما نحن فيه فسُبق بمن خان وأحيط بمن باع؛ إلا أنه قد توافرت لديه أسباب النصر، فوفق ما ذكره محمد علي الصلابي في كتابه «صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الأموية وتحرير بيت المقدس»، فإن أهم الدروس والعبر والفوائد في تحرير بيت المقدس، تتمثل في أهمية العلماء الربانيين في إيقاظ هذه الأمة، وتنشئة أجيالهم على عقيدة الإسلام الصحيحة، وتحرير الولاء لله ورسوله والمؤمنين، ووحدتهم، ووضوح رايتهم.

 

آن الأوان أن نلتف حول كتاب الله لنعتصم ونتحد ونعد العدة والعتاد، فلقد كان للقرآن وقعه في نفوس المسلمين، فقال عنه غلادستون رئيس الوزراء البريطاني الأسبق: «ما دام هذا – أي المصحف- في عقول المصريين وقلوبهم فلن نقدر عليهم أبدا»، فللمقاومة النابعة من عقيدتنا وقع السحر في مواجهة هؤلاء فبها يقذف الله الرهبة في قلوب عدوكم ولنا في مشاهد الفزع والفرار يوم السابع من أكتوبر ما يبرهن وهن هؤلاء الشرذمة، يقول الحق سبحانه: "هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ۚ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا ۖ وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ۖ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ۚ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ".

ختامًا بات اليوم متوافرًا لهذه الأمة من أي وقتٍ مضى ومنذ انكسارها في العام 48 أسباب النصر على الكيان الصهيوني اللقيط بعد أن كثر عداءه وتعدد كارهوه، وأحيط ببغضاء وكراهية الحجر والشجر، وعلها بشارة لوعد رسولنا الكريم بأن الحجر والشجر سيكونان من أسباب الظفر بهم والانتصار عليهم، وعزاؤنا لشهداء فلسطين أن دمائهم تروي أشجار حطين الجديدة وأرواحهم تحرسها، وإنا في لقاء ربنا راغبون.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: صلاح الدین

إقرأ أيضاً:

محمد خزعل يكتب: تهويد القضية الفلسطينية

تعاني القضية الفلسطينية منذ عقود من محاولات التهويد والتغيير الديموغرافي الممنهج، حيث تسعى إسرائيل إلى طمس الهوية الفلسطينية، وإعادة تشكيل التركيبة السكانية في الأراضى المحتلة لصالح المستوطنين اليهود.. ومن أبرز الأدوات التي تستخدمها إسرائيل لتحقيق ذلك، سياسة التهجير القسري للفلسطينيين إلى دول الجوار، خاصة مصر والأردن، بهدف تقليل الوجود الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومنع إقامة دولة فلسطينية مستقلة.. بل إنها تسعى لتهويد القضية، من خلال عدة وسائل، أهمها:

الاستيطان: حيث تواصل بناء المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية، بهدف تغيير الطابع الديموغرافي والجغرافي للمناطق الفلسطينية.

التهجير: بالضغط على الفلسطينيين لمغادرة أراضيهم عبر سياسات التهجير القسرى، مثل القصف المتواصل على أراضيهم وخصوصا غزة، وهدم منازلهم في الضفة الغربية، وسحب الإقامات من المقدسيين.

طمس الهوية الثقافية والدينية: بالسعى إلى السيطرة على الأماكن المقدسة «الإسلامية والمسيحية»، وتغيير المناهج التعليمية، ومحاولة فرض الطابع اليهودي على القدس.

فرض الحصار والعقوبات الاقتصادية: بهدف إجبار الفلسطينيين على البحث عن حياة أفضل في الخارج، ما يسهل تهجيرهم بشكل غير مباشر.

وتعتمد إسرائيل على عدة استراتيجيات لإجبار الفلسطينيين على مغادرة وطنهم، وتعد مصر والأردن من أبرز الوجهات المحتملة لهذا التهجير، لعدة أسباب:

بالنسبة لمصر: لقرب قطاع غزة من حدودها، ومعاناة الفلسطينيين من الحصار، تُطرح سيناريوهات تهجير سكان غزة إلى سيناء، وهو ما ترفضه مصر بشدة.

بالنسبة للأردن: تستقبل المملكة بالفعل أعدادا كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين منذ نكبة 1948، وتحاول إسرائيل الدفع بمزيد من الفلسطينيين إلى الأردن لجعلها «الوطن البديل»، وهو ما ترفضه الحكومة الأردنية رفضا قاطعا.

وكان لمصر على مدار عقود أدوار بارزة تجاه القضية الفلسطينية، ودائما ما تكون الرسالة الواضحة لقيادتها السياسية بالتأكيد على أنّ الحل العادل للقضية الفلسطينية يجب أن يكون عبر إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، وليس عبر تفريغ الأراضي الفلسطينية من سكانها، وتأكد الموقف المصري من تهجير الفلسطينيين، حيث اتخذت القاهرة موقفا حاسما تجاه هذه المسألة، فأكدت القيادة السياسية مرارا رفضها القاطع لأي مخططات تهدف إلى التهجير القسري للأشقاء من غزة، حيث تؤكد مصر أنّ تهجير الفلسطينيين سيؤدي إلى تصفية القضية الفلسطينية، وإعطاء الشرعية للاحتلال الإسرائيلي لمواصلة توسعه.

كما تعمل مصر دوما على القيام بدورها المسؤول، وتقديم الدعم السياسي والدبلوماسي للفلسطينيين في المحافل الدولية، لمنع تنفيذ أي مخططات إسرائيلية تستهدف تهجيرهم، وتصفية قضيتهم.

وكما هو الحال مع مصر، يرفض الأردن رفضا قاطعا أي محاولات لتهجير الفلسطينيين إلى أراضيه، حيث يعتبر ذلك تهديدا لاستقراره وأمنه الوطني، حيث أكد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أيضا أن «الأردن ليس الوطن البديل»، مشددا على ضرورة إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية وفقا للشرعية الدولية.

إن تهويد القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين إلى دول الجوار يشكلان خطرا وجوديا على الشعب الفلسطيني، وهو ما يواجه برفض عربي ودولي.

وبجانب دور مصر والأردن في منع تهجير الفلسطينيين والتأكيد على ضرورة إيجاد حل سياسي عادل للقضية الفلسطينية، يبقى التحدي الأكبر هو مواجهة السياسات الإسرائيلية الساعية إلى فرض واقع جديد على الأرض، عبر المقاومة الدبلوماسية والسياسية، وتعزيز صمود الفلسطينيين على أراضيهم.

مقالات مشابهة

  • قرار إضافة مادة الدين للمجموع خطوة على الطريق الصحيح
  • محمد خزعل يكتب: تهويد القضية الفلسطينية
  • محمد جمعة حامد نوار يكتب: القبول
  • الأمم المتحدة: مئات آلاف الفلسطينيين انتقلوا بالفعل من جنوبي غزة إلى الشمال مرورا بشارع صلاح الدين
  • احتشاد النازحين في شارع صلاح الدين انتظارا للعودة لشمال القطاع
  • هل أصبحت التغريبة الثانية في خبر كان؟ جحافل الفلسطينيين على طريق العودة إلى الأرض وإن كانت مدمّرة
  • بختام الدور الأول من دوري روشن.. صراع الهلال والاتحاد متواصل رغم الخسارة الثانية
  • مفتي الجمهورية: المسلمون كانوا يضعون قدما في إسبانيا وأخرى بالصين
  • السجن لمدير مستشفى في صلاح الدين سرق أجهزة طبية
  • السجن 7 سنوات بحق مسؤول حكومي سابق في صلاح الدين