شبكة معقدة .. أنفاق حماس تحت أرض غزة
تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT
يقول خبراء إن أي غزو بري إسرائيل ضد قطاع غزة سيكون صعبا ومكلفا
يرى خبراء عسكريون أن شبكة الأنفاق التي بنتها حماس من المرجح أن تشكل أحد أكبر التحديات أمام الجيش الإسرائيلي في حالة المضي قدما في شن غزو وتوغل بري في قطاع غزة.
وبخلاف شبكة منشآت كوريا الشمالية المبنية تحت الأرض، يُعتقد أن حماس، التي ادرجتها الولايات المتحدة وألمانيا والاتحاد الأوروبي ودول أخرى على قائمة الإرهاب، تدير أكبر شبكة أنفاق في العالم.
وفي ذلك، يرى جون سبنسر، رئيس قسم دراسات حرب المدن في معهد الحرب الحديثة في الأكاديمية العسكرية الأمريكية "ويست بوينت"، أن حجم "التحدي في غزة في ظل وجود أنفاق تحت الأرض يعد فريدا من نوعه". وفي مقال نشره قبل أيام، أضاف سبنسر، الضابط السابق في الجيش الأمريكي، أن شبكة الأنفاق الكبيرة والمتوسعة تعد مشكلة "لا يوجد لها حل مثالي وهو ما ينتظر القوات البرية الإسرائيلية."
ويعتقد أن شبكة الأنفاق تضم 1300 نفق يبلغ طولها حوالي 500 كيلومتر فيما يصل عمق بعض الأنفاق إلى 70 مترا تحت الأرض فيما تشير تقارير إلى أن معظم هذه الأنفاق يبلغ ارتفاعها مترين فقط وعرضها مترين.
ويقول الخبراء إنه من المحتمل أن يتواجد مائتي رهينة تمكنت حماس من احتجازهم بعد الهجوم الإرهابي على إسرائيل في السابع من أكتوبر / تشرين الأول داخل هذه الأنفاق ، فيما يرجح أنها مكان لتخزين الأسلحة والمواد غذائية والمياه والوقود. ويعتقد باحثون عكفوا في السابق على دراسة شبكة أنفاق حماس أن بعض قادة الحركة يتمركزون داخل هذه الأنفاق.
ويقول الخبراء إن هذه الأنفاق ستزيد من تعقيد سيناريو القتال في حالة قيام إسرائيل بشن توغل بري يستهدف القطاع، حيث قال سبنسر إن هذه الأنفاق تسمح "للمقاتلين بالتنقل بين مجموعة مواقع قتالية مختلفة بأمان وحرية".
وفي هذا السياق، قال مايك مارتن، المتخصص في علم نفس الحرب في جامعة "كينغز كوليج" بلندن، "باختصار، تحقق هذه الأنفاق التوازن حيث تحيد المزايا التي تتمتع بها إسرائيل من التسليح والتكتيك والتكنولوجيا والتنظيم إلى جانب مخاطر عدم القدرة على التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية وهو الذي يجب الالتزام به بموجب القانون الدولي. لذا فإن الجيش الإسرائيلي يواجه مشاكل فيما يتعلق بالعمليات العسكرية داخل مناطق مدنية ما يمكن وصفه بقتال ثلاثي الأبعاد".
موضحا ما يقصده بقتال ثلاثي الأبعاد، بقوله "سيكون هناك عناصر تطلق النار من أعلى من الأبراج السكنية وهناك عناصر تطلق النار من تحت الأرض. وفي حالة تدمير مبنى، فسيتحول بعد ذلك إلى كومة من الأنقاض والتي ستصبح على إثر ذلك أمرا مُدمرا للغاية بمعنى مكان من السهل لأي مسلح أن يدافع ويطلق النار منه. القتال في المدن هو من أصعب التضاريس التي يمكن أن يواجهها أي جيش".
العثور على أنفاق حماس
كانت الأنفاق في قطاع غزة في بدايتها تهدف إلى تهريب البضائع من وإلى القطاع ومصر، لكن بمرور الوقت وبسبب زيادة عمليات المراقبة الجوية الإسرائيلية بالطائرات المسيرة وغيرها من معدات التجسس الإلكترونية في غزة، بدأت حماس في توسيع شبكة الأنفاق، لكن الجيش الإسرائيلي لم يكتشف خطر وتعقيد هذه الأنفاق إلا بعد العملية العسكرية في غزة عام 2014.
وعقب ذلك، بدأت الحكومة الإسرائيلية في إنشاء حاجز حدودي تحت الأرض على طول حدود غزة لمنع التسلل إليها عبر الأنفاق.
ويقول خبراء إنه من الصعب تحديد مواقع الأنفاق حيث أنها ربما مشيدة تحت مختلف المباني، لكن هناك طرق مختلفة لتحديدها مثل استخدام الرادار وتقنيات لقياس البصمات المغناطيسية والحرارية والصوتية. بيد أنه في أغلب الأحيان يتم الكشف عن هذه الأنفاق عن طريق البحث البشري، وفقا لما أفاد به "مركز راند للأبحاث" في مؤتمر عام 2017 حول هذه القضية.
ويقصد بالبحث البشري في هذه الحالة – وفقا لمركز راند – القيام بدوريات لتحديد موقع الاختفاء المفاجئ لإشارة هاتف أحد نشطاء حماس الذي يتم تعقبه عندما يتجه صوب الأنفاق.
عمدت الحكومة الإسرائيلية إلى أنشاء حاجز حدودي تحت الأرض على طول حدود غزة لمنع التسلل إليها عبر الأنفاق
القتال داخل الانفاق؟
وفي كتابها "حرب تحت الأرض"، قالت دافني ريتشموند باراك، التي تعد من أكثر الخبراء دراية بهذا المجال، إنه كان يتم استخدام الغاز المسيل للدموع أو مواد كيميائية للقضاء على الأنفاق، لكن هذه الطرق باتت غير قانونية في الوقت الراهن.
ويقول خبراء إنه يمكن قصف هذه الأنفاق فيما تمتلك إسرائيل ما يُعرف بـ "القنابل الخارقة للتحصينات" المخصصة لاختراق باطن الأرض، لكن في ضوء أن طول قطاع غزة يبلغ حوالي 40 كيلومترا وعرضه ما بين 6 و14 كيلو مترا فيما يبلغ عدد سكانه 2.2 مليون، فإن القطاع يعد من أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم، فمن الصعب أن يكون هذا الخيار ممكنا حتى في حالة تحديد إسرائيل مواقع الأنفاق.
وذكر الباحثون في مؤسسة راند أن إسرائيل استخدمت في السابق ما يُعرف بـ "قنابل دقيقة التوجيه" بهدف إغلاق هذه الانفاق، لكنها لم تحقق نجاحا كبيرا.
ويقول الباحثون إنه من الصعب القتال داخل هذه الأنفاق نظرا لأنها شديدة الظلمة والبرودة فضلا عن قدرتها على تضخيم أصوات نيران الأسلحة فيما يؤدي استخدام الأسلحة داخلها إلى إثارة الغبار كما يمكن أن تكون هذه الأنفاق مفخخة.
مختارات مظاهرات مؤيدة لإسرائيل وفلسطين في عدة مدن ألمانيةوفي ضوء هذه المخاطر، لم يكن يُسمح في الماضي لجنود الجيش الإسرائيلي بدخول الأنفاق إلا بعد تأمينها من قبل فرق متخصصة.
ومنذ عام 2014، نشر الجيش الإسرائيلي وحدات خاصة للقتال في الأنفاق حيث يتم تدريبها في بيئات محاكاة للوضع داخل الأنفاق فيما تضم هذه الوحدات عناصر مدربة على استخدام أجهزة استشعار مخصصة لمعرفة ما يحدث في الأنفاق وعناصر متخصصة للقتال في الأنفاق مع استخدام روبوتات وكلاب.
فرص النجاح؟
وأشار جون سبنسر إلى أنه لم يسمع في السابق قيام جيش بهذا القدر من التدريبات على حرب الأنفاق مثل الجيش الإسرائيلي.
لكن ريتشموند باراك كتبت في تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" أن إسرائيل"سوف تحتاج إلى الانخراط في عملية جوية وبرية طويلة الأمد وواسعة النطاق لتدمير هذه البنية التحتية تحت الأرض. حتى هذا السيناريو الذي قد يتسبب في خسائر بشرية كبيرة، من غير المرجح أن ينجح في تدمير شبكة أنفاق غزة بالكامل".
ويتفق مايك مارتن على أن هذه الأنفاق ستشكل تحديا كبيرا، قائلا "رغم امتلاك إسرائيل كافة الطرق الذكية مثل الرادار والمعلومات عن البيانات الاهتزازية التي يمكن استخدامها للكشف عن الأنفاق، إلا أني أحذر من أمر واحد يتمثل في وجود فجوة في جهاز جمع المعلومات الاستخبارية الإسرائيلي. لقد أخطأوا في تقدير هجوم بحجم ما قامت به حماس في السابع من أكتوبر / تشرين الأول".
وفي مقابلة مع DW، أضاف "هذا يخبرنا أن لديهم بعض النقاط المخفية حيث يبدو أنه في ظل أن إسرائيل كانت لديها فجوة في المعلومات، فإنها لن تعرف حقا ما تنوي حماس فعله أو كيف تنوي الدفاع عن غزة أو خططها الأخرى. لذا يبدو أن هناك علامات استفهام كبيرة حيال ما تعرفه إسرائيل وما لا تعرفه".
ويذكر أن حركة حماس هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.
كاثرين شير / م. ع
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: حماس اسرائيل قطاع غزة الصراع بين حماس وإسرائيل حماس اسرائيل قطاع غزة الصراع بين حماس وإسرائيل الجیش الإسرائیلی هذه الأنفاق تحت الأرض أنفاق فی قطاع غزة فی حالة
إقرأ أيضاً:
لازاريني: 80% من قطاع غزة مناطق خطرة وعملية إيصال المساعدات أصبحت معقدة
غزة - صفا
قال مفوض وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، فيليبي لازاريني، إن 80% من قطاع غزة أصبحت مناطق عالية الخطورة، حيث يُجبر الاحتلال الإسرائيلي المواطنين المحاصرين شمالي قطاع غزة على النزوح في ظل انعدام الأمان، وعدم توفر مكان يلجؤون إليه.
وأضاف لازاريني في تصريح صحفي، يوم الخميس، أن "المواطنين شمال غزة يعيشون تحت حصار مشدد، وحرمهم الاحتلال الإسرائيلي من المساعدات الإنسانية لأكثر من 40 يومًا حتى الآن".
وأشار إلى أن عملية إيصال القليل من المساعدات التي يُسمح بدخولها في جميع أنحاء غزة، أصبحت معقدة للغاية.
وأوضح لازاريني، أن 7 مخابز تعمل فقط في غزة، من أصل 19 مدعومة من الجهات الإنسانية، لافتًا إلى أن 3 مخابز تعمل بكامل طاقتها في دير البلح وخانيونس، لكنها مهددة بنفاد الطحين خلال أيام قليلة.
ولفت إلى أن نقص الوقود في محافظة غزة، تسبب في خفض الإنتاج بنسبة 50%، أما في شمال غزة المحاصر ورفح، لا تزال المخابز مغلقة.
وشدد على أن تأخر وصول الوقود والطحين يؤدي إلى تفاقم الأزمة، مما يترك عددًا لا يحصى من المواطنين دون الحصول على الخبز.
وطالب لازاريني باتخاذ إجراءات عاجلة لتلبية احتياجات المواطنين الملحة في قطاع غزة.
ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي، لليوم الـ48 على التوالي، حرب الإبادة الجماعية والحصار الخانق وسياسة التجويع وارتكاب المجازر شمالي قطاع غزة، إلى جانب عمليات القصف المدفعي والجوي، ونسف وتدمير المباني السكنية.
ويعاني المواطنون المحاصرون شمالي القطاع أوضاعًا إنسانية وصحية كارثية، في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي، ومنع إدخال المساعدات، بالإضافة إلى منع طواقم الدفاع المدني والإسعاف من ممارسة عملها في انتشال الشهداء وإنقاذ حياة الجرحى.
ومنذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، ارتكب جيش الاحتلال بدعم أمريكي مطلق إبادة جماعية بقطاع غزة، خلفت أكثر من 147 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.