رحاب عبدالله تكتب: أكتوبر.. الأسطورة لن تموت
تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT
فى عام ٢٠١٧ وخلال أعمال الحفر ضمن المشروعات القومية التى يتم تنفيذها بسيناء لإقامة طريق تم العثور على رفات جندى مصرى والتعرف على هويته من خلال بطاقته الشخصية التى كانت كل ما تبقى لديه لتخبر عن بطولة عبدالحميد محمد عبدالحميد أحد أبناء محافظة الفيوم مواليد عام ١٩٤٢، الذى فقد خلال الحرب وظلت أخباره مجهولة لخمسين عاماً.
فى الذكرى الخمسين لحرب أكتوبر المجيدة، ما زالت هناك بطولات وأسرار ما زلنا لا نعلم عنها شيئاً، ولمَ لا؟ فأكتوبر ليست مجرد حرب أو عملية عسكرية أو مجرد قائد، وإنما هى ملحمة بطولية نفذها شعب مصر بأكمله ما بين ضباط وجنود القوات المسلحة البواسل وبين المواطنين والأمهات اللاتى قاسين الويلات لتقديم أبنائهن فداء للوطن. وما أصعب أن تضحى الأم بابنها فهو شعور لو تعلمون عظيم... والفتيات اللاتى انتظرن أحبابهن يعودون بين أمل ورجاء لا يجدن سلوى سوى التطوع فى الهلال الأحمر لإنقاذ المصابين من الجنود من الموت أملاً أن يعثروا على ذويهن بينهم ذات يوم.
مخطئ من ظن أن أكتوبر هى مجرد ساعات استغرقها المصريون فى عبور القناة وتحطيم خط بارليف، فهذه الساعات كانت فقط بمثابة «الهرم الذهبى» الذى استقر فوق القمة، ليعلن نهاية بناء هرم ضخم من عجائب الدنيا، ولكنه ليس من الحجارة بل من دماء وصبر وتضحية هذا الشعب.
منذ سنوات ليست ببعيدة كنت أستعد من خلال الجريدة التى أعمل بها لتجهيز ملف صحفى استعداداً لذكرى أكتوبر المجيدة، وكنت أبحث بين الأبطال لرواية قصص جديدة عن أبطال لم نعرفهم بعد لتدوَّن وتؤرخ وتضاف داخل ملفات البطولة، فالتقيت باللواء حامد فتوح، أحد أبطال الاستطلاع خلف خطوط العدو، ولا أخفى عليكم كيف جعلتنى قصته أشعر أننا مقصرون فى تقدير هؤلاء الأبطال. فقد قضى هذا البطل ست سنوات من عمره داخل كهف بدائى متخفياً فى زى عربى من بدو سيناء لا يعلم بوجوده وطبيعة مهمته إلا رجل من أهالى سيناء وطفله اللذان كانا يحملان الطعام والمياه له كل ١٥ يوماً.
البطل حامد فتوح الذى لم يتمكن من العودة لمحافظته الإسكندرية خشية مواجهة أهله وأصدقائه عقب النكسة عام ١٩٦٧ طلب أن يفعل أى شىء مقسماً ألا يعود ويضع عينه فى عين أى مصرى قبل رد الشرف والكرامة فتم توليته مهمة الاستطلاع خلف خطوط العدو، ليذهب بمحض إرادته لهذا الكهف.
ويقرر البقاء فيه حتى تحقيق النصر الذى لم يكن يعلم وقتها متى سيتحقق، فيبقى وحيداً بلا شخص يؤنسه أو يتحدث إليه، بلا أصدقاء، بلا حياة، حتى ملابسه بُليت ونعلاه لم يعودا يتحملانه لينفذ مهمة وحيدة خلال الليل يتسلل خلف خطوط العدو الصهيونى ليرسم ويلتقط الصور للموانئ والمعسكرات الخاصة بالجيش الإسرائيلى ويرسلها عبر جهاز صغير كان يخبئه فى كهفه المظلم.
هكذا كان حال كل ضابط وجندى فى الجيش المصرى.. كل مواطن.. طلاب الجامعات كل أم وزوجة.. ٦ سنوات من النكسة للنصر أمضاها شعب مصر فى الاستعداد للحرب.. عمليات نفذتها المخابرات المصرية بزرع أبطال فى قلب بلاد العدو.
وعمليات أخرى للقوات المسلحة على جبهات القتال.. تضحيات فى كل بيت وفوق كل حبة رمال.. معركة ثغرة الدفرسوار وحصار الجنود المصريين لأيام يحفرون الأرض ويدفنون أنفسهم بداخلها ليحموا أرواحهم من قصف العدو.. أيام بداخل الرمال دون طعام أو حتى شربة ماء... تحيا أكتوبر المجيدة ويعيش أبطالها فى القلوب ما دام هذا الوطن ينبض بالمخلصين.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: انتصار أكتوبر المشاريع الكبرى تعمير سيناء
إقرأ أيضاً:
مونيكا وليم تكتب: شواغل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في عام 2025
ساعات تفصلنا عن إداء دونالد ترامب اليمين الدستورية في عام 2025، والذي يجد نفسه أمام مجموعة من التحديات والملفات الحساسة التي تشكل أولويات إدارته، وبالتالي فهو يدرك أن فترة ولايته الجديدة تتطلب التعامل مع قضايا شائكة، سواء على الساحة الداخلية أو الخارجية، ومن خلال تتبع تصريحاته الانتخابية ومواقفه المعلنة، يمكن استقراء أبرز القضايا التي ستحتل صدارة اهتماماته علي المدي القصير والتي تنعكس ما بين مشروع 2025 واجندة 47 الانتخابية.
وعليه سوف ينصب محور اهتمام هذا المقال على السياسات المتوقعة سواء علي الصعيد الداخلي وأيضاً الخارجي.
أولاً :فهناك بعض الإجراءات التي سرعان ما سوف يتخذها ترامب علي الصعيد الداخلي منها الافراج عن مقتحمي الكابيتول عام 2021، أما عن السياسات التي سوف ينتهجها فقد يعد النمو الاقتصادي وإعادة هيكلة النظام الضريبي أحد أبرز القضايا التي وضعها ترامب على رأس أولوياته داخلياً، ففي تصريحاته خلال الحملة الانتخابية، فقد شدد على عزمه خفض الضرائب عن الشركات والأفراد، كأداة حافزة للنمو الاقتصادي ، فضلا عن ذلك ما يتعلق بخطته لإصلاح النظام الضريبي وإزالة العقبات البيروقراطية.
كما أشار إلى رغبته في إعادة التفاوض بشأن الاتفاقيات التجارية الداخلية، وضمان أن تحقق الولايات المتحدة أقصى استفادة من استثماراتها الصناعية والزراعية.
وهو ما يعزز من التوقع بأن العلاقة بين الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، ورئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، ستكون محورية في المشهد الاقتصادي لعام 2025، وسط تصاعد الخلافات في أكثر من جانب، وذلك وفقا لتقرير نشره "Yahoo Finance"، على سبيل المثال، إذا أدت سياسات ترامب الاقتصادية خاصة تلك المتعلقة بفرض رسوم جمركية جديدة بنسبة 10% على الواردات الصينية و25% على الواردات المكسيكية والكندية،.إلى زيادة إضافية في التضخم لتبلغ إلى 2.5% بنهاية 2025، مما قد يضطر الاحتياطي الفيدرالي إلى التراجع عن خطط خفض أسعار الفائدة أو حتى اللجوء إلى رفعها، مما قد يُثير استياء البيت الأبيض.
وعلي الجانب الآخر، قد تسعى الإدارة الجديدة إلى الحد من استقلالية الفيدرالي، أو يدفع وزير التخفيضات الحكومية، إيلون ماسك، نحو إعادة هيكلة الفيدرالي الذي وصفه بأنه "يعاني من تضخم وظيفي"، لاسيما بعد أن بلغت نفقاته التشغيلية لعام 2024 نحو 7.1 مليار دولار وهو ايضا ما يؤجج التوترات السابقة بين
ويعد ثاني ابرز ملفات الصدارة علي المستوي الداخلي لدي الإدارة الجديدة ، هو محاولة احتواء تفاقم ازمة الحرائق، في ضوء تنامي التقديرات الخاصة بتحليل تداعيات الحرائق في لوس انجلوس خاصة أن هناك تخوفات متصاعدة من امتداد الحرائق علي طول الساحل الغربي الأمريكي وعدم اقتصار الأمر علي ولاية كاليفورنيا، فعلي المستوي السياسي تسببت الحرائق في عدم استقرار سياسي حيث افادت شرطة ولاية كاليفورنيا بسرقة مجموعة من الأسلحة وثلاث مركبات عسكرية من مستودع للجيش في مدينة توستين، إلي جانب اتهام الجمهوريين لحاكم الولاية غافين نيوسوم والإدارة الديمقراطية برمتها بالتراخي وعدم الكفاءة في إدارة وامتصاص الأزمات بالنظر إلي الاقتطاع من موازنة الولاية الخاصة بمكافحة الحرائق ١٧ نحو مليون دولار لدعم لأوكرانيا.
وعلى الصعيد الاقتصادي، فهناك تبعات اقتصادية؛ وذلك بالنظر أن حجم الخسائر الناتجة عن الحرائق تقدر نحو ٢٧٥ مليار دولار وذلك وفقا Acuu weather ، علماً بأن كاليفورنيا اغني ولاية أمريكية وقد يبلغ حجم اقتصادها نحو ٣.٦ تريليون دولار.
ناهيك عن ملف الهجرة وأمن الحدود الذي لطالما كان محورياً في خطاب ترامب السياسي في 2025، ويتوقع أن يُعيد طرح سياسات تهدف إلى بناء مزيد من الجدران على الحدود الجنوبية مع المكسيك وتشديد الرقابة على الهجرة غير الشرعية، وهو ما ظهر جلياً من خلال تصريحات ترامب التي تعكس إصراره على جعل الولايات المتحدة مكاناً آمناً ومستقراً، من خلال فرض سياسات صارمة ضد المهاجرين غير القانونيين.
ثانياً، فعلى الصعيد الخارجي، وكما يٌرجح بأن الرئيس ترامب هو الداعم الرئيس لـ" صفقة قطاع غزة" فهو الذي رغم نتنياهو للإعلان عن الوصول لاتفاق والانتظار لموافقة حماس.
وبالتالي تم اثارة عدد من التساؤلات في هذ الإطار وأبرزها ما هو سبب تغيير موقف نتنياهو؟ وسوف يتم الاستفاضة في هذا الشأن لأن تحركات ترامب بها عكست بعض السياسات المتوقعة خلال فترته الثانية.
وفي هذا الصدد يمكننا استقراء مقال فايننشال تايمز الذي كشف عن عدد من الملابسات، منها انه منذ بدء طوفان الأقصى، فقد تم عقد مناقشات عدة لوقف إطلاق النار إلا انه من المعتاد أن يتراجع نتنياهو يوم التنفيذ خلال فرض 3 شروط منهم، عدم عودة الفلسطينيين لشمال قطاع غزة، عدم الافراج عن كافة الأسري الفلسطينيين، وأبرز شرط هو عدم الانسحاب من محور فيلادلفيا وذلك كجزء من خطة إسرائيل التوسعية في لبنان، وسوريا.
ألا انه ومنذ فوز دونالد ترامب، اختلفت مجريات الأمور ومسارات إدارة الملف والذي بدا من تصريحه الواضح حول مطالبة حماس بالأفراج عن الرهائن قبل وصوله البيت الأبيض والتي جاءت عقب مقابلته لسارة نتنياهو في بداية ديسمبر 2024وصولا إلى زيارة ستيف ويتكوف مبعوث الإدارة الأمريكية إلى الشرق الأوسط والذي التقي بنتنياهو بحضور جاريد كوشنر الذي أشرف علي صفقة القرن في 2019 وعرف بأنه صانع الصفقات؛ وهو ما ينذر بأن هناك صفقة سيتم استكمال ملامحها بعد وصول ترامب إلى البيت الأبيض.
وهو ما ينقلنا إلي توقع مسار العلاقة مع إيران، حيث أنه يُرجح أن يتبنى ترامب سياسة أكثر عدوانية مقارنة، وهو ما انعكس في إصراره على منع إيران من تطوير قدراتها النووية، إلا ان هناك عدد من المحددات لابد من أن تؤخذ في الاعتبار أهمها تغيير النظام السياسي في إيران.
كما أن عام 2025 ، يعد العام الحاسم بالنظر إلي سعي بزشكيان وحكومته للعودة إلى طاولة المفاوضات حول برنامج إيران النووي للاستفادة من رفع العقوبات الدولية بعد انتهاء الاتفاق في أكتوبر 2025.
وما يتعلق بالعلاقات مع الصين والتي سوف تمثل أحد أكبر التحديات على الساحة الدولية، فقد بدا من خلال تصريحات ترامب إلى نيته الاستمرار في سياسته المتشددة، وبالتالي يتوقع أن يركز على قضايا مثل التوسع العسكري الصيني في بحر الصين الجنوبي، والتجارة غير العادلة.
هذا بالإضافة إلي التوقع بإعادة فرض عقوبات اقتصادية على الصين أو التفاوض بشأن اتفاقيات جديدة تضمن تفوق الولايات المتحدة في المجالات التكنولوجية والتجارية.
أما عن العلاقة مع روسيا، فعلي رغم الانتقادات التي واجهها بشأن علاقته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلا أن ترامب أبدى مراراً استعداده للتفاوض مع موسكو في 2025، ستشكل قضايا مثل الحرب في أوكرانيا محوراً مهماً في العلاقات الأمريكية-الروسية، حيث أن يتوقع أن يسعي ترامب إلي تحقيق توازن بين الضغط على روسيا بشأن أوكرانيا وبين التعاون في قضايا مثل ملفات الشرق الأوسط، ومكافحة الإرهاب والتغير المناخي.
ومن ناحية ثانية، سينصب تركيز ترامب علي خطته التوسعية في إطار التوسع الإقليمي لمواجهة الصين وهي ما برزت خلال مساعيه لضم كندا وكذلك جزيرة جرين لاند واستعادة السيطرة الأمريكية على قناة بنما.
وفي خضم استقراء طبيعة السياسات المتوقعة من قبل الرئيس ترامب، لا شك أن عودته إلى في 2025 تشكل لحظة فارقة في التاريخ الأمريكي، لاسيما أن الملفات التي يواجهها، بدءاً من قضايا الاقتصاد والهجرة وصولاً إلى التحديات الدولية مع الصين وروسيا وفي الشرق الأوسط في ظل تغييرات جيوسياسية متسارعة وجديدة بالنسبة له، ستختبر مهاراته القيادية وقدرته على التعامل مع الضغوط. ويبقى السؤال الأهم: هل سيتمكن ترامب من تحقيق رؤيته أم ستواجه إدارته عقبات تعرقل طموحاته؟ الأيام القادمة ستكشف الإجابة.