دبي – أحمد الفطايري:

في إطار فعاليات شهر أكتوبر، الذي يعرف باسم “شهر التوعية بسرطان الثدي”، تحدثنا إلى الدكتور محمود أبو دقة، استشاري جراحة الأورام وجراحة الثدي الترميمية في مستشفى مركز كليمنصو الطبي دبي،والدكتورة تتيانا خوري أخصائي الأشعة التشخيصية في مستشفى مركز كليمنصو الطبي دبي،لتسليط الضوء على الأمور التي يجب أن تكون على علم بها كل سيدة فيما يخص سرطان الثدي.

الدكتور محمود و الدكتورة تتيانا خوري شاركونا بالتفاصيل حول أكثر الأعراض شيوعًا التي يجب مراقبتها، وأهمية الفحص المبكر، بالإضافة إلى نسبة نجاح العمليات الجراحية والتقنيات الحديثة المستخدمة في العلاج. وإليكم التفاصيل:

قال الدكتور محمود أبو دقة في حواره مع صحيفة الوطن: “خلال شهر أكتوبر المخصص للتوعية بسرطان الثدي، ندعو النساء اللواتي تجاوزن الأربعين من عمرهن لإجراء فحص الماموجرام، حتى بدون وجود أعراض. الهدف هو الكشف المبكر الذي يعتبر حيوياً. فعندما يتم تشخيص الحالات في مراحلها الأولى، تصل نسبة الشفاء إلى 99%. ورغم أن سرطان الثدي من الأمراض الشائعة بين النساء، إلا أن نسبة الشفاء منه عالية، مما يمكن المرأة من استعادة حياتها العادية بسرعة.”

وأشار الدكتور محمود أبو دقة قائلاً: “أحب أن ألفت الانتباه إلى فئة من مرضى سرطان الثدي غالبًا ما تُغفل في شهر أكتوبر، وهن النساء اللاتي دون الأربعين. يجب على هؤلاء السيدات إجراء فحص ذاتي شهريًا وزيارة الطبيب للفحص السريري. وأضاف: “فحص الماموجرام قد لا يكون مفضلاً للنساء دون الأربعين بسبب كثافة أنسجة الثدي في هذا العمر. الأشعة قد تجد صعوبة في التسلل عبر هذه الأنسجة الكثيفة، مما يجعل النتائج غير واضحة. ولكن في حال وجود أعراض، قد يتم إجراء الفحص تحت إشراف طبي”. وأوضح: “للنساء بعد الأربعين، فحص الماموجرام أكثر فعالية بفضل التغيرات الهرمونية التي تجعل أنسجة الثدي أقل كثافة.”

وبخصوص الأعراض الأكثر شيوعًا لسرطان الثدي، أوضح الدكتور محمود أبو دقة قائلاً: “من الأساسي أن تكون المرأة مدركة وتقوم بفحص ذاتي شهريًا للثدي. الكتلة في الثدي هي من أبرز الأعراض، ولكن الأمثل هو أن نكتشف المشكلة قبل ظهور الكتلة، وذلك بالاعتماد على فحص الماموجرام. في بعض الحالات، قد لا تظهر كتلة ولكن هناك تغيرات في مظهر الثدي. لذلك، ننصح النساء بمراقبة أثديهن شهريًا بعد الدورة، لملاحظة أي تغير أو شد في الجلد. وأشار إلى أن ألم الثدي لا يعتبر علامة رئيسية لسرطان الثدي ونادرًا ما يكون الألم نتيجة للسرطان. وأكد على أهمية مراقبة أي إفرازات من حلمات الثدي، وفي حالة وجودها، يجب زيارة الطبيب للتأكد من خلوها من الطابع الخبيث.”

وبالنسبة لجراحة سرطان الثدي ومدى نجاحها، أوضح الدكتور محمود أبو دقة قائلاً: “رغم أن سرطان الثدي يعتبر من الأمراض الأكثر شيوعًا بين النساء، إلا أن فرص الشفاء منه عالية. العمليات الجراحية التي نجريها لمعالجة هذا النوع من السرطان تتميز بنسب نجاح مرتفعة. إذا تم اكتشاف السرطان في الثدي فقط، تصل نسبة الشفاء إلى 99%. وإذا انتشر السرطان إلى الغدد الليمفاوية، فتصل نسبة الشفاء إلى حوالي 86%. لذا نشدد على أهمية الفحص المبكر للوصول إلى هذه النسب العالية من الشفاء.” وأضاف قائلاً: “عند إجراء جراحة لإزالة الورم، نتبع تقنيات تجميلية حديثة لضمان ألا تؤثر على مظهر الثدي. ونستفيد من التطورات الجراحية المستمرة لضمان جراحة آمنة من حيث إزالة الورم وجيدة من الناحية التجميلية.”

وبخصوص العامل الوراثي وارتباطه بسرطان الثدي، شدد الدكتور محمود أبو دقة على أن حوالي 5% إلى 10% من حالات سرطان الثدي قد تكون ناتجة عن أسباب وراثية. السيدات اللائي يحملن تغيرات في جينات معينة قد يكن لديهن احتمال أعلى للإصابة بهذا المرض. لذا، إذا كانت المرأة تحمل تاريخ عائلي لهذا المرض، من المهم زيارة الطبيب للكشف عن هذه الجينات حتى بدون وجود أعراض. هذا الفحص يتم عادة من خلال عينات من الدم أو اللعاب.وفي حال اكتشاف وجود هذا التغير الجيني، هناك عدة خيارات يمكن أن ينصح بها الطبيب. قد يتم تغيير طريقة المتابعة، مثل الانتقال من الماموجرام السنوي إلى فحص الرنين المغناطيسي. في بعض الحالات، قد ينصح بإجراء جراحة احترازية لإزالة الثدي من أجل تقليل مخاطر الإصابة بالمرض بناءً على وجود هذا التغير الجيني.

وقال الدكتور محمود أبو دقة حول التقنيات المعاصرة في الجراحة: “تشهد جراحة وعلاج الثدي تقدمًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة. العلاج الكيماوي والعلاج المناعي لهما أثر كبير في تقليل حجم الأورام، مما يسهل العمليات ويجنب المريضة الحاجة لجراحات معقدة كالتي كانت معتمدة سابقًا. جراحيًا، هناك ابتكارات في مواد السيليكون والزرعات المستخدمة للترميم، مما يقدم نتائج تقترب من الطبيعة. كما يُستخدم الشبكات الطبية في الترميم لتحسين الشكل التجميلي، وهو ما يعزز من شعور المريضة بالثقة، خصوصًا عند القيام بإزالة الورم والترميم في جلسة واحدة.”

وأشار الدكتور محمود إلى أن العملية الجراحية لمعالجة سرطان الثدي تعد الجزء الأبسط، بينما التحدي الحقيقي يكمن في التعامل مع الأبعاد النفسية للمريضة. إذ تعتبر تشخيص المرأة بسرطان الثدي تجربة مرعبة لها، ولهذا السبب، يتعين توفير الدعم المعنوي للمريضة من قبل أفراد عائلتها، خصوصًا الأب والأخ والزوج، لأن هذا الدعم يلعب دورًا حاسمًا في سرعة تعافيها.

وبدورها صرحت الدكتورة تتيانا خوري أخصائي الأشعة التشخيصية في مستشفى مركز كليمنصو الطبي دبي لصحيفة الوطن بأن الهدف الأساسي خلال شهر التوعية بسرطان الثدي هو زيادة وعي النساء وتزويدهم بأحدث المعلومات والتقنيات المتعلقة بعلاج المرض، مثل فحص الماموجرام والجراحة. كما أكدت على ضرورة طمأنة النساء بأنه لا داعي للخوف أو التأجيل، وأن الفريق الطبي متواجد لدعمهم والعناية بهم وتقديم العلاج المناسب.

وأجابت الدكتورة تتيانا خوري على سؤال حول مقارنة فحص الماموجرام بالفحص الذاتي للثدي قائلةً: “يعد فحص الماموجرام الأساسي للكشف المبكر عن سرطان الثدي بدءًا من سن الأربعين، ويجب إجراؤه سنوياً بعد ذلك. ولا يمكن مقارنته بالفحص الذاتي، حيث ينبغي على النساء بدء الفحص الذاتي من سن العشرين وأثناء الثلاثينات. الفحص الذاتي هو خطوة يجب أن تتخذها كل امرأة، لأنه سهل التنفيذ ويمكنها من خلاله التعرف على أي تكوينات أو كتل غير طبيعية”.

وأشارت الدكتورة تتيانا خوري إلى أن فحص الماموجرام يلعب دورًا محوريًا في الكشف المبكر عن سرطان الثدي، وهو الوسيلة الرئيسية الحالية التي ثبت علميًا من خلال دراسات واسعة أنها الأكثر فعالية في التشخيص المبكر. هذا يتيح اكتشاف المرض في مراحله الأولى، مما يزيد فرص الشفاء لتصل إلى 100%. ورغم أهمية الفحص، فهناك تحديات تواجه قراءة الصور، وهذا مكان دخول الذكاء الاصطناعي؛ حيث يُمكن له مساعدة الأطباء في التعرف على الكتل الصغيرة التي قد تكون غير واضحة، خصوصًا لدى النساء اللواتي يمتلكن غدد كثيفة. وبالتالي، يُعزز الذكاء الاصطناعي من فعالية فحص الماموجرام.

وفي إجابتها على مدى كفاءة فحص الماموجرام في تشخيص سرطان الثدي بكل الحالات، أكدت الدكتورة تتيانا خوري:على أن الماموجرام هو الأداة الأساسية للكشف المبكر عن سرطان الثدي بدءًا من سن الأربعين ويتم إجراؤه سنويًا. ولكن، تواجه فحوص الماموجرام تحديات خاصة بسبب كثافة الغدد في الثدي لدى بعض السيدات، مما يجعل الكشف عن الكتل الصغيرة معقدًا. ولذلك، في مثل هذه الحالات، قد يتم اللجوء إلى فحوصات إضافية كالموجات فوق الصوتية أو السونار، لأن الماموجرام قد لا يكون كافيًا لتحديد وجود بعض الأورام في الثدي.

وفي ردها على استفسار حول المخاطر المحتملة من التعرض المتكرر للأشعة خلال فحص الماموجرام، أوضحت الدكتورة تتيانا خوري أن الأشعة المستخدمة في الماموجرام هي بكميات قليلة، ولم تُظهر الدراسات أن هذه الكميات تؤدي إلى حدوث سرطان الثدي. والفائدة المستقاة من الماموجرام، وهي التشخيص المبكر للمرض والتمكن من علاجه، تفوق بكثير المخاطر المحتملة، التي تعد قليلة جدًا. وأكدت الدكتورة على ضرورة أن تكون المرأة ملمة بالفترة المناسبة لإجراء فحص الماموجرام، حيث يُفضل أن يتم الفحص بين اليوم الخامس والرابع عشر بعد الدورة الشهرية، لضمان عدم وجود حمل ولتقليل التعرض للأشعة.

وبخصوص التطورات الجديدة في مجال الماموجرام، أشارت الدكتورة تتيانا خوري إلى أن الماموجرام ثلاثي الأبعاد (3D ماموجرام) يمثل نقلة نوعية، حيث أصبح يستخدم بشكل واسع لتحسين دقة التشخيص. تساعد هذه التقنية خصوصًا النساء اللاتي يتميزن بكثافة عالية في غدد الثدي، في كشف الكتل التي قد تكون مخفية بين الغدد. ومن بين التقنيات الحديثة أيضًا، استخدام دواء ملون يُعطى قبل الماموجرام، الذي يساعد في تمييز المناطق التي تحتوي على أورام، مما يزيد من فعالية التشخيص. وأوضحت الدكتورة أن دقة الماموجرام تتأثر بكثافة الغدد في الثدي، فكلما زادت كثافة الغدد، زادت التحديات في الكشف عن الكتل الصغيرة. لكن باستخدام الماموجرام ثلاثي الأبعاد، يتم تحسين دقة النتائج. وفي حالة الحاجة للتأكد أكثر، يمكن اللجوء للموجات فوق الصوتية أو الرنين المغناطيسي لتقديم صورة أكثر وضوحًا ودقة في تشخيص الكتل ومعالجتها.

وأوضحت الدكتورة تتيانا خوري أن الدراسات تشير إلى أن نسبة الإصابة بسرطان الثدي تكون أكبر بين النساء في سن الأربعين والستين. ولكن، هناك استثناءات، حيث في بعض الدول، تتم الإصابة بسرطان الثدي في أعمار أصغر. ولهذا السبب، من الأساسي إجراء الفحوصات الدورية سنوياً للتأكد من سلامة النساء وعدم إصابتهن بهذا المرض.

وشددت الدكتورة تتيانا خوري على أهمية أن لا تترك النساء مخاوفهن أو المعلومات الغير موثوقة تحول دون إجراء الفحص. ورغم أن بعض النساء قد يشعرن ببعض الإزعاج أثناء الماموجرام، فإن الغالبية العظمى تؤكد على أن الإزعاج ليس بالشدة التي قد يتوقعنها. وفي النهاية، الفحص يُعتبر إجراءً وقائيًا هامًا للكشف المبكر عن سرطان الثدي، الذي يعتبر من الأمراض الشائعة بين النساء. إذ أشارت الدكتورة إلى الإحصائية التي تقول إن واحدة من كل ثمان نساء قد تصاب بالمرض في مرحلة ما من حياتها. ولكن مع الكشف المبكر، تصل نسبة الشفاء من المرض إلى 100%، مما يتيح للنساء مواصلة حياتهن بشكل طبيعي وبصحة جيدة.


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

“الصحة” تختتم ورشة عمل الصيدلة السريرية في مركز بنغازي الطبي

اختتمت بمركز بنغازي الطبي ورشة عمل متخصصة بعنوان “رؤى جديدة في ممارسة الصيدلة السريرية”، التي نظمتها إدارة الصيدلة والتجهيزات والمعدات والمستلزمات الطبية بوزارة الصحة بالحكومة الليبية. حسب بيان وزارة الصحة، شهدت الورشة مشاركة عدد من الصيادلة والخبراء من مختلف المؤسسات الصحية، وهدفت إلى تعزيز مهارات الصيادلة وتطوير دور الصيدلة السريرية في المستشفيات والمرافق الصحية. وأكد مدير إدارة الصيدلة بوزارة الصحة، عبد السلام عقيلة، أن الورشة تأتي ضمن جهود تفعيل قسم الصيدلة السريرية وتعزيز دور الصيدلي في تحسين الرعاية الصحية. وتضمنت الورشة التي انطلقت في 23 نوفمبر واستمرت حتى 17 ديسمبر سلسلة من المحاضرات قدمها مختصون وخبراء من أعضاء هيئة التدريس في الجامعة الدولية وجامعة العرب الطبية، حيث جرى تناول عدة مواضيع تتعلق بالصيدلة السريرية ودور الصيدلي في تحسين الرعاية الصحية. الوسومالحكومة الليبية ليبيا

مقالات مشابهة

  • مستشفى الدعاة التابعة للأوقاف تعلن تقديم خدمات للكشف المبكر لهشاشة العظام وأورام الثدي
  • النظام الصحي في السودان يحتضر والأطباء مستهدفون    
  • الشيباني: إحاطة خوري لا تختلف عن إحاطة باتيلي في آخر أيامه
  • الصحة تعلن إضافة دواء مناعي جديد لعلاج مرضى "سرطان الكبد"
  • بالفيديو.. مستشفى أورمان الأقصر تكشف تفاصيل استضافة المؤتمر الطبي لأحدث تقنيات العلاج الإشعاعي
  • شبكة أطباء السودان: ندعو المجتمع الدولي للضغط على قوات الدعم السريع
  • “الصحة” تختتم ورشة عمل الصيدلة السريرية في مركز بنغازي الطبي
  • بتكلفة 7 ملايين جنيه.. افتتاح قسم العلاج الكيماوي للأورام بمجمع السويس الطبي
  • رئيس هيئة الرعاية الصحية يعلن افتتاح قسم العلاج الكيماوي للأورام بمجمع السويس الطبي
  • الرعاية الصحية: افتتاح قسم العلاج الكيماوي للأورام بمجمع السويس الطبي