في الوقت الَّذي عمَّت التظاهرات المُندِّدة بمجازر «إسرائيل» ضدَّ المَدنيِّين في غزَّة كثيرًا من دوَل العالَم، دعا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لِقمَّة دوليَّة في القاهرة، تزامنًا مع فتح معبر رفح والسَّماح بمرور كميَّات رمزيَّة من المعونات الإنسانيَّة لأهالي غزَّة المُحاصَرين منذ أسبوعين بِدُونِ ماء ولا غذاء ولا كهرباء ولا مستلزمات طبيَّة، استجاب للدَّعوة كثير من الدوَل والمنظَّمات، فحضرها عددٌ من القادة العرب وأمين عامُّ الأُمم المُتَّحدة، ورؤساء دوَل وحكومات أوروبيَّة وممثِّلو الاتِّحاد الأوروبي والاتِّحاد الإفريقي، ومنذ الكلمات الأولى في افتتاح المؤتمر وهناك تباين في مواقف العرب والأوروبيِّين ممَّا يحدُث في غزَّة، فبَيْنَما أدان العرب «إسرائيل» وطالبوا بوقف العدوان، ودخول المساعدات بِدُونِ شروط إلى القِطاع، أصرَّ ممثِّلو الغرب أن يتضمَّنَ البيان الختامي للقمَّة بندًا وحيدًا فقط وهو إدانة حركة حماس، ورفضوا أيَّ إدانة لِمَا ترتكبه «إسرائيل»، ورفضوا وقف إطلاق النَّار حتَّى تنجزَ «إسرائيل» عمليَّة الثأر من حماس والقضاء على المقاومة الفلسطينيَّة وطردها من غزَّة.


وأمام إصرار الدوَل الأوروبيَّة على رفض كافَّة الصيغ المتوازنة والحلول الوسط، فشل المؤتمر في الخروج ببيان ختامي، واكتفت مصر بإصدار بيان يُعبِّر عن خيبة أملها في الوصول لِتوافُقٍ دولي؛ لِنَبذِ العنف ووقفِ الحرب واحترام القانون الدولي الَّذي يحمي المَدنيِّين، ويضْمَن وصول المساعدات الإنسانيَّة إلى مستحقِّيها، وحذَّرت مصر من اتِّساع رقعة الصراع الدَّائر إلى مناطق أخرى في الإقليم، وأشارت إلى ازدواجيَّة معايير المُجتمع الدولي في التعامل مع الأزمات، فبَيْنَما نرى هرولةً لإدانة قتْلِ الأبرياء في مكان، نجدُ صمتًا غير مفهوم عن إدانة نَفْسِ الفعل في مكان آخر، بل نجدُ تبريرًا للقتل، وكأنَّ حياة الإنسان الفلسطيني أقلُّ أهمِّية من حياة باقي البَشَر. كما أكَّدت مصر رفضها تصفية القضيَّة الفلسطينيَّة على حساب دوَل بالمنطقة، خدمة لـ»إسرائيل» (في إشارة لرغبة أميركيَّة/‏ إسرائيليَّة لتهجير أهالي غزَّة إلى سيناء حتَّى يتسنَّى للجيش الإسرائيلي تطهير غزَّة من المقاومين).
والخلاف بَيْنَ العرب والغرب بشأن فلسطين خلاف تاريخي، ليس أمرًا جديدًا ولا مستغربًا، يَعُودُ لوعدِ بلفور ونشأة «إسرائيل» الَّتي زرعوها لحماية المصالح الغربيَّة في منطقتنا كما قال الرئيس الأميركي بايدن.
هذا الانحياز الفاضح، هو الَّذي شجَّع «إسرائيل» على قتْلِ النِّساء والأطفال وقصف المستشفيات ودُور العبادة في غزَّة، دُونَ أن يهتزَّ لها جفن، ضاربةً بالقانون الدولي عرض الحائط، ضامنةً أن يكفلَ «الفيتو» الأميركي الحماية لها في مجلس الأمن.
لَمْ يكتفِ الغرب بالانحياز السِّياسي لـ»إسرائيل»، بل مارس سقوطًا أخلاقيًّا تبدَّى في وأدِ الحقيقة، وطمس الوقائع والانحياز للأكاذيب الإسرائيليَّة، مهما خلَت من المنطق والأسانيد، فشاهدنا الرئيس الأميركي يتَّهم حماس بقطع رؤوس أطفال المستوطنين، وعِندما تبَيَّنَ عدم وجود دليل أو صورة وحيدة على هذه المزاعم، اعتذر البيت الأبيض عمَّا قاله بايدن، الَّذي لَمْ يتَّعظْ وراح مرَّة أخرى يُردِّد أكاذيب نتنياهو عن مسؤوليَّة المقاومة الفلسطينيَّة عن مذبحة مستشفى المعمداني الَّتي استشهد فيها 500 فلسطيني معظمهم أطفال ونساء.
أين حقوق الإنسان الَّتي صدعنا الغرب بها، وابتزوا من خلالها أنظمة وشعوب العالَم الثالث؟! داسوها اليوم بأقدامهم قربانًا لـ»إسرائيل»، أين حُرِّيَّة التعبير الَّتي عيرونا بغيابها؟ فكثير من الدوَل الغربيَّة أصدرت قوانين وتشريعات طارئة، تتيح ملاحقة وسجن كُلِّ مَن يجاهر بنصرة أهل غزَّة، وإدانة المذابح الإسرائيليَّة، والَّتي وصلت لتهديد وزير الداخليَّة الفرنسي لاعب الكرة الفرنسي كريم بن زيمة بسحب الجنسيَّة مِنْه بسبب دعمِه لغزَّة بعبارة على مواقع التواصل الاجتماعي.

محمد عبد الصادق
Mohamed-abdelsadek64@hotmail.com
كاتب صحفي مصري

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

الرئيس الفلسطيني: على حماس أن تتحول لحزب سياسي وتسلم سلاحها للسلطة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أن التهجير قضية في غاية الخطورة ويجب محاربتها بكل الوسائل، وأن غزة أرض فلسطينية وجزء لا يتجزأ من الوطن.

وأضاف "عباس" في كلمته خلال الدورة الـ 32 للمجلس المركزي لمنظمة التحرير، اليوم الأربعاء: "رؤيتنا قائمة على ضرورة خلق الظروف الملائمة عبر إنهاء الاحتلال لأرض دولة فلسطين، ونؤكد ضرورة منع محاولات تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة طوعا أو كرها".

وطالب بالإفراج عن المحتجزين في قطاع غزة، وأكد أن “التهجير نكبة جديدة لا يمكن أن نسمح بها مجددا”، وطالب حركة حماس بتسليم سلاحها إلى السلطة الوطنية الفلسطينية، وعلى حماس أن تتحول إلى حزب سياسي يعمل وفق قوانين الدولة الفلسطينية.

وأكد "عباس" أنه على حماس أن تتحول إلى حزب سياسي يعمل وفق قوانين الدولة الفلسطينية، وعلى حماس إنهاء سيطرتها على قطاع غزة، ونطالب بوقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية، ولا ينبغي أن يكون هناك سلاح خارج إطار الدولة.

وشدد، الرئيس الفلسطيني، ، على ضرورة اعتماد خطة شاملة للتعافي وإعادة إعمار غزة دون تهجير.

 

مقالات مشابهة

  • حماس تنتقد اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني وتصفه بـمحطة جديدة للتفرد والإقصاء
  • فيديو. الرئيس الفلسطيني يهاجم حماس : اطلقوا سراح الرهائن يا اولاد الكلاب وخلصونا
  • الرئيس الفلسطيني الى حماس: سلّموا الرهائن يا اولاد الكلب
  • "حماس" ترد على الرئيس الفلسطيني: شرعيتك منتهية ولا تمثل شعبنا المقاوم
  • ‏الرئيس الفلسطيني يدعو حماس لتسليم الرهائن لـ "سد الذرائع الإسرائيلية"
  • ‏الرئيس الفلسطيني: 2165 عائلة أبيدت كليا في غزة
  • الرئيس الفلسطيني: على حماس أن تتحول لحزب سياسي وتسلم سلاحها للسلطة
  • الرئيس الفلسطيني يطالب حماس بتسليم سلاحها إلى السلطة الوطنية
  • الرئيس الفلسطيني يطالب "حماس" بتسليم غزة والسلاح والتحول إلى حزب سياسي
  • حماس: اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني لا يُعبر عن الإجماع الوطني