قمة القاهرة... والدور الإماراتي من أجل التهدئة والسلام
تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT
لا أحد ينكر أننا نعيش مأزقًا وجوديًّا، من حيث التوازنات الدولية والتحالفات السياسية، والإرهاصات العارمة التي تحمل ثقلًا كبيرًا يهدد مصالح الدول العالم بأسرها، حيث لا سقف تشريعيًّا وأخلاقيًّا وإنسانيًّا قادر اً على أن يقف في وجه العنف والكراهية والعدوانية.
لهذا بادر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله" بالمشاركة المباركة في أعمال "قمة القاهرة للسلام"، التي افتتحها فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة؛ في سياق التحديات السياسية والأمنية الكبيرة، وكان ذلك بمشاركة قادة عدد من الدول العربية والأجنبية ورؤساء حكوماتها؛ من أجل احتواء الموقف، وتأكيد رفض استهداف جميع المدنيين في غزة، واحترام القانون الدولي الإنساني في التعامل معهم، وتوفير الدعم الإنساني دون عوائق.
وقد جاءت مشاركة سموه في القمة تأكيدًا للجهود الحثيثة التي تبذلها دولة الإمارات العربية، وإبرازًا لحرصها على التعاون البناء لإنجاح جميع المساعي الدبلوماسية؛ بغية إرساء سلام عادل يقضي على دوامة العنف في المنطقة، ويكلل الجهود المكثفة لخفض التصعيد في قطاع غزة، وحماية المدنيين من أي اعتداء غاشم، والوقف الفوري لإطلاق النار، وتفادي مزيد من الأزمات الإنسانية الخطيرة في منطقة الشرق الأوسط.. وتقديم الدعم الإنساني للمدنيين في قطاع غزة، وضمان ممرات إنسانية آمنة ومستقرة، وإيصال المساعدات الإغاثية والطبية. ومحاولة تحقيق أفق سياسي شامل للوصول إلى تهدئة كاملة ومستدامة في المنطقة.
إنها لحظة فارقة في مسار النزاع؛ ولهذا تحاول الإمارات أن تتصرَّفَ بمسؤولية الدولة الكبرى التي تستحق ثقة مواطنيها والعالم، وتأكيد قدرتها على تحقيق أهدافها الحضارية والتاريخية والسياسية في المنطقة، وأنها لن تألو جهدًا من أجل كل ما يدفع نحو السلام والاستقرار، بالتعاون مع أشقائها وأصدقائها في المنطقة والعالم.
لكن الواقعية الأخلاقية، تقتضي قبول حلول وُسطى، فهذا هو الخيار الأمثل لوقف الحرب الدائرة في المنطقة، سواءً من خلال الاتصالات الثنائية، أو محاولة التحرك سريعًا داخل مجلس الأمن، ومحاولة استئناف مفاوضات السلام لحلِّ القضية الفلسطينية؛ إيمانًا بأن السلام الشامل والاستقرار مصلحة للشرق الأوسط قبل أن تكون مصلحة عالمية، فهي لا بدَّ أن تكون مسؤولية دولية على عاتق المجتمع الدولي.
وقد جاءت كلمة صاحب السمو رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد، حفظه الله، معبرةً عن كل ما يجيش بصدورنا من أحزان، وما يراود نفوسنا من آمال؛ إذ إن سموه شدَّد على ضرورة التصدي للأصوات التي تحاول استغلال الصراع لبثِّ خطاب الكراهية والترويج لها؛ لما لذلك من آثار خطيرة على التعايش السلمي، ليس في منطقة الشرق الأوسط فحسب، وإنما في العالم أجمع.
فهناك علاقات أوجدتها الكراهية، وأقبل عليها المخالفون حبًّا في الفتنة، وتوسيعًا للقطيعة، واستغلها سماسرة السياسة، وتم تداولها وتكبيرها لتوسيع الخلاف والقطيعة، وهذا اللون من التفكير يؤجج التفرقة، ويعمق الخلاف، وهذا مما نحن في غنى عنه، لأننا نستطيع بأدوات تشكيل الفهم الصحيح، وبالوعي المضاد، وإدارة المخاطر بالمفاوضات السلمية، بعيدًا عن السلاح أو القوة العسكرية أن ندير الأزمة بما يعود بالخير على الأطراف كلها.
وما أبطال التاريخ إلا رجال اغتنموا الفرص المتاحة، وانتهزوا مساعي السلام والمصالحة، ولذا جاءت الإجراءات التي اتخذتها الدول العربيَّة من أجل احتواء الموقف، وتأكيد رفض استهداف جميع المدنيين، واحترام القانون الدولي الإنساني في التعامل معهم، وتوفير الدعم الإنساني دون عوائق، وإرساء السلام العادل، والتركيز على المصالح والأولويات الكبرى، في ظلِّ طفرة المتغيرات العالميَّة.
ثمة إيمان شعبي عربي جامع بالقدرات التي تمتلكها القيادة الوطنية، التي يمثلها سمو الشيخ محمد بن زايد رئيس دولة الإمارات، بما لديه من استشراف للمستقبل والتطلع إلى ما فيه الخير والسداد.
كما أن الشراكات الإستراتيجيَّة العربية تعتبر سهامًا قويَّة للمغرضين، وخصوصًا إذا تعددت الأطراف التي يتشارك العرب معها، وهذا يُفهَم من خطوات المساعي العربية المحسوبة والموزونة، وخاصة دول الخليج؛ تلك الدول التي رأت أنه لا بدَّ من التخلي عن نظام ازدواجية المعايير الدولية للتعامل مع الأحداث، وتخفيف تداعياتها على الشعوب؛ لتحقيق السلام والاستقرار المنشود للأطراف كافة.
ولا يخفى على حصيف أن العالم بحاجة ماسَّة للوحدة والتضامن وصدق النيات، وأن هناك الكثير من التجاذبات السياسية التي يجب أن تعالَج وتواجَه عبر التواصل والتقارب، مما يحتم إبقاء التعاون الدولي مستمرًّا وحيويًّا؛ لنلتقي في محور واحد، ونرنو للمستقبل الواعد، من أجل غدٍ أفضل للجميع.
لدينا اليوم هدف محدَّد وواضح يتعلق بالمستقبل، صحيح أنه هدف محفوفٌ بالتحديات بل بالعراقيل والعقبات، لكنه محفوفٌ كذلك بكثير من التفاؤل والطموح والرغبة في أن تتحرَّر إرادتنا نحو المستقبل المشرق لكل شعوب المنطقة، وما ذلك على الله بعزيز.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل فی المنطقة من أجل
إقرأ أيضاً:
روبيو: أمريكا سترد على الدول التي فرضت عليها رسوما جمركية
أكد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، الأحد، أن الولايات المتحدة ستتخذ إجراءات ضد الدول التي فرضت عليها رسومًا جمركية، مشيرًا إلى أن بلاده قد تبدأ محادثات ثنائية جديدة مع دول حول العالم بشأن ترتيبات تجارية مختلفة بمجرد فرض الرسوم على شركائها التجاريين الرئيسيين.
وجاءت هذه التصريحات بعد تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الخميس، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 200% على واردات النبيذ والمشروبات الكحولية الأوروبية، في خطوة قد تؤدي إلى تصعيد النزاع التجاري العالمي الذي تسبب في اضطرابات الأسواق المالية وأثار مخاوف من ركود اقتصادي.
واشنطن تسعى لإعادة التوازنخلال مقابلة مع برنامج "واجه الأمة" الذي تبثه شبكة (CBS)، أوضح روبيو أن القرار الأمريكي لا يستهدف دولة بعينها، بل يهدف إلى إعادة ضبط قواعد التجارة الدولية. وقال: "الأمر ليس موجهًا ضد كندا، ولا المكسيك، ولا الاتحاد الأوروبي فقط، بل هو موقف عالمي ضد الجميع"، وفقًا لما نقلته وكالة رويترز.
وأضاف أن واشنطن تسعى إلى تحقيق "الإنصاف والمعاملة بالمثل"، وستبدأ على هذا الأساس مفاوضات تجارية جديدة مع الدول الراغبة في التعاون، مؤكدًا أن السياسات الحالية لا يمكن أن تستمر على هذا النحو.
منذ تولي ترامب السلطة، شنت إدارته حروبًا تجارية ضد شركاء ومنافسين تجاريين، مستخدمة الرسوم الجمركية كأداة ضغط رئيسية لتحقيق مكاسب في ملفات التجارة والاقتصاد، وفقًا لتقرير نشرته وكالة "فرانس برس".
وردًا على هذه السياسات، أعلن الاتحاد الأوروبي، الأربعاء، عن فرض إجراءات انتقامية على المنتجات الأمريكية، تشمل رسومًا على سلع أمريكية بقيمة 28 مليار دولار، تدخل حيز التنفيذ اعتبارًا من أبريل المقبل، وذلك في إطار مواجهة الرسوم الأمريكية على الصلب والألمنيوم.
تصاعدت المخاوف من أن تؤدي الخطوات الأمريكية إلى اضطرابات واسعة في التجارة العالمية، لا سيما مع تصاعد التوترات بين واشنطن وشركائها التقليديين. ومن المتوقع أن تشهد الأسابيع المقبلة جولات من المفاوضات والتهديدات المتبادلة، في وقت يحاول فيه البيت الأبيض فرض شروط جديدة على الاقتصاد العالمي.