يتعرض البشر والحجر والشجر فى غزة إلى التدمير بالقصف العشوائى اليومى المدمر للقضاء على كل مظاهر الحياة والحضارة والحاضر والذاكرة الوطنية بشكل انتقامى غير مسبوق. 

وفى هذا السياق يطالب خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار المنظمات المعنية بالتراث، "اليونسكو" منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، "الألكسو" المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، "الإيسيسكو" منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة، بالتدخل للاضلاع بمسئوليتها عن حماية التراث الإنسانى بغزة بعد قصف كنيسة برفريوس الأثرية الأرثوذكسية فى غزة فى ليلة 19 أكتوبر الجارى مما أسفر عن انهيار لقاعتين فى الكنيسة، كما تم قصف مسجد عماد عقل بمخيم جباليا شمال غزة 21 أكتوبر وتدميره بالكامل، وباقى المواقع الأثرية بغزة مهددة لتعرضها للقصف الوحشى.


ويشير الدكتور ريحان إلى معالم غزة الأثرية من خلال دراسة بحثية شارك فيها المهندس عطية أبو حية وحسام عواد من الجامعة الإسلامية بغزة والمهندس شريف شراب من تيلفزيون فلسطين بغزة 
ويضم قطاع غزة محافظات غزة وخان يونس ورفح ودير البلح والنصيرات والمغازي وبيت لاهيا وبيت حانون وجباليا، وهى أقدم مدن العالم، أسسها العرب الكنعانيون فى الألف الثالثة قبل الميلاد وسموها غزة، وأطلق عليها العرب غزة هاشم سماها الكنعانيون (هزاتي)، والمصريون القدماء (غازاتو) و(غاداتو) والآشوريون (عزاتي) وقد جاء في المعجم اليوناني أنها أعطيت في العصور المختلفة عدة أسماء منها (أيوني) و(مينودا) وقسطنديا، ولكن "غزة" احتفظت باسمها العربي التى ما زالت تحمله حتى الآن لتأكيدًا لعروبتها وأصالتها، وتحررت غزة من الاحتلال الإسرائيلي عام 1994 ودخلت تحت السيادة الوطنية الفلسطينية، وغزة هي مسقط رأس الإمام الشافعي رضي الله عنه صاحب أحد مذاهب الإسلام الأربعة.

ويتابع الدكتور ريحان أن مدينة غزة تقع على خط طول 34 درجة وخط عرض 31 درجة وتعتبر بوابة آسيا ومدخل أفريقيا بحكم الموقع الجغرافي بين مصر وبلاد الشام، وكانت غزة عبر التاريخ نقطة مواصلات ومحطة قوافل وبالتالي مركزًا تجاريًا عالميًا، ترتفع 45 م فوق مستوى سطح البحر، يحيط بها سور له عدة أبواب من جهاته الأربع.

ويضيف الدكتور ريحان أن أقدم آثار غزة بمدينة دير البلح وتمثل مجموعة من التوابيت المصنوعة ذات أغطية الوجوه المتحركة يعود تاريخها إلى العصر البرونزي المتأخر والمنسوب إلى ما يسمى بملوك الفلسطينيين، ويعود تاريخ المقبرة المكتشف بها التوابيت إلى الفترة ما بين القرن الرابع عشر إلى عام 1200 قبل الميلاد.

ويعد تل العجول بجنوب غزة من أهم المواقع الأثرية وتقوم عليه مدينة بيت جلايم الكنعانية، كشف به عن قبور دفن الخيل بجوار صاحبه، وخمسة قصور ضخمة قام بعضها فوق بعض، أقدمها  يعود إلى 3000 ق.م.، وقد وجد فيه غرفة حمام رحبة وقصر واحد يعود إلى زمن الأسرة المصرية الثامنة عشر 1580-1350 ق.م، وبقية القصور تعود إلى زمن الأسر الثانية عشر والخامسة عشر والسادسة عشر، وتضم الأبلاخية ميناء غزة في العصرين اليوناني والروماني ومدينة الزهور ومقبرة بيزنطية وأسوار من الطوب اللبن وأسوار من الحجر الرملي، وهناك مقبرة رومانية في جباليا.

كما أكتشفت بغزة أرضيات فسيفسائية قرب ميناء غزة 1966، يزينها رسوم حيوانية وطيور وكتابات، يرجع تاريخها إلى بداية القرن السادس الميلادي.

ويوضح الدكتور ريحان أن دخول المسيحية غزة كان عام 250م وتأسست بها أسقفية مسيحية تحت حكم القديس بورفيريوس بين عام 396 – 420 م، وبنيت كنيسة القديس برفيريوس التى تم قصفها عام 425 م فوق معبد وثني خشبي، وسميت الكنيسة نسبة إلى القديس برفيريوس الذي دفن فيها، الذى جاء إلى فلسطين من مدينة سالونيك في اليونان عام 395 م.

تخطيط الكنيسة من الخارج على هيئة سفينة ترمز إلى طوق النجاة، مساحتها 216م، وقسّمت من الداخل إلى صالة تنتهى بالهيكل.  

ويزين تيجان الأعمدة النقوش الكورانثية وزهرة اللوتس، وسقف الكنيسة مزخرف برسومات من العهد القديم والعهد الجديد وتلاميذ السيد المسيح، وبشارة المسيح، وموت العذراء مريم، وصعود المسيح إلى السماء، وعلى الجدران أيقونات تقص حكايات القديسين كالقديسة هيلانة وابنها قسطنطين.

وينوه الدكتور ريحان إلى الآثار الإسلامية بغزة وهى متنوعة منها الدينية والمدنية والتجارية والحربية والخيرية، وتضم غزة الجامع العمري الكبير أقدم وأكبر مساجدها بجوار السوق القديم بوسط غزة، مساحته 4100 متر مربع، يضم 38 عامود سمي بالجامع العمري نسبة إلى الخليفة عمر رضي الله عنه، أنشأ له السلطان (لاجين) سلطان المماليك بابًا ومئذنة سنة 697هـ / 1281م· وقام بتوسعته الناصر محمد، وعمّر في العهد العثماني، ويمتاز المسجد العمري باحتوائه على مكتبة هامة أنشأها الظاهر بيبرس البندقداري تضم 132 مخطوطة  أقدمها يرجع إلى عام 920هـ.

وبغزة مسجد السيد هاشم وبه ضريح السيد هاشم بن عبد مناف جد رسول الله محمد "صلى الله عليه وسلم" الذي توفي في غزة أثناء رحلته التجارية، وقد أنشىء المسجد على يد المماليك، وسميت مدينة غزة "بغزة هاشم"  نسبة إليه.


ومسجد النصر في بيت حانون شمال غزة، يرجع تاريخه إلى (637هـ) ويعتبر هذا المسجد النموذج الفريد المتبقي من مساجد العصر الأيوبي والذي أقيم تخليدًا للانتصار الذي حققه الأيوبيون على الصليبيين ومسجد المغربي بحي الدرج، وجامع المحكمة البردبكية أسسها الأمير بردبك الدودار سنة 859هـ أيام الملك الأشرف أبو النصر إينال، وجامع الشيخ زكريا بحي الدرج أنشىء في القرن الثامن الهجري ولم يبق منه سوى المئذنة، وجامع كاتب الولاية بحي الزيتون ويعود إلى العصر المملوكي 735هـ/1334م ومما يميز هذا الجامع تجاور مئذنتة وجرس كنيسة الروم الأرثوذكس.
 

إيناس محمود ضمن أهم 10 مؤلفين الأكثر تأثيرا بالوطن العربي 50 عامًا على رحيل عميد الأدب العربي.. وزيرة الثقافة تشهد ندوة طه حسين

وجامع علي بن مروان بحي التفاح خارج سور مدينة غزة القديمة الشرقي،   ويعود إلى العصر المملوكي، وجامع ابن عثمان بحي الشجاعية كنموذج رائع للعمارة المملوكية بعناصرها المعمارية والزخرفية، ومسجد الظفر دمري بحي الشجاعية 762هـ/ 1360م واشتهر محليًا بالقزمري، ويعتبر مدخل هذا المسجد من أجمل المداخل التذكارية.

وهناك زوايا مثل الزاوية الأحمدية بحي الدرج أنشأها أتباع السيد أحمد البدوي في القرن 6هـ/14م، المتوفى بطنطا عام 657هـ 1276م، علاوة على المقامات مثل مقام دير البلح .

وأردف الدكتور ريحان بأن غزة تضم منشئات تجارية مثل سوق القيسارية أو سوق الذهب نسبة إلى تجارة الذهب فيه الذى يقع بحي الدرج ويعود إلى العصر المملوكي، وخان يونس أنشأه الأمير يونس النوروزي الدوادار 789هـ/ 1387م على شكل قلعة حصينة، وكان مقرًا لنائب غزة في العصرين المملوكي والعثماني، ومنشئات مدنية مثل قصر الباشا بحي الدرج يعود إلى العصر المملوكى.

ومنشئات خيرية مثل سبيل السلطان عبد الحميد بحي الدرج من  العصر العثماني في القرن 16م أنشأه بهرام بك بن مصطفى باشا وجدده رفعت بك لذا سمي سبيل الرفاعية كما جدد في عهد السلطان عبد الحميد الثاني سنة 1318هـ لذا أطلق عليه سبيل السلطان عبد الحميد. وهو عبارة عن دخلة يتقدمها عقد مدبب على جانبيه مكسلتين، يتصدر الدخلة فتحات كانت مزودة بقصبات لسحب الماء من حوض السبيل لسقاية الناس
ومنشئات اجتماعية مثل حمام السمرة بحي الزيتون، ويعتبر أحد النماذج الرائعة للحمامات العثمانية في فلسطين وهو الحمام الوحيد الباقي بغزة.

ومنشئات عسكرية مثل قلعة دير البلح أنشأها عموري ملك القدس الصليبي ( 1162-1173م)، وقلعة برقوق 789هـ -1387م، وبقيت إحدى البوابات والمئذنة و أجزاء من سور القلعة شاهدة على عظمة هذا الأثر التاريخي الهام .

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: غزة الإيسيسكو الأرثوذكسية العصر المملوكي المنظمة العربية للتربية والثقافة اليونسكو بيت حانون حماية التراث الدکتور ریحان

إقرأ أيضاً:

بناء عشوائي فوق القبور يثير الغضب القنيطريين ومطالب بتدخل عاجل للسلطات (صور)

زنقة20ا الرباط

عبّر عدد من المواطنين عن استيائهم الشديد من ممارسات غير قانونية داخل إحدى المقابر الإسلامية بمنطقة “لاسيتي” بالقنيطرة، بعد إقدام أشخاص على تشييد أسوار إسمنتية حول قبور ذويهم، بطريقة تشبه المقابر الفرعونية، ما أثار تساؤلات حول قانونية هذه البنايات وسلامتها من الناحية الشرعية والإدارية.

وأكدت شهادات محلية أن هذه التصرفات تتم دون أي ترخيص، وفي غياب تدخل واضح من السلطات المحلية، وعلى رأسها القائد والمقدمين، رغم ما تسببه من فوضى داخل الفضاء العام المخصص للدفن.

وأفاد سكان الحي أن بعض الأسر عمدت إلى “تسييج” القبور الخاصة بعائلاتها، ما أدى إلى إغلاق عدد من المسالك والمسارات التي تُستعمل عادة لزيارة الموتى، وهو ما حوّل المقبرة إلى فضاء شبه خاص، بدل أن تظل مفتوحة للجميع كما هو معمول به في المقابر الإسلامية.

واستنكر المواطنون هذا “التمييز المكاني” داخل المقبرة، مطالبين السلطات المعنية بفتح تحقيق فوري في هذه التجاوزات، وهدم كل البنايات العشوائية التي تم تشييدها دون سند قانوني، حماية لحرمة الموتى، وضماناً لحق الجميع في زيارة ذويهم في ظروف طبيعية تحفظ كرامة الأموات ومشاعر الأحياء.

 

القنيطرة

مقالات مشابهة

  • المنظمات الأهلية الفلسطينية تحذر من دخول غزة مرحلة غير مسبوقة من التدهور الإنساني
  • جلسة عمل خاصة بموظفي التوجيه والإرشاد المدرسي والمهني
  • دعا لتعزيز التعاون بين القطاع غير الربحي والجهات المعنية.. أمير منطقة الجوف يرأس اجتماع لجنة المسؤولية الاجتماعية بالمنطقة
  • والي الخرطوم يطالب المنظمات الدولية بتمليك الرأي العام جرائم المليشيا ضد المواطنين
  • "فيروز تغنت بها والري تحميها".. مشروعات عملاقة تحصن شواطئ الإسكندرية من الغرق والتآكل.. وسويلم: نتخذ إجراءات جادة لحماية 2600 متر من آثار المناخ
  • صور | آثار استهداف مبنى الهيئة العامة للشؤون البحرية بميناء الحديدة 21-10-1446 | 19-04-2025
  • بناء عشوائي فوق القبور يثير الغضب القنيطريين ومطالب بتدخل عاجل للسلطات (صور)
  • نائب رئيس تجمع قوى تحرير السودان: ادانة مجلس الامن للمليشيا خطوة جادة في منعها من ارتكاب المزيد من الانتهاكات
  • ضبط 5 أشخاص يبدو عليهما آثار تعاطى المواد المخدرة بالقليوبية
  • آثار المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مستشفى الخرطوم – فيديو