سلط الكاتب السوداني المقيم في ولاية ماساتشوستس الأمريكية، محمد سليمان، الضوء على موقف فرنسا من الحرب الدائرة في السودان بين الجيش، بقيادة عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع، بقيادة، محمد حمدان دقلو، المعروف بـ "حميدتي"، مشيرا إلى أن باريس لا يمكن أن تكون محايدة إزاء تلك الحرب.

وذكر سليمان، في مقال نشره بموقع "بوليتيكس توداي" وترجمه "الخليج الجديد"، أن الحرب التي اندلعت في أبريل/نيسان أدت إلى مقتل وتشريد الآلاف من السودانيين، بالإضافة إلى الدمار الهائل في المباني والبنية التحتية، مع خوف الكثيرين من احتمال انزلاق البلاد بأكملها إلى حرب أهلية واسعة النطاق.

وبينما تختار بعض القوى الدولية البقاء على الحياد، يرى سليمان أنه يجب فرنسا أن تنحاز ضد "الميليشيا" وتدعم إزالتها من المشهد، في إشارة إلى الدعم السريع، التي تشكلت في عام 2013 من خلال إعادة هيكلة ميليشيا الجنجويد، سيئة السمعة، بهدف دعم عمليات مكافحة التمرد في دارفور وجنوب كردفان.

وفي عام 2017، أصدر البرلمان السوداني قانونًا ينظم أنشطة الدعم السريع، ويضفي الشرعية عليها، وكشفت عدة تقارير مستقلة عن جرائم وفظائع لا تعد ولا تحصى، ارتكبتها الميليشيا خلال الحرب المستمرة، بما في ذلك تدمير القرى وقتل المتظاهرين والانتهاكات الجنسية والاغتصاب والاحتجاز غير القانوني، بالإضافة إلى استهداف المستشفيات والكنائس والتطهير العرقي.

اقرأ أيضاً

الإيكونوميست: الخرطوم تواجه مصير دريسدن وستكون أطلال للفائز بالحرب السودانية

الدور الفرنسي في السودان

وينحصر دور فرنسا حتى الآن في إجلاء المواطنين الغربيين من السودان، وتقديم المساعدات الإنسانية للسودانيين واللاجئين في دول الجوار، وإدانة انتهاكات الحرب بشكل عام.

وفي خطوة استباقية لأي انقلاب في الموقف الفرنسي، أطلقت قوات الدعم السريع حملة استهدفت القادة الفرنسيين والمجتمع الفرنسي، وأرسلت مستشارا سياسيا إلى فرنسا لإخفاء جرائمها ضد المدنيين، ورشوة الصحفيين ومنتجي البرامج التلفزيونية لتلميع صورة زعيم الميليشيا كحليف أوروبي ومنقذ السودان من الإسلاميين.

وإضافة لذلك، أفادت التقارير بأن الميليشيا استأجرت شركة علاقات عامة فرنسية للمساعدة في حملتها.

ويرى سليمان أن هناك 4 أسباب عملية وأخلاقية رئيسية، من شأنها أن تدفع فرنسا إلى الخروج عن الحياد وتختار الجانب الذي يسعى إلى هزيمة الدعم السريع، على النحو التالي:

أولاً: يأتي توسع الدعم السريع في الدول الأفريقية المجاورة على حساب المصالح السياسية التاريخية لفرنسا. فعلى سبيل المثال، كشف التقارير الإخبارية، في الآونة الأخيرة، عن حقيقة مفادها أن المليشيا تلقت، قبل الحرب، الدعم العسكري عبر الحدود الشرقية لتشاد.

وفي الوقت نفسه، تفاخر أحد قادة الدعم السريع بتدخله لمنع انقلاب في جمهورية أفريقيا الوسطى، وأفادت تقارير الأمم المتحدة أن قوات الدعم السريع قامت بتهريب الأسلحة إلى البلاد.

ثانيًا: يعني هذا التوسع أيضًا المزيد من النفوذ لروسيا ومجموعة مرتزقة فاجنر، التي تزود الميليشيا الآن بصواريخ أرض جو مقابل الذهب السوداني المهرب. وتشعر فرنسا بالقلق من التعاون المتزايد بين فاجنر وميليشيا الدعم السريع وتراقبه عن كثب.

وتحتاج فرنسا إلى التفكير بشكل استراتيجي وعدم إعطاء فرصة لرجل بوتين المستقبلي في المنطقة لتحقيق النجاح. وهنا يشير سليمان إلى أن زعيم قوات الدعم السريع زار روسيا ودافع عن غزوها لأوكرانيا.

اقرأ أيضاً

حصيلة ضحايا النزاع في السودان تتجاوز 9 آلاف قتيل

ثالثاً: يُظهر حجم الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الدعم السريع والدمار الذي أحدثته، أن قيادة الميليشيا لا تملك سيطرة كاملة على قواتها. وإذا خرجت قوات الدعم السريع منتصرة، فسيصبح السودان دولة هشة.

ومن شأن هذا الوضع الفوضوي أن يؤثر على إمدادات الصمغ العربي، حيث تستورد فرنسا نصف إنتاج السودان منه.

رابعا: يمكن للسودان أن يصبح ملاذا للعديد من الجماعات الإرهابية التي تقاتلها فرنسا في منطقة الساحل، وسيؤدي هذا الوضع إلى تفاقم مشكلة الهجرة على الحدود الأوروبية، إذ سيستخدم حميدتي، الذي سبق أن هدد بتدفق المهاجرين على أوروبا، ذلك كورقة ضغط.

 ولذا يرى سليمان أن تفكيك قوات الدعم السريع سيمنع الميليشيا من ارتكاب مجزرتها القادمة في دارفور ويعيد السودان إلى مسار التحول الديمقراطي نحو دولة ذات جيش وطني واحد موحد، مشيرا إلى أن هذا المسار "مطلب عادل لم يرفضه زعيم الدعم السريع فحسب، بل هدد بجر البلاد بأكملها إلى طريق مجهول إذا اضطر إلى ذلك".

 وأضاف أن تفكيك الدعم السريع ستكون بمثابة فوز دبلوماسي آخر لفرنسا، التي عقدت المؤتمر الدولي لدعم السودان وساعدته بقرض تجسيري بقيمة 1.5 مليار دولار.

ويرى سليمان أن لفرنسا يمكنها أن تشارك عمليًا في مواجهة الدعم السريع بعدة طرق، مثل الدعوة علنًا إلى أجندات تفكيكها، مضيفا: "يتعين عليها الآن أن تنتقل من الدعوة إلى احترام حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على دارفور إلى الضغط على حلفائها، مثل تشاد والإمارات العربية المتحدة، لحملهم على الامتناع عن دعم الميليشيا أو تسهيل نقل الأسلحة والصواريخ إليها".

كما يتعين على فرنسا، بحسب سليمان، تحفيز الدول والمنظمات الأوروبية على التوقف عن التعاون مع الدعم السريع في قضية الهجرة والاستعانة بشركاتها لتقديم الخدمات الأمنية.

اقرأ أيضاً

في مواجهة دعم الإمارات لحميدتي.. مصر تسلم الجيش السوداني طائرات بدون طيار

المصدر | بوليتيكس توداي/ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: فلسطين فرنسا السودان عبدالفتاح البرهان الجنجويد الدعم السريع قوات الدعم السریع سلیمان أن

إقرأ أيضاً:

12 قتيلا في قصف لقوات الدعم السريع على مدينة الفاشر  

 

 

الخرطوم - أعلن الجيش السوداني ونشطاء محليون مقتل 12 شخصا على الأقل في ضربة شنتها قوات الدعم السريع على الفاشر، آخر مدينة خارج سيطرتها في إقليم دارفور في غرب البلاد.

هذه الضربة الدامية هي الأحدث في النزاع المستمر منذ نحو عامين بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني.

ووقع القصف في اليوم نفسه الذي دعت فيه السعودية والولايات المتحدة طرفي النزاع إلى استئناف محادثات السلام.

وقال الجيش في بيان الأربعاء إن "المليشيا تقصف مدينة الفاشر بمدفعية ثقيلة أسفرت عن استشهاد 12 مواطنا وإصابة 17 بإصابات بالغة".

بدورها، أكدت تنسيقية لجان المقاومة في الفاشر المكونة من متطوعين مقتل 12 شخصا وإصابة 17 آخرين في هجوم الأربعاء.

أدت الحرب في السودان إلى مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص ونزوح أكثر من 12 مليونا.

وأعلنت المجاعة في أجزاء من البلاد، من بينها مخيمات نازحين حول الفاشر، ومن المرجح أن تنتشر أكثر، وفق تقييم مدعوم من الأمم المتحدة.

تسيطر قوات الدعم السريع على معظم إقليم دارفور في غرب السودان، وهي تحاصر الفاشر منذ أشهر مع تصاعد القتال في المنطقة.

وحذّر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) الأربعاء من أن الأوضاع في دارفور تتدهور بسرعة.

وقال "أوتشا" على موقعه الإلكتروني "في ولاية شمال دارفور، نزح أكثر من 4 آلاف شخص خلال الأسبوع الماضي وحده بسبب تصاعد العنف في الفاشر، وكذلك في مخيم زمزم للنازحين جنوب المدينة ومناطق أخرى".

تسيطر قوات الدعم السريع أيضا على أجزاء من جنوب البلاد. واستعاد الجيش العاصمة الخرطوم أواخر آذار/مارس، كما يسيطر على الشرق والشمال، ما يجعل ثالث أكبر دولة في إفريقيا منقسمة عمليا إلى نصفين.

وفي وقت مبكر من الحرب التي بدأت في 15 نيسان/أبريل 2023، قامت الولايات المتحدة والسعودية بوساطة، لكن العديد من اتفاقات وقف إطلاق النار انهارت.

إلى ذلك، التقى وزيرا الخارجية الأميركي والسعودي في واشنطن الأربعاء.

وقالت الخارجية الأميركية في بيان عقب الاجتماع إنهما "اتفقا على ضرورة عودة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع إلى محادثات السلام وحماية المدنيين وفتح الممرات الإنسانية والعودة إلى الحكم المدني".

مقالات مشابهة

  • التصدي لهجوم قوات الدعم السريع على منطقة أم كدادة قرب الفاشر
  • هل تنجح الفاشر في التصدي لتكتيكات الدعم السريع؟
  • السودان.. العفو الدولية توثق حالات اغتصاب جماعي ارتكبها الدعم السريع
  • 12 قتيلا في قصف لقوات الدعم السريع على مدينة الفاشر  
  • أمنستي تتهم الدعم السريع بممارسة الاغتصاب والاستعباد الجنسي ضد سودانيات
  • البرهان: شعبنا بحاجة لوقف انتهاكات قوات الدعم السريع لا لمؤتمرات
  • السودان يتهم “الدعم السريع” باستهداف سد مروي ويتحدث عن أضرار
  • الدعم السريع تهاجم الفاشر من عدة محاور
  • الصحة تتهم الدعم السريع بالتخريب المتعمد للمستشفيات في السودان
  • قوات الدعم السريع، من الذي أنشأ الوحش حقًا؟ لا هذا ولا ذاك، بل هو اختراق استخباراتي مكتمل الأركان