غيرت حرب السودان خلال قرابة السبعة أشهر الكثير في حياة معظم المواطنين، ومع استمرارها وتنامي الصراعات في مناطق أخرى، يبدو العالم منشغلاً عن هذه الأزمة الطاحنة.

المصدر: شبكة الإذاعة الوطنية العامة الأمريكية

ترجمة: التغيير

جوهانسبير- دخلت الحرب بين الجيش السوداني وجماعة شبه عسكرية شهرها السابع، مما تسبب في ما يقرب من 190 يومًا وليلة من الرعب والخسائر والصدمات لكثير من سكان الدولة الواقعة في شمال شرق إفريقيا.

وقد قُتل ما يقدر بنحو 9000 شخص وأجبر 5.6 مليون آخرين على الفرار من منازلهم خلال الصراع، وفقًا للأمم المتحدة.

وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة مارتن غريفيثس في بيان إن “نصف عام من الحرب أدخل السودان في واحدة من أسوأ الكوابيس الإنسانية في التاريخ الحديث”.

تحدثت شبكة الإذاعة الوطنية العامة الامريكية إلى عدد من السودانيين– أطباء في المستشفى، وناشط شاب وحاكم سابق– حول كيف تغيرت الأمور بالنسبة لهم منذ اندلاع القتال في أبريل بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع شبه العسكرية.

نشطاء

كانت دعاء طارق، 30 عامًا، من بين النشطاء الشعبيين الذين ساعدوا في تنظيم احتجاجات جماهيرية سلمية في عام 2019 في الخرطوم، عاصمة السودان، والتي أسقطت دكتاتورية الرئيس السابق عمر البشير التي استمرت عقودًا، ثم شهدت انقلابًا عسكريًا في عام 2021 مما عرقل أحلام جيلها في الديمقراطية. وقد أدى اندلاع الصراع هذا العام إلى تبديد تلك الآمال بشكل أكبر.

لكن دعاء وزملائها النشطاء مستمرون في مقاومة النزاع الجديد الذي نشب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منتصف أبريل الماضي من خلال أعمال عصيان صغيرة، مثل ترديد الأغاني الثورية في الشارع بين التفجيرات أورش الرسائل السياسية على الجدران.

وبعد ستة أشهر من الحرب، تقول دعاء إن الاحتجاجات على الجدران في الشوارع صارت تنطوي على مخاطرة كبيرة.

“لكن يمكن للمقاومة أن تتخذ أشكالاً عديدة… ليست هناك فرصة للاحتجاج فعلياً في الشارع، حتى مع الكتابة على الجدران، لأن الميليشيا تحتل جميع المنازل”.

وقد اضطرت دعاء- التي أنجبت طفلاً أثناء النزاع- إلى الخروج من منزلها، الذي تقول إن الميليشيات استولت عليه ونهبت “كل ما لدينا”.

مع ذلك، وجدت دعاء وناشطين آخرون طرقًا مختلفة للمقاومة، حيث أنشأوا العشرات مما يسمونه “غرف الاستجابة للطوارئ” في جميع أنحاء الخرطوم والتي تقول إنها تقدم “جميع أنواع المساعدات الإنسانية والدعم النفسي والاجتماعي المتبادل”.

والآن لدينا غرف استجابة نسائية تتعامل مع احتياجات المرأة مثل العنف القائم على النوع الاجتماعي “فيما يتعلق بالعنف الجنسي والاغتصاب فإن النساء يعانين كثيراً… هناك الكثير من حالات الاغتصاب التي تم تسجيلها وتوثيقها. من الخطير جدًا على اي امرأة الخروج اثناء هذه الحرب الخطيرة لأنك تشعرين دائمًا انك مهددة وأنك مستهدفة.

بل هن مهددات حتى داخل بيوتهن “هناك نساء من إثنيات معينة تم استهدافهن بشكل خاص. وهناك نساء يتم اغتصابهن أمام عائلاتهن، ويتم اغتصاب النساء باستمرار من قبل القوات، وهناك حالات قليلة تم فيها أخذ النساء من منازلهن. لذا فإن الأمر خطير للغاية بالنسبة للنساء في الوقت الحالي والوضع يزداد سوءًا.”

وتقول دعاء إن الأطفال ليس أفضل حالا “لقد تأثروا بشدة بعسكرة المنطقة، وخاصة الآن حيث تقوم المليشيا بتوزيع الألعاب على الأطفال ويقدمون الطعام للناس والأشياء، ويخشى الناس عدم أخذها”.

الأطباء

تضرر النظام الصحي في السودان بشدة بسبب النزاع، حيث أغلقت العديد من المستشفيات الى جانب نقص الأدوية والإمدادات الأساسية، وخاطر الأطباء بحياتهم لرعاية المرضى. يعمل أحمد خوجلي كمسؤول طوارئ في جناح الأطفال حديثي الولادة في مستشفى البلك بالخرطوم، والذي يعمل بحوالي 60٪ فقط من طاقته. ويصف احمد النزاع الذي اكمل ستة أشهر بأنه يبدو وكأنه “مدى الحياة”. ويقول: “الوقت متجمد تماماً منذ بداية هذه الحرب لأنني بالكاد أجد الوقت لأشعر أو أفكر أو أتحسر على أي شيء… اوحتى للنوم أو العمل”.

ويصف احمد خطورة العمل في ظروف الرعب الراهنة “كنا على وشك أخذ قسط من الراحة في المكتب لتناول وجبة الإفطار وشرب الشاي مع حلوى لذيذة  تم إحضارها من المنزل في ذلك اليوم، عندما وقع انفجار هائل فجأة في الفناء الشمالي للمستشفى مما أدى إلى مقتل أحد الرجال الذين كانوا يقفون هناك ببراءة وأصيب آخرين بجروح خطيرة”.

تعمل الدكتورة آمنة قاسم أيضًا في مستشفى البلك كأخصائية أطفال. تقول في الأشهر القليلة الماضية سقطت أربعة قذائف في المستشفى حيث يعيش العديد من الموظفين لتعذر العودة إلى منازلهم أو رؤية أسرهم. وتضيف ان قدرتها على علاج مرضاها يعوقها نقص الموارد

“من أصعب القصص.. والدان احضرا ابنتهما البالغة من العمر 12 عاما، والتي كانت طفلتهما الوحيدة انجباها بعد مرور ثماني سنوات من العقم، وتم تشخيص إصابة الفتاة بالفشل الكلوي وتحتاج إلى غسيل كلى عاجل.. ولم يكن متاحا فماتت الطفلة.

الوالي السابق

في الفترة الانتقالية القصيرة المليئة بالأمل بين الثورة  الشعبية التي أطاحت بالبشير والانقلاب الذي أدى إلى تنصيب الحكومة الحالية، كان أديب يوسف حاكماً لولاية وسط دارفور. يوسف حاصل على الدكتوراه في حل الصراعات من جامعة جورج ماسون في الولايات المتحدة، ولا يزال يعيش في دارفور.

ويأسف يوسف لتركيز معظم وسائل الإعلام على العاصمة في هذه الحرب، مع إهمال المناطق الأخرى التي يحتدم فيها الصراع “دارفور في وضع حرج للغاية والناس يعانون. “أعتقد أن الأمور على الأرض تزداد سوءا.”

في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أصبحت دارفور مرادفة للإبادة الجماعية حيث ارتكبت مليشيات عربية تعرف باسم الجنجويد جرائم حرب ضد القبائل غير العربية في المنطقة. والمجموعة شبه العسكرية الحالية التي تقاتل الجيش، قوات الدعم السريع، هي فرع من الجنجويد. ويقول يوسف إن العنف الحالي له مرة أخرى عنصر عرقي “إنه صراع عرقي أكثر منه صراع سياسي”.

وهذا مطابق لما قاله إريك ريفز، الأكاديمي الأمريكي الذي أجرى أبحاثًا في السودان، في رسالة بالبريد الإلكتروني، قائلًا إن قوات الدعم السريع منخرطة “في حملة إبادة جماعية بشكل لا لبس فيه” ضد شعب المساليت في مدينة الجنينة في غرب دارفور.

واضاف “نحن لا نبذل قصارى جهدنا هذه المرة في التصدي للإبادة الجماعية التي بدأت بشكل جدي في دارفور في عام 2003- قلنا لن يحدث ذلك مرة أخرى! … لكنه حدث مرة أخرى”.

ويقول يوسف إن الوضع الإنساني في منطقته مروع لأن دارفور كانت تعج اصلا بالنازحين داخلياً، ويضاف إليهم الآن نازحون جدد. علاوة على ذلك، هناك انعدام كبير للأمن الغذائي.

موسم الأمطار هذا العام قليل جدًا. والأراضي التي تمت زراعتها هذا العام محدودة جدًا وفوق ذلك هناك حشرات، وهذا يعني أن موسم الحصاد سيكون سيئًا للغاية … مما يؤدي إلى نقص الغذاء”.

ويحذر يوسف قائلاً “يمكننا أن نتوقع حدوث مجاعة في دارفور”.

الوسومأديب يوسف إريك ريفز الجيش السودان القوات المسلحة حرب السودان دارفور قوات الدعم السريع

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أديب يوسف الجيش السودان القوات المسلحة حرب السودان دارفور قوات الدعم السريع الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

“المحقق” يغوص في كواليس قرار مجلس الأمن الأخير حول دارفور ويكشف الدور الخفي للدبلوماسية السودانية

بعض الكتاب و” المؤثرين influencers “يبتسرون البيانات والأحاديث خدمة لأغراضهم حتى لو خالفت أبسط قواعد العمل الصحفي، بل المحزن أن ذلك يتم حتى في مجموعات تواصل الاعلاميين والصحفيين الاسفيرية، فضلاً عن أنهم بذلك يرتكبون تضليلاً اعلامياً وهو من الموبقات، إذ أنه يحجب عن الناس أحد الحقوق الأساسية وهي الحق في المعرفة واتخاذ القرارات المدروسة بناءً علي المعرفة والعلم بالحقائق ، لا على التظني والأماني.

وقد كان أحد أبرز نماذج ذلك، اللغط الذي صاحب قرار مجلس الأمن الدولي بشأن دارفور الأسبوع الماضي، فقد صوت المجلس للتجديد الفني للعقوبات المفروضة على منطقة دارفور منذ 2005 وهو دون شك حدث كبير، لكن الناشطين والمؤثرين أثاروا غباراً حول الأمر واستبقوا القرار النهائي بما صورت لهم أمانيهم أنه واقع لا محالة.

خيارات المجلس:
كان مجلس الأمن أمام خيارين : التجديد الفني بحيث يبقى القرار كما هو أو التوسيع ليشمل السودان كله. وأمام هذين الخيارين، كما هو متوقع، سعى مؤيدو مليشيا الدعم السريع المتمردة وجهدوا في أن يقيدوا من حركة القوات المسلحة السودانية عبر توسعة الحظر ليشمل السودان كله، وبالتالي تحجيم قدرتها في الحصول على السلاح و فقدانها القدرة على الدفاع عن السكان جميعاً بينما تظل الأبواب الخلفية من دول الجوار مشرعة، لا مواربة ولا خجولة وقد أغريت بالمال، يتسرب منها السلاح إلى من يريدون داخل السودان

دبلوماسية ما وراء الكواليس:
وقد جاء في موقع المجلس لشرح ما كان يدور وراء الكواليس: “ورغم أن بعض الأعضاء يبدو أنهم كانوا على استعداد لمناقشة هذا الاقتراح، إلا أن أعضاء مجموعة (الثلاثة زائد واحد)، والصين وروسيا، اعترضوا عليه بشدة. ” والثلاثة زائد واحد هم: الجزائر + موزامبيق وسيراليون وغيانا.

أما خيار بعثة السودان ووزارة الخارجية السودانية ودبلوماسيتها فمن الواضح أنه كان “العمل على أخف الضررين” وهو التجديد الفني للحظر الموجود أصلا على إقليم دارفور، وهو أمر درج عليه المجلس كل عام دأبا ، فليس فيه جديد، بل تخطته الأحداث والقرارات الأممية حول دارفور و الفاشر خاصة، لكنما تجديده يظل عملاُ سياسياً يستغله الحصيف من الدول والدبلوماسيين مثلما فعل ممثل السودان السفير الحارث إدريس ليعري فيه المؤيدين للتمرد و يكشف سوءاتهما هي وهم جميعاً، مما جر عليه انتقاد الشانئين ممن لا يريدون أن يروا انتصار الدولة على التمرد، و في ذات الوقت جلب له دعوات من لم يتنكروا لحب بلادهم وإن تكالب عليها جلاوزة خرجوا من داخل و خارج السودان وقد كانوا من جيرته في الدم و جيرته في الجفرافيا.

كيف جاء الرد على الناشطين من داخل أضابير مجلس الأمن:

و الملاحظ أن بعض الكتاب والآخرين الذين يطلق عليهم لفظ المؤثرين أو الناشطين، جنحوا إلى الشطط، إن لم نقل التكذب، وللقول أن القرار انتصار لهم وتبكيت للسودان و لحكومة البرهان، وأنه علا فوق مطلب البعثة، والسودان من خلفها، ادعاء بأن البعثة سعت لإلغاء القرار ابتداءً، بينما الواقع أنها سعت لإفساد تحركات من أراد توسعة نطاق القرار، و بين الأمرين بون شاسع كما بين السماء والأرض، كما حاولوا الترويج للقول أن الدول الصديقة تحديداً الصين و روسيا أدارت ظهرها للسودان.

و لكن إحدى منصات مجلس الامن الدولي نشرت ما يسمى ب what’s in Blue وهو “سياقات وخلفيات” تنشر قبيل أي جلسة يتناول فيها المجلس موضوعاً أو دولة، حيث تقدم حوله هذه المنصة شرحاً وسياقات حتي يتفهم المتابعون ما سيصدر من قرار في سياقه، و تترك للناس و المتابعين أن يتأولوا في المخرجات ما شاءوا، فهي قد كفت عن المدافعين القتال..
في هذا الشان نشرت المنصة خلفيات ما جرى قبيل التصويت، و يخلص القارئ المحايد والمنصف منها إلى نتيجة بديهة وهي أن البعثة السودانية والخارجية قامتا بعمل جبار ما استساغه مؤيدو المليشيا ولا قبله منسوبوها.

والاقتباسات التالية مأخوذة من موقع مجلس الأمن الدولي في صفحة what is in blue وهو تلخيص لتقرير مطول لكل الأحداث والمبادرات التي سبقت انعقاد الجلسة بما في ذلك موقف الفريقين من محادثات سويسرا ، جنيف، و ردود الأفعال والتطورات الميدانية وما تلاها من تقرير لجنة تقصي الحقائق وتوصياتها وردة فعل ومواقف جميع الأطراف حيال تقرير توصيات اللجنة:
ويشير التقرير إلى تصويت مجلس الأمن على مشروع قرار يجدد نظام العقوبات المفروضة على السودان بموجب القرار 1591 ـ بما في ذلك العقوبات المستهدفة (تجميد الأصول وحظر السفر) وحظر الأسلحة ـ حتى 12 سبتمبر 2025.
و يؤكد مشروع القرار القصير باللون الأزرق بأن التمديد أمر فني لمدة عام واحد يمدد تدابير العقوبات المفروضة على السودان، والتي تم تجديدها آخر مرة بموجب القرار 2676 بتاريخ 8 مارس 2023.

يُشار إلى أن الدبلوماسيين في مجلس الأمن يستخدمون مصطلح “التجديد الفني” عادة لوصف قرار موجز يمدد ولاية عملية السلام دون تغيير ولايتها الأساسية أو مهامها”. و يشير هذا المصطلح تقليدياُ إلى تمديد لفترة أقصر من المعتاد، لكن الأعضاء يستخدمون المصطلح بشكل متزايد لوصف تمديدات الولاية الروتينية حيث لا يتغير المحتوى تقريباً.

أمريكا تعدل الصياغة عدة مرات لاستيعاب ملاحظات الاعضاء و تمرير القرار

يقول موقع مجلس الأمن أنه يبدو “أن المفاوضات كانت سلسة نسبياً، إشارة إلى وجود عمل دبلوماسي سابق للجلسة. واقترحت الولايات المتحدة، التي تولت صياغة مشروع القرار بشأن العقوبات المفروضة على السودان، مشروع نص يستند إلى القرار 2676، مع حذف الأحكام التي عفا عليها الزمن أو التي تم تناولها في قرارات لاحقة للمجلس، بما في ذلك القرار 2725. ويبدو أنه على الرغم من أن أعضاء المجلس اتفقوا عموماً مع نهج صاحب مشروع القرار في السعي إلى تمديد نظام العقوبات من الناحية الفنية، فقد كانت هناك بعض الخلافات حول عناصر معينة من القرار.

وفي الثلاثين من أغسطس وزعت الولايات المتحدة مسودة أولية للنص على جميع أعضاء المجلس بعد أن تمت مناقشتها أولاً مع الأعضاء الدائمين الآخرين. وعقدت الجولة الأولى من المفاوضات في الثالث من سبتمبر. وبعد تلقي تعليقات مكتوبة من عدة أعضاء، قدمت الولايات المتحدة مسودة نص منقحة في الخامس من سبتمبر ووضعتها تحت الصمت =أي ينظر فيها المعنيون قبل أو بعد دون تعليق = حتى التاسعة صباحاً من اليوم التالي (6 سبتمبر). وتم تمديد إجراء الصمت حتى الواحدة ظهراً ثم حتى الرابعة عصراً، بناء على طلب أعضاء “الدول الثلاث زائد واحد” (الجزائر وموزامبيق وسيراليون وغيانا). ولكن هؤلاء الأعضاء والصين كسروا الصمت، مع تعليقات إضافية من روسيا.

وبعد ذلك، تواصلت الولايات المتحدة على المستوى الثنائي مع بعض الأعضاء قبل وضع مسودة معدلة تحت الصمت حتى العاشرة صباحاً من (9 سبتمبر). ومرت هذه المسودة بصمت وتم وضعها باللون الأزرق في وقت لاحق من ذلك اليوم.
ويبدو أن المسودة الأولية التي اقترحها حامل القلم تضمنت لغة مماثلة للقرار 2676، تعبر عن نية المجلس مراجعة تدابير العقوبات المفروضة على السودان، في ضوء التقدم الذي أحرزته السلطات السودانية بشأن المعايير المرجعية للترتيبات الأمنية الانتقالية في دارفور وخطة العمل الوطنية لحماية المدنيين، الموضحة في تقرير الأمين العام الصادر في 31 يوليو 2021. وطلبت كذلك من الأمين العام، بالتشاور مع فريق الخبراء، إجراء تقييم للتقدم المحرز في هذه المعايير المرجعية بحلول الأول من ديسمبر.

ومع ذلك، تم حذف اللغة المتعلقة بالمعايير المرجعية من المسودات المنقحة اللاحقة استجابة للمخاوف التي أثارها أعضاء “الثلاثة زائد واحد” (بدعم من الصين وروسيا وسويسرا). ويبدو أن هؤلاء الأعضاء رأوا أن هذه المعايير المرجعية عفا عليها الزمن، نظراُ لاندلاع الحرب في أبريل 2023. كما أشاروا على ما يبدو إلى رسالة الأمين العام المؤرخة في 24 نوفمبر 2023، والتي قالت إن المشهد السياسي والأمني ​​في السودان قد تغير بشكل كبير وأن الصراع أوقف تنفيذ المعايير المرجعية وقدرة الأمم المتحدة على تقييم التقدم المحرز فيها. وكان بعض أعضاء المجلس قد أعربوا عن آراء مماثلة أثناء المفاوضات بشأن القرار 2725.

وقد أشار النص الذي أورده موقع المجلس حول التطورات المتعلقة بالعقوبات إلى أنه في 19 أغسطس، اجتمعت لجنة العقوبات المفروضة على السودان بموجب القرار 1591 مع فريق الخبراء التابع لها لتلقي إحاطة بشأن تحديث منتصف المدة الذي قدمته اللجنة، والذي تم نقله إلى أعضاء المجلس في 7 أغسطس. وخلال الاجتماع، يبدو أن الولايات المتحدة اقترحت اسمين لفرض عقوبات مستهدفة.

مبررات إجازة القرار الفني دون تغيير صلاحياته

ويضيف موقع المجلس القول أنه “يبدو أن تقرير التحديث، وهو ليس وثيقة عامة، حلل الصراع الدائر في الفاشر، شمال دارفور بما في ذلك أنماط العنف، وتكتيكات الحرب التي تستخدمها الأطراف المتحاربة، والتأثير على المدنيين والمنطقة”. ويبدو أن التقرير الذي أعدته لجنة الخبراء أكد أن جميع الأطراف فشلت في التمييز بين المدنيين والمقاتلين في الأعمال العدائية في الفاشر. وأشار إلى أن الهجمات العشوائية على المدنيين والبنية الأساسية المدنية من قبل جميع الأطراف المتحاربة تنتهك القانون الإنساني الدولي وتشكل جرائم حرب. كما أكد التقرير وجود واستخدام الأسلحة الثقيلة من قبل الجانبين، فضلاً عن التحليق العسكري من قبل القوات المسلحة السودانية، في انتهاك لنظام العقوبات المفروضة على السودان.

ووصف التقرير كيف ساهم الصراع المستمر في زعزعة استقرار المنطقة،”وخاصة من خلال حملات التجنيد المستمرة في البلدان المجاورة مثل ليبيا وتشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى”.
و أشار إلى أنه بشأن التطورات المتعلقة بحقوق الإنسان قامت بعثة تقصي الحقائق الدولية في السودان، التي أنشأها مجلس حقوق الإنسان في أكتوبر 2023، بزيارة تشاد في الفترة من 30 يونيو إلى 18 يوليو ، وسافرت إلى عدة مناطق في شرق تشاد على طول الحدود مع السودان، بما في ذلك أدري وفرشانة وأبشي. والتقت البعثة بضحايا وناجين من الصراع في السودان، فضلاً عن أعضاء المجتمع المدني السوداني وفريق الأمم المتحدة في البلاد. وفي بيانها الصحفي الذي أعقب الزيارة، أفادت البعثة أن مجتمع اللاجئين السودانيين قدموا روايات مباشرة عن أفعال مروعة، بما في ذلك القتل والعنف الجنسي والاحتجاز التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري والنهب وحرق المنازل واستخدام الأطفال كجنود. وأشارت إلى أن العديد من هذه الانتهاكات يبدو أنها تستهدف بشكل خاص المهنيين مثل المحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمعلمين والأطباء.

إن تمديد نظام العقوبات المفروضة على السودان (العقوبات المستهدفة وحظر الأسلحة) من القضايا الرئيسية المباشرة التي تواجه المجلس. ومن الخيارات المطروحة على أعضاء المجلس تمديد ولاية اللجنة لمدة عام واحد. وقد يقترح بعض الأعضاء أيضًا تمديد نظام العقوبات حتى مارس 2025، بما يتماشى مع دورة ولاية فريق الخبراء الذي يساعد في نظام العقوبات المفروضة على السودان بموجب القرار 1591، والذي تم تجديده مؤخرًا بموجب القرار 2725.

ما موقف فرنسا و كيف تصدت له روسيا ؟

كما أثيرت فكرة توسيع النطاق الجغرافي لتدابير العقوبات خارج دارفور إلى أجزاء أخرى من البلاد أثناء المفاوضات. وقد اجتاح القتال عدة أجزاء من البلاد منذ اندلاع الأعمال العدائية في أبريل 2023، مع تلميح التقارير إلى أن العديد من الجهات الخارجية تزود الأطراف المتحاربة بالأسلحة. وفي تقريرها الصادر في الخامس من سبتمبر، وفي ضوء هذه التحديات الأمنية، أوصت بعثة تقصي الحقائق الدولية في السودان، التي أنشأها مجلس حقوق الإنسان في أكتوبر 2023، بتوسيع حظر الأسلحة الحالي في دارفور في جميع أنحاء السودان “لوقف إمداد الأطراف المتحاربة بالأسلحة والذخيرة وغير ذلك من الدعم اللوجستي أو المالي ومنع المزيد من التصعيد”.

خلال المفاوضات، اقترحت فرنسا على ما يبدو لغة تعبر عن نية المجلس النظر في مدى ملاءمة توسيع تدابير العقوبات لتشمل مناطق أخرى من السودان.
“ورغم أن بعض الأعضاء يبدو أنهم كانوا على استعداد لمناقشة هذا الاقتراح، إلا أن أعضاء مجموعة “الثلاثة زائد واحد”، والصين وروسيا، اعترضوا عليه بشدة.”
وفي هذا الصدد، قالت روسيا خلال اجتماع المجلس في الثامن عشر من يونيو بشأن السودان إن “أي قيود جديدة يفرضها المجلس، بما في ذلك التوسع المحتمل لنظام العقوبات خارج دارفور، لن تساعد في جلب السلام إلى المنطقة”.
ويحافظ مشروع القرار باللون الأزرق على الوضع الراهن: سيظل نظام العقوبات على دارفور فقط.

السلطة المركزية و الحكومة في بورتسودان

وقد اختلف الأعضاء حول بعض الأحكام الواردة في فقرات الديباجة. وكان أحد مجالات الخلاف الرئيسية الإشارة إلى السلطات المركزية في السودان. ففي المسودة الأولية، عدل كاتب النص على ما يبدو مصطلح “حكومة السودان”، كما ينعكس في القرار 2676، إلى “السلطات السودانية”. وقد أيد بعض أعضاء المجلس بقوة نهج كاتب النص، مشيرين إلى أنه يظل متسقاً مع القرارات الأخيرة بشأن السودان، بما في ذلك القرار 2724 الصادر في 8 مارس (الذي يدعو إلى وقف فوري للأعمال العدائية في السودان خلال شهر رمضان) والقرار 2736 الصادر في 13 يونيو (الذي يطالب قوات الدعم السريع بوقف حصار الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور).
ومع ذلك، عارضت “مجموعة الدول الثلاث زائد واحد”، والصين وروسيا، التعديل. ويبدو أن هذه القضية نوقشت أيضاً أثناء المفاوضات بشأن القرار 2736. وفي تفسير مشترك للتصويت نيابة عن أعضاء “A3 زائد واحد”، عقب اعتماد ذلك القرار، أكدت سيراليون أن الإشارات إلى السلطات السودانية في القرار تشير “فقط وبشكل حصري إلى الحكومة السودانية”.
وتعتبر روسيا مجلس السيادة الانتقالي في السودان، بقيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، قائد القوات المسلحة السودانية، أعلى سلطة شرعية في السودان. ومع ذلك، زعم بعض الأعضاء أثناء المفاوضات أن القوات المسلحة السودانية فقدت السيطرة الإقليمية على أجزاء من البلاد وأن مصطلح “السلطات” يشمل فروع الهيئة الحكومية. وكحل وسط، اقترح أعضاء “A3 زائد واحد” والصين على ما يبدو دمج فقرتين تمهيديتين، وبالتالي حذف أحد الإشارتين إلى مصطلح “السلطات السودانية”، الوارد في المسودة المنقحة الأولى.

حماية المدنيين أولوية

ويؤكد مشروع القرار باللون الأزرق على أهمية ضمان حماية المدنيين وتعزيز المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان وانتهاكات القانون الإنساني الدولي. وعلى النقيض من ذلك، أكد مشروع القرار الأولي على المسؤولية الأساسية للسلطات السودانية عن حماية المدنيين في أراضيها، وفي فقرة منفصلة، ​​شدد على ضرورة أن تضمن السلطات السودانية المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان وانتهاكات القانون الإنساني الدولي. كما يحتوي نص مشروع القرار باللون الأزرق على لغة تؤكد أن التدابير المتجددة التي تستجيب للوضع في دارفور لا تستهدف “السلطات السودانية”.
يتضمن مشروع القرار باللون الأزرق أيضاً لغة تعترف بالحاجة إلى حماية الإجراءات القانونية الواجبة وضمان إجراءات عادلة وواضحة لشطب الأفراد والكيانات من القوائم وترحب باعتماد القرار 2744 المؤرخ 19 يوليو، والذي عزز ولاية وإجراءات جهة التنسيق لشطب الأسماء من القوائم. وقد اقترحت سويسرا هذه اللغة وأيدها العديد من الأعضاء الآخرين.
إن ضمان الامتثال الصارم لنظام العقوبات يشكل قضية أخرى مهمة بالنسبة لأعضاء المجلس. ففي عدة مناسبات، وأحدثها القرار 2736 المؤرخ 13 يونيو ، كرر المجلس دعوته لجميع الدول الأعضاء إلى الامتناع عن “التدخل الخارجي الذي يسعى إلى تأجيج الصراع وعدم الاستقرار ودعم الجهود الرامية إلى تحقيق سلام دائم”.
وذكّر القرار جميع أطراف الصراع والدول الأعضاء التي تسهل نقل الأسلحة والمواد العسكرية إلى دارفور بالتزاماتها بالامتثال لتدابير حظر الأسلحة وأن أولئك الذين ينتهكون حظر الأسلحة قد يتم تحديدهم لتدابير مستهدفة.

و خلال إحاطة المجلس في 13 يونيو حول عمل لجنة العقوبات على السودان بموجب القرار 1591، دعا السودان المجلس إلى تحديد ومحاسبة الدول التي تدعم وتسلح قوات الدعم السريع. وقال أن “ليس هناك سبب للإبقاء على عقوبات دارفور إذا لم تشمل الدول المتورطة في انتهاك قرارات المجلس ذات الصلة، وهي الإمارات العربية المتحدة وتشاد”.
وتتشاطر أغلب الدول الأعضاء في المجلس مخاوف مماثلة بشأن الأوضاع السياسية والأمنية وحقوق الإنسان والأوضاع الإنسانية في السودان. وقد تباينت آراء الأعضاء بشأن جدوى نظام العقوبات المفروضة على السودان. وقد أكد العديد من الأعضاء على أهمية التقارير التي يقدمها فريق الخبراء بشأن الأوضاع الإنسانية والأمنية وفي تحديد انتهاكات نظام العقوبات.

روسيا تعبر عن استيائها

ولكن روسيا قالت في اجتماع المجلس الذي عقد في الثالث عشر من يونيو أن عقوبات المجلس فشلت في تحقيق الاستقرار في الوضع في دارفور، مشيرة إلى أن الأسلحة لا تزال تتدفق إلى المنطقة بصورة غير قانونية. وأعربت عن وجهة نظرها بأن “أي قيود يفرضها مجلس الأمن، وخاصة إذا نظرنا في خيار توسيعها، لن تقرب السلام”.
وقد ساهمت الانتهاكات المستمرة لنظام العقوبات والافتقار إلى المساءلة في إحباط بعض أعضاء المجلس. وفي اجتماع المجلس الذي عقد في الثالث عشر من يونيو، قال السفير جونكوك هوانج (جمهورية كوريا)، الذي يشغل منصب رئيس اللجنة، بصفته الوطنية: “إننا نتلقى ملاحظات فريق الخبراء بشأن كمية كبيرة من الإمدادات واستخدام الأسلحة الأجنبية في دارفور على أساس يومي”. وفي حديثه عن التدابير المتخذة ضد انتهاكات حظر الأسلحة، قال إن “طبيعة لجنة العقوبات القائمة على الإجماع تميل إلى الاضطرار إلى اللجوء إلى القاسم المشترك الأدنى”. ودعا أعضاء المجلس إلى اتخاذ إجراءات ملموسة جماعية لضمان التنفيذ الفعال وتعزيز نظام العقوبات الحالي.

المحقق – محمد عثمان آدم

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • وزير المالية فشل في الرد علي الأسئلة التي كانت تندفع نحوه كالسيل جعلته في حالة توهان وغياب تام عن المشهد الدراماتيكي !!..
  • الأحمدي: ‏هناك عوامل أخرى مؤثرة على الأندية غير الدعم المادي .. فيديو
  • السودان يحترق والقوى الأجنبية تستفيد.. ما المكاسب التي تجنيها الإمارات من الأزمة؟
  • امتحانات الشهادة السودانية ستنعقد (قريبا جدا)
  • تقرير تقصي الحقائق عن جرائم الحرب في السودان
  • علي يوسف السعد يكتب: «200 يوم حول العالم»
  • ???? هل سيحمل البرهان العالم لتصنيف الدعم السريع منظمة إرهابية؟
  • «شبكة أطباء السودان» تصف وضع الأطفال في معسكر «زمزم» للنازحين بـ «الكارثي»
  • لوفيغارو: 3 أسابيع في قلب السودان المدمر والمعزول عن العالم
  • “المحقق” يغوص في كواليس قرار مجلس الأمن الأخير حول دارفور ويكشف الدور الخفي للدبلوماسية السودانية