"أطعمتنا ومنتجاتنا الشخصية" قد تحمل تأثيرا مدمرا على الصحة الجنسية!
تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT
تكشف الأدلة العلمية أن الملوثات المجهرية الموجودة في أطعمتنا ومنتجاتنا اليومية، تؤثر بشكل كارثي على الخصوبة.
وفي مراجعتين جديدتين للأدبيات العلمية، نظر الباحثون من جميع أنحاء العالم في تأثير التعرض للمواد الكيميائية المسببة لاضطرابات الغدد الصماء (EDCs) على الصحة الإنجابية للذكور والإناث.
ووجدوا أن هذه المواد يمكن أن تسبب العقم، وتشوهات الأعضاء التناسلية، وانخفاض عدد الحيوانات المنوية وجودتها، وانقطاع الطمث المبكر، وزيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي والخصية.
وتشمل الملوثات هذه: المواد الكيميائية المسببة للسرطان PFAS والمبيدات الحشرية والفينولات، وهي مجموعة من المواد الكيميائية الموجودة في الألعاب ومنتجات طب الأسنان، والفثالات المستخدمة في تغليف المواد الغذائية، والبارابين المستخدمة كمواد حافظة للأغذية، والتريكلوسان، وهو عامل مضاد للميكروبات يستخدم في الصابون ومعقمات الأيدي.
وتشمل بعض المصادر الرئيسية لـ PFAS والملوثات الأخرى، علب المواد الغذائية البلاستيكية والمكياج وبخاخات التنظيف والأدوية والأغذية الملوثة.
واستعرض باحثون من فيتنام والهند ونيوزيلندا والولايات المتحدة أكثر من 300 مصدر للمعلومات، بما في ذلك الدراسات التجريبية السابقة وبيانات من قواعد بيانات مراقبة الصحة الوطنية والدولية، بالإضافة إلى الدراسات على الحيوانات.
ووجدوا أن التعرض للبيسفينول أ، أو BPA (نوع من البلاستيك يستخدم لصنع أواني الطعام البلاستيكية وقطع غيار السيارات ولعب الأطفال)، يمكن أن يؤدي إلى انخفاض في نمو وجودة البويضات وزيادة خطر فشل الزرع، عندما لا يتم زرع البويضات المخصبة في بطانة الرحم بشكل صحيح، ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى فقدان الحمل.
إقرأ المزيد اكتشاف أحد الأسباب الكامنة وراء العقم عند الرجالكما تم ربط متلازمة المبيض المتعدد الكيسات (PCOS)، المساهم الرئيسي في العقم، وعامل خطر للإصابة بسرطان بطانة الرحم والسكري، بالتعرض لـ BPA.
وارتبط التعرض للفثالات والمركبات الموجودة في الصابون والشامبو وزيوت التشحيم والعبوات البلاستيكية بانخفاض احتمال الحمل وانخفاض جودة البويضات.
وتشمل التأثيرات الإضافية لدى النساء، انقطاع الطمث المبكر وزيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي ومتلازمة التمثيل الغذائي، ما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية والسكري.
وأظهرت الدراسات أيضا نتائج مختلطة فيما يتعلق بالتعرض لـ EDC والولادة المبكرة.
وبناء على نتائجهم، يدعو الباحثون بقوة إلى تناول الأطعمة العضوية وتجنب المواد البلاستيكية والأطعمة والمشروبات المعلبة.
كما تدعم البيانات تجنب الوجبات السريعة واتباع نظام غذائي نباتي وتغيير منتجات العناية الشخصية.
وبالنسبة للرجال، نظر الباحثون في بيانات من دراسات حيوانية متعددة وخلصوا إلى أن المواد الكيميائية المسببة للسرطان لها أيضا آثار سلبية على الصحة الإنجابية للذكور.
وأظهرت الدراسات أن الفينولات تقلل عدد الحيوانات المنوية وتتلف الحمض النووي وتغير مستويات هرمون التستوستيرون، فضلا عن أنها تؤدي إلى تلف الخصية.
ويقول الباحثون إن هناك أدلة تجريبية قوية في الدراسات التي أجريت على الحيوانات، تظهر أن التعرض للمبيدات الحشرية يعطل الهرمونات، ويقلل عدد الحيوانات المنوية وحركتها، ويغير الحمض النووي للحيوانات المنوية.
وخلص الباحثون إلى أن هناك حاجة لدراسات إضافية، خاصة حول PFAS وتلوث الهواء، للتحقيق في العلاقة بين هذه المواد الكيميائية المسببة للسرطان والصحة الإنجابية للذكور.
نشرت الدراسات في مجلات البحوث البيئية والخصوبة والعقم.
المصدر: ديلي ميل
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: البحوث الطبية الصحة العامة الطب العقم امراض مرض السرطان هرمونات المواد الکیمیائیة
إقرأ أيضاً:
هل المشاكل تصقل أم تنهك الشخصية؟
د. أحمد أبوخلبه الحضري
في حياتنا اليومية، يواجه كل شخص تقريبًا تحديات متنوعة، بعضها بسيط، والآخر قد يكون عميقًا وصعبًا.
يختلف النَّاس في تفسيرهم لهذه التحديات؛ فالبعض يعتبرها فرصًا للتعلم والنمو، بينما يراها آخرون بمثابة عبء ثقيل ينال من طاقاتهم ويستهلك أعصابهم. لذلك يبرز التساؤل: هل هذه المشاكل تصقل شخصية الإنسان وتطوّرها، أم أنها فقط تُنهك قواه وتستنزف روحه؟
من ناحية الجانب الإيجابي، تُعتبر المشاكل كأداة لصقل الشخصية، فيرى أنصار هذا الرأي أنَّ مواجهة الصعوبات تساعد الإنسان على بناء شخصية أقوى وأكثر نضجًا. من خلال التعرض للتحديات، تتاح للفرد فرص للتعلم واكتساب مهارات جديدة، مثل المرونة، والصبر، وحلّ المشكلات. في هذا الإطار، تتشكل الحكمة الحياتية التي تصقل الشخصية، فالمرء يصبح أكثر واقعية وحذرًا، ويتعلم كيف يتجنب الأخطاء التي وقع فيها سابقًا.
تؤكد العديد من الدراسات النفسية أن التجارب الصعبة قد تساهم في تعزيز الثقة بالنفس لدى الأشخاص، حيث ينشأ لدى الفرد إحساس عميق بالقدرة على تجاوز العقبات وتحقيق النجاح، حتى في الأوقات العصيبة. علاوة على ذلك، قد تساهم المشاكل في تحفيز الإبداع، حيث تدفع الإنسان إلى التفكير خارج الصندوق، والبحث عن حلول مُبتكرة لمشاكله.
على الجانب الآخر، يتحدث كثيرون عن الأثر السلبي للمشاكل المتواصلة، حيث يشعر الإنسان في بعض الأحيان بأن هذه التحديات تنهك قواه النفسية والجسدية. فالتعرض المستمر للضغوط والمشكلات يمكن أن يؤدي إلى استنزاف طاقة الفرد، مما يؤثر على صحته النفسية وقدرته على التعامل مع الأعباء اليومية. الضغوط المزمنة تُعد من العوامل التي تزيد من مخاطر الإصابة بالاكتئاب والقلق، وقد تؤدي أيضًا إلى التأثير على الصحة البدنية، مثل زيادة ضغط الدم وتفاقم مشاكل القلب.
ويظهر هذا الأثر بشكل خاص عندما يفتقر الإنسان للدعم الاجتماعي أو لأدوات التكيف والتأقلم، حيث يجد نفسه غارقًا في بحر من المشكلات التي لا يعرف كيف يتعامل معها. بالنسبة لهؤلاء، يمكن للمشاكل أن تتحول إلى عائق حقيقي في حياتهم، وقد تعيق تقدمهم وتمنعهم من الاستمتاع بلحظاتهم الحياتية.
وهناك عنصر حاسم وهو المرونة النفسية، فيكمن الفرق في الطريقة التي يتعامل بها كل شخص مع المشاكل. فالأفراد الذين يتمتعون بالمرونة النفسية، وهي القدرة على التكيف مع الضغوط وتجاوز الأزمات، غالبًا ما ينظرون إلى التحديات كفرص للتعلم والنمو. المرونة النفسية ليست سمة يولد بها الإنسان بالضرورة، بل هي مهارة يمكن تعلمها وتطويرها من خلال الممارسة والدعم.
تتجلى أهمية المرونة النفسية في أنها تساعد الشخص على استيعاب الأزمات والمشكلات دون أن تترك آثارًا سلبية طويلة الأمد. قد يكون لدى البعض وسائل لتعزيز مرونتهم، مثل التأمل أو ممارسة التمارين الرياضية أو الدعم الاجتماعي من الأسرة والأصدقاء. هذه العوامل تساعد الفرد على مواجهة التحديات بروح أكثر إيجابية وتفاؤلًا.
كما إنه من المهم أن ندرك أن المجتمع والأسرة يلعبان دورًا أساسيًا في مساعدة الفرد على التعامل مع الصعوبات. قد تكون المشاكل مرهقة إذا واجهها الشخص بمفرده، ولكن الدعم الاجتماعي يمكن أن يكون قوة دافعة للتغلب على المحن. وجود الأصدقاء وأفراد الأسرة يمكن أن يوفر مساحة للتفريغ والتعبير عن المشاعر، ما يقلل من عبء الضغوط النفسية ويعزز الشعور بالراحة.
بالإضافة إلى ذلك، فإنَّ الثقافة العامة للمجتمع قد تؤثر في طريقة تعامل الأفراد مع التحديات. ففي بعض المجتمعات، يُنظر إلى مواجهة الصعاب بروح التحدي والصمود كقيمة أساسية تُشجع من خلالها الأجيال على التكيف والنمو، بينما في مجتمعات أخرى، قد يتلقى الأفراد رسائل سلبية تجعلهم يشعرون بالعجز أمام أي عقبة.
وعليه هل المشاكل تصقل أم تنهك الشخصية؟
الإجابة قد تكون مرهونة بمدى الدعم الذي يحظى به الفرد، وبالأدوات التي يمتلكها للتكيف مع الأزمات. ففي حال وجود عوامل داعمة وبيئة مشجعة، قد تكون المشاكل أدوات فعالة لصقل الشخصية وتعزيز قدراتها. أما إذا غابت وسائل الدعم، وتوالت المشكلات دون حلول، فقد تكون هذه التحديات سببًا في إنهاك الروح وتجريد الفرد من طاقته.
في نهاية المطاف، تظل المشاكل جزءًا لا يتجزأ من الحياة، ولا يمكن تجنبها كليًا. الأمر الذي يمكن للفرد فعله هو السعي لتطوير مهارات التكيف والبحث عن وسائل لتعزيز المرونة النفسية.