قالت دار الإفتاء المصرية، إن الله تعالى جعل للمسجد الأقصى مكانة مميزة في قلوب المسلمين؛ فهو القبلة الأولى للمسلمين في العهد النبوي الأول، وهو المكان الذي شرفه الله عزّ وجلّ فجعله نهاية مسرى نبيه الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وبداية معراجه إلى السماوات العُلَا؛ فقال تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الإسراء: 1].

عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حماية مشددة مسرى رسول الله.. علي جمعة يبرز مكانة المسجد الأقصى ومعنى قوله تعالى «الذي باركنا حوله» مكانة المسجد الأقصى في الإسلام

وأضافت دار الإفتاء، في إجابتها على سؤال: ما هي مكانة المسجد الأقصى في الإسلام؟ أن الله تعالى وصف هذه البقعة من الأرض بـ"المباركة" في أكثر من موضعٍ في كتابه العزيز؛ من ذلك الآية الأولى من سورة الإسراء السابق ذكرها، ومن ذلك أيضًا قوله تعالى في حق سيدنا إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام: ﴿وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 71].

وفي هذا المكان المبارك جمع اللهُ الأنبياءَ جميعهم، يتقدمهم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فصلى بهم إمامًا؛ ليكون ذلك إعلانًا للخلافة التامة له صلى الله عليه وآله وسلم وإكمالًا للبيت النبوي بخاتم المرسلين؛ مصداقًا لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي، كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ، إِلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ، وَيَعْجَبُونَ لَهُ، وَيَقُولُونَ: هَلَّا وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ؟» قَالَ: «فَأَنَا اللَّبِنَةُ، وَأَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّين» متفقٌ عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وبيانًا لمكانة المسجد الأقصى في الإسلام جعله النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم أَحَدَ ثلاثِ مساجد في الإسلام لا تشد الرحال بقصد تحصيل مزيدِ ثوابٍ للصلاة فيها إلا إليها؛ فقال: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: المَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى» متفقٌ عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن سيدنا ﷺ منَّ الله عليه بالقرآن العظيم، ومنَّ الله عليه برحلة الإسراء إلى بيت المقدس، وبرحلة المعراج إلى سدرة المنتهى، منَّ الله عليه بالاصطفاء، والاختيار ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الإسراء:1]،

وتابع علي جمعة من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك تحت عنوان القدس: "أنبأنا الله سبحانه وتعالى أن بيت المقدس هو المسجد الأقصى، أنبأنا أن الله قد بارك فيما حوله، أنبأنا الله سبحانه وتعالى أنه مسرى رسول الله ﷺ ، وكان أولى القبلتين، وأصبح ثالث الحرمين، وجعل النبي الصلاة في مكة بمائة ألف صلاة، وفي المدينة بألف، وفي بيت المقدس بخمسمائة صلاة، وقال: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مكة، والمدينة، والمسجد الأقصى» هذه المدينة كيلو متر في كيلو ونصف.

كما تابع: فمساحتها كيلو ونصف مربع بقعةٌ صغيرة، لكن الأمر هنا ليس بالكم، بل بنظر الله سبحانه وتعالى إليها، فقد فضّل الأزمان بعضها على بعض، وجعل ليلة القدر خير ليالي السنة، والعشر الأوائل من ذي الحجة خير أيام السنة، وفضّل الأشخاص على بعض ﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ [البقرة:253]، حتى درجة الرسالة والنبوة فضّل الله بها أشخاصٍ على أشخاص، فضّل الله أشخاص على أشخاص، وأزمانًا على أزمان، وأماكن على أماكن، ومن مفضلات الأماكن هذه البقعة الطاهرة.

أجر الصلاة في المسجد الأقصى

أجر الصلاة في المسجد الأقصى المبارك مضاعف؛ فعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: تَذَاكَرْنَا وَنَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ: مَسْجِدُ رَسُولِ اللَّهِ، أَوْ مَسْجِدُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ فِيهِ، وَلَنِعْمَ الْمُصَلَّى، وَلَيُوشِكَنَّ أَنْ لَا يَكُونَ لِلرَّجُلِ مِثْلُ شَطَنِ فَرَسِهِ مِنَ الْأَرْضِ حَيْثُ يَرَى مِنْهُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ خَيْرٌ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعًا - أَوْ قَالَ: خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا». [أخرجه الحاكم في المستدرك].

وأوردت السنة النبوية، أحاديث متعددة في الحث على الصلاة في المسجد الأقصى وزيارة بيت المقدس، ومنها، ما روي عَنْ مَيْمُونَةَ مَوْلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفْتِنَا فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ قَالَ أَرْضُ الْمَحْشَرِ وَالْمَنْشَرِ ائْتُوهُ فَصَلُّوا فِيهِ فَإِنَّ صَلَاةً فِيهِ كَأَلْفِ صَلَاةٍ فِي غَيْرِهِ قُلْتُ أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَتَحَمَّلَ إِلَيْهِ قَالَ فَتُهْدِي لَهُ زَيْتًا يُسْرَجُ فِيهِ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ كَمَنْ أَتَاهُ. سنن ابن ماجه.

وصف المسجد الأقصى

ويقع المسجد الأقصى في قلب مدينة القدس، ويعتبر من أقدم المساجد على وجه الأرض، حيثُ روي عن النبي أنه بُني بعد الكعبة بأربعين سنة. وقد ورد ذكره في القرآن الكريم؛ لتعظيمه، حيثُ شهد رحلتي الإسراء والمعراج، وذلك بقوله تعالى: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ البصير". وهو أحد المساجد الثلاثة، التي تُشد الرحال إليها، كما قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم: «لا تشدُّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام، ومسجدي هذا (المسجد النبوي)، والمسجد الأقصى».

وللمسجد الأقصى أربع مآذن، هي مئذنة باب المغاربة الواقعة الجنوب الغربي، مئذنة باب السلسلة الواقعة في الجهة الغربية قرب باب السلسلة، مئذنة باب الغوانمة الواقعة في الشمال الغربي، ومئذنة باب الأسباط الواقعة في الجهة الشمالية.

كما أن للمسجد الأقصى، أربع عشرة قبة ومنها: قبة الأرواح، قبة النبي، قبة موسى، قبة سليمان، كذلك له خمسة عشر بابًا، منها عشرة مفتوحة والباقي مغلقة ومنها: باب المغاربة، باب الأسباط، وله رواقان هما الرواق الشرقي والرواق الغربي، وله ثماني بوائك.

مساجده الفرعية:
المسجد القبلي: يقع جنوب المسجد الأقصى وقبته رصاصية اللون.
مصلى الأقصى القديم: ويقع تحت المسجد القبلي.
المصلى المرواني: ويقع أسفل الزاوية الجنوبية الشرقية للمسجد الأقصى، وكان يُعرَف قديمًا «بالتسوية الشرقية».
مسجد قبة الصخرة: وتعتبر قبّته أحد أهم وأبرز المعالم المعمارية الإسلامي، وأقدم بناء إسلامي بقي محافظًا على شكله وزخرفته في الأغلب، بَنى هذه القبّة الخليفة عبدالملك بن مروان، حيثُ بدأ في بنائها عام 66 هـ الموافق 685، وانتهى منها عام 72 هـ الموافق 691.

مصلى النساء: يقع داخل المسجد الأقصى، ويرى باحثون أن بناءه يعود إلى العهد الصليبي، حيثُ بُني ككنيسة؛ ليعيده صلاح الدين الأيوبي لمُصلّى خُصّص للنساء.

مسجد البراق: ويقع في الناحية الجنوبية الغربية من المسجد الأقصى، وسُمّي بذلك نسبةً إلى المكان الذي ربط فيه النبي محمد دابته البراق في رحلة الإسراء والمعراج، وفيه حلقة عثمانية يُقال إنّها وُضعت في مكان الحلقة التي رُبط عندها البراق.

مسجد المغاربة: ويقع في الزاوية الجنوبية الغربية من المسجد الأقصى جنوبي حائط البراق.

 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: المسجد الأقصى مكانة المسجد الأقصى في الإسلام صلى الله علیه وآله وسلم بیت المقدس ی ب ار ک ن ا الصلاة فی رسول الله ال م س ج د ى الله ع إ ل ى ال ل الله

إقرأ أيضاً:

البحوث الإسلامية: رحلة الإسراء والمعراج عكست مكانة النبي عند ربه

أكد الدكتور محمد الجندي أمين عام مجمع البحوث الإسلامية أن معجزة الإسراء والمعراج تتضمن العديد من المسارات، فهناك المسار العلمي والأخلاقي والسلوكي، وتمت هذه المسارت كلها في معجزة الإسراء والمعراج، مشيرا إلى أنه عندما قال سبحانه وتعالى، " سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) (الإسراء)، كان فيها تنزيه عن المكان، مشيرا إلى أن النبي بلغ مكانة عظيمة عند ربه سبحانه وتعالى.

وأضاف الجندي - خلال احتفال وزارة الأوقاف بذكرى الإسراء والمعراج بمسجد الحسين اليوم، الأحد، أنه في هذه المعجزة نجد الألوهية والعبودية حيث سبحان الذي أسرى بعبده تتجلى الألوهية وفي كلمة عبده تتجلى العبودية، حتى يميز الله بين الألوهية والعبودية في الآية الكريمة.

من جانبه، قال الدكتور عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن هذه الذكرى خُلدت في القرآن الكريم، الذي سيبقى خالدًا إلى يوم القيامة وما بعدها حتى في الجنة، سيُقال لقارئ القرآن: "اقرأ وارتل كما كنت تقرأ وترتل في الدنيا".

وأضاف أن الإسراء حدث بالروح والجسد معًا، كما ورد في القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿بِعَبْدِهِ﴾، حيث يشير لفظ "العبد" إلى الروح والجسد معًا. وقد أجمع جمهور العلماء على أن المعراج أيضًا وقع بالجسد والروح يقظةً وفي ليلة واحدة.

أما القول بأن المعراج كان بالروح فقط أو مجرد رؤيا منامية، فهو رأي ضعيف لا يُعوَّل عليه؛ لأن الله سبحانه وتعالى قادر على أن يُعرج بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم بجسده وروحه، تمامًا كما أسرى به، كما أن تعجب العرب آنذاك من هذه الرحلة يؤكد أنها حدثت بالجسد والروح، فلو كانت مجرد رؤيا منامية لما أثارت دهشتهم أو استغرابهم.

وشدد على أننا نستشرف من هذه الذكرى معاني الفرج والنصر لأهالي غزة ولكل من كانت حياته دفاعا عن الدين، والأمة، مؤكدا أنه يجب أن نتمسك بهدي الرسول ونكون على يقين بوعد الله الذي لا يتخلف لقوله تعالى "وكان حقا علينا نصر المؤمنين".

مقالات مشابهة

  • دعاء لأهل غزة في ليلة الإسراء والمعراج.. اللهم كن عونا لهم
  • قصة الإسراء والمعراج .. تعرف عليها
  • البحوث الإسلامية: رحلة الإسراء والمعراج عكست مكانة النبي عند ربه
  • في ذكرى الإسراء والمعراج.. الله يسري بنبيه محمد من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى.. دروس مستفادة من المعجزة الإلهية
  • ما سبب حدوث رحلة الإسراء والمعراج؟ .. اعرف السر الإلهي
  • ماهي ليلة الإسراء والمعراج؟ تعرف على أعظم معجزة في تاريخ الإسلام وفضلها
  • الأوقاف تصدر العدد الجديد من مجلة «منبر الإسلام» لشهر رجب المعظم
  • الأحداث التي وقعت في رحلة الإسراء والمعراج
  • عالم أزهري يفجر مفاجأة.. «الإسراء والمعراج» ليس حصرا على النبي محمد صلى الله عليه وسلم
  • الشيخ كمال الخطيب يكتب .. في ذكرى الإسراء والمعراج: لا لن نسوّد وجهك يا رسول الله