ألكسندر عون يكتب: مستقبل أرمينيا
تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT
الخبير تيجران يجافيان: أذربيجان تمارس نفوذها على روسيا عقب اتفاق يتحايل على العقوبات الدولية المفروضة على موسكو
تيجران يجافيان باحث بمركز الاستخبارات الفرنسي (CF2R) وهو مؤلف كتاب الجغرافيا السياسية لأرمينيا، وشارك مع إيريك دينيسيه في وضع كتاب كاراباخ العليا.. هنا، في لقاء حصري مع "لوديالوج" نتناول فيه الصراع بين أذربيجان وأرمينيا في ناجورنو كاراباخ.
لوديالوج: لماذا يتصاعد الصراع مجددا بين أذربيجان وأرمينيا في ناجورنو كاراباخ؟
تيجران يجافيان: لقد شهدنا عدة درجات من الصراع، الأول حرب الـ٤٤ يومًا عام ٢٠٢٠، ثم حرب هجينة التي أسفرت عن جميع أنواع المضايقات السياسية التي تهدف إلى جعل الحياة اليومية للأرمن مستحيلة وأصبحت المعيشة هناك تتأرجح ما بين انقطاع للغاز وتآكل للأراضي واغتيالات تستهدف الفلاحين، وأخيرًا هذا الحصار الذي هو سلاح حرب حقيقي منذ نوفمبر الماضي، إن ما حدث في ١٩ سبتمبر كان بمثابة الضربة القاضية.
لوديالوج: لقد أعلنت منذ فترة أن روسيا هي الضامن الوحيد لأمن أرمينيا، لماذا تسمح موسكو بحدوث العدوان الأذربيجاني؟ وماذا عن الحرب في أوكرانيا؟ هل هناك اتفاق ضمني مع أنقرة أم بسبب الحكومة الأرمنية التي تصر على التوجه الدائم نحو الولايات المتحدة؟
تيجران يجافيان: يأتي الهجوم في ناجورنو كاراباخ في سياق محاولة إضعاف روسيا وزيادة الاعتماد بشكل خاص على أذربيجان، ومن المفترض أن تكون أرمينيا وروسيا حليفتين في إطار منظمة معاهدة الأمن الجماعي.
ولكن الذي بدا واضحًا أنه منذ الثورة المخملية هناك تقارب بين أرمينيا والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، الأمر الذي يثير غضب موسكو إلى حد كبير، وسبب التخلي عن الروس لا يكمن في هذه المناورة الأرمينية ولكن في الترابط المتزايد بين أذربيجان وروسيا وتركيا. يمكننا أن نتحدث عن التنسيق الروسي التركي والروسي الأذربيجاني. حيث إن روسيا وتركيا في تعاون تنافسي في القوقاز كما أنهما يتفقان على رفض الغرب.
وتوصلت روسيا وأذربيجان إلى اتفاق يمكنهما من التحايل على العقوبات الدولية المفروضة على روسيا عبر صادرات المواد الهيدروكربونية التي تمر عبر الأراضي الأذربيجانية. وهذا يفسر إلى أي مدى تمارس أذربيجان نفوذها على روسيا وموسكو مستعدة للتخلي عن الأرمن في سياق تسعى فيه إلى معاقبة التقارب الأرمني الغربي والتصديق على نظام روما الأساسي.
لوديالوج: ماذا عن الدور الذي تلعبه تركيا أردوغان في هذا الصراع؟
تيجران يجافيان: مثلما هو الحال دائمًا تلعب تركيا دورها، فهي تنوي ترسيخ هيمنتها في محيطها الإقليمي المباشر. إن ما تمارسه في القوقاز هو لعبة إمبريالية جديدة حيث تشترك مع روسيا في مناطق النفوذ. وهو ما يندرج مع الصورة الأوسع لما يحدث في سوريا وأيضًا في ليبيا. وتريد تركيا بالتأكيد الحصول على هذا الممر الذي يتجاوز الحدود الإقليمية والذي سيمر عبر جنوب أرمينيا لربطها بأذربيجان ويصبح مركزًا ومنصة عبور للمواد الهيدروكربونية والأسلحة الأذربيجانية والتركية وأيضًا منصة بين بحر قزوين والغرب. ما يهمها هو استغلال أرمينيا اقتصاديًا بجعلها مستعمرة اقتصادية بالاضافة الي إنشاء كيان إقليمي حقيقي مع أذربيجان.
لوديالوج: لماذا يقلق الأوروبيون من مصير أرمينيا أكثر من قلقهم من مصير أوكرانيا؟
تيجران يجافيان: لا شك أن مصير أرمينيا يقلق الغربيين لأنه اختبار لديمقراطياتنا فنحن نتحدث عن الديمقراطية الوحيدة في القوقاز. لذا فإن التنازل عن الديمقراطية الأرمينية على مذبح الحسابات المالية والغاز يشكل رسالة سيئة لأوروبا لانه سيغذي التطرف الشعبوي الوطني وسيحول المنطقة إلى أفغانستان حقيقية لأننا سنقوم بالهدم والقضاء على كل آثار المسيحية الأرمينية بتراثها الذي يعود إلى قرون. الأمر الذي يزيد من خطورة ما يحدث في ظل لامبالاة الدول الغربية.
لديالوج: إسرائيل في الواقع تدعم الأذريين أي تدعم إبادة جماعية حقيقية وجديدة للأرمن لأسباب استراتيجية (ضد إيران)، وبصرف النظر عن الخطأ الأخلاقي الكبير الذي ترتكبه دولة مثل دولة إسرائيل ألا يشكل هذا خطأ استراتيجيًا طويل الأمد؟
تيجران يجافيان: تتصرف إسرائيل باستهانة شديدة باسم السياسة الواقعية، إن السلطة الإسرائيلية لا تهتم بالأخلاق مما يخلق شعورًا مؤلمًا بين الشتات الأرمني وفي أرمينيا. وهذا شىيء مؤسف. ولا تدرك إسرائيل أنها بمساعدة أذربيجان مقابل البترول ومقابل إقامة قاعدة خلفية ضد إيران فإنها بذلك تغذي تركيا. علي إسرائيل إدراك خطورة أفعالها وأن يدرك قادتها أنهم شاركوا فعليًا وبشكل صريح في التطهير العرقي واستكمال الإبادة الجماعية. هناك سؤال أخلاقي يفرض نفسه حول ما فعلته إسرائيل والذي لا يمكن إصلاحه بخصوص تدمير ناجورنو كاراباخ الأرمنية.
لوديالوج: ما رأيك في نتيجة هذه الدراما؟
تيجران يجافيان: أشعر بالقلق فنحن نعاني من فراغ أمني فليس هناك طريقة للتنظيم وليس هناك هيكل أمني، وسوف تملأ إيران وتركيا هذا الفراغ الأمني. لذا فإن الأمر أصبح يتعلق بالتنافس بين القوى الإقليمية التي لديها استراتيجية إمبريالية جديدة والتي تخوض صراعًا من أجل إعادة توازن القوى. لكن فيما يخص هذه القضية فان الأضعف والتى هي أرمينيا في هذه الحالة هو الذي سيدفع الثمن. ولهذا السبب، علينا أن ندرك أن أرمينيا تمر بأصعب اللحظات في تاريخها منذ استقلالها في عام ١٩٩١.
ألكسندر عون: صحفى فرنسى لبنانى متخصص فى قضايا الشرق الأوسط.. يكتب عن العلاقات التاريخية بين كاراكاس ودمشق، منذ عهد الرئيس الراحل هوجو شافيزا، وذلك بمناسبة استئناف الرحلات الجوية بين فنزويلا وسوريا بعد غياب لمدة 12 عاما.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الصراع بين أذربيجان وأرمينيا ناجورنو كاراباخ ألكسندر عون لوديالوج روسيا ناجورنو کاراباخ
إقرأ أيضاً:
خالد ميري يكتب: في انتظار الخطة العربية
نجحت مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي في فرض إرادتها من جديد.. في مواجهة محاولات إسرائيل التي لم تتوقف لتهجير الفلسطينيين من غزة وبعدها الضفة الغربية وتصفية القضية الفلسطينية، توقفت أمريكا عن الدفع لتفريغ غزة من أهلها وخرج وزير خارجيتها ليعلن أنّ أمريكا في انتظار الخطة العربية.
تحركت مصر بقوتها الدبلوماسية وثقلها السياسي لفرملة محاولات إعادة الحرب إلى غزة، ونجحت مع قطر في استكمال المرحلة الأولى للهدنة، حماس والفصائل تواصل الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين، وإسرائيل تفرج عن الفلسطينيين بالمئات، والأهم تفتح الباب لدخول المساعدات ومعدات إزالة الأنقاض وإعادة البناء إلى غزة، وفي نفس الوقت توقف الحديث الأمريكي ولو مؤقتا عن الإصرار على تهجير أهل غزة وتفريغها من سكانها وتحويلها لمنتجع سياحي أمريكي إسرائيلي مع حرمان أصحاب الأرض والحق من العودة لبيوتهم.
السياسة المصرية والالتفاف العربي حولها يقودنا إلى قمة عربية نهاية هذا الشهر في القاهرة وقبلها قمة خماسية في الرياض، القادة العرب يبحثون الاتفاق على خطة لإعمار غزة ورفض كامل للتهجير، على أن يتم إعلان الخطة العربية للعالم في قمة القاهرة الطارئة.. التي سيعقبها لقاء قمة لوزراء خارجية الدول الإسلامية لتأييد الخطة العربية، نحن أصحاب القضية وأهل فلسطين أصحاب الحق ولا أحد يستطيع طرد صاحب الحق من بيته وأرضه.
إسرائيل التزمت بالمرحلة الأولى من الهدنة ولكنها تحاول إطالة أمد المرحلة الأولى، وتحاول التملص من المرحلتين الثانية والثالثة والعودة للحرب من جديد، وتجد في الدعم الأمريكي المفتوح لخططها الصهيونية للتهجير القسري فرصة ذهبية لتحقيق أطماعها التوسعية وضرب عرض الحائط بأى قانون دولي أو التزام بالسلام، إسرائيل تريد الآن القضاء على حماس وتفريغ غزة من سكانها، في نفس الوقت الذي تواصل فيه حربها للتطهير العرقي في الضفة الغربية وترفض الالتزام بأي اتفاق للخروج من لبنان في الموعد المحدد، تريد البقاء في خمسة أماكن بلبنان وترفض حتى العرض الفرنسي بوجود قوات دولية مكان قواتها، التبجح وغرور القوة وصل إلى أقصاه.
مصر القوية الواثقة أعلنتها بكل قوة: لا للتهجير ولا لتخصيص أرض مصرية للفلسطينيين، الأرض المصرية للمصريين عليها يعيشون ومن أجلها ضحوا بالدم أغلى ما يملك الإنسان.. والأردن ملتزمة بالموقف المصري ولن تمنح جزءا من أراضيها القليلة لأحد، والسعودية استنكرت ومعها العرب حديث إفك نتنياهو عن الحصول على جزء من أرضها للفلسطينيين، هذا التفاف على الحقوق والتاريخ والجغرافيا والقوانين الدولية، الفلسطينيون يعيشون فوق أرضهم ومن أجلها ضحوا بكل غالٍ ونفيس ولن يستطيع أحد إخراجهم منها ولن تحصل إسرائيل على مطامعها، فالحق فوق القوة والحق ينتصر في النهاية.
العالم يترقب القمتين العربية والإسلامية، ودول العالم الحرة أعلنت قبلهما تأييدها لرفض التهجير وللحقوق الفلسطينية، وأوروبا تسير بعيدا عن أمريكا ومخططاتها لخدمة الصهيونية، بل وثلثا أعضاء مجلس النواب من الديمقراطيين رفعوا عريضة لترامب برفض خطط التهجير وتقويض فرص السلام الحقيقي في الشرق الأوسط، وشعوب العالم كلها وفي مقدمتها الشعب الأمريكي مساندة للصمود والحقوق الفلسطينية وضد حرب التطهير العرقي الصهيونية، هذه لحظة من لحظات كتابة التاريخ والموقف العربي الموحد بقيادة مصر قادر على فرض رؤيته للسلام والدفع لإعلان الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.
تعيش المنطقة على أطراف أصابعها ويعيش العالم واحدة من لحظاته العصيبة، فإما تنتصر إرادة السلام وإما نعود للحرب وسفك دماء الأبرياء، حرب سيخسر فيها الجميع وأولهم إسرائيل التي تظن نفسها -وكل ظنونها إثم- أنّها فوق القانون وفوق الأمم وفوق مقررات التاريخ ودروس الجغرافيا.
نقابة الصحفيين:
بدأت انتخابات نقابة الصحفيين لاختيار نصف أعضاء مجلس النقابة والنقيب، انتخابات بدأت ساخنة بحروب سوشيال ميديا، ودعوتي أن تتوقف هذه الحروب فورا، فحال الصحافة في مصر كما هو في العالم يستدعي وحدة الصف للحفاظ على المهنة السامية في مواجهة تحديات وجود.
عشت داخل جدران النقابة 12 عاما كاملة منحني خلالها الزملاء أعلى الأصوات في الانتخابات، وأشرفت على معظم الملفات من الإسكان لأمانة الصندوق ورئاسة لجنتي القيد والتحقيق 8 سنوات، والنقابة كانت وستظل بيتي كما هي بيت جميع الصحفيين، والحفاظ على وحدتنا فرض في ظل أوضاع صعبة وتحديات قاسية، والصحفيون أحرار سيختارون من يريدون بحرية كاملة، فهذه نقابتنا وهذا سلو نقابتنا.