بعد معركة غزة الطاحنة تراجعت آمال السلام بالنسبة للعرب للعيش جنبا إلى جنب مع الاحتلال، وأصبح الحلم بعيد المنال كسراب يتلاشى بعد جولة من الدماء والوحشية والغرور والطغيان في نفوس قادة الحرب، والتي ستكون لهذه الواقعة أبعاد أكبر مما نتخيل.
انكشفت الكثير من الأمور وأصبحنا على حقيقة واحدة، هي أن مشروع إبادة غزة أصبح واقعا بمن فيها من بشر وحجر، مشروع غربي قبل أن ينفذه الاحتلال وهذا هو أخطر ما في الأمر الذي ظهر فيه الموقف جليا أمامنا، ليكون واضحا كالشمس من القضية الفلسطينية برمتها مع أننا كنا نعتقد أنهم شركاء معنا في البحث عن السلام.
السلام الذي كنا نستجديه من أجل أجيال العرب القادمة، وحتى لا نستنزف في قدراتنا بسبب عدم التوصل إلى حلول فإنه يتبخر اليوم أمام أعيننا، فالقضية ليست فلسطينية، بل عربية مشغولة بهموم مستقبل الشرق الأوسط وكيف يمكن أن نقبل بنصف الحلول التي ارتضينا بها ولم يرض بها الطرف الآخر.
القادم سيغير المشهد في المنطقة، فكلما أوغلت إسرائيل في القتل والتدمير والسعي في تحقيق هدف إفناء غزة عن بكرة أبيها ومن على وجهها لتنفيذ خطة استعادتها وضمها، وقد يكون الدور على الضفة الغربية لتخلو كل الأرض الفلسطينية للاحتلال.
سيتغير القادم نتيجة ما ترتكبه عواصم القرار في العالم من مجازر وجرائم في حق الفلسطينيين التي ستبقى في جبين الإنسانية عارا إلى يوم الدين لم يشهد تاريخ البشرية إطلاقا له مثيل، من إبادة جماعية يشاركون فيها، بهدف تفريغ غزة من ساكنيها. أحرار العالم اليوم أمام واقع جديد يفرض نفسه، وهو أن يتحمّلوا مسؤوليتهم الأخلاقية أمام ما يحدث من مآسٍ يومية في القطاع، وأن هذه القضية ستظل تنزف دماءها شئنا أم أبينا وسوف تستمر تستنزف العرب وستمنعهم عن أي تقدم حضاري وسيسخّرون وسائل الإعلام عن نقل الحقائق للعامة وسينفذون مخططهم القديم الحديث في إنهاك الأمة العربية وسيحطمونها من نقطة ضعفها وهي فلسطين التي يطالبون بها كدولة وسيمعنون في قتل الأطفال والنساء والرجال كما يحدث في الصراع الأخير وهدم البيوت والمساجد والكنائس والمستشفيات كما حدث ويحدث وسيستمرون يقطعون الماء والعلاج والغذاء والكهرباء والاتصالات عن الذين ما زالوا على قيد الحياة وسيحشدون ما يملكون من أساطيل وقوات جوية وبحرية وبرية لمساندة الاحتلال في تنفيذ المجازر المشتركة ولن يردعهم أحد إلا الإرادة الفلسطينية في البقاء والمقاومة على أرضه.
وإن كان كل ذلك يبعدنا عن أوهام السلام الذي كنا نحلم به، فإن هناك من تقوى إرادته بعد أن خبر جيدا عقيدة الاحتلال الواهية وهي أن الدفاع عن الأرض والعرض بهذه الروح المتيقنة من نصر الله سيكون الأمر معها مختلفا تماما. ما يحدث في غزة يطوي صفحة السلام المنتظر في المنطقة، ويؤكد أن أحقاد الاحتلال على العرب لا تعطي الفرصة للعيش المشترك وأن عواصم صناع القرار ليست مع إقامة سلام دائم بين العرب وإسرائيل، وأن المنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة لن تكون قادرة على التأثير في إنجاز سلام، وأن الفكر الغربي يؤمن أنه لا دولة فلسطينية بل دولة إسرائيلية للأبد، تتوسع غدا شرقا وغربا على دماء العرب شاء من شاء وأبى من أبى.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
مقتل 10 جنود إسرائيليين في كمين نصبته الفصائل الفلسطينية في غزة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تمكنت عناصر المقاومة الفلسطينية من قتل 10 جنود من جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال اشتباك جرى بين المقاومة وجيش الاحتلال من المسافة صفر شرق رفح الفلسطينية جنوبي قطاع غزة.
وهٌجر مئات الفلسطينيين من حي الشجاعية في مدينة غزة، بعد أوامر إخلاء أصدرها جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وطلب الجيش من سكان الحي الشرقي التوجه إلى وسط وجنوب المدينة تحسبا لقصف إسرائيلي على المنطقة.
ونشرت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا" صورًا لمدنيين يفرون عبر الشوارع المدمرة إلى حد كبير جراء الهجمات الإسرائيلية، وأجبروا على الفرار سيرًا على الأقدام بسبب نقص وسائل النقل والوقود.