تحذيرات سياسية إسرائيلية من التورّط في مستنقع غزة
تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT
مع حالة التردد التي تطغى على جيش الاحتلال بالنسبة للعملية البرية المزمعة في غزة، تتزايد التحذيرات من اجتياحها دون تخطيط مسبق، لأنها قد تورّط الاحتلال في واقع لا يقل سوءً عن الواقع الذي كان قائما حتى هجوم أكتوبر، فضلا عن استخلاص الدروس الأمريكية المريرة من تجاربها في المنطقة.
ميخال ميلشتاين رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز "ديان" بجامعة تل أبيب، وباحث كبير بمعهد السياسات والاستراتيجية في جامعة رايخمان، رأى أن "الإفراط الإسرائيلي في المفاهيم العسكرية يؤدي إلى وصف جزئي لتبعات العمل المتوقع في قطاع غزة، لأن الخطوة المزمعة ليست مجرد "مناورة" أو "دخول بري"، بل هي خطوة على نطاق تاريخي لديها القدرة على إعادة تشكيل النظام الفلسطيني، ويكون لها تأثير عميق على الساحة الإقليمية، لذلك، لابد من التحليل، وعدم اقتصار الأمر بالتفصيل على مفهوم "تقويض حماس" الغامض فحسب، بل أيضًا على التخطيط المتعمق لليوم التالي".
وأضاف في مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، وترجمته "عربي21" أن "الدخول العسكري المكثف إلى غزة دون مثل هذا التخطيط قد يوقع "إسرائيل" في واقع لا يقل سوءً عن الواقع الذي كان قائمًا حتى 7 أكتوبر، لأنه بين السيطرة المطولة على القطاع، وبين تشكيل حكومة فيه، ستدخل إليها العناصر المعادية من جميع أنحاء الشرق الأوسط، لأن سكانه يعتمدون على المساعدات الخارجية، 70% منهم لاجئون، وصغار السن دون الثلاثين 67%، وبنية تحتية مدنية هشة، وحكم حماس غرس في أذهانهم الكراهية المشتعلة ل"إسرائيل"، والحرب كأسلوب حياة".
وأوضح أنه "في هذا الفضاء الجديد يمكن تأسيس نظام سياسي، وليس تشكيل وعي جديد، وهو الهدف الذي فشل فيه الأمريكيون في تجربتهم المريرة في أفغانستان والعراق، والدرس المستفاد أننا لا ينبغي لنا أن نستقرّ في مستنقع غزة، بل صياغة أهداف واقعية متحررة من الأوهام، وضمن الاختيار بين أسوأ البدائل الاستراتيجية التي تواجه "إسرائيل"، فمن الصواب أن نفكر في أفكار حول تشكيل نظام جديد قادر على حل المشكلة فيما يتعلق بالسلطة الفلسطينية، وهي الفكرة التي تمت مناقشتها بين "إسرائيل" وكبار أعضاء الإدارة الأمريكية، من خلال حكومة مدنية محلية تعيد البناء بعد حماس، وعلى خلفية الدمار المادي الواسع النطاق في غزة".
وزعم أن "هذه الإدارة الجديدة في غزة ستتكون من رؤساء البلديات والمجالس المحلية والعشائر والمنظمات غير الحكومية وفتح، وقد تكون بمثابة عنوان لإدارة الفضاء المدني وتلقي المساعدات الاقتصادية، مع ضرورة تحليل هذا السيناريو بحذر إلى حدّ الشك، لكنه البديل الأقل سوءاً بين ما سيواجه "إسرائيل"، لأنه سيواجهه عقبات كثيرة، فمن المشكوك فيه أن تكون السلطة الفلسطينية بكل آلياتها قادرة أو راغبة في الانتشار في القطاع؛ وليس من المؤكد أن الجمهور في غزة سيظهر موقفاً متعاطفاً معها؛ ويرجح أن تكون هناك عناصر محلية، بقيادة حماس، ستعمل ضدها بالقوة، وليس من الواضح دوافع من سيترأس تلك الإدارة المدنية المحلية".
ودعا إلى "ضرورة الاستعداد الإسرائيلي لهذا السيناريو، بدءاً من تحديد الجهات المحلية التي يمكن دمجها في الإدارة السلطوية، إلى إجراء اتصالات مع السلطة الفلسطينية حول هذه القضية، وانتهاءً بالحوار مع الجهات الخارجية الضرورية لتعزيزها، وعلى رأسها أمريكا ومصر والسعودية والإمارات، وجميعها يجب أن تكون مؤثرة ومستثمرة في القطاع بدلاً من قطر الداعمة لحماس، وفي أي سيناريو، سيكون من الضروري إنشاء نظام جديد وسيطرة وإشراف على حدود غزة ومصر-عند محور فيلادلفيا، الشريان الرئيسي للتعزيز العسكري لحماس".
وختم بالقول إن "ما سيحصل في غزة في اليوم التالي لانتهاء الحرب درس إسرائيلي مهم لأي نقاش حول التسوية المستقبلية في الضفة الغربية، لأنه في أي سيناريو من الضروري أن تسيطر "إسرائيل" على غور الأردن، وبالتالي منع التهديدات العسكرية مثل تلك التي تطورت في غزة".
إيلي باخار المستشار القانوني السابق لجهاز الأمن العام- الشاباك، ذكر أن "الحرب الحالية في غزة فرصة كي تغير "إسرائيل" سياستها تجاه غزة، وتنقل السيطرة عليها من طرف إلى آخر، بعد أن سُمِح لها بزيادة نفوذها على حساب السلطة الفلسطينية، وهو خطأ لا بد من الاعتراف به، لأن الإسرائيليين دفعوا ثمنه كاملا، لأن المسار الذي ستختاره "إسرائيل" بعد انتهاء الحرب في غزة سيؤثر على وضعها الاستراتيجي لسنوات عديدة قادمة، فالمصالح كثيرة ومتضاربة إلى حد كبير، بين الرغبة باستعادة الردع، واندفاعها للدخول في حرب عصابات دامية وطويلة الأمد في غزة".
وأضاف في مقال نشره موقع "ويللا" ، وترجمته "عربي21" أن "اقتحام غزة سيزيد من خطر القتال في وقت واحد على الجبهة الشمالية، وربما على جبهات أخرى، وفوق كل ذلك، هناك خطر الصراع بين الكتل الأمريكية والروسية وربما الصينية، وفي خضم هذه الاعتبارات، يتعين على "إسرائيل" أن تعيد النظر في تصورها لمستقبل العلاقات مع الفلسطينيين، لأنها محور التصعيد في المنطقة كلها، الأمر الذي يستدعي التوقف عن إضعاف السلطة الفلسطينية لأنه أدى للفشل الدموي في هجوم السبت، مما يستدعي من "إسرائيل" تغيير هذه السياسة من البداية إلى النهاية بعد أن ألحقت ضرراً بالغاً بالسلطة".
وأشار أن "السلطة الفلسطينية تمتعت في غزة حتى عام 2007 بقبضة جيدة على الأرض من خلال تنسيق أمني عالي الجودة مع "إسرائيل"، مما أدى للحدّ الأدنى من الهجمات، وفي غياب استمرار سياسة إسرائيلية طويلة الأمد، فقد أدت هذه الاستراتيجية لإضعاف السلطة بشكل كبير، وجعلتها غير ذات أهمية في نظر الفلسطينيين، وأفسدتها، وكنتيجة مباشرة، عززت حماس على حسابها، مما يستدعي من "إسرائيل" إجراء تغيير شامل في هذه السياسة تعزيزا لمصالحها الأمنية، أولاً وأخيرا".
وزعم أن "التوجه الإسرائيلي يكمن في تمكين السلطة الفلسطينية، ربما في المستقبل المنظور، من تسليم قطاع غزة إلى يديها بعد مرحلة الحرب، وهو أمر بالغ الأهمية من أجل إعادة تأهيلها، والتوصل معها لتسوية سياسية مستقرة في المستقبل، مقابل غياب المفاهيم الصهيونية المسيحانية المتمثلة بتجريد الفلسطينيين من الضفة الغربية، والفصل بينها وبين قطاع غزة، واستمرار سجن غزة دون مخرج".
تقدم هذه القراءات الإسرائيلية خارطة طريق واضحة لمرحلة ما بعد انتهاء العدوان على غزة، من خلال التوجه لإضعاف حماس سياسيا وشعبيا بعد تجريدها من قدراتها العسكرية، كما يطمع الاحتلال، وفي الوقت ذاته، إحياء بديل سياسي لها من خلال اقتراح تسوية سياسية مستقرة، تشمل إقامة دولة منزوعة السلاح للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة بدعم دولي واسع النطاق، بزعم أن ذلك هو الهدف الاستراتيجي الذي يجب أن يحدد مسار الحرب اليوم، وإلا فسيكون البديل من وجهة النظر الإسرائيلية الحكم على أنفسهم باستمرار الكوارث على غرار طوفان الأقصى.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة غزة حماس حماس غزة طوفان الاقصي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السلطة الفلسطینیة من خلال فی غزة
إقرأ أيضاً:
قناة إسرائيلية: ما تم كشفه 10% فقط من فشل 7 أكتوبر
كشف القناة 14 الإسرائيلية أن التحقيقات التي يجريها الجيش الإسرائيلي وعرض بعضها مساء أمس الاثنين، ليست سوى غيض من فيض الفشل الهائل.
وقالت القناة إن 10% فقط من قائمة الإخفاقات تم الكشف عنها للجمهور، في حين أن هناك قائمة أخرى أكثر صعوبة في الاستيعاب.
وأضافت أنه تبيّن أن فشل الجيش الإسرائيلي ليس فقط في ليلة السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2032 بل تم بناؤه على مدى عقد من الزمان، وقالت القناة إن الفشل ترسّخ داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية.
وذكرت أن شعبة الاستخبارات العسكرية اعترفت بأنه حتى بعد الانتهاء من التحقيقات فإنها لا تزال لا تعرف كل شيء عن التنظيمات المسلحة في قطاع غزة.
ونقلت عن مسؤولين في شعبة الاستخبارات أن الجيش الإسرائيلي دخل الحرب في الجنوب دون أن يفهم عدوه بشكل كامل، وهذه نقطة خطيرة جدا تفسر لماذا لا تزال حماس موجودة، حسب تعبير المسؤولين في الشعبة.
ملخص التحقيق
وخلص تحقيق أجراه جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى الإقرار بـ"الإخفاق التام" في منع هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على مستوطنات غلاف غزة، وكشف عن تفاصيل ومعطيات جديدة عن الهجوم.
وأكد الجيش، في ملخص عن التقرير لوسائل الإعلام، أن قواته "أخفقت في حماية المواطنين الإسرائيليين، تم التفوق على فرقة غزة (الإسرائيلية) في الساعات الأولى من الحرب، مع سيطرة" فصائل المقاومة على الأرض.
إعلانوأقر المسؤول العسكري بأن الجيش كان يتمتع بـ"ثقة مفرطة"، وأساء تقدير قدرات حركة حماس قبل أن تشن الهجوم.
وتوصل التحقيق إلى أن الهجوم نفّذ على 3 دفعات تضم قرابة 5 آلاف مقاتل، وأفاد بأن الدفعة الأولى ضمت أكثر من ألف من مقاتلي وحدة النخبة في حماس "الذين تسللوا تحت ستار من النيران الكثيفة"، مشيرا إلى أن الدفعة الثانية ضمت ألفي مقاتل، في حين تخلل الثالثة دخول مئات المقاتلين يرافقهم آلاف المدنيين.
من جهتها، نقلت وكالة أسوشيتد برس عن مسؤول عسكري إسرائيلي قوله إن مقاتلي حماس "هاجموا قواتنا المرسلة وكبار الضباط وعطلوا منظومة القيادة والسيطرة، وإن الفوضى إثر هجوم 7 أكتوبر أدت إلى حوادث بنيران صديقة لكنها لم تكن كثيرة".
وقال المسؤول إن "القادة العسكريين توقعوا غزوا بريا من 8 نقاط حدودية، لكن حماس هاجمت عبر أكثر من 60 نقطة، ومعلوماتنا الاستخباراتية تظهر أن التخطيط للهجوم بدأ في 2017".
كما تحدثت صحيفة معاريف عن فصل جديد من فشل الجيش الإسرائيلي يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وقالت إن تحقيق الجيش كشف كيف فشلت البحرية الإسرائيلية في تنفيذ مهمتها بمنع زوارق مقاتلي القسام من دخول شواطئ إسرائيل في ذلك اليوم.
ويكشف التحقيق عن واحدة من أصعب الحوادث في "الحملة الدفاعية" التي شنها الجيش الإسرائيلي في الساعات الأولى من هجوم طوفان الأقصى، إذ تم الدفع بمقاتلين من لواء غولاني على شاطئ زيكيم بعد وصول قوارب القسام، لكنهم تجنبوا الاشتباك مع المهاجمين وفروا أمامهم، مما أدى إلى مقتل 17 مدنيا على الشاطئ، بينهم مجموعة من المراهقين، وفق معاريف.
وأشار التحقيق إلى أنه رغم التحذير الساعة 4:30 فجرا قبل هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، لم تزد البحرية الإسرائيلية انتشارها قبالة قطاع غزة حتى مع النشاط غير الطبيعي في بحر غزة ووجود نحو 70 قاربا غزيا قبالة سواحل القطاع، معظمها قوارب صيد وزوارق سحب وقوارب مطاطية صغيرة.
إعلان