روجيه جارودي.. بين الحقيقة الدامغة وزيف الهولوكوست
تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT
حمد الناصري
وُلِدَ روجيه جارودي عام 1913 لعائلةٍ، لأم مسيحية وأبٍ مُلْحِد.. اعتنق البروتستانتية في سن مُبكرة من حياته، قِيْل في الرابعة عشرة من عُمره وقيل في العشرين من عُمره.. وفي سياق المَد النازي في ألمانيا، انضم روجيه إلى الحزب الشيوعي الفرنسي ولم يزل على المسيحية البروتستانتية.
وقف روجيه جارودي ضد التدخل السوفياتي في ألمانيا؛ فاعتبره بعض أعضاء الحزب الشيوعي، آنذاك، مُتطرفا يمينيا لأنه خالف توجهات حزبه، وخرج عن خط الحزب، وفي الغرب يتمّ تناول قضية المُفكر الفرنسي روجيه جارودي على أنها محطة من حياته الفكرية.
عُرف جارودي بإنكاره المحرقة النازية لليهود أو ما يسمى بالهولوكوست، وقد شكك في أطروحته في الهولوكست واستطاع إثبات نظريته بالأدلة والإثباتات التي لا ينفيها عقل إنسان وأسقط القناع عن تلك الكذبة التي فبركتها الجمعيات الصهيونية بدعم ومساعدة الأحزاب الحاكمة في أوربا وأمريكا وصدقها الناس لعقود ما بعد الحرب العالمية الثانية ورغم ذلك تمت مُحاكمته لكشفه كذبة إبادة ستة ملايين يهودي أو الهولوكست، وبالعِبْرية "هشوا" والتي يُقصد بها الاضطهاد النازي المُمنهج في إبادة اليهود، وكلمة ممنهج هنا تعبير عن نظام دولة النازية الألمانية ومن معهم من الحلفاء المُتعاونين لإبادة اليهود في أوروبا التي كانت أجزاء كبيرة منها تحت السيطرة الألمانية في الفترة من 1933 حتى 1945 وقد أقامت الولايات المُتحدة الأمريكية ذكرى الهولوكوست، واعتبرت حقبة1933 حتى 1945. هي فترة الهولوكست.
ويرون أن أدولف هتلر والحزب النازي الألماني شُركاء في المحرقة اليهودية. هشوا. أو الكارثة Shoah.
واعتبر جارودي معاديًا للسامية حين قدم كتابه "الأساطير الموسّسة للسياسة الإسرائيلية" وترجم في 23 دولة إلى أنّ "الليغرا او الرابطة الدولية لمناهضة العنصرية ومعاداة السامية" اعتبرت فكر جارودي السليم وتحليله المنطقي مُعاداة للسامية، لأن جارودي، حذّر في كتابه من خطر حرب كونية يشعلها اللوبي العالمي، وفنّد بأنّ الخطر يكمن في الأساطير التي قامت عليها دولة إسرائيل، وأثارت دعوته الصريحة إلى بحث علمي دقيق في الرقم الذي ادعاه منظرو الهولوكوست وهو 6 ملايين ضحية من اليهود. كما انتقد روجيه جارودي، سياسة إسرائيل وغزوها للبنان عام 1982 والذي أسفر عن 20 ألف قتيل. ونشرت صحيفة لوموند الفرنسية مقالا لجارودي ينتقد فيه الوحشية الإسرائيلية للبنان.
ولتلك الأسباب رأت مجموعة " الليكرا" مقاضاته ومحاكمته، لمجرد تشكيكه في عدد ضحايا الهولوكست، وبسبب مُناهضته للسياسة الإسرائيلية، ولأن الدعوى رُفضت في بداية الأمر، وتجددت في 1996م بناءً على تبني فرنسا لقانون "فابيوس جيسو" القاضي بتجريم أفعال تنم عن عنصرية مُناهضة للسامية ومعاقبة الآراء التي تحض على الكراهية العرقية.
ورغم أن جارودي قال عن محكمة نورمبرج، إنها آخر عمل حربي للحلفاء، وإن الدول المنتصرة جعلتها كمرجع نهائي أو مطلق للحقيقة التاريخية.. والحقيقة أن تلك المحكمة لم تُستخدم إلا لإدانة الأشخاص والأفكار التي يرونها مُعادية للسامية فيتهمونها بالعنصرية العرقية.
وفي عام 1998، صادر الغرب المُتحرر حرية الفكر السليم وتمت مُحاكمة الكاتب روجيه جارودي، بسبب تشكيكه فقط في مزاعم وادعاءات المحرقة النازية، وثانياً لأنه أعلن إسلامه، في جنيف وثالثًا لأنه أصدر كتابيه "وعود الإسلام" و"الإسلام يسكن مستقبلنا". واللذين كانا مُثار صدمة لليهود. ولتلك الأسباب مُجتمعة، تمت إدانته بمحكمة افتقرت لأبسط مقومات العدل والمنطق السليم.
وبقي جارودي ملتزمًا بقيم العدالة الاجتماعية التي طالما آمن بها، ووجد أن الإسلام ينسجم مع ذلك ويطبقه. وبقيَ على عدائه للإمبريالية والرأسمالية، وبالذات لأمريكا.
وخير ما قاله روجيه جارودي، إن الإسلام استوعب الديانات المختلفة وكان أكثر شمولية للتوحيد وانفتح على كل الثقافات والحضارات وبشكل مُثير للدهشة، واستوعب العرب إمكانية التعايش مع تلك الحضارات المختلفة، فالمسلمون في الشرق وأفريقيا والغرب قوة عظيمة، وذلك الانفتاح جعل من الإسلام قوة عظمى، وحصنًا منيعًا.
الخلاصة.. أنّ أحداث المحرقة كما أثبت جارودي محض خرافة تاريخية بأبعاد عنصرية وظّفت في الصراعات، فلطالما كان اليهود مادة الحروب والإبادة، ولكنهم اقتبسوا الدور وأصبحوا هم الظالمين ولم يأخذوا عبرة من التأريخ وارتكبوا ابشع جرائم القتل والتهجير القسري من خلال جيوش إسرائيل ضد العرب الفلسطينيين وإلى يومنا هذا.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
القصة الكاملة للمقاتل السوري مجدي نعمة الذي بدأت محاكمته اليوم بباريس
بدأت اليوم الثلاثاء في باريس محاكمة السوري مجدي نعمة المقاتل السابق في صفوف "جيش الإسلام" حيث يواجه تهمة التواطؤ في ارتكاب جرائم حرب بين عامي 2013 و2016 في ضواحي دمشق.
ويدحض نعمة البالغ من العمر 36 عاما التهم الموجّهة إليه، مشدّدا على "الدور المحدود" الذي اضطلع به في إطار هذه الجماعة التي حاربت النظام السوري وكانت تدعو إلى تطبيق للشريعة الإسلامية.
وُضع نعمة في الحبس الاحتياطي منذ يناير/كانون الثاني 2020، ويواجه احتمال الحكم عليه بالسجن 20 عاما.
وإلى جانب تهمة التواطؤ في ارتكاب جرائم حرب والمساعدة في التخطيط لها، يشتبه في أن المقاتل السوري ساعد على تجنيد أطفال أو فتيان في صفوف "أشبال الإسلام" وتدريبهم على العمل المسلح.
وقد رفض رئيس محكمة الجنايات جان-مارك لافيرن أن يتكلم المتهم بالإنجليزية، طالبا أن يستخدم لغته الأم العربية.
وقد تجاهل مجدي نعمة هذه التوجيهات. وعندما طُلب منه التعريف عن نفسه، ردّ بالإنجليزية. وقال "لا أدلة إطلاقا على الأفعال المنسوبة لي"، مؤكّدا أن هذه القضية "سياسية بحتة".
الانشقاق والغوطة وتركياوهذه ثاني محاكمة تقام في فرنسا على خلفية جرائم مرتكبة في سوريا، بعد محاكمة أولى جرت في مايو/أيار 2024 في غياب المتّهمين وهم مسؤولون رفيعو المستوى في النظام السوري أدينوا بتهمة ضلوعهم في الاختفاء القسري لفرنسيَّيْن من أصل سوري ومقتلهما.
إعلانأما مجدي نعمة، فقد انشقّ عن الجيش السوري في نوفمبر/تشرين الثاني 2012 لينضم إلى زهران علوش مؤسس وقائد "لواء الإسلام" الذي أصبح "جيش الإسلام" عام 2013.
وسيطرت هذه الجماعة على الغوطة الشرقية شمال شرق دمشق في عام 2011 "ويشتبه في ارتكابها جرائم حرب خصوصا في حقّ المدنيين".
وكان المتهم القريب من زعيم الجماعة اتخذ من إسلام علوش اسما حركيا. وأكد للمحققين أنه غادر الغوطة الشرقية نهاية مايو/أيار 2013 إلى تركيا حيث كان المتحدث باسم "جيش الإسلام"، مما يثبت أنه لم يكن بإمكانه ارتكاب الجرائم المنسوبة إليه. ويزعم أنه ترك الجماعة عام 2016.
وفي نوفمبر/تشرين 2019 وصل إلى فرنسا كطالب لمتابعة دراسته في معهد أبحاث العالم العربي والإسلامي بجامعة إيكس مارسيليا (جنوب شرق).
وأوقِف مجدي نعمة في يناير/كانون الثاني 2020 بعد بضعة أشهر من تقديم شكوى في فرنسا ضدّ "جيش الإسلام"، ووجَّه إليه قاض تهمة التواطؤ في ارتكاب جرائم حرب والتخطيط لها.
اختفاء قسريوأحيل لاحقا على محكمة الجنايات بتهمة التواطؤ في حالات الاختفاء القسري. واتهم كعضو في "جيش الإسلام" بخطف 4 نشطاء في مجال حقوق الإنسان بينهم المحامية والصحفية السورية رزان زيتونة. ولم يعثر على هؤلاء إلى اليوم.
لكن محكمة استئناف باريس ألغت هذه الملاحقات في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 لأسباب إجرائية، رغم أنها أكدت في حكمها أنه "يجب اعتبار جيش الإسلام مسؤولا عن اختفاء" الناشطين الأربعة. ثم ثبّتت محكمة التمييز، أعلى محكمة في النظام القضائي الفرنسي، هذا الحكم.
وكان فريق الدفاع عن مجدي نعمة قد طعن خلال التحقيق في مبدأ الولاية القضائية العالمية للقضاء الفرنسي الذي يسمح له بمحاكمة أجنبي بتهمة ارتكاب جرائم ضدّ الإنسانية أو جرائم حرب في الخارج ضدّ أجانب، لكن محكمة التمييز ردت الطعن.
وقبل انطلاق المحاكمة، أشار وكيلا الدفاع عن نعمة إلى أن سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024 يفتح آفاقا جديدة ويثير "مسألة شرعية" هذه المحاكمة.
إعلانوبالنسبة إلى مارك بايي، المحامي المكلّف بالدفاع عن عدّة أطراف مدنية في هذه القضية، فيعتبر أنه "في الوضع الحالي من المستحيل إجراء محاكمة على خلفية هذه الجرائم في سوريا".
ومن المتوقع أن يصدر الحكم في 27 مايو/أيار المقبل.