جريدة الوطن:
2024-12-26@18:06:14 GMT

غدا سيولد من يستولد الحق من رحم المستحيل

تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT

غدا سيولد من يستولد الحق من رحم المستحيل

(75) عامًا مرَّت على النَّكبة الفلسطينيَّة ولا يزال الوضع على ما هو عَلَيْه؛ جرائم ومذابح ترتكبها العصابات الصهيونيَّة بشكلٍ علنَي وقِح، وعالَم غربي يدعم سرًّا وعلانيَّة، ويتشدَّق بشعارات عن السَّلام المرجوِّ القائم على حلِّ الدولتَيْنِ، وموقف عربي متَّفق ومتضامن مع القضيَّة الفلسطينيَّة، لكن دُونَ خطوات فعليَّة تُعِيد الحقوق الفلسطينيَّة الأصيلة المعترف بها بمجموعة من القرارات المرجعيَّة الأُمميَّة، وآخر متخاذل بفعل الانقسام الواضح في طُرق الحصول على تلك الحقوق، بالإضافة إلى الحصار الَّذي يرزح فيه عالَمنا العربي التعيس بَيْنَ معضلات وأزمات داخليَّة وضغوط خارجيَّة تحُولُ بَيْنَه وبَيْنَ تحقيق أهدافه الوطنيَّة قَبل القوميَّة، وواقع فلسطيني منقسم بالتبعيَّة يعيش وسط معاناة لَمْ يعرفها التاريخ الحديث.


الغريب رغم أنَّنا اعتدنا أن نعيشَ في ظلِّ هذا الواقع عربًا وفلسطينيِّين، فكَمْ من مذبحة عايشناها في تاريخنا الشخصي، وكَمْ من جرائم صهيونيَّة ارتُكبت على مرأى ومسمع من العالَم الَّذي يتواطأ بعضه، ويكتفي البعض الآخر بالشَّجب والاستنكار والعويل على الدماء الَّتي تنزف، دُونَ خطوة فعليَّة لمحاسبة تلك الدَّولة المتغطرسة المدعوَّة «إسرائيل»، لكن يظلُّ فينا وبَيْنَنا مَن لدَيْه أمل في تغيير هذا الواقع المظلم الَّذي نعيشه، أمل نستمدُّه من الأبناء الَّذين لَمْ يتجاوزوا سنَّ الطفولة بعد، والَّذين يردِّدون بإصرار في شوارع القاهرة وبغداد ومسقط والرياض وباقي العواصم العربيَّة الأغنية الأيقونيَّة «على عهدي فلسطيني»، وكأنَّ تكرار الجرائم الصهيونيَّة على ما تحمله من بشاعة وإرهاب، يظلُّ يزرع في النفوس الشَّابة جذور القضيَّة الَّتي ستظلُّ مركزيَّة لكُلِّ عربي ومُسلِم، مهما زادت المِحن. إنَّ التقاعس العربي وتوالي الانكسارات لَمْ يقضِ على أملٍ في حلٍّ عادل وشامل، بل يتجدَّد في نفوس أبناء المستقبل، فبدلَ أن تقضيَ الجرائم الإسرائيليَّة المتوالية على أيِّ أملٍ في حلٍّ، نجدها تبني الإصرار والعزيمة في النفوس الشَّابة، وتُعرِّف الجرائم أبناءنا الأطفال والشَّباب الحقيقة والقضيَّة، وتبني وعيَهم الفردي والجماعي على كُره هذا المسخ الَّذي زُرع في حيِّنا خلسة زمن الاحتلال، ولا يزال مزروعًا كنَبْتٍ شيطاني بفعل مَن زرعوه ولا يزالون يحرصون على حمايته ورعايته، لتظلَّ الجرائم الَّتي ترتكبها دَولة الاحتلال تحُولُ بَيْنَ محاولات البعض من بني جلدتنا الذَّهاب نَحْوَ التطبيع، والحديث عن تقبُّل وجود الكيان الصهيوني والتعامل معه، وتخلق في نفوس أبنائنا رفضًا كاملًا لِمَا رفضناه نحن وحاول البعض فرضه عَلَيْنا. ولعلَّ حديثي مع ابني الَّذي لمَّا يتجاوز 11 عامًا، وتأكيده أنَّه يحلم بتحرير فلسطين، وما أسمعه من أغانٍ وطنيَّة وشعارات تدعم القضيَّة الفلسطينيَّة من أطفال لَمْ يبلغوا الحلم بعد، يؤكِّد لديَّ مقولة الشَّاعر الكبير أمل دنقل عِندما أطلق صرخته العالية (لا تصالح)، فسوف يولَد مَن يلبس الدِّرع كاملةً، ويوقد النَّار شاملةً، يطلب الثأرَ، يستولد الحقَّ، من أَضْلُع المستحيل، فقَدْ تكُونُ حرب غزَّة وما يعانيه الفلسطينيون اليوم هو الشرارة الَّتي ستصنع هذا الجيل المنشود، بعد تخاذل جيلنا ومَن سبقوه. فالجرائم تُوثَّق الآن بشكلٍ آني، لتجعلَ دماء النخوة تجري في العروق اليابسة الَّتي يبست من الخنوع.

إبراهيم بدوي
ibrahimbadwy189@gmail.com

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

النهايات المُتجدِّدة

 

مدرين المكتومية

في نهاية كل عام، وخاصة في هذه الأيام الشتوية الباردة المُنعشة، نستيقظُ صباحًا بكل ابتهاج، ننتظر أن يمنحنا القدر أجمل الأحداث والمواقف، وأروع المصادفات، ومن عطاياه أحنها وأعظمها؛ حيث ننتظر أشياء لا ندري هل كنَّا حقًا بانتظارها يومًا، أم أننا من فرط ما انتظرناه لم نشعر بحماس قدومها.

نستيقظُ ونحن مُحمَّلين بقَدْرٍ هائلٍ من الأمنيات والغايات والطموحات التي تحقق البعض منها، أما البعض الآخر فسيرافقنا لعامنا الجديد، العام الذي أتمنى أن لا يكون كئيبًا أو مثخنًا بالأحزان والخذلان.

وبينما كنت أتوجه إلى مقر عملي، أمعنت التفكير فيما سأكتبه والموضوع الذي يُمكنني مناقشته في مقالي الأسبوعي، سألت زملائي، أشار عليّ أحدهم أن أكتب عن كأس الخليج كونه شغل الناس الشاغل، واقترح آخر أن أكتب عن جوانب حياتية، فيما أوعز إليّ ثالث أن يكون حديثي عن الليالي الشتوية! بينما كنت في خضم هذه الاقتراحات ينتابُني شعور مختلف، شعور يقودني نحو شيء آخر، إنها الكتابة عنهم جميعًا، الكتابة عن زملاء العمل.

آمنت كثيرًا بأنَّ الأشخاص الذين نتقاسم معهم جزءًا كبيراً من حياتنا اليومية يمثلون جزءًا أصيلًا من ذاكرتنا الشخصية، وأنهم طرف أصيل في كل ما نلاقيه من أحداث يومية في بيئة العمل، سلبًا وإيجابًا، لكن والحق يُقال، إنني لا أجد منهم إلّا كل ما هو إيجابي. والعاملون في الصحافة ليسوا كغيرهم من العاملين في أي قطاع آخر، لذلك أجد شعورنا ببعضنا البعض أقوى وأكبر؛ حيث نتعاطى مع مشاكلنا وتحدياتنا الحياتية بصورة أخوية كبيرة وعميقة الأثر.

في العام الجديد أودُ أن يكون هذا المقال مُخصَّصاً لزملائي الذين أتشارك معهم قهوة الصباح، وأتقاسم معهم لحظات الفرح والحزن وربما الإحباط أحيانًا، وأُقاسِمهم أحلامهم وطموحاتهم ورؤيتهم لأنفسهم في السنوات المقبلة. إنني اليوم أعتقد أنَّ من حق هؤلاء الزملاء والأصدقاء أن يكون لهم نصيب الأسد من الأمنيات الصادقة بالسعادة والحب، أقول لريم وسارة وفيصل وأحمد، إنِّكم لستم فقط زملاء عمل، ولستم فقط رفاق البحث عن المعلومة والخبر لكي ننقله للمواطن، بل إنكم إخوة وعَوْن لبعضنا البعض في مناحي الحياة كافةً.

حين استيقظت صباحاً وقعت عيناي على "حالة" ريم على الانستجرام بمنشور تكتب فيه "أتمنى في العام الجديد بمثل هذا الوقت أن تكون الدنيا قد حملتنا للمكان الذي نتمناه.. لأيام تليق بنا ولنهايات سعيدة نستحقها..."، وأنا أتمنى ذلك لك يا ريم.

وعند وصولي إلى مقر العمل، سألتُ سارة كم عدد الكتب التي قرأتها هذا العام؟ فأجابت "قرأت 7 كتب، ما بين كتاب أكملته وآخر توقفت عند منتصفه، ومن بين هذه الكتب التي قرأتها، كتاب "مختصر تاريخ العالم"، و"فن السعادة"، و"سايكولوجية الجماهير"..". صحيحٌ أن القراءة قد يراها البعض إنجازًا صغيرًا، لكنها على مستوى الكاتب والصحفي إنجاز كبير يُحسب له، وقد يكون الكتاب أفضل صديق على الإطلاق تبدأ به العام وتنتهي عنده.

أما ما أود قوله لزميلي فيصل، أعلم أنَّ نهاية العام بالنسبة لك لم تكن كما تعتقد وتتمنى، ولربما من الأعوام التي ستظل محفورة بذاكرتك للأبد، فكل ما يمكنني قوله، هون عليك فالحياة هكذا هناك من يبقى معنا في رحلتنا وهناك من يُغادرنا عند منتصفها، فنحن الحياة لكل الغائبين بالدعاء لهم دائمًا.

وأحمد- أخيرًا- قد يكون زميلي الذي أتشاكس معه وربما نختلف، وفي كثير من الأحيان نتصادم بوجهات النظر، لكننا دائمًا نلتقي عند نقطة معينة، فإن كان الاختلاف في مصلحة العمل فهو في حدوده دائمًا.

وفي نهاية المطاف.. أود أن أقول للجميع إنَّ الأعوام ما هي إلّا رصيد التجارب والمواقف والأحداث، وهي الفرص والنجاحات والإنجازات، وهي الشريط الذي نحتفظ فيه بذاكرتنا ونقوم بإعادة رؤيته وسماعه متى ما شعرنا بالحنين إليه.

لذلك.. دعونا دائمًا نتمنى عاماً أجمل مما سبقه وأياماً رائعة وجميلة أفضل من تلك التي رحلت، وأن تجمعنا الأيام بأناس يحبوننا لأنفسنا، ويغمروننا دائمًا بعطفهم ومحبتهم الصادقة.. أما أنتم أعزائي القراء، فأقول لكم "أحيطوا أنفسكم بهؤلاء البشر الذين يبادلونكم المشاعر الصادقة، وابتعدوا عن أولئك الذين ينشرون الطاقة السلبية بالمجان؛ فالحياة تستحق أن نعيشها بحب وسعادة.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • المقاومة مستمرّة: الكيان الصهيوني تحت مجهر القانون
  • محمد بن راشد: المستحيل نعتبره خط البداية لسباق جديد نحو الفوز بإنجاز أكبر
  • مجلس النواب يناشد البرلمانات العربية والإسلامية سرعة التحرك لإنقاذ الشعب الفلسطيني من آلة القتل والإجرام الصهيوني
  • قطط صلاح تثير ذعر أرنولد
  • النهايات المُتجدِّدة
  • الأمم المتحدة: "من المستحيل تقريبًا" إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة
  • مسؤول أممي: بات من المستحيل إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة
  • مسؤول أممي: أصبح من المستحيل تقريبا توصيل المساعدات إلى غزة
  • الأمم المتحدة: أصبح من المستحيل تقريبًا توصيل المساعدات إلى غزة
  • محددات المزاج العام