دشن  الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، والدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب ‏والرياضة، اليوم الإثنين بمقر مشيخة الأزهر، مبادرة «وطن يجمعنا»، تحت شعار «محبة.. سلام»، في ‏إطار التعاون بين الأزهر الشريف ووزارة الشباب والرياضة، ودورهما التثقيفي والتوعوي في المجتمع، ودعم ‏روح الولاء والانتماء لدى الشباب، وستنفذ المبادرة على ثلاث مراحل.

وقال وكيل الأزهر خلال كلمته بتدشين المبادرة إنَّ هذه المبادرة تؤكد فينا قضيةً ضروريَّةً تُعَالجُ كثيرًا من ‏‏قضايانا ومشكلاتنا إن أحسنَّا استعمالها، وهي واجب الحوارِ والتعايش ‏والسلام، الذي قد يجنِّبُ مجتمعَنَا ‏ويلاتٍ تعرضت لها مجتمعات كثيرة، وشباب اليوم في أمسِّ الحاجة إلى مثلِ تِلك اللِّقاءاتِ؛ ‏حتى يكونوا ‏على معرفةٍ واعيةٍ بما يدورُ حولَهم في هذا العالمِ سريعِ ‏التَّغيُّرِ، وأيضًا حتَّى نستفيد من رُؤيتهم، ونتفهَّم ‏احتياجاتِهم، وخصوصًا ‏تلك القضايا الحسَّاسةَ التي يعمل مرصد الأزهر الشريف على ‏مواجهتها، والَّتي ‏تُعرضُ في هذه المبادرة من قِبَلِ متخصصين، آملين ‏أن تَجِدَ الإشكاليَّاتِ جوابًا معرفيًّا يَبُثُّ في النَّاسِ الأَمَلَ ‏ويبعثُهم على ‏الرقيِّ والحضارة، وهذا هو منهج الأزهر الشَّريف.‏

وأكد  أنَّ من أوجبِ الواجباتِ أن تتضافرَ جهودُ الجميعِ لإعلاءِ قيم ‏التَّعايشِ والتَّسامحِ، ومدِّ جسورِ ‏التَّفاهمِ والإخاءِ، والتَّصدِّي لخطابِ ‏الكراهيةِ، ونشرِ قيمِ العدلِ والمساواةِ مِن أجلِ تحقيقِ السَّلامِ ‏والاستقرارِ. ‏ومن الواجب أن تضع المؤسَّساتُ المعنيَّةُ توصياتٍ جادَّةٍ ‏تحمي الفكرَ، وتصونُ الهويَّةَ من محاولاتِ ‏الاختطافِ أو التَّشويهِ من ‏قِبَلِ أفكارٍ مغلوطةٍ أو مشروعاتٍ منحرفةٍ.‏

ولفت الضويني إلى أنَّ الأزهر الشَّريف بحسِّه الدِّينيِّ، وواجبِه الإنسانيِّ، ودورِه ‏العالميِّ حين أدركَ حاجةَ ‏البشريَّةِ إلى أنوارِ النُّبوَّةِ الَّتي تبدِّدُ ظلماتِ ‏العنفِ والتَّطرُّفِ، اسْتَنْبَتَ من آثارِ الوحيِ نبتًا معاصرًا، استطاعَ ‏أن ‏يكشفَ عن حقيقةٍ دينيَّةٍ، وضرورةٍ مجتمعيَّةٍ، وفريضةٍ إنسانيِّةٍ، ‏واستطاع أن يرسيَ قواعدَ المواطنة حين ‏أخرجَ إعلانَه التَّاريخيَّ ‏‏«إعلانِ الأزهر للمواطنةِ والعيشِ المشتركِ»، ولا يخفى على ‏حضراتِكم وجهُ الحاجةِ ‏الملحَّةِ لهذا الإعلانِ الأزهريِّ الَّذي يواجهُ ‏التَّحدِّياتِ الَّتي يَتعرَّضُ لها الدِّينُ والوطنُ.‏

وتابع وكيل الأزهر أن الأزهر أكَّدَ خلالَ هذا الإعلانِ أنَّ «المواطنةَ» مصطلحٌ أصيلٌ ‏في الإسلامِ، يتجاوزُ ‏التَّنظيرَ الفلسفيَّ إلى سلوكٍ عمليٍّ، وأنَّ «المواطنةَ ‏الحقيقيَّةَ» لا إقصاءَ معها، ولا تفريقَ فيها، وأنَّ «المواطنةَ ‏الصَّادقةَ» ‏تستلزمُ بالضَّرورةِ إدانةَ كلِّ التَّصرُّفاتِ والممارساتِ الَّتي تُفرِّقُ بين ‏النَّاس بسببٍ من الأسبابِ، ‏ويترتَّبُ عليها ازدراءٌ أو تهميشٌ أو حرمانٌ ‏مِن الحقوقِ، فضلًا عن الملاحقةِ والتَّضييقِ والتَّهجيرِ والقتلِ، وما ‏إلى ‏ذلك من سلوكيَّاتٍ يرفضُها الإسلامُ.‏

وأشار محمد الضويني وكيل الأزهر إلى أن الأزهر استطاع من خلالِ التَّواصلِ الفعَّالِ والتَّعاونِ ‏المثمرِ مع المؤسَّساتِ الدِّينيَّةِ ‏الرَّسميَّةِ داخلَ مصرَ وخارجَها، وتبادلِ ‏الرُّؤى والأفكارِ مع مختلِفِ الحضاراتِ والثَّقافاتِ، استطاعَ أن يُقدِّمَ ‏‏نماذجَ متميِّزةً في التَّعايشِ والتَّلاقي، وأن يُحقِّقَ نجاحاتٍ كبيرةً مِن ‏خلالِ حواراتٍ دينيَّةٍ حضاريَّةٍ حقيقيَّةٍ، ‏تلتزمُ الضَّوابطَ العلميَّةَ، وتحفظُ ‏ثوابتَ الدِّينِ، وتتركُ نتائجَ ملموسةً في سبيلِ تحقيقِ الأمنِ والسَّلامِ ‏للبشريَّةِ ‏كافَّةً. وجهودِ الأزهر متنوعة في ذلك بين لقاءاتٍ وندواتٍ ‏ومؤتمراتٍ ومطبوعاتٍ وغيرِ ذلك من مجهوداتٍ ‏تتعلَّقُ بإقرارِ ‏المواطنةِ والتَّسامحِ.‏

وبيَّن أنَّ الإسلام الحنيف عرف المواطنةَ الصَّحيحةَ منذ أربعةَ عشرَ ‏قرنًا، وذلك حين وضعَ ‏وثيقةً دينيَّةً سياسيَّةً دستوريَّةً تدعو إلى التَّعايشِ ‏السِّلميِّ بين جميعِ الأعراقِ والطَّوائفِ في مجتمعِ المدينةِ ‏المنوَّرةِ الَّذي ‏كانَ زاخرًا بأطيافٍ متنوِّعةٍ.‏ وإنَّ المتأمِّلَ لـ«وثيقةِ المدينةِ» يرى عشراتِ البنودِ الَّتي تدورُ ‏كلُّها ‏حولَ المواطنةِ الفاعلةِ، والتَّعايشِ السِّلميِّ بين أبناء الوطنِ الواحدِ.‏

واختتم وكيل الأزهر كلمته بأن المواطنةُ مِن القضايا القديمةِ المتجدِّدةِ، الَّتي تفرضُ ‏نفسَها وبقوَّةٍ، خاصَّةً حين ‏تتبنَّى الأوطانُ مشاريعَ تنمويَّةً كبيرةً تقتضي ‏من أبنائها الولاءَ والانتماءَ، وأوقنُ أنَّ حاجتَنا إلى المواطنةِ ‏الرَّشيدةِ ‏تشتدُّ في ظلِّ العولمةِ الخانقةِ الَّتي تتجاوزُ الحدودَ، وتخترقُ الأسوارَ، ‏وتعتدي على الخصوصيَّاتِ، ‏وتطمسُ الهويَّاتِ.‏ وأنَّ لقاء اليوم وإطلاق مبادرة «وطن يجمعنا» ليؤكد أننا نسير في هذا الطريق الذي ‏يؤكده الإسلام ويحرص عليه، وتطبيق عملي لما ينادي به الإسلام ويتبناه الأزهر دائمًا.‏

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: وكيل الأزهر مبادرة وطن يجمعنا المجتمع بالحوار وکیل الأزهر

إقرأ أيضاً:

شيخ الأزهر: العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان فضح المجتمع الدولي

استقبل فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، الدكتور القس أندريه زكي، رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر، ووفد مجلس كنائس جنوب إفريقيا والكنائس الأمريكية، برئاسة الدكتورة القس ماي إليس كانون، المديرة التنفيذية لمنظمة "كنائس من أجل السلام في الشرق الأوسط"، والأسقف مالوسي مبوملوانا، الأمين العام لمجلس كنائس جنوب إفريقيا، لمناقشة تأسيس تحالف القيادات الدينية للمطالبة بإقامة الدولة الفلسطينية.

وقال فضيلة الإمام الأكبر، إن القضية الفلسطينية والعدوان على غزة ولبنان كشف للعالم ظاهرةً جديدةً يمكن تسميها بالانفصام السياسي، التي أبرز معالمها النفاق العالمي الذي تمارسه الدول الكبرى بالمطالبة بوقف العدوان على غزة والتباكي على شهداء غزة من الأطفال والنساء، وفي الوقت ذاته التصميم المستمر على تصدير السلاح والمتفجرات، ودعم الكيان الصهيوني لمواصلة عدوانه الإرهابي، وقتل المزيد من الأبرياء، مشيرًا إلى أن هذا النفاق العالمي يذكرنا بالمثل العربي الذي يشبه المجرم الذي يقتل القتيل ثم يمشي في جنازته لتقديم واجب العزاء.

وأشار شيخ الأزهر، إلى أن هؤلاء الذين يمارسون هذا النفاق العالمي من صنَّاع القرار السياسي العالمي، لا يريدون بحال من الأحوال تحقيق سلام عادل، أو نصرة المستضعفين في غزة ولبنان، مؤكدًا أن هؤلاء قد فقدوا الإحساس بالضعفاء، ومات ضميرهم، ويوجهون العالم في اتجاه معاكس لاستعادة عصر العبيد وسياسة الاستعباد، مشددًا على أن حضارة العصر الحديث تحاول إقصاء الدين الإلهي وإبعاده عن حياة الإنسان، وأن عالم اليوم تقوده مجموعة متبلدة المشاعر لا قلب لها.

وأضاف شيخ الأزهر: "أنا مؤمن بأن الله هو العدل، وأن الصهاينة -ومَن خلفهم ومَن يعاونهم- ظلمة معتدون، وأن الله -جل وعلا- يمهل لهم ليطبق فيهم قول رسوله ﷺ "إِنَّ اللَّه لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ فَإِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ"، ولست هنا في مقام التفلت من المسؤلية وإلقاء اللوم كله على المجتمع الدولي، ولكني أرى أن عالمنا العربي والإسلامي قصر كثيرًا في إعداد نفسه لمواجهة هذه التحديات المعاصرة، وانشغل بما مرره أعداؤه له من تحديات مذهبية وفتن طائفية، ولو قدر للشعب الفلسطيني واللبناني أن يمتلك واحدًا بالمائة مما يملكه الكيان الصهيونى من سلاح وعتاد، ما جرؤ هذا المحتل على التعامل بهذا الشكل غير الإنساني!

من جانبه، أعرب الدكتور القس أندريه زكي عن تقديره للدور الريادي لشيخ الأزهر في تعزيز الحوار بين الأديان، مصرحًا "رسالتنا كقادة دينيين هي الدعوة إلى السلام والتسامح، والعمل معًا من أجل إنهاء الظلم الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني، ولا بد من استمرار التواصل والتنسيق بين القيادات الدينية حول العالم فيما يتعلق بالقضايا التي تؤثر على الإنسانية جمعاء".

من جانبهم، أكد وفد كنائس جنوب إفريقيا سعادتهم بلقاء شيخ الأزهر، وتطلعهم لدعم فضيلته في إقامة تحالف قادة الأديان لإقامة الدولة الفلسطينية، وتكوين جبهة دينية ممثلة لمختلف الأديان للمطالبة بوقف العدوان على غزة ولبنان، والتصدي لانتهاكات الكيان المحتل في قتل الأطفال والنساء والرجال، وتدمير البنى التحتية والمنازل ودُور العبادة في غزة، وفرض الضرائب على المساجد والكنائس في الضفة الغربية بغرض تشديد الرقابة عليها ضمن سياسات التهويد التي يمارسها في فلسطين.

كما أكد الوفد أن الهدف الأساسي لإقامة التحالف هو التصدي للسياسات الجائرة على حقوق الفلسطينيين، التي تمثل تحديًا كبيرًا في مسيرة وقف العدوان على غزة ولبنان، وتقف حجر عثرة في تيسير دخول المساعدات الإنسانية، والوقوف في وجه السياسات المتحيزة للكيان المحتل، التي لولاها لما استطاع أن يرتكب هذا الكم الكبير من جرائم الإبادة الجماعية والمذابح اليومية.

وضم الوفد الأسقف سيثيمبيلي سيبوكا، رئيس اتحاد الأساقفة الكاثوليك في جنوب إفريقيا، والقس خضر اليتيم، المدير التنفيذي للخدمة والعدالة في الكنيسة الإنجيلية اللوثرية بأمريكا، والسيدة بوليلوا نوبوزوي، مسئولة حوار الأديان في مجلس كنائس جنوب إفريقيا.

اقرأ أيضاًمحافظ المنيا يتفقد موقع العطل المتسبب فى قطع المياه بحي شمال ويوجه بسرعة الإصلاح

أوقفته فى الجولة.. محافظ المنيا يتعهد بترميم منزل سيدة بعد مناشدتها له

مقالات مشابهة

  • رئيس جامعة الأزهر السابق: الاعتراف بوثيقة «الأخوة الإنسانية» دليل على أهميتها
  • المحرصاوي: الاعتراف بوثيقة «الأخوة الإنسانية» لها دليل على أهميتها لبناء الإنسان
  • أمين الدعوة بـ«البحوث الإسلامية»: وثيقة الأخوة الإنسانية تهدف إلى وقف الحروب
  • الهواري: أين الإنسانية من تخريب غزة وقتل الأطفال وتدمير المساجد والمستشفيات
  • أمين مجمع البحوث بالأزهر: الأخوَّة الإنسانيَّة ضرورة وجوديَّة رسَّخها الإسلام عبر العصور
  • أمين عام البحوث الإسلامية: الأخوَّة الإنسانيَّة ضرورة وجوديَّة رسَّخها الإسلام عبر العصور
  • رئيس جامعة الأزهر: الإسلام دعا إلى إعمار الأرض ونهى عن الفساد
  • شيخ الأزهر: العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان فضح المجتمع الدولي
  • برلمانية: كلمة الرئيس السيسي توكد أهمية الحوار الوطني في مناقشة قضايا المجتمع
  • وكيل «شؤون عربية النواب»: الحوار الوطني منصة مهمة لمناقشة قضايا الأمن القومي