جريدة الوطن:
2024-11-15@22:59:27 GMT

مدينة… ومعاناتها الإنسانية!

تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT

مدينة… ومعاناتها الإنسانية!

ندرك جميعًا عِندما تنظر لتلك المدينة من خلال التلفاز، وتشعر بخواء الشوارع، وبتلك اليد الغريبة المستمرَّة بطعْنها وقتلها وتدمير كُلِّ بساط بها. وللأسف لا يدرك أولئك أنَّ حجم وكثافة البَشَريَّة هو ما يجعل المُدُن تشعر بالأمان. إنَّ متعة المدينة وأَلَمَها هو أنَّنا لا نكُونُ وحيدين أبدًا، حتَّى عِندما نريد بشدَّة أن نكُونَ كذلك.

لَمْ يكُنْ هذا هو الحال في أرض كان يسودها الرَّخاء منذ زمن بعيد! حينها تجلس مع حزن عميق، ولعلَّها طريقة تكبت بها البكاء، لأُناسٍ ظلموا وما زالوا يظلمون، وأنتَ تنظر لتلك المدينة من بعيد، ليس بسبب الخوف بقدر ما هو بسبب الصدمة النقيَّة والتعاطف العميق. قُتل مِنْهم الكثير من أجْلِ أرضهم ومدينتهم. لَمْ أكُنْ أعرف أنا أو أصدقائي أيًّا مِنْهم، ولكنَّنا ـ بلا شك ـ شعرنا بأنَّهم معروفون جدًّا. ومع ذلك، هذه المرَّة لَمْ تكُنْ هناك محاولة حقيقيَّة لإقامة لحظة حداد. نحن هنا لَمْ نحزن فحسب، لقَدْ بدا أنَّنا مستاؤون من فقدان حتَّى ولو لمرَّة واحدة من محاولتنا للعودة إلى طبيعتنا. وهنا بشكلٍ ما يتمُّ تنمية التعاطف من خلال التفاعلات مع الأشخاص الَّذين لا نعرفهم جيِّدًا، وتلك اللمحات من عوالم داخليَّة أخرى. وربَّما دُونَ أن يدركَ أحَد فلقَدْ قُمنا، على مدى عقود ونحن ننظر تلك المدينة ببطء ثمَّ بسرعة، محاولين (إخراج) الآخرين من حياتنا إلى أقصى حدٍّ. باستخدام تطبيق واحد في كُلِّ مرَّة، قلَّلنا بشكل كبير من حاجتنا إلى التفاعل بشكلٍ عرضي مع أيِّ شخص لا نعرفه من تلك المدينة، مع أنَّ ألَمَ تلك المدينة وأرضها مستمرٌّ لَمْ يتوقفْ! ولعلِّي أقول هنا: ماذا لو لَمْ تكُنْ معاناتنا داخليَّة فقط لَنَا ـ لتقصيرنا مع تلك المدينة ـ؟ ماذا لو تدهور سكَّانها وقانطوها كما نراه اليوم؟ وماذا لو تدهورنا؛ لأنَّنا بدأنا بالاستياء ليس فقط من التفاعلات البَشَريَّة، بل أيضًا من فترة البَشَر؟! وأكثر فأكثر، اعتدنا واعتاد سكَّانها ـ تلك المدينة ـ على المعاناة والموت. يعتقد الكثيرون أنَّه تمَّ كتابة مقالات حَوْلَ سبب عدم تحرُّك مُدُن أخرى ـ حَوْلَ تلك المدينة ـ لوقفِ عمليَّات إطلاق النَّار والدَّمار الَّذي يعصف بها ظلمًا، والجرعات الزائدة الَّتي لا نهاية لها من الموت وقتل على يد الغرباء. ماذا لو كان الجمود نتيجة لأنَّنا ببساطة لَمْ نَعُدْ نقدر الحياة البَشَريَّة أو المسؤوليَّة الحقيقيَّة تجاه إخواننا بالطريقة الَّتي كنَّا نفعلها من قَبْل! هذه فرضيَّة قاتمة، لكنَّها فرضيَّة كان عَلَيْنا ـ ربَّما ـ أن نتقبَّلَها بجديَّة، ونحن نتصفح وسائل التواصل الاجتماعي منذ الهجوم الظالم الَّذي وقع على أهل تلك المدينة. فصدقًا ما مدى صحَّتنا العاطفيَّة كأُناس تراقب المشهد من بعيد عِندما نشعر، في لحظات المأساة العميقة والمؤلمة، بأنَّنا مضطرون إلى إدراج آرائنا أو مواقفنا؟ ألَا يُمكِننا ولو للحظة واحدة أن نشعرَ بالضحايا… ثم ماذا بعد ذلك؟ هل باتَتِ النَّاس تتجنَّب التعامل مع الآخرين وإدراك آلامهم؟ فمَن يدري لعلَّ تجنُّب ذلك أدَّى إلى تآكل تعاطفنا! ختامًا، قَدْ يكُونُ هذا الوقت يُمكِننا أن نحاولَ الابتعاد عن عدم المبالاة وإعادة احتضان الإنسانيَّة والأُخوة الحقيقيَّة لإخراج أنفسنا من شرانق العزلة. وكمِثال يُمكِننا رفع الهاتف والاتِّصال بصديق بدلًا من الإعجاب بمنشور ما. يُمكِننا صدِّقْ أو لا تصدِّق، الاهتمام بما يحدُث في تلك المدينة ونقدِّم ما نستطيع تقديمه مهما كان بسيطًا. أما أنَّنا اعتدنا على المعاناة الإنسانيَّة… فماذا حدث للتعاطف ـ كان الله في عون غزَّة ـ؟!

د. يوسف بن علي الملَّا
طبيب ـ مبتكر وكاتب طبي
dryusufalmulla@gmail.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: تلک المدینة ماذا لو

إقرأ أيضاً:

رجل يشتكي من ارتفاع تكلفة الزواج: “لا ترمى نفسك للتهلكة” … فيديو

خاص

اشتكى رجل خمسيني من ارتفاع تكلفة الزواج، واصفا اياها بأنها متعبة وناصحا الرجال “لا ترمى نفسك للتهلكة”.

وقال الرجل في مقطع فيديو تداوله رواد مواقع التواصل: “الزواجات صارت مكلفة للرجل، من ناحية المهور البنات وإيجار القصر، أق إيجار 15 ألف ريال”، مضيفا: “غير الذبائح وبوفيه مفتوح، ربما تصل التكلفة الى 20 الى 30 ألف ريال”.

ونصح الرجل المقبلين على الزواج، قائلا: “بدلا من إيجار القصر، خذلك استراحة ب٥ آلاف واعزم اللي جيرانك وأقاربك لا تعزم البعيد، واذبح ذبيحتين وخذ البنت وروح لأهلك”.

https://cp.slaati.com//wp-content/uploads/2024/11/1111.mp4

 

مقالات مشابهة

  • تقارير التخدير … والتخدير بالتقارير
  • رجل يشتكي من ارتفاع تكلفة الزواج: “لا ترمى نفسك للتهلكة” … فيديو
  • احذرها … 9 عوامل قد تسبب لك صداع التوتر
  • وفيات الجمعة … 15 / 11 / 2024
  • في معمل زيوت النيرب بحلب… عصر 2700 طن من بذور القطن
  • من مصطفى النقر … إلى سعادة السفير .. كأنه ليس سوداني !!
  • الاكلات العراقية…  البيتزا والكنتاكي تنافس الباجة والطابگ
  • السودان بلد خال من العنصرية …في بلدنا جاهليات … ومحسوبية
  • الشكري … الهوية الأفريقية … قرية سر الكل !!
  • جباليا… المدينة التي قهرت جنود الاحتلال الصهيوني