جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-18@09:02:32 GMT

المقاطعة.. ثقافة شعب

تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT

المقاطعة.. ثقافة شعب

 

جابر حسين العماني

jaber.alomani14@gmail.com

 

المقاطعة هي ثقافة حضارية، تلتزم بها الشعوب الواعية والمتحضرة في العالم، والهدف منها محاربة الجشع والطمع والظلم والاستبداد، وهي في حد ذاتها سلوك رقابي، يعتمد على التضامن الشعبي الواسع، الذي من خلاله تخضع الشركات التجارية في كثير من الأحيان للاعتذار الرسمي للمستهلكين، ومراجعة سياساتها التجارية، والعودة إلى الأسعار الاقتصادية، التي تتناسب مع المجتمع ورغباته.

ومن أجل نجاح المقاطعة لا بُدَّ من الاعتماد على الفرد ووعيه وإدراكه والتزامه، وذلك يساعد على إصلاح الأوضاع التجارية والاقتصادية للأمة العربية والإسلامية، وتستطيع الأمة بحملات المقاطعة السلمية توجيه غضبها لأعدائها، لحل الكثير من المشاكل العالقة، ورفع صوت الإخاء والتعاون والتآزر، فكم نحن بحاجة ماسة لترسيخ ثقافة المقاطعة في بلادنا العربية والإسلامية، لمحاربة الارتفاع الفاحش لأسعار السلع المعروضة في الأسواق المختلفة والتي اتعبت وأثقلت كاهل المستهلك العربي.

اليوم هناك أمثلة واقعية حول أهمية المقاطعة الفاعلة والناجحة والمثمرة للمجتمع، والتي يجب الاستفادة منها، ومن خلالها يتم تأديب تجار الجشع والطمع ورجال الأعمال، وشركاتهم العملاقة والصغيرة، وبدون أي ضجيج يذكر، وإرغامهم على احترام المستهلكين في الداخل الاجتماعي، ولنا في الأرجنتين خير مثال، فقد تواطأ التجار على رفع أسعار البيض، مما جعل الشعب الأرجنتيني يطلق حملة شعبية واسعة لمقاطعة البيض، ولم يتخلف أحد من المشاركة في تلك الحملة، واستطاع الشعب الأرجنتيني بحكمته وتآزره وتعاونه إجبار التجار على تخفيض سعر البيض إلى ربع السعر السابق والاعتذار الرسمي للشعب الأرجنتيني.

هكذا لا بُد أن تكون المقاطعة الاقتصادية ثقافة مجتمعية يهتم بها الجميع، فهي ليست موجهة ضد غلاء الأسعار فحسب؛ بل يجب أن تكون وسيلة فعّالة لمحاربة الفساد المجتمعي بأشكاله ووسائله وعناوينه المختلفة؛ فالمقاطعة تعد الحل الأفضل والأجدر والذي لا ينبغي التفريط به؛ بل يجب توجيهه للشركات العالمية التي تستهدف تمويل الظلم والفساد في العالم، كالشركات الداعمة للمثليين واليهود الذين يستغلون الأرباح من أجل قتل الأرواح البريئة في فلسطين الإباء والعزة والصمود، قال تعالى: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ"، وقال النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "المُؤْمِنَ للمؤمنِ كالبُنْيانِ يشدُّ بَعضُهُ بعضًا".

كما إننا بحاجة ماسة إلى مقاطعة الشركات التجارية الفاسدة التي أثقلت كاهل المواطن العربي، كذلك نحن بحاجة ماسة إلى مقاطعة بعض وسائل الإعلام التي تنشر الميوعة والفساد الأخلاقي، وتسعى لتجهيل المجتمع، وجعله مجتمعا لا يعرف من دنياه إلّا حب الأكل والشرب والموضة وصيحاتها، وإبعاد الإنسان العربي عن الهموم الاجتماعية والأسرية، التي هو أولى بالانشغال بها.

المجتمع الذي تغيب فيه ثقافة المقاطعة، من السهل اختراقه وانتشار الفساد بين زواياه، وذلك لعدم اهتمام أفراده بأهمية معاقبة التجار ورجال الأعمال الفاسدين والمفسدين بالطرق السلمية المتاحة، وإيقاف جشعهم وطمعهم، حتى لا يتسلطوا على جيوب المواطنين، ويفسدوا بذلك دينهم ودنياهم. ولكن يا ترى هل سيبقى الإنسان العربي صامتا عن الدفاع عن حقوقه المسلوبة؟ أم حان الوقت ليبدي موقفه واستنكاره وشجبه لغلاء الأسعار واستغلال أرباح السلع والبضائع في نصرة الظلم والظالمين؟ متى سيتحد الجميع تحت شعار واحد وهو "انتهى وقت الجهل.. لا مكان للفساد بيننا".

إنَّ الأوطان العربية والإسلامية تقع على عاتقها مسؤولية دينية واجتماعية ووطنية تحتم عليها العمل الجاد لتطهير المجتمع من جراثيم الفساد والمفسدين، الذين لا همَّ لهم سوى جمع المال بأي شكل من الأشكال من أجل تحقيق أجندتهم وسياساتهم الظالمة، وهذا حتمًا لا يكون إلا بتفعيل حملات المقاطعة الشاملة مثل المقاطعة الاقتصادية للبضائع القادمة من الشركات والمحلات الداعمة للحروب وسفك دما الأبرياء، والتي تعتبر مقاطعتها من أهم الأساليب النموذجية التي تتم من خلالها المواجهة المشروعة ضد الاحتلال الغاشم لتنال بذلك الشعوب حريتها المطلوبة واستقلالها واستقرارها بعيدا عن الظلم والفساد الاجتماعي.

أخيرًا.. لا بُد من تفعيل حملات المقاطعة بهدف أضعاف اقتصاد المفسدين واستبدال المنتجات الأخرى بدعم المنتج الوطني، وعلى الشركات الوطنية الترويج الجاد لمنتجاتها والاعلان عن الأسعار التنافسية، حتى يستطيع المواطن العربي تفعيل حملات المقاطعة والاعتماد على المنتج الوطني، وليكن شعار الوطن العربي الأول والأخير المنتج الوطني اختيارنا الأول.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

رئيس شؤون الضباط في وزارة الدفاع العميد محمد منصور: الجيش العربي السوري كان وسيبقى عماد السيادة الوطنية، واستعادة الكفاءات والخبرات العسكرية التي انشقت وانحازت للشعب في مواجهة نظام الأسد البائد والتي خاضت معارك الدفاع عن الوطن أمرٌ ضروري لتعزيز قدرات جيشن

2025-03-16hadeilسابق استئناف العمل بقسم الغاز في معمل “سادكوب” بمدينة بانياس بعد توقفه لأيام جراء هجمات فلول النظام البائد انظر ايضاً استئناف العمل بقسم الغاز في معمل “سادكوب” بمدينة بانياس بعد توقفه لأيام جراء هجمات فلول النظام البائد

آخر الأخبار 2025-03-16رئيس شؤون الضباط في وزارة الدفاع العميد محمد منصور: الجيش العربي السوري كان وسيبقى عماد السيادة الوطنية، واستعادة الكفاءات والخبرات العسكرية التي انشقت وانحازت للشعب في مواجهة نظام الأسد البائد والتي خاضت معارك الدفاع عن الوطن أمرٌ ضروري لتعزيز قدرات جيشنا المستقبلي، هؤلاء الضباط يشكلون ركيزة أساسية في جيش سوريا القادم 2025-03-16جامعة اللاذقية تستأنف الامتحانات النظرية المتبقية لعدد من الكليات الأحد القادم 2025-03-16نحو 6000 طالب وطالبة يتقدمون لامتحانات التعليم المفتوح في جامعة حمص 2025-03-16إلقاء القبض على مجموعة متورطة في تهريب الأسلحة بدير الزور 2025-03-16الزينة التراثية الشعبية في رمضان بين الأمس وتقنيات اليوم 2025-03-16للتأكد من توافر الاحتياجات الأساسية فيها… القائم بأعمال وزارة الصحة ‏يجري جولة تفقدية على مستشفى الهلال الأحمر ‏ 2025-03-16الأمم المتحدة تعارض الوجود العسكري الإسرائيلي في المنطقة العازلة بين سوريا والجولان المحتل 2025-03-16الجالية السورية في فرنسا تنظم مظاهرةً احتفالاً بذكرى الثورة 2025-03-16لبنان.. إنهاء تقليد إحياء ذكرى اغتيال كمال جنبلاط بعد اعتقال السلطات السورية للمجرم 2025-03-16وزارة التربية تتخذ إجراءات للارتقاء بالتعليم وتصويب مساره

صور من سورية منوعات العرقسوس والتمر الهندي… عصائر رمضانية شعبية في حماة  2025-03-11 تيك توك تستأنف خدماتها في الولايات المتحدة بفضل ترامب 2025-01-20فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • الذهب يرتفع مع تصاعد الخلافات التجارية
  • مجالس وزارة الداخلية الرمضانية تناقش «ثقافة الأسرة الآمنة»
  • مجالس وزارة الداخلية الرمضانية تناقش ثقافة الأسرة الآمنة
  • المقاطعة الاجتماعية واجب أخلاقي
  • الرئيس السيسي: المجتمع عانى 3 سنوات بعد المشاكل التي واجهت الشرطة في 2011
  • «مشهد يجسد معاني الرحمة».. شرطة أبوظبي تفتح الطريق أمام سرب من البط
  • فيديو | «مشهد يجسد معاني الرحمة».. شرطة أبوظبي تفتح الطريق أمام سرب من البط
  • ارتفاع أسعار المنتجات الأميركية بسبب الحرب التجارية التي أطلقها ترمب
  • رئيس شؤون الضباط في وزارة الدفاع العميد محمد منصور: الجيش العربي السوري كان وسيبقى عماد السيادة الوطنية، واستعادة الكفاءات والخبرات العسكرية التي انشقت وانحازت للشعب في مواجهة نظام الأسد البائد والتي خاضت معارك الدفاع عن الوطن أمرٌ ضروري لتعزيز قدرات جيشن
  • فك شيفرة الخوارزمية التي تستخدمها شركات الطيران لزيادة أسعار التذاكر