لا أحد ينكر أننا نعيش مأزقًا وجوديًّا، من حيث التوازنات الدولية والتحالفات السياسية، والإرهاصات العارمة التي تحمل ثقلًا كبيرًا يهدد مصالح الدول العالم بأسرها، حيث لا سقف تشريعيًّا وأخلاقيًّا وإنسانيًّا قادر اً على أن يقف في وجه العنف والكراهية والعدوانية.
لهذا بادر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله" بالمشاركة المباركة في أعمال "قمة القاهرة للسلام"، التي افتتحها فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة؛ في سياق التحديات السياسية والأمنية الكبيرة، وكان ذلك بمشاركة قادة عدد من الدول العربية والأجنبية ورؤساء حكوماتها؛ من أجل احتواء الموقف، وتأكيد رفض استهداف جميع المدنيين في غزة، واحترام القانون الدولي الإنساني في التعامل معهم، وتوفير الدعم الإنساني دون عوائق.


وقد جاءت مشاركة سموه في القمة تأكيدًا للجهود الحثيثة التي تبذلها دولة الإمارات العربية، وإبرازًا لحرصها على التعاون البناء لإنجاح جميع المساعي الدبلوماسية؛ بغية إرساء سلام عادل يقضي على دوامة العنف في المنطقة، ويكلل الجهود المكثفة لخفض التصعيد في قطاع غزة، وحماية المدنيين من أي اعتداء غاشم، والوقف الفوري لإطلاق النار، وتفادي مزيد من الأزمات الإنسانية الخطيرة في منطقة الشرق الأوسط.. وتقديم الدعم الإنساني للمدنيين في قطاع غزة، وضمان ممرات إنسانية آمنة ومستقرة، وإيصال المساعدات الإغاثية والطبية. ومحاولة تحقيق أفق سياسي شامل للوصول إلى تهدئة كاملة ومستدامة في المنطقة.
إنها لحظة فارقة في مسار النزاع؛ ولهذا تحاول الإمارات أن تتصرَّفَ بمسؤولية الدولة الكبرى التي تستحق ثقة مواطنيها والعالم، وتأكيد قدرتها على تحقيق أهدافها الحضارية والتاريخية والسياسية في المنطقة، وأنها لن تألو جهدًا من أجل كل ما يدفع نحو السلام والاستقرار، بالتعاون مع أشقائها وأصدقائها في المنطقة والعالم.
لكن الواقعية الأخلاقية، تقتضي قبول حلول وُسطى، فهذا هو الخيار الأمثل لوقف الحرب الدائرة في المنطقة، سواءً من خلال الاتصالات الثنائية، أو محاولة التحرك سريعًا داخل مجلس الأمن، ومحاولة استئناف مفاوضات السلام لحلِّ القضية الفلسطينية؛ إيمانًا بأن السلام الشامل والاستقرار مصلحة للشرق الأوسط قبل أن تكون مصلحة عالمية، فهي لا بدَّ أن تكون مسؤولية دولية على عاتق المجتمع الدولي.
وقد جاءت كلمة صاحب السمو رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد، حفظه الله، معبرةً عن كل ما يجيش بصدورنا من أحزان، وما يراود نفوسنا من آمال؛ إذ إن سموه شدَّد على ضرورة التصدي للأصوات التي تحاول استغلال الصراع لبثِّ خطاب الكراهية والترويج لها؛ لما لذلك من آثار خطيرة على التعايش السلمي، ليس في منطقة الشرق الأوسط فحسب، وإنما في العالم أجمع.
فهناك علاقات أوجدتها الكراهية، وأقبل عليها المخالفون حبًّا في الفتنة، وتوسيعًا للقطيعة، واستغلها سماسرة السياسة، وتم تداولها وتكبيرها لتوسيع الخلاف والقطيعة، وهذا اللون من التفكير يؤجج التفرقة، ويعمق الخلاف، وهذا مما نحن في غنى عنه، لأننا نستطيع بأدوات تشكيل الفهم الصحيح، وبالوعي المضاد، وإدارة المخاطر بالمفاوضات السلمية، بعيدًا عن السلاح أو القوة العسكرية أن ندير الأزمة بما يعود بالخير على الأطراف كلها.
وما أبطال التاريخ إلا رجال اغتنموا الفرص المتاحة، وانتهزوا مساعي السلام والمصالحة، ولذا جاءت الإجراءات التي اتخذتها الدول العربيَّة من أجل احتواء الموقف، وتأكيد رفض استهداف جميع المدنيين، واحترام القانون الدولي الإنساني في التعامل معهم، وتوفير الدعم الإنساني دون عوائق، وإرساء السلام العادل، والتركيز على المصالح والأولويات الكبرى، في ظلِّ طفرة المتغيرات العالميَّة.
ثمة إيمان شعبي عربي جامع بالقدرات التي تمتلكها القيادة الوطنية، التي يمثلها سمو الشيخ محمد بن زايد رئيس دولة الإمارات، بما لديه من استشراف للمستقبل والتطلع إلى ما فيه الخير والسداد.
كما أن الشراكات الإستراتيجيَّة العربية تعتبر سهامًا قويَّة للمغرضين، وخصوصًا إذا تعددت الأطراف التي يتشارك العرب معها، وهذا يُفهَم من خطوات المساعي العربية المحسوبة والموزونة، وخاصة دول الخليج؛ تلك الدول التي رأت أنه لا بدَّ من التخلي عن نظام ازدواجية المعايير الدولية للتعامل مع الأحداث، وتخفيف تداعياتها على الشعوب؛ لتحقيق السلام والاستقرار المنشود للأطراف كافة.
ولا يخفى على حصيف أن العالم بحاجة ماسَّة للوحدة والتضامن وصدق النيات، وأن هناك الكثير من التجاذبات السياسية التي يجب أن تعالَج وتواجَه عبر التواصل والتقارب، مما يحتم إبقاء التعاون الدولي مستمرًّا وحيويًّا؛ لنلتقي في محور واحد، ونرنو للمستقبل الواعد، من أجل غدٍ أفضل للجميع.
لدينا اليوم هدف محدَّد وواضح يتعلق بالمستقبل، صحيح أنه هدف محفوفٌ بالتحديات بل بالعراقيل والعقبات، لكنه محفوفٌ كذلك بكثير من التفاؤل والطموح والرغبة في أن تتحرَّر إرادتنا نحو المستقبل المشرق لكل شعوب المنطقة، وما ذلك على الله بعزيز.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل فی المنطقة من أجل

إقرأ أيضاً:

نائب الرئيس التنفيذي الدولي لشركة «إيرباص»: الإمارات شريك رئيس في صناعة الطيران عالمياً

حامد رعاب (أبوظبي)

أخبار ذات صلة الإمارات تدعو لهدنة إنسانية بالسودان في شهر رمضان أبوظبي تزدان ابتهاجاً بشهر رمضان المبارك القمة العالمية للحكومات 2025 تابع التغطية كاملة

أكد فوتر فان ويرش، نائب الرئيس التنفيذي الدولي لشركة إيرباص، أن الإمارات تعد مزوداً رئيساً في صناعة الطيران، ولها دور رئيس في نمو القطاع على صعيد دولي، وفي سلسلة التوريد العالمية للشركة.
وأضاف لـ«مركز الاتحاد للأخبار»، على هامش مشاركته في القمة العالمية للحكومات 2025 التي تنعقد في دبي، أن الإمارات شريك رئيس وناجح مع إيرباص، لا سيما مع طيران الإمارات والاتحاد للطيران، حيث نستعد لتقديم خدماتنا ومنتجاتنا، ونصب اهتمامنا في تنمية صناعة الطيران في المنطقة.
وأضاف: «بدأت الشركة في تسليم طائرات A350 لطيران الإمارات، مع استمرار التسليم للطلبات المتبقية».
ويُذكر أن أول طائرة «إيرباص A350» دخلت الخدمة التجارية لدى «طيران الإمارات» في يناير الماضي، حيث انطلقت الطائرة الجديدة في رحلتها الافتتاحية من دبي إلى إدنبرة، وتُعد هذه الطائرة الأولى من بين 65 طائرة من هذا الطراز، ستنضم إلى أسطول الشركة على مدى السنوات القادمة، في وقت يمثل عام 2025 عاماً محورياً للاتحاد للطيران مع تسلم نحو 20 طائرة جديدة، منها طائرات من طرازات «إيرباص».
وقال ويرش: «إن منطقة الشرق الأوسط لديها أكبر عدد من طلبات شراء الطائرات، وتشهد نمواً في عدد المسافرين، حيث من المتوقع إنتاج نحو 3700 طائرة جديدة خلال الـ 20 عاماً المقبلة للمنطقة».
وتوقع ويرش أن يتضاعف عدد المسافرين عالمياً خلال العشرين عاماً المقبلة، وبالتالي يحتاج القطاع إلى نحو 42 ألف طائرة جديدة لتلبية هذا النمو المتزايد بعدد المسافرين.
وأكد أهمية المنطقة بالنسبة لشركة إيرباص من خلال شركائها في المنطقة، مع وجود أكثر من 3 آلاف شخص من إيرباص يعملون في المنطقة.
وعلى صعيد عالمي، قال ويرش: «إن الشركة سلّمت 766 طائرة العام الماضي، وسيتم الإعلان عن خطط التسليم للعام الحالي قريباً».
وشدد ويرش على أهمية القمة العالمية للحكومات التي تجمع أصحاب القرار والمسؤولين والحكومات، وهي فرصة ذهبية لتعزيز الشراكات والتعاون.
وأشار ويرش إلى مشاركة إيرباص الكبيرة في معرض الدفاع الدولي «آيدكس» الذي ينعقد في أبوظبي الأسبوع المقبل، من خلال عرض طائرات عسكرية، ومنها الطائرات العمودية، مؤكداً أهمية هذا المعرض باعتباره فرصة فريدة للمشاركة وعرض الخدمات والمنتجات كافة، وتعزيز الشراكات.

مقالات مشابهة

  • رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي الجديد: سنعمل على تقوية الآليات التي تخدم قضية السلام في القارة الإفريقية
  • رئيس الكونجرس اليهودي يشيد بالعلاقات المصرية الأمريكية وجهود السلام
  • رئيس الكونجرس اليهودي العالمي: العلاقة المصرية الأمريكية مهمة لاستقرار المنطقة
  • رئيس الكونجرس اليهودي العالمي: مصر بلد مهم وندعم جهودها للحفاظ على السلام واستقرار المنطقة
  • رئيس العربية للتصنيع يتفقد معرض الدفاع الدولي آيدكس بأبوظبي
  • رئيس الكونجرس اليهودي العالمي: نتطلع للمقترح المصري- العربي بشأن غزة والسلام هو الأمل
  • رئيس الكونجرس اليهودي يتطلع لمقترح مصر بشأن القضية الفلسطينية.. ويؤكد: السلام يتحقق بحل الدولتين
  • تعادل سلبي بين بوشر والسلام بدوري الدرجة الأولى
  • نائب الرئيس التنفيذي الدولي لشركة «إيرباص»: الإمارات شريك رئيس في صناعة الطيران عالمياً
  • الإدارة الأمريكية تعلق على مقترحات الدول العربية بشأن غزة