طوفان الأقصى .. هل يقترب الكيان الصهيوني من نهايته؟ «١»
تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT
على مدى التاريخ لَمْ يشهد العالَم جريمة موثَّقة بالصوت والصورة والشواهد مِثل جرائم الصهاينة على أرض فلسطين المقدَّسة، هذه العصابة الهمجيَّة بآليَّتها وقضِّها وقضيضها تُمارس أبشع جرائم الإبادة ضدَّ شَعب أعزل محاصَر لا حَوْلَ له ولا قوَّة في ظلِّ عالَمٍ ظالمٍ تحكمه قوى استعماريَّة تصنع من المُجرِم ضحيَّة وتزوِّر الحقائق، مستخدمةً في ذلك آليَّاتها الدعائيَّة العملاقة ونفوذها في المنظَّمات الدوليَّة وسيطرتها على مقدّرات العالَم.
ومن المفارقة أنَّ هذا الشَّعب المظلوم الَّذي تنهشه يَدُ الظُّلم منذ أكثر من خمسة وسبعين عامًا ينتمي لأُمَّة كانت قَبْل عدَّة قرون تحكُم الأرض. ومن المفارقة أيضًا أنَّ هذه الأُمَّة المتخاذلة تتفوق على عدوِّها في العدد ـ ولا أقول العُدَّة ـ والموارد وتجمعها وحدة اللغة والدِّين والعقيدة.. إنَّها أُمَّة (لا إله إلَّا الله) الَّتي استخلفها الله في الأرض وبعث فيها خاتم الأنبياء والمرسلين وصفها المولى عزَّ وجلَّ في كتابه الكريم: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ..).
إنَّ تخاذل أُمَّة العرب عن قضيَّتهم الأُم لَمْ يأتِ صدفة، فالصهاينة ومن خلال نفوذهم على حكومات الغرب وعلى رأسها الولايات المُتَّحدة مارسوا أشدَّ أنواع الضغوط على الأنظمة العربيَّة لحذف كُلِّ ما يتعلَّق بالقضيَّة الفلسطينيَّة في المناهج التعليميَّة، وفرضوا على الخِطاب الدِّيني قيودًا شديدة لمنع أيِّ محاولة لتذكير أبناء الأُمَّة وأجيالها المتعاقبة بصفات اليهود والصهاينة عَبْرَ التاريخ من غدرٍ وسفاهة وخيانة ونقض للعهود، بالرغم أنَّ صفاتهم تلك لَمْ تأتِ من خيال داعية ديني متطرِّف اعتلى المنبر دُونَ عِلم ولا دراية، ولا من سردٍ تاريخي شابَه التحريف وفق هوى مَن قام بتوثيقه، بل وثَّقته آيات الله المُحكمات الَّتي لَمْ يمسَّها تحريف ولا تلفيق ولا تنقيح، وهل أصدقُ من الله قيلًا؟
وفي الوقت الَّذي نقَّح العرب مناهجهم وحذفوا كُلَّ ما يضايق أعداء الله اليهود الطغاة ويكدِّر خاطرهم، ضاعف الكيان الصهيوني من ترسيخ الكراهية لدى أجياله المتعاقبة ضدَّ العرب والمُسلِمين، فظلَّ العربي في أعيُنهم حيوانًا جامحًا ليس له حقُّ العيش، وفي المقابل أصبح اليهود في مناهج العرب أبناء عمٍّ لنَا وشركاءنا في التاريخ والمصير!! فأيُّ منطق متخاذل هذا؟ وأيُّ معادلة انهزاميَّة تلك؟ ثم يأتي أحَد جهلاء التاريخ ويقول: إنَّ فلسطين هي في الأصل أرضٌ لليهود قَبْل أنْ تكُونَ للعرب؟! هل رأيتم أُمَّة ضُربت في ثوابتها وعقيدتها أكثر من هذه الأُمَّة المتهالكة؟
يعاني أبناء فلسطين وخصوصًا الغزاويِّين مِنْهم، مرارة الظلم والحصار والقصف والاغتيالات والمهانة، وعِندما يقومون بعمل يحفظ لهم كرامتهم ويرهب عدوَّ الله وعدوَّهم، يقف العالَم مع المحتلِّ الغاشم ويصوِّره في إعلامه ودعايته السِّياسيَّة بالوديع المسكين الَّذي يواجه وحوشًا بَشَريَّة ضارية، وليس في هذا غرابة، فالكيان الصهيوني هو ابن الغرب المُدلَّل منذ أن زُرع في خاصرة العرب، وكُلُّ نعيقهم عن حقوق الإنسان والقانون الدولي يتساقط ويداس تحت أقدام الصهاينة وبمباركتهم، فحقوق الإنسان في نظرهم لا تشمل أُمَّة العرب والإسلام؛ لأنَّهم في الدرك الأسفل من أنماط البَشَر، لكن من المؤسف والمقرف جدًّا أن يأتيَ من العرب ويهاجم المقاومة علَنًا ويحمِّلها نتيجة الحرب الهمجيَّة الَّتي تشنُّها آلة الحرب الصهيونيَّة والأميركيَّة وأخواتها، وكأنَّه مكتوب على العربي أن يظلَّ مدى الدهر ذليلًا خاضعًا ضعيفًا يتلقَّى الطعنات من كُلِّ حدبٍ وصوب ويقابل كُلَّ صفعة على وجهه بعود زيتون وحمامة سلام.
ثمَّ نجد بعض الأقلام المأجورة والأصوات الإعلاميَّة المدسوسة تخوِّن المقاومة بجميع أطيافها؛ لأنَّها مدعومة من إيران!
وهي ذات الأقلام والأصوات الَّتي كانت تُسمِّي المجموعات الهمجيَّة الداعشيَّة الَّتي دمَّرت سوريا الصَّامدة وعاثت في الأرض فسادًا بالمعارضة!! فقط لأنَّها غير مدعومة من إيران، ولأنَّها وجَّهت بنادقها وأحزمتها الناسفة ضدَّ الدَّولة العربيَّة الوحيدة الَّتي رفضت التنازل عن حقوقها وظلَّت في حالة عداء مع العدوِّ الصهيوني، فكان الجزاء أن دُمِّرت بأيادي وأموال أبناء جلدتها خدمة لأعداء العرب!
بعد هذه المقدِّمة، هل ما يقوم به الكيان الصهيوني من قتلٍ وتصفية لشَعب فلسطين بصَمْتٍ دولي ودعم غربي هو هزيمة لقضيَّة فلسطين ومشروع المقاومة؟ وهل تظلُّ هذه المعادلة الظالمة بلا نهاية؟ وهل المقاومة قادرة على الصمود في وجْه هذه الآليَّة العسكريَّة الضخمة؟ أبشركم أنَّ من رحم المِحن تولد المعجزات، وأنَّ هناك من البشارات الَّتي لا تقبل الشَّك لكُلِّ مؤمن لَمْ يتلوَّث ضميره بدعايات الغرب المستعمر ولا بمبرِّرات العربي المُطبِّع المستسلم، بشارات ودلائل بقرب استئصال السرطان الصهيوني، يدركها حتَّى المستسلمون الَّذين تنازلوا عن ثوابتهم وعقيدتهم من أجْل كرسي زائل، ولكن ينطبق عَلَيْهم قول المولى ـ جلَّت قدرته ـ (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ).
يتبع …
سعيد بن محمد الرواحي
كاتب عماني
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
المرتزِقةُ يجدِّدون التأكيدَ على استعدادِهم لحماية الكيان الصهيوني
وكشفت وسائل إعلام مختلفة، الأحد، عن مغازلة حكومة الفنادق لكيان الاحتلال الإسرائيلي، من خلالِ مطالبتها لتحالف العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي بالتدخُّل العسكري المباشر في اليمن مقابلَ حماية الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر.
وبلُغة استجداء وعطف وشفقة، دعا سفيرُ حكومة العمالة والخيانة في أمريكا، المرتزِق محمد الحضرمي، في كلمة له أمام الكونغرس، أسيادَه في واشنطن لمهاجمة مدينة الحديدة المكتظة بملايين السكان، وذلك رداً على الحظر الذي تفرضه اليمن ضد الملاحة الإسرائيلية في البحرين الأحمر والعربي، دعمًا وتضامنًا مع ما يتعرض له سكان غزة من جرائم وحرب إبادة جماعية على مدى أكثر من 430 يوماً.
وقال المرتزِق الحضرمي في كلمته أمام الكونغرس: “نقدر بشدة الدعم السياسي والإنساني الذي تقدمه الولايات المتحدة، ونحن نشكركم على كرمكم، ومع ذلك، هناك حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي، ونحتاج ونطالب باستراتيجية أمريكية جديدة في اليمن تُساعد (الشرعية) ضد الحوثيين ودعم القوة العسكرية والبشرية للقوات التابعة للشرعية مما يساعد على حماية البحر الأحمر وتأمين ميناء الحديدة”.
ووفقًا لخبراء ومراقبين سياسيين، فَــإنَّ خطابَ السفير المرتزِق في أمريكا، يمثل إعلانًا صريحًا وعلنيًّا باستعداد حكومة الفنادق الموالية للعدوان، لحماية سفن الكيان الصهيوني التي تمر في البحر الأحمر، مقابلَ مهاجمة الحديدة، التي يمثل ميناؤها الشريانَ الاقتصاديَّ الوحيدَ للملايين من أبناء الشعب اليمني.
المسيرة