جريدة الوطن:
2024-11-24@20:22:42 GMT

غدا سيولد من يستولد الحق من رحم المستحيل

تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT

غدا سيولد من يستولد الحق من رحم المستحيل

(75) عامًا مرَّت على النَّكبة الفلسطينيَّة ولا يزال الوضع على ما هو عَلَيْه؛ جرائم ومذابح ترتكبها العصابات الصهيونيَّة بشكلٍ علنَي وقِح، وعالَم غربي يدعم سرًّا وعلانيَّة، ويتشدَّق بشعارات عن السَّلام المرجوِّ القائم على حلِّ الدولتَيْنِ، وموقف عربي متَّفق ومتضامن مع القضيَّة الفلسطينيَّة، لكن دُونَ خطوات فعليَّة تُعِيد الحقوق الفلسطينيَّة الأصيلة المعترف بها بمجموعة من القرارات المرجعيَّة الأُمميَّة، وآخر متخاذل بفعل الانقسام الواضح في طُرق الحصول على تلك الحقوق، بالإضافة إلى الحصار الَّذي يرزح فيه عالَمنا العربي التعيس بَيْنَ معضلات وأزمات داخليَّة وضغوط خارجيَّة تحُولُ بَيْنَه وبَيْنَ تحقيق أهدافه الوطنيَّة قَبل القوميَّة، وواقع فلسطيني منقسم بالتبعيَّة يعيش وسط معاناة لَمْ يعرفها التاريخ الحديث.


الغريب رغم أنَّنا اعتدنا أن نعيشَ في ظلِّ هذا الواقع عربًا وفلسطينيِّين، فكَمْ من مذبحة عايشناها في تاريخنا الشخصي، وكَمْ من جرائم صهيونيَّة ارتُكبت على مرأى ومسمع من العالَم الَّذي يتواطأ بعضه، ويكتفي البعض الآخر بالشَّجب والاستنكار والعويل على الدماء الَّتي تنزف، دُونَ خطوة فعليَّة لمحاسبة تلك الدَّولة المتغطرسة المدعوَّة «إسرائيل»، لكن يظلُّ فينا وبَيْنَنا مَن لدَيْه أمل في تغيير هذا الواقع المظلم الَّذي نعيشه، أمل نستمدُّه من الأبناء الَّذين لَمْ يتجاوزوا سنَّ الطفولة بعد، والَّذين يردِّدون بإصرار في شوارع القاهرة وبغداد ومسقط والرياض وباقي العواصم العربيَّة الأغنية الأيقونيَّة «على عهدي فلسطيني»، وكأنَّ تكرار الجرائم الصهيونيَّة على ما تحمله من بشاعة وإرهاب، يظلُّ يزرع في النفوس الشَّابة جذور القضيَّة الَّتي ستظلُّ مركزيَّة لكُلِّ عربي ومُسلِم، مهما زادت المِحن. إنَّ التقاعس العربي وتوالي الانكسارات لَمْ يقضِ على أملٍ في حلٍّ عادل وشامل، بل يتجدَّد في نفوس أبناء المستقبل، فبدلَ أن تقضيَ الجرائم الإسرائيليَّة المتوالية على أيِّ أملٍ في حلٍّ، نجدها تبني الإصرار والعزيمة في النفوس الشَّابة، وتُعرِّف الجرائم أبناءنا الأطفال والشَّباب الحقيقة والقضيَّة، وتبني وعيَهم الفردي والجماعي على كُره هذا المسخ الَّذي زُرع في حيِّنا خلسة زمن الاحتلال، ولا يزال مزروعًا كنَبْتٍ شيطاني بفعل مَن زرعوه ولا يزالون يحرصون على حمايته ورعايته، لتظلَّ الجرائم الَّتي ترتكبها دَولة الاحتلال تحُولُ بَيْنَ محاولات البعض من بني جلدتنا الذَّهاب نَحْوَ التطبيع، والحديث عن تقبُّل وجود الكيان الصهيوني والتعامل معه، وتخلق في نفوس أبنائنا رفضًا كاملًا لِمَا رفضناه نحن وحاول البعض فرضه عَلَيْنا. ولعلَّ حديثي مع ابني الَّذي لمَّا يتجاوز 11 عامًا، وتأكيده أنَّه يحلم بتحرير فلسطين، وما أسمعه من أغانٍ وطنيَّة وشعارات تدعم القضيَّة الفلسطينيَّة من أطفال لَمْ يبلغوا الحلم بعد، يؤكِّد لديَّ مقولة الشَّاعر الكبير أمل دنقل عِندما أطلق صرخته العالية (لا تصالح)، فسوف يولَد مَن يلبس الدِّرع كاملةً، ويوقد النَّار شاملةً، يطلب الثأرَ، يستولد الحقَّ، من أَضْلُع المستحيل، فقَدْ تكُونُ حرب غزَّة وما يعانيه الفلسطينيون اليوم هو الشرارة الَّتي ستصنع هذا الجيل المنشود، بعد تخاذل جيلنا ومَن سبقوه. فالجرائم تُوثَّق الآن بشكلٍ آني، لتجعلَ دماء النخوة تجري في العروق اليابسة الَّتي يبست من الخنوع.

إبراهيم بدوي
ibrahimbadwy189@gmail.com

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

الجهاد عُدَّةٌ وزاد والحكمة اليمانية تجرفُ الفساد

 

مما لا ريب فيه أن من لزم الجدَّ أدرك المجد، ومن صدق في مقاله جَلَّ قدره، وتم أمره، وحسُنَ ذكره، وشهِدَ فعله على صدق مقاله وجليل أعماله.
فأحسن الكلام ما قل ودل وصدقه العمل، فأعرب عنه الضمير، واستغنى عن التفسير، وأبلغ الكلام ما دل أوله على آخره، وعُرِفَ باطنه من ظاهره فزانه التمام، وعرفه الخاص والعام، وقد كان ذلك لرسول رب العالمين خاتم المرسلين وإمام المتقين محمد عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم، الذي بلّغ شريعة الله، وأعلم الإنس والجان (الإيمان يمان والحكمة يمانية).
والحكمة في لغة العرب: تعني الحلم والعلم، وكلّ ما يمنع من الجهل، ومنها: كُـلّ كلام يوافق الحق، ومنها: وضع الشيء في موضعه، ومنها: صواب الأمر وسداده، ومنها: الجهاد؛ مِن أجلِ إعلاء كلمة الله، ورفع الظلم عن عباده.
فلا ينال الناس العزة والكرامة، ورفع الظلم دون جهاد واجتهاد.
ولا يمكن رد عدوان المعتدي دون جهاد، ألا ترى أن الله سبحانه وتعالى أخبرنا في كتابه: (وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَآتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ)، فلم ينل داود تلك المكانة حتى أخذ حظًا من الجهاد، وقاتل وقتل جالوت.
وهذا اليمن بلد الإيمان والحكمة تعلن الجهاد بقيادة أنصار الله؛ فتوجّـه ضربة لمن جاءوا بأساطيلهم ليشعلوا نار الفتنة والفساد في البلاد، وذلك من الحكمة التي تفرد بها اليمن في هذا الوقت العصيب بصد هجمات المفسدين وإضعاف قدراتهم، بمهاجمة سفنهم وحاملة طائراتهم أبراهام.
فلعل من إشارة النبي وبشاراته (وإنِّي لأجدُ نَفَسَ الرحمن من قبل اليمن) أن يكون لليمن الحظ الوفير في نصرة الإسلام والمسلمين وصد هجمات المعتدين، ونصرة غزة وفلسطين.
إنها الحكمة اليمانية التي تمثلت في ضرب قوى الباطل والاستكبار الشيطانية.
فالباطل لا يُقهر ولا يذوب ويضمحل من تلقاء نفسه إلا إذَا صُدم بقوة الحق الصاروخية والعسكرية، فقوة أنصار الله وحزب الله، وصولة المجاهدين هي الماحقة لطغيان المعتدين.
فقوة الحق تكون مادية ومعنوية وفكرية، ولهذا يقول الحق سبحانه وتعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ).
وقد اعد أنصار الله في يمن الإيمان، وحزب الله في جنوب لبنان، وحماس في فلسطين، القوة القاهرة التي تمحق الباطل وتقضي عليه.
فالغلبة في آخر الأمر للحق لا محالة (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأرض).
إن الإصلاح الذي أراده الله لا يقوم في هذه الأُمَّــة إلا بالجهاد، أما من أعرض واستغنى بماله، معتقداً أن في ذلك صلاح بعض أحواله فقد أخطأ التقدير، وقد يستغني الله عنه إن لم يستجب لندائه.
فكم من غني يستغنى عنه، وكم من فقير يمده الله بنصره وقوته، فيفتقر الناس إليه؛ فالحق ظاهر سبيله، واضح دليله، وقد أخذ به المصلحون في هذه الأُمَّــة اقتدَاء بهدي سيد المرسلين.
فمن لم يؤكّـد قديمَه بحديثه شانَ سلفه، وخان خلفه، ويوشك أن يدركه العذاب فيعظم المصاب، إن لم يستدرك بالمتاب، (انْفِرُوا خِفافًا وَثِقالًا وَجاهِدُوا بِأموالكُمْ وَأنفسكُمْ)، (إِلاَّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شيئًا وَاللَّهُ عَلى كُـلّ شيءٍ قَدِيرٌ).
الشكر والتقدير لمن رفع علم الجهاد من أبناء اليمن ولبنان وفلسطين (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)، العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، والخزي والهزيمة للكافرين والمنافقين، ولا نامت أعين الجبناء.

مقالات مشابهة

  • شهادات مُزوَّرة يجب التصدي لها
  • ما سر إصدار البعض أنينا أثناء النوم؟.. لا علاقة له بالكوابيس
  • تركيا تتحدى اللوبي الصهيوني
  • حملة لتوفيق أوضاع الكافيتريات وقاعات الأفراح بمحافظة سوهاج
  • يجلب الاستقرار والبناء والإعمار.. الحكيم: الوسطية والاعتدال واستيعاب البعض هو المنهج الصعب لكنه الأفضل
  • محافظ سوهاج يكلف رؤساء الوحدات المحلية بمراجعة تراخيص الكافيتريات وقاعات الأفراح
  • بوشكيان عزّى بعلي علام: ابن المدرسة الإنسانية الحقّة
  • الجهاد عُدَّةٌ وزاد والحكمة اليمانية تجرفُ الفساد
  • محافظ كركوك: حاول البعض عرقلة التعداد العام للسكان لكننا نجحنا بإجرائه
  • كاتبة صحفية: موقف المؤسسات الدينية من الطلاق الشفهي مرفوض