بوابة الفجر:
2024-07-12@02:03:30 GMT

أحمد ياسر يكتب: تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم

تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT

يشهد العالم أحداث شرسة متصاعدة للعنف في الشرق الأوسط، بالتزامن مع بدء كل من حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى في غزة، والجيش الإسرائيلي، عمليات عسكرية واسعة النطاق.. والعالم يراقب مرة أخرى، ويأمل بفارغ الصبر وضع حد لسفك الدماء وإيجاد طريق نحو السلام.

وجاءت عملية "طوفان الأقصى"، كما تسميها حركة حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى، ردا على الهجمات المتواصلة التي تشنها القوات الإسرائيلية والمستوطنين ضد الشعب الفلسطيني ومقدساته، وأبرزها المسجد الأقصى في الشرق المحتل.

أحمد ياسر يكتب: بعد 600 يوم من الحرب في أوكرانيا أحمد ياسر يكتب: الدبلوماسية المُحايدة وسط القصف الدموي

لا يمكن المبالغة في تقدير قدسية الأقصى وأهميته التاريخية، وأي تهديد محتمل لسلامته لا يتردد صداه بعمق لدى الفلسطينيين فحسب، بل أيضا في العالم الإسلامي الأوسع.

على الجانب الآخر، تم وصف "عملية السيوف الحديدية" الإسرائيلية بأنها آلية دفاعية، ردًا على الهجمات الصاروخية والتهديدات القادمة من قطاع غزة، وشهدت هذه العملية غارات واسعة النطاق على عدة مناطق في قطاع غزة المكتظ بالسكان والذي يسكنه أكثر من مليوني فلسطيني.

أحمد ياسر: لماذا أُزيلت فلسطين من جدول الأعمال ولماذا عادت؟ أحمد ياسر: هل الصين الملاذ الأخير للصراع الفلسطيني الإسرائيلي؟

إن الوضع الإنساني في غزة، غير المستقر أصلًا بسبب الحصار الإسرائيلي منذ عام 2006، قد تفاقم بسبب التصعيد الحالي.

إن تبادل اللوم بين الجانبين يشكل تذكيرًا مؤلمًا بالعداء التاريخي والتعقيد الذي يتسم به الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ومع ذلك، خلف الروايات والمناورات السياسية تكمن حقيقة صارخة: المدنيون، والعديد منهم أطفال، يتحملون وطأة هذا الصراع.

أحمد ياسر يكتب: فك رموز تركيا من الصراع بين إسرائيل وحماس أحمد ياسر يكتب: تأثيرات الحرب الأهلية السورية على الشرق الأوسط

إن تدهور الظروف المعيشية في غزة، كنتيجة مباشرة للحصار، بالإضافة إلى نقص الإمدادات الطبية الكافية والمياه والكهرباء، يجعل العمليات العسكرية الحالية أكثر تدميرًا لسكان القطاع، وقد أثار العديد من المراقبين الدوليين مخاوف بشأن الانتهاكات المحتملة للقانون الإنساني الدولي.

ويقع على عاتق المجتمع الدولي التزام أخلاقي ليس فقط بإدانة أي وجميع الأعمال التي تؤدي إلى إلحاق الضرر بالمدنيين، بل أيضا بدفع الجانبين نحو التوصل إلى حل سلمي.

أحمد ياسر يكتب: الصراع لا مفر منه في غياب الدولة الفلسطينية أحمد ياسر يكتب: الأسئلة التي يطرحها التصعيد الأخير في غزة

لقد أثبت التاريخ أن المواجهات العسكرية في المنطقة لا تسفر عن حلول دائمة، بل تمهد الطريق لمزيد من العنف في المستقبل.

وهناك حاجة ملحة لاستئناف الجهود الدبلوماسية بقوة، ويجب أن يكون الهدف واضحا: حل الدولتين حيث يستطيع الإسرائيليون والفلسطينيون التعايش، كل منهم في دولته ذات السيادة، ويعيشون جنبا إلى جنب في سلام وأمن.

أحمد ياسر يكتب: وجها الدبلوماسية الإيرانية أحمد ياسر يكتب: الذكرى الثلاثين الكئيبة لاتفاقات أوسلو

ومع تطور الوضع، من المهم ألا يفقد العالم حساسيته تجاه أعمال العنف المتكررة في المنطقة، إن كل ضحية، وكل منزل مدمر، وكل عمل من أعمال العدوان يؤكد الحاجة الملحة إلى إيجاد حل دائم للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

وفي هذه الأوقات المضطربة، يتعين على المجتمع الدولي أن يتكاتف لضمان سيادة السلام، وإنقاذ أرواح الأبرياء، وتحويل الحلم القديم المتمثل في التعايش السلمي بين الإسرائيليين والفلسطينيين إلى حقيقة واقعة.

أحمد ياسر يكتب: لماذا لا ينبغي الاستهانة بالتهديدات الروسية؟ أحمد ياسر يكتب: التكلفة المأساوية لفشل الحكم في ليبيا دور الإعلام الغربي: تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم

لعقود من الزمن، وجد الفلسطينيون أنفسهم على مفترق طرق الجغرافيا السياسية، وهم يتنقلون في مشهد مضطرب محفوف بالعنف والتهجير والسعي المتواصل من أجل تقرير المصير.

ومع ذلك، وراء الصراعات الجسدية التي تلفت انتباه وسائل الإعلام الدولية، يكمن تحدي أعمق وأكثر غدرًا - المعركة من أجل الكرامة الإنسانية.

أحمد ياسر يكتب: مِصْرَ.. الوسيط المحايد بين تركيا وسوريا أحمد ياسر يكتب: العلاقات التركية السعودية سوف تؤتي ثمارها

لم يتعرض الفلسطينيون، طوال هذه السنوات، للاعتداء الجسدي فحسب، بل عانوا أيضًا من التآكل الدقيق والمنتشر لهويتهم وإنسانيتهم في الخطاب الشعبي ووسائل الإعلام.

اللغة، وهي أداة أساسية للتواصل والفهم، تم التلاعب بها في كثير من الأحيان على حساب القضية الفلسطينية… تتمتع الكلمات بالقدرة على تشكيل الحقائق، وتأطير الروايات، والتأثير على التصورات.

أحمد ياسر يكتب: حرب أوكرانيا تظهر القوة الناعمة لدول الخليج أحمد ياسر يكتب: بيان حربي بغلاف السلام

على مر السنين، تم التحدث عن الفلسطينيين في كثير من الأحيان، ولم يتم التحدث معهم… لقد تم تحويلها إلى إحصائيات مجهولة الهوية، وغالبًا ما يتم رسمها بفرشاة واسعة من الصور النمطية.

هذه اللغة اللاإنسانية تفعل أكثر من مجرد تحريف - فهي تكتم أصوات عدد لا يحصى من الأفراد الذين لديهم آمال وأحلام ونضالات يومية تمامًا مثل أي إنسان آخر.

إن التغطية الإعلامية، بتأثيرها القوي على الوعي العالمي، كثيرًا ما تقع في فخ التحيز الضمني. وبدلًا من الخوض في القصص المتعددة الأوجه لحياة الفلسطينيين، كانت منصات وسائل الإعلام الرئيسية في بعض الأحيان مذنبة بتقطير المواقف المعقدة وتحويلها إلى روايات مفرطة في التبسيط.

أحمد ياسر يكتب: البريكس وإثيوبيا.. حدود جديدة في لعبة شد الحبل السياسي أحمد ياسر يكتب: الدروس المستفادة من رحلة واشنطن إلى كابول بعد عامين

وتصور هذه الروايات، في أغلب الأحيان، الفلسطينيين على أنهم المعتدين، أو، الأسوأ من ذلك، على أنهم ضمانات في لعبة سياسية أكبر.

ولعل أحد الأمثلة الصارخة على عدم الحساسية هذه هو وصف الفلسطينيين بأنهم "دروع بشرية"، هذا المصطلح لا يجردهم من فاعليتهم فحسب، بل يلومهم أيضًا، بشكل مخيف، على وفاتهم.

إن تصنيف شعب بأكمله على أنه مجرد "ناقلات للإرهاب" يعني تجاهل تطلعات الأم، أو أحلام الطالب، أو طموحات رجل الأعمال الشاب.. فهو يحول مجموعة متنوعة من الأفراد إلى مجرد بيادق في مخطط أكبر، مما يلغي حقوقهم الإنسانية الأساسية.

أحمد ياسر يكتب: الأزمة الليبية.. بؤرة لعدم الاستقرار الإقليمي أحمد ياسر يكتب: السلام السعودي الإسرائيلي ليس مجرد حلم بعيد المنال

ومع ذلك، من الضروري أن نفهم أن هذه ليست قضية معزولة تقتصر على القضية الفلسطينية، والتاريخ حافل بأمثلة عن مجموعات مهمشة تم تحويلها إلى صور كاريكاتورية من قبل أولئك الذين يمسكون بالسلطة.

غالبًا ما يكون هذا التجريد من الإنسانية مقدمة لتبرير الظلم… عندما نبدأ في رؤية الناس على أنهم أقل من البشر، يصبح من الأسهل قبول معاناتهم.

ومع ذلك، في عالم أصبح أكثر ترابطا من أي وقت مضى، لدينا مسؤولية مشتركة، يجب أن نسعى جاهدين للتشكيك في الروايات المقدمة لنا، والاستماع بنشاط، وإضفاء الطابع الإنساني على أولئك الذين تم تجريدهم من إنسانيتهم.

أحمد ياسر يكتب: البريكس في إفريقيا.. الأمل في عالم متعدد الأقطاب أحمد ياسر يكتب: حان الوقت لإنشاء منظمة معاهدة الساحل الأفريقي

وهذا لا يعني استهلاك وسائل الإعلام بشكل نقدي فحسب، بل يعني أيضًا التعامل مع المصادر الأولية والروايات الشخصية والحسابات التي تقدم صورة شاملة.

إن القضية الفلسطينية، مثل قضايا أخرى كثيرة، هي شهادة على صمود الروح الإنسانية، ولا يقتصر نضالهم من أجل الأرض أو الاستقلال السياسي فحسب، بل من أجل الاعتراف بإنسانيتهم المتأصلة.

دعونا نتأكد من أننا جزء من الحل، ونعطي صوتًا لمن لا صوت لهم، ونضمن عدم محو أي مجتمع من صفحات التاريخ.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: احمد ياسر فلسطين اخبار فلسطين غزة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الاحتلال الاسرائيلي نتنياهو حماس طوفان الاقصي أحمد یاسر یکتب ومع ذلک فی غزة من أجل

إقرأ أيضاً:

د. مروان المعشر يكتب .. التحديث السياسي الأردني والكاتب أحمد حسن الزعبي

#سواليف

#التحديث_السياسي الأردني والكاتب #أحمد_حسن_الزعبي

كتب .. د. مروان_المعشر*

أطلق الملك عبد الله الثاني قبل ثلاث سنوات عملية تحديث سياسي جاءت لتنقل الأردن إلى حالة جديدة تهدف لتطوير نظامه السياسي، بما يضمن المزيد من المشاركة الشعبية في عملية صنع القرار وعدم تغول سلطة على أخرى. ونتج عن عملية التحديث هذه إقرار قوانين جديدة للأحزاب والانتخابات، من شأنها زيادة التمثيل الحزبي في البلاد تدريجيا، وصولا لحكومات برلمانية تستمد قوتها من ثقة شعبية، تأخذها عن طريق تقديمها لبرامج سياسية تخدم الوطن وتحاكي تطلعات الناس المستقبلية.
من المفهوم أيضأ ان التحديث السياسي، لا يمكن أن يتم في فترة زمنية قصيرة، أو أن يختزل بتغيير بعض القوانين، من دون تغيير «الحالة السياسية» السائدة التي تحكم عقلية البعض من صناع القرار. إن أردنا ترجمة رغبة الملك عبدالله الثاني ترجمة جادة، فهذا يتضمن على سبيل المثال أن تتم عملية قيام ونضوج الأحزاب بشكل عضوي ينبع من القاعدة وينضج بمرور الزمن، حتى نصل للهدف المنشود، من دون تدخل من أي جهة رسمية تحاول التأثير على مجرى هذه العملية. ليس الهدف المنشود هو فقط تغيير قوانين الأحزاب والانتخاب، فيفترض أن هذه القوانين ما هي إلا وسائل لتغيير «الحالة» السياسية، أما أن يصبح تغيير القوانين هدفا بحد ذاته، من دون ان يلازم ذلك تطور العقلية السياسية السائدة، فلن يؤدي ذلك إلى تحقيق الهدف المنشود الذي يطمح إليه الملك، ويطمح اليه أيضا الشعب الأردني، الذي أعرب عنه ليس قبل ثلاث سنوات فقط، ولكن من خلال عدة مبادرات سابقة كالأجندة الوطنية والأوراق النقاشية التي أجهضتها معارضة محافظة لا تريد المس «بالحالة السياسية» التي أعرب النظام على لسان الملك عبدالله رغبته بتطويرها.

مقالات ذات صلة انتقادات لمتحدث الخارجية الأمريكية إثر “ابتسامه” أثناء الحديث عن ضحايا غزة (شاهد) 2024/07/11

حان الوقت لإعادة النظر بقانون الجرائم الإلكترونية، وفي حبس الصحافيين بسبب آرائهم، وضرورة تغيير العقلية الرسمية السائدة لدى البعض، التي تعاملهم كأعداء بدلا من شركاء في إعلام الناس بما يجري

يقودني ذلك للحديث عن حبس الكاتب الشعبي أحمد حسن الزعبي بسبب منشور إلكتروني قديم له تضامن فيه مع إضراب شاحنات النقل في معان قبل عدة سنوات. وقد استند النائب العام في قضيته على الزعبي بقانون الجرائم الإلكترونية، الذي يضع عقوبات صارمة على كل من ينشر مادة إلكترونية تعتبر مخالفة له لما جاء فيه. التهمة التي حبس بموجبها الكاتب أحمد حسن الزعبي هي «إثارة النعرات العنصرية والطائفية والحضّ على النزاع بين مكونات الأمة». هناك شعور شعبي كبير أن أحمد حسن الزعبي يعاقب اليوم ليس بسبب مثل هذه التهم، ولكن بسبب رأيه السياسي حول موضوع شغل بال الأردنيين والأردنيات في فترة من الفترات. بغض النظر عن أية تبريرات قد تقدمها الدولة من أنها تطبق القانون، أو أنها لا تتدخل في شؤون القضاء، يبدو من الواضح أن قانون الجرائم الإلكترونية نفسه لا يتماهى مع الرغبة الملكية بتحديث سياسي جاد يؤدي إلى مناخ جديد، يترك للناس فيه التعبير عن آرائهم السياسية، من دون تسليط قوانين عليهم لا تمت لهذه الحقبة الجديدة من تاريخ الأردن بصلة، وبما يتفق مع ما قاله الملك عبدالله أن «الاختلاف في الرأي ليس شكلا لانعدام الولاء». كان بالإمكان للدولة استبدال عقوبة السجن بغرامة، ولكنها لم تفعل. جل الأردنيين والأردنيات متفقون مع الملك عبدالله حول ضرورة انتقال الأردن في مئويته الثانية نحو نظام سياسي اكثر تشاركية وأكثر انفتاحا. ومن أهم عناصر نظام كهذا ضمان حرية الرأي تطبيقا للمادة الخامسة عشرة من الدستور. لقد حان الوقت لإعادة النظر بقانون الجرائم الإلكترونية، وفي حبس الصحافيين بسبب آرائهم، والأهم ضرورة تغيير العقلية الرسمية السائدة لدى البعض، التي تعامل الصحافيين والصحافيات كأعداء بدلا من شركاء في إعلام الناس بما يجري. هذا ما سيعزز ثقة الناس في التطبيق الأمين لرغبة الملك عبد الله إحداث نقلة نوعية في المناخ السياسي الأردني.
وزير الخارجية الأردني الأسبق

مقالات مشابهة

  • د.حماد عبدالله يكتب: القهر والإبداع !!
  • مهند الرفوع يكتب .. “يا حبسَ النشامى”
  • د. مروان المعشر يكتب .. التحديث السياسي الأردني والكاتب أحمد حسن الزعبي
  • الصحة الفلسطينية: استشهاد عشرات الفلسطينيين في قصف الاحتلال المكثف على أحياء مدينة غزة
  • الصفدي من القاهرة: تهجير الفلسطينيين خط أحمر لمصر والأردن
  • اعداد القتلى الفلسطينيين الفعلي بالهجوم الاسرائيلي على غزة
  • عادل حمودة يكتب: لم تكن حياة «أحمد زكى» رقاقة من العجين صنع منها قالب «جاتو»
  • كم عدد القتلى الفلسطينيين الفعلي بالهجوم الإسرائيلي على غزة؟
  • أحمد الضبع يكتب: الحكومة تفتح صفحة جديدة مع المواطن
  • ياسر أبو هلالة يكتب .. الحرية لأحمد حسن الزعبي