وكيل الأزهر: مبادرة "وطن يجمعنا" تعالج كثيرًا من قضايا المجتمع بالحوار
تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT
دشن الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، والدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، اليوم الإثنين بمقر مشيخة الأزهر، مبادرة «وطن يجمعنا»، تحت شعار «محبة.. سلام»، في إطار التعاون بين الأزهر الشريف ووزارة الشباب والرياضة، ودورهما التثقيفي والتوعوي في المجتمع، ودعم روح الولاء والانتماء لدى الشباب، وستنفذ المبادرة على ثلاث مراحل.
وقال وكيل الأزهر خلال كلمته بتدشين المبادرة إنَّ هذه المبادرة تؤكد فينا قضيةً ضروريَّةً تُعَالجُ كثيرًا من قضايانا ومشكلاتنا إن أحسنَّا استعمالها، وهي واجب الحوارِ والتعايش والسلام، الذي قد يجنِّبُ مجتمعَنَا ويلاتٍ تعرضت لها مجتمعات كثيرة، وشباب اليوم في أمسِّ الحاجة إلى مثلِ تِلك اللِّقاءاتِ؛ حتى يكونوا على معرفةٍ واعيةٍ بما يدورُ حولَهم في هذا العالمِ سريعِ التَّغيُّرِ، وأيضًا حتَّى نستفيد من رُؤيتهم، ونتفهَّم احتياجاتِهم، وخصوصًا تلك القضايا الحسَّاسةَ التي يعمل مرصد الأزهر الشريف على مواجهتها، والَّتي تُعرضُ في هذه المبادرة من قِبَلِ متخصصين، آملين أن تَجِدَ الإشكاليَّاتِ جوابًا معرفيًّا يَبُثُّ في النَّاسِ الأَمَلَ ويبعثُهم على الرقيِّ والحضارة، وهذا هو منهج الأزهر الشَّريف.
وأكد أنَّ من أوجبِ الواجباتِ أن تتضافرَ جهودُ الجميعِ لإعلاءِ قيم التَّعايشِ والتَّسامحِ، ومدِّ جسورِ التَّفاهمِ والإخاءِ، والتَّصدِّي لخطابِ الكراهيةِ، ونشرِ قيمِ العدلِ والمساواةِ مِن أجلِ تحقيقِ السَّلامِ والاستقرارِ. ومن الواجب أن تضع المؤسَّساتُ المعنيَّةُ توصياتٍ جادَّةٍ تحمي الفكرَ، وتصونُ الهويَّةَ من محاولاتِ الاختطافِ أو التَّشويهِ من قِبَلِ أفكارٍ مغلوطةٍ أو مشروعاتٍ منحرفةٍ.
ولفت الضويني إلى أنَّ الأزهر الشَّريف بحسِّه الدِّينيِّ، وواجبِه الإنسانيِّ، ودورِه العالميِّ حين أدركَ حاجةَ البشريَّةِ إلى أنوارِ النُّبوَّةِ الَّتي تبدِّدُ ظلماتِ العنفِ والتَّطرُّفِ، اسْتَنْبَتَ من آثارِ الوحيِ نبتًا معاصرًا، استطاعَ أن يكشفَ عن حقيقةٍ دينيَّةٍ، وضرورةٍ مجتمعيَّةٍ، وفريضةٍ إنسانيِّةٍ، واستطاع أن يرسيَ قواعدَ المواطنة حين أخرجَ إعلانَه التَّاريخيَّ «إعلانِ الأزهر للمواطنةِ والعيشِ المشتركِ»، ولا يخفى على حضراتِكم وجهُ الحاجةِ الملحَّةِ لهذا الإعلانِ الأزهريِّ الَّذي يواجهُ التَّحدِّياتِ الَّتي يَتعرَّضُ لها الدِّينُ والوطنُ.
وتابع وكيل الأزهر أن الأزهر أكَّدَ خلالَ هذا الإعلانِ أنَّ «المواطنةَ» مصطلحٌ أصيلٌ في الإسلامِ، يتجاوزُ التَّنظيرَ الفلسفيَّ إلى سلوكٍ عمليٍّ، وأنَّ «المواطنةَ الحقيقيَّةَ» لا إقصاءَ معها، ولا تفريقَ فيها، وأنَّ «المواطنةَ الصَّادقةَ» تستلزمُ بالضَّرورةِ إدانةَ كلِّ التَّصرُّفاتِ والممارساتِ الَّتي تُفرِّقُ بين النَّاس بسببٍ من الأسبابِ، ويترتَّبُ عليها ازدراءٌ أو تهميشٌ أو حرمانٌ مِن الحقوقِ، فضلًا عن الملاحقةِ والتَّضييقِ والتَّهجيرِ والقتلِ، وما إلى ذلك من سلوكيَّاتٍ يرفضُها الإسلامُ.
وأشار محمد الضويني وكيل الأزهر إلى أن الأزهر استطاع من خلالِ التَّواصلِ الفعَّالِ والتَّعاونِ المثمرِ مع المؤسَّساتِ الدِّينيَّةِ الرَّسميَّةِ داخلَ مصرَ وخارجَها، وتبادلِ الرُّؤى والأفكارِ مع مختلِفِ الحضاراتِ والثَّقافاتِ، استطاعَ أن يُقدِّمَ نماذجَ متميِّزةً في التَّعايشِ والتَّلاقي، وأن يُحقِّقَ نجاحاتٍ كبيرةً مِن خلالِ حواراتٍ دينيَّةٍ حضاريَّةٍ حقيقيَّةٍ، تلتزمُ الضَّوابطَ العلميَّةَ، وتحفظُ ثوابتَ الدِّينِ، وتتركُ نتائجَ ملموسةً في سبيلِ تحقيقِ الأمنِ والسَّلامِ للبشريَّةِ كافَّةً. وجهودِ الأزهر متنوعة في ذلك بين لقاءاتٍ وندواتٍ ومؤتمراتٍ ومطبوعاتٍ وغيرِ ذلك من مجهوداتٍ تتعلَّقُ بإقرارِ المواطنةِ والتَّسامحِ.
وبيَّن أنَّ الإسلام الحنيف عرف المواطنةَ الصَّحيحةَ منذ أربعةَ عشرَ قرنًا، وذلك حين وضعَ وثيقةً دينيَّةً سياسيَّةً دستوريَّةً تدعو إلى التَّعايشِ السِّلميِّ بين جميعِ الأعراقِ والطَّوائفِ في مجتمعِ المدينةِ المنوَّرةِ الَّذي كانَ زاخرًا بأطيافٍ متنوِّعةٍ. وإنَّ المتأمِّلَ لـ«وثيقةِ المدينةِ» يرى عشراتِ البنودِ الَّتي تدورُ كلُّها حولَ المواطنةِ الفاعلةِ، والتَّعايشِ السِّلميِّ بين أبناء الوطنِ الواحدِ.
واختتم وكيل الأزهر كلمته بأن المواطنةُ مِن القضايا القديمةِ المتجدِّدةِ، الَّتي تفرضُ نفسَها وبقوَّةٍ، خاصَّةً حين تتبنَّى الأوطانُ مشاريعَ تنمويَّةً كبيرةً تقتضي من أبنائها الولاءَ والانتماءَ، وأوقنُ أنَّ حاجتَنا إلى المواطنةِ الرَّشيدةِ تشتدُّ في ظلِّ العولمةِ الخانقةِ الَّتي تتجاوزُ الحدودَ، وتخترقُ الأسوارَ، وتعتدي على الخصوصيَّاتِ، وتطمسُ الهويَّاتِ. وأنَّ لقاء اليوم وإطلاق مبادرة «وطن يجمعنا» ليؤكد أننا نسير في هذا الطريق الذي يؤكده الإسلام ويحرص عليه، وتطبيق عملي لما ينادي به الإسلام ويتبناه الأزهر دائمًا.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: وكيل الأزهر مبادرة وطن يجمعنا المجتمع بالحوار وکیل الأزهر
إقرأ أيضاً:
الإسلام.. يجرّد الدين من الكهنوت
الكهانة.. عمود الدين؛ منذ ما قبل الإسلام، فما من دين إلا والكاهن فيه واسطة بين الإنسان ومعبوده، لكن القرآن أعطى تصوراً سلبياً عنه، حيث قرنه بالمجنون: (فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ) - الطور: 29-. ورغم أن القرآن ذكر الشاعر في سياق ذكره الكاهن، بما يشيء بموقفه السلبي من كليهما، إلا أنه استثنى صنفاً من الشعراء: (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ، أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ، وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا) - الشعراء:224-227 -. لم يكن القرآن -بحسب تبيينه- من جنس الشعر والكهانة، فهو ليس من وحي الجن والشياطين؛ كما كان المعتقد قبل الإسلام.. بل هو قول رسول يتلقى التنزيل من عند الله: (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ، وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ، وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ، تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ) - الحاقة:40-43 -.
رفضُ القرآنِ الكهانةَ جاء لبناء «منظومة الوحي الإلهي»، وهي منظومة تحتاج لإعادة قراءة بعيداً عن التأويلات التي لحقت بمعاني القرآن، وما يعنينا هنا هو الحديث عن الكهنوت وموقف الإسلام منه، وتجريد الدين منه.
المعاجم العربية القديمة.. تعرّف الكهانة بأنها «علم بالغيب مدّعى»، ففي «لسان العرب» لمحمد ابن منظور (ت:711هـ): (الكاهِنُ الذي يَتعاطى الخبرَ عن الكائنات في مستقبل الزمان ويدَّعي معرفة الأَسرار)، و(تكهّن... قضى له بالغيب)، هذا هو المعنى المعجمي، بيد أن المفهوم أوسع منه، ففي أديان المنطقة ترد كلمة «كاهن» بلفظ متقارب، فـ(هي لفظ تستخدم للتعبير عن الكاهن وخادم الله، وهي موجودة حتى في الحضارات القديمة مثل: الأوغارتية والفينيقية والآرامية والفرعونية والنبطية والسريانية والحبشية. وهذه الكلمة من أصل «ك هـ ن»، وهي موجودة في الأكادي القديم بهذا النطق، وتطورت إلى «كانو» ثم «كهانو» بمعني ينحني أمام؛ لأن الكاهن هو الذي يقف أمام الله، وينحني أمامه ويقدم ذبيحته، وتوجد أدلة على هذا من اللغة الأكادية تعود إلى 2250ق.م تقريباً) - موقع الدكتور غالي على الإنترنت -. وتوجد لدى اليهود والمسيحيين بلفظ «كوهين». وهذا يدل على تجذّرها في الأديان، ومازلت باقية فيها حتى اليوم، ولها في كل دين وظائف معلومة لدى أتباعه؛ تقوم على أن العابد لتُقْبَل عبادته لابد أن يقدمها عبر الكاهن.
جاء الإسلام؛ الدين الخاتم ليجرّد الدين من الكهانة؛ في منظوماته:
1. وحدانية الله.. أول منظومة سعى الإسلام إلى تجريدها من الكهانة، لأن هدفه الأسمى إقرار الإيمان بالله وحده رباً للوجود، ولا اعتبار لأية ألوهية لغيره، فنفى عن الملائكة والأنبياء والصالحين والبشر والجن ما ألصق بهم من صفات الألوهية، وأبطل التوجه بالعبادة لمخلوق. وهذا استلزم تحريم التوجه إلى الأحياء بالعبادة؛ حتى لو كانوا من كبراء القوم: (وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا، رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً) - الأحزاب:67-68-، فالكبراء الأحياء.. «أشد خطراً» من أي معبود سواهم، سواء أكانوا من رجال الدين؛ وهم الذين يعنيهم القرآن بالأصالة، أم الملأ من الساسة، أم زعماء القوم، لكون الناس تتبع كبراءها. فتحقيق مفهوم «لا إله إلا الله» يقتضي عبادة الله مباشرة دون واسطة.
2. الرسالة.. الرسل هم وحدهم المعتبرون في الإسلام لتبليغ تعاليم الله إلى الناس، ففي إطار تجريد الدين من الكهنوت.. أحل الإسلام «منظومة النبوة» محل «منظومة الكهانة». وإن كان الكاهن في الأديان هو الواسطة بين الآلهة والإنسان؛ بيده يرفع أعمال العبد إليها، وبموافقته تقبل قرابينه، وبمباركته تقدم الطقوس التعبدية، فإن الإسلام ألغى كل ذلك؛ فالنبي.. مبلغ عن ربه فحسب، وليس له أن يشرّع شيئاً من نفسه. إنه كبقية البشر.. بيد أنه يوحى إليه؛ معصوم في تبليغه الوحي كعصمة سلوكه في الأخلاق. أما ما يتعلق بأية وساطة أخرى فليس للنبي منها نصيب، حتى ما يتعلق بالشفاعة؛ دنيا وأخرى، - انظر: الواسطة في القرآن، جريدة «عمان»، 11/ 4/ 2023م- . والنبي.. ليست له سيطرة على الناس، فهو مذكِّر لهم فحسب: (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ، لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ) - الغاشية:21-22-، وليست له عليهم وكالة، فهو مبلغ فقط: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً) - الإسراء:54 -.
3. علم الغيب.. أخطر دعوى قامت عليها الكهانة في الأديان، فبها يهيمن الكهنوت على الأتباع، وهي «عمل خفي» لا يمكن للأتباع الاعتراض على ما يأتي عبرها، فالكاهن.. هو مَن يقرر التعاليم التي تستعبد بها الآلهةُ البشرَ، ومن لا يصدق بأنه على حق؛ فإنه يسومه سوء العذاب الدنيوي، ثم يردفه بالعذاب الأخروي، أو يصيبه بالأمراض تركسه في وَصَبها، أو يرسل إليه الجن تمسه برهقها، أو يصبّ عليه وابل دعائه ويستمطر عليه غضب آلهته، وبهذا فرض الكهنوت هيمنته عليهم، وأغلق أي منفذ إلى الله غير نافذته الضيّقة. فلما جاء الإسلام أبطل ما يدعيه الكهنوت، فالله وحده عالم الغيب، ولا أحد يعلمه؛ حتى الأنبياء، فالنبي يقول: (َلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ) - الأنعام:50- ، وهو كغيره بشر: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ) - الكهف:110-.
4. التشريع.. مما ابتلي به الناس على مدى تأريخهم الطويل؛ التشريع بما لم يأذن به الله. وهذا لم يُصب به دين دون آخر، فهو عام في الأديان حالَ قوتها وإثبات قبضتها على المجتمع. وخطورته عندما يتآصر مع السياسة.. فرغم أن الفقهاء المسلمين الأوائل رفضوا أن تعتمد اجتهاداتهم تشريعاً، لكن السياسة حتى تحكم قبضتها على الشعوب اتخذت من المادة الفقهية والروائية المدونة، ومن الفقهاء الذين تعانقوا مع الساسة؛ مادة كهنوتية تشريعية، وهو ما حرّمه الإسلام من الأساس، قال الله: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ) - التوبة:31-، فالقرآن.. حرّم التشريع ولو كان من نبي: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ) - الشورى:21-، فالله.. وحده المشرّع، والقرآن بيّن ميسّر، لا إبهام فيه لكي يحتاج إلى الخاصة في بيانه، والأخذ بالدليل لا بما يقول الفقيه. فالفقيه.. له أن يمارس فهمه للإسلام ويتدبر القرآن لكن دون أن يفرض رأيه على الناس. والإسلام.. لم يفصّل القوانين اللازمة لانتظام أمر الناس؛ السياسية والاجتماعية والاقتصادية ونحوها، لكون الحياة متغيّرة، ولذا؛ يجب أن يحكمها شرع الله بمبادئه الكلية كالعدل والرحمة والمساواة؛ وهي الآيات المحكمات؛ قال الله: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ) - آل عمران:7 -.
5. الشعائر.. لا تقام إلا في المعبد، وبواسطة الكاهن تُرفع إلى الآلهة، وهو من يُعَمِّد الناس ليدخلوا في حياض الدين، وبين يديه تقدّم النذور والأضاحي، وبه تفتح أبواب الجنان وتغلق أبواب النيران. فلما جاء الإسلام حرر الشعائر من الكهانة، لكي تؤدى لله من دون واسطة.
فالصلاة.. شعيرة لمناجاة الفرد ربه؛ يؤديها أينما حل عليه وقتها، وإنما تقام الصلوات جماعةً لشأن اجتماعي كالمحبة والتعاون والوحدة. ويقيم الصلاة بالمصلين كل مَن يحسنها ولا يدخل فيها ما يفسدها. والأظهر أنه لا ارتباط بين صلاة المأمومين وصلاة الإمام. ومَن ثبت لديه دخول شهر رمضان فعليه صومه، وإعلان دخوله وخروجه من قِبَل السلطة هو شأن تنظيمي لا تشريعي. ومناسك الحج.. يؤديها الفرد بنفسه، فليس هناك من يفتح له مغاليق المسجد الحرام، أو مَن طوف به حول البيت أو يسعى به بين المروتين، وبنفسه يقدم أضحيته ويقف في عرفات مع الواقفين، وكل فرد منهم يتجه إلى الله بدعائه.