قراءة في المواقف الدولية حول غزة
تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT
سالم بن محمد العبري
أولًا.. أود التأكيد في هذه الوقفة على أن أشد على أذرع المقاومين الفلسطينيين والمقاومين في كل الميادين والساحات، ومنهم الإعلاميون، المرابطون على الجبهات وفي الأستوديوهات في القنوات الإخبارية وتليفزيون وإذاعات سلطنة عمان التي تواكب الأحداث على مدار الساعة، ووسائل الإعلام المقروءة وفي مقدمتها جريدة الرؤية العُمانية وسائر وسائل الإعلام العربية والعالمية التي غطت بأمانة وحرفية والشكر موصول لكل الكتاب والمتحدثين الذين أدوا أمانة الكلمة والموقف والتحليل العلميّ غير المؤدلج.
ثانيًا.. وجبت التحية والتقدير لمواقف سلطنة عمان قيادة وشعبا ووزارة خارجية وسائر الدبلوماسيين وجماهير؛ فأقول: شكرا لكم لقد أديتم ما يتوجب علينا وحين أقول ذلك فإنني لا أنظر إلى المواقف التى تقفها بعض التجمعات والأقطار بصورة عالية، لكنني أنظر إلى ما نؤديه قيادة وشعبا ويتلاءم مع موقعنا الجغرافي من فلسطين والأمة وإلى تعدادنا من تعداد الأمة العربية ومن الإمكانيات التي سخرها الله لنا ومن موحيات تراثنا النضالي على مدى التاريخ العماني، وأن المواقف العمانية المعاصرة والتاريخية تعرفها الأمة من الفكر العماني الوطني السيادي ومن المواقف التي تعرفها مصر والعراق والأردن وسوريا بشهادة وإشادة من سائر الرؤساء والحكام.
هذه عمان في كل العصور ومع كل المحن والابتلاءات وإن أردت أن أورد شيئا بسيطا مما أشير إليه فأُعيدكم إلى الحرب على غزة سنة 2008؛ حيث كان على عمان أن تترأس البرلمان العربي وتذهب إلى غزة تأييدا وتضميدا لجراحها وهي كانت في مرحلتها الأولى قبل أن تتحول إلى قلعة المقاومة وأمل التحرير والتحرر ويريد الاستعمار والكيان القضاء على أسس قيامها، فذهبت عُمان بشخص الشيخ أحمد العيسائي رئيس مجلس الشورى آنذاك بتوجيه ومباركة من السلطان قابوس بن سعيد- رحمه الله- ولم يذهب بخفي حنين بل ذهب ومعه الدعم المؤكد والفوري؛ فهذه هي عمان التى يعرفها القادة وكتاب التاريخ دون أن تتباهى أو تطيل الخطاب.
ثالثًا.. أُثمِّن خطاب الملك عبد الله ملك الأردن في لقاء القاهرة ظهيرة السبت 21 أكتوبر فقد كانت كلماته وخطابه ومظاهر وجه تعبر عن حزم مصداقية وقد يكون عبر عن ضمير غالبية الشعب الأردني وموقفه يجب أن تقفه كل القيادات والحكومات لأنه يتفق مع القرارات الدولية التى أيدتها كل القوى المعرقلة للتطبيق محاباةً للكيان المحتل والغاصب وغضًا للطرف عن سلوكه الاستعماريّ.
رابعًا.. كان الملفت قول رئيس وزراء العراق محمد شايع السوداني حين قال من يتكلم ويقرر مصير فلسطين والقضية والكفاح ضد العدو هم المقاومون الذين يضحون ويسقون الأرض الفلسطينية بدمائهم ويزرعون أشلاءهم ثمنًا لتحريرها.
خامسًا.. لقد وُفِّقَ الرئيس الفلسطيني محمود عباس حين أبي المشاركة في لقاء الرئيس الأمريكي جو بايدن، ولم يوفق في حضور اجتماع القاهرة لأنه لا يمثل فلسطين المنتفضة والمضحية والعابرة يوم 7 أكتوبر 2023؛ بل هو يمثل هيئة صنعتها اتفاقيات أوسلو التي قال عنها الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد "كل سطر في هذه الاتفاقية يحتاج لمؤتمر لفك لغزه ومراده".. لذلك كانت باهتة لا ترقى لمستوى الحدث وطبيعة النضال، وكان عليه- وقد أراد الحضور- أن يأخذ معه أحد قيادات الفصائل المناضلة ولو من المستوى الثالث، ويتيح له فرصة التعبير باسمه وباسم فلسطين.
سادسًا.. لعل مبادرة الأمين العام للأمم المتحدة غير مسبوقة ويُشكر عليها وتُسجل له موقفًا وحضورًا لكن لأن الغرب الاستعماري في وادٍ وهو في وادٍ آخر وتوجهه لا يمثل كل أطياف الأمم المتحدة؛ بل كانت حركته غير مدعومة لتعطي ثمارًا يانعة وخصوصًا أن القيادات العربية لم تتهيأ لتفعيلها وتقويتها، فتلاقيه في العريش وتعسكر هناك حتى توقف المجازر وتفتح الحدود بدون موافقة الكيان وبعيدًا عن أهواء وعجرفة الصهاينة، ثم يأخذ الدول الفاعلة الحركة والمبادرة للحل السليمي الذي تؤيده كل البشرية غير الغرب المستكبر الذي يقوم على تعطيل تطبيق كل القرارات الدولية ذات الصلة وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.
وفي الأخير أقول.. إن ذهبت القوى الدولية الحرة وغير الخاضعة في هذا الاتجاه يمكن أن ترى البشرية أمنًا وسلامًا وإلّا فإن العبور في السادس والسابع من أكتوبر سوف يجدد نفسه كل فترة أو كل سنة بوتيرة أقوى وإبداع أوسع فهل من يسمع ويرى في هذا العالم اللاعب بالبشرية؟!
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
قراءة في خطاب الرئيس المشاط خلال اجتماعه مع لجنة الدفاع الوطني
يمانيون/ كتابات/ عبدالقدوس عبدالله الشهاري
مقدمة:
خطاب الرئيس مهدي المشاط الأحد كان خطابًا تاريخيًّا، جاء في مرحلة مفصلية تعيشها اليمن خاصة، و”الشرق الأوسط “عامةً، في ظل متغيرات سياسية واقتصادية واجتماعية تعصف بالمنطقة التي يسودها التفكك والانقسام وانبطاح لم تشهده من قبل.
فكان خطاب رئيس المجلس السياسي الأعلى قويا، فيه تحملٌ للمسؤولية، وفيه العنفوان وبوارق الانتصار، وفيه تحذير شديد للقوى السياسية الداخلية التي قد تعمل وفق توجيهات خارجية، وللقوى الخارجية التي تعمل ضمن السياسة الأمريكية-الإسرائيلية.
وكان فيه مدٌّ للمعنويات وشحذ للهمم، وحمل الخطاب رسائل جمة لأمريكا و”ترامب” المعتوه، و”إسرائيل”، وكل من يتحرك في فلكهم سواء أكانوا مرتزقة أم على المستوى الدولي.
أيضا تضمن الخطاب تأكيدا على ثبات الموقف رغم التحركات العسكرية بقيادة أمريكا، كما حمل رسائل للجيش والشعب اليمني الذي حمل على عاتقه الموقف العربي والإسلامي، مطمئنا إياهم بأن القادم أفضل، وموصيا إياهم بمواصلة المشوار؛ فاستعداداتنا جيدة، وذكرهم بأن المرحلة القادمة هي مرحلةٌ “يُميز الله فيها الخبيث من الطيب، فالثبات الثبات لجني الثمار”.
ومن خلال متابعتي للخطاب التاريخي للسيد الرئيس، حيا الشعب والجيش اليمني الصامد في بداية حديثه، وقدّم لهم الشكر والعرفان على ثباتهم. ووجَّه الحكومة والسلطات المحلية والأجهزةَ القضائيةَ بضرورة التحرك في خدمة المواطن، كلٌّ في إطار مسؤوليته…
وقال مُطمئنًا المواطنين:
«كُلَّما سمعتم بأن العدو الأمريكي بهذه الإدارة المجنونة حشد أكثر، اطمئنوا أكثر؛ فهذا دليلُ فشلٍ أمريكي يُضاف إلى فشل السفينة الأمريكية. وكذلك إذا حشد أكثر، وفَّر صيدًا لاستهدافه أكثر، والمدمِّرة “ترومان” باتت خارج السيطرة، مما اضطرتهم إلى جلب مدمرات أخرى».
كما أوصل الرئيس عددًا من الرسائل التطمينية في خطابه، نذكر منها:
– «اليمن مستعد لكل السيناريوهات، وجاهزون للدفاع عن بلدنا على كافة المستويات: العسكرية والأمنية والاقتصادية».
– وقال: «نحن نتكئ على قوة استراتيجية تتمثل في وحدة القيادة ممثلة بالسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، وشعبٍ واحدٍ تحت قيادة السيد القائد، وحكومةٍ، ودولةٍ، ومؤسساتٍ رسميةٍ تدعم هذا الانسجام».
كما طمأن الشعبَ بيقظة الأجهزة الأمنية التي ترصد كلَّ مَن يتورط في هذه المعركة، ووجَّه بالتعامل معها بكل صرامة.
وقال أيضًا: «نحن قادمون على نصرٍ كبيرٍ، وسيُميز الله الخبيثَ من الطيب»، وذكَّر الأمةَ بأن السيد القائد بمواقفه القوية يستند إلى هذا الشعب الأصيل والصامد، وهو مصدر قوةٍ وصمام أمانٍ للبلاد.
وبخصوص ثبات الموقف، قال الرئيس:
«لن نتراجع عن موقفنا المبدئي والأخلاقي والإسلامي والإنساني في إسناد غزة حتى يتوقف العدوان عليها ويُرْفَع الحصار عنها. وهذا المنطقُ والموقفُ القوي والثابت منذ 7 أكتوبر 2023م».
وأضاف: «لا نبالي بأي تحديات نتيجة موقفنا المشرف مع غزة، وجاء موقفنا هذا من خلال ما شاهده اليمن من الإجرام الفظيع في غزة وحصارها، والخذلان العربي لها يفرض علينا الموقف مهما كانت نتائجه».
وتأسف على الموقف العربي المتخاذل غير المسبوق، مؤكدًا أن اليمن لا يمكن أن تترك الأمريكي والإسرائيلي يستفردان بالشعب الفلسطيني في غزة.
ووضح رئيس المجلس السياسي الأعلى أن السبب الرئيس في العدوان الأمريكي على بلادنا هو نتيجة موقفنا الرافض لما يجري من جرائم إبادة في غزة، ودعمًا للأجرام الصهيوني فيها.
رسالة الرئيس للمجرم ترامب
وجَّه الرئيس عددًا من الرسائل للمجرم “ترامب” قائلًا:
«هجمة المجرم “ترامب” يمكن أن تمضي على شعوبٍ معينةٍ، أما أصل العرب والشهامة فلا يمكن أن تمضي. فلا أنت ولا أبوك يا “ترامب” تستطيع أن تمنعنا من أن نؤدي موقفنا الإنساني والأخلاقي والديني تجاه أهل غزة مهما كان».
وتحدى المشاط المجرمَ “ترامب” واثقًا في شعب الإيمان والحكمة، واستشهد بمقاطع الفيديو التي تداولها العالم لرجلٍ وامرأةٍ لم يهزهما القصف الأمريكي، بل أصبحا أيقونةً لملايين اليمنيين، ووصفهما بقوله: «كأنها جبلٌ من جبال اليمن»، وأيضًا: «لا يبالون بصواريخك وقنابلك وقاذفاتك الاستراتيجية».
وقارن الرئيس موقف تلك المرأة اليمنية التي لم تهتز أمام خمس قنابل أمريكية، فيما ارتعد وخاف “ترامب” من طلقةٍ صغيرةٍ جنب أذنه.
وقال الرئيس متوعدًا المجرم: «سيُحاسب المجرم “ترامب” على كل ما فعله بحق المدنيين وبحق الأعيان المدنية، سواء بقي في الرئاسة أو خارجها»، مشيرًا إلى أن “ترامب” وقع في مستنقعٍ استراتيجي، مؤكدًا أن فترة حكمه الرئاسية لن تكفيه لتحقيق طموحاته.
وفي توضيحه للعالم أن الادعاءات الأمريكية بأن اليمن تشكل خطرًا على الملاحة الدولية وتؤثر سلبًا على الاقتصاد العالمي، قال الرئيس موضحًا:
«لا نشكل خطرًا على أحد إلا على “الإسرائيلي” و”الأمريكي” لعدوانه على بلدنا ودعمه للكيان الصهيوني».
وفي خطابه للداخل اليمني:
– «بلغني أن هناك تحركًا قبليًّا لكثير من القبائل على أساس أن تعمل كل قبيلة وثيقةَ شرفٍ ضد الخونة. أما في القانون والدستور فالعقوبة واضحةٌ، وهي الإعدام».
– وحذَّر المتخاذلين بقوله: «القوات المسلحة ترصد التحركات وتستعد لأي سيناريوهات محتملة. لدينا كل مقومات القوة بعد الله: قوة القائد، وقوة الشعب، وعدالة القضية».
– وعبر الرئيس عن شكره واعتزازه بكثير من الشخصيات اليمنية النزيهة التي سجلت بمواقفها الشريفة موقفَ الأحرار، واصفًا إياهم بـ«الجبال»؛ بدأَسهم بأقدامهم كلَّ المحاولات والإغراءات، وهم يعرفون أنفسهم، مُثمِّنًا المواقف الشريفة.
وخاطب الرئيس الشعبَ اليمني:
«قبل كل نصرٍ يأتي زلزلةٌ حتى يُميز الله الخبيثَ من الطيب، وسيأتي النصر بعدما يتطهر هذا الثوب النقي الطاهر بالشكل الذي يليق بالنصر». وأعتقد أنه أراد أن يقول لهم: الصبرُ والتمسكُ بالثوابت الوطنية والوقوفُ خلف القيادة والثقةُ بنصر الله هي من أهم متطلبات النصر في ظل الوضع الحالي.
أما على الصعيد الدولي:
أكد الرئيس –حفظه الله– أن هناك اتصالاتٍ ومحاولاتٍ لتجنيب توريط بعض الأنظمة العربية وكثيرٍ من القوى في الانخراط إلى جانب دول العدوان. كما بارك الرئيس التقارب الإيراني مع الخصوم، قائلًا: «ندعم الدبلوماسية الإيرانية في السعي لحلحلة مشاكلها مع خصومها، كما دعمناها وشجعناها وباركنا لها نجاحها مع السعودية».
وخاطب المشاط الشعبَ الأمريكي:
«على الشعب الأمريكي أن يدرك أن “ترامب” جلب لهم العارَ والخزيَ والخسارةَ مقابل لا شيء. والآن بذورُ السخط عليكم في قلوب العالم جميعًا بسبب قرارات هذا الأرعن الأخرق. فليقولوا له: لا، وإلا يتحملوا التبعات».
وقال في اجتماعه مع مجلس الدفاع الوطني: «”ترامب” لم يحقق شيئًا في اليمن سوى قتل المدنيين، وانحدار سمعة أمريكا بسبب تهوره، وأحرق كل الأوراق لدى أمريكا مثل حاملة الطائرات، والقاذفة الاستراتيجية، والمنظومة الكهرومغناطيسية».
نتائج الضربات الأمريكية على اليمن:
ذكر الرئيس أنه على المستوى العسكري: «لم نتضرر بنسبة 1% في كل ما عمله الأمريكي، وكانت المجازر كلها مدنيةً وأعيانًا مدنيةً».
وتابع: «وتجاوز رجالنا في عشرة أيامٍ منظومةَ الاعتراض “الكهرومغناطيسي” التي كان الأمريكي يهدد بها روسيا والصين».
وخاطب الدول المناوئة لأمريكا: «لكل المناوئين للأمريكي: الفرصة مواتية لكم»، مذكرا أمريكا بأن هناك من ينتظر سقوطها، وكذلك يذكِّر “ترامب” بأن هناك معركةً قادمة… وقال أيضا: «مددوا ولا تبالوا».
وفي الختام، صرح الرئيس: «إن مركز العمليات الإنساني سيعلن شركات الأسلحة وشركات النفط الأمريكية ضمن العقوبات»، أي إن هناك تصعيدا ضمن خطوات تصعيدية تفوق تفكير أمريكا و”إسرائيل