جريدة الوطن:
2024-07-07@04:11:27 GMT

شهود عيان

تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT

شهود عيان

حين بدأت الحرب الإرهابيَّة الغربيَّة المنظَّمة ضدَّ الجمهورية العربيَّة السوريَّة في أوائل العام 2011 وبدأ توافد شذَّاذ الآفاق من كُلِّ أنحاء المعمورة عَبْرَ تركيا إلى سوريا قرَّرت الدوَل الغربيَّة سحْبَ كُلِّ مراسليها ووكالات أنبائها من سوريا واستعاضت عَنْهم بمَنْ أسمتهم «شهود عيان» حيث تدفع لأيِّ مرتزق مبلغًا من المال لقاء إرساله التقرير الَّذي يريدون والَّذي يخدم الصورة الَّتي قرَّروا الترويج لها بغَضِّ النظر عن الوقائع والأحداث الحقيقيَّة على الأرض.

كما استعانوا بعميل لهم يمكث في كوفنتري ببريطانيا أعطى نفسه لقب «مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان» وأصبحت تقاريره وأكاذيبه معتمَدة من معظم وسائل الإعلام الغربيَّة. أمَّا بعض القنوات العربيَّة فقَدْ كانت مصدرًا رئيسًا للأنباء عن سوريا علمًا أنَّ وزير خارجيَّة قطر السَّابق اعترف لاحقًا أنَّه دُفِع أكثر من 34 مليار دولار لتمويل إسقاط الحكومة في سوريا، وبأنَّ الحرب الإرهابيَّة جرت وفق مُخطَّط غربي تقوده الولايات المُتَّحدة خدمة للكيان اللقيط وجرى التنسيق بَيْنَ القوى المخابراتيَّة الغربيَّة والعربيَّة المتواطئة معها في غرفة سُمِّيت: «موك» في إحدى الدوَل المجاورة.
ولكنَّ أحَدًا من شهود العيان هؤلاء لَمْ يذكر تدمير الإرهابيِّين للمشفى الوطني في مدينة حمص والَّذي كان يخدم آلاف النَّاس في حمص وريفها أو مشفى الكندي في حلب والَّذي كان تصنيفه من أهمِّ مشافي الشَّرق الأوسط، كما لَمْ يتطرَّق شهود العيان هؤلاء إلى استهداف أقدم مآذن الجوامع وأيقونات ومباني الكنائس الغارقة في القِدَم في معلولا وصيدنايا وكنيسة أُم الزنار في حمص ومأذنة الجامع الأموي في حلب، ناهيك عن نهب وتدمير آثار «دوروس يوروبا» والرقَّة واللاذقيَّة، وناهيك عن منع الفلَّاحين من زراعة أراضيهم وتهجيرهم إلى البلدان المجاورة، وعن استهداف مؤسَّسات البذار ومراكز تطوير السّلالات للأغنام والماعز والأبقار؛ أي أنَّ نسغ الحياة الَّذي يضْمَن عيش واستمرار المواطن تمَّ استهدافه من كافَّة أوجهه وفي كافَّة أنحاء البلاد وبأبشع الوسائل المُجرِمة والقاتلة وفق خطَّة وضعتها المخابرات الغربيَّة المعادية للوجود العربي. وقَدْ تمَّ كُلُّ هذا تحت ذرائع إعلاميَّة وسياسيَّة واهية انكشفت حقيقتها اليوم لِيعلمَ الجميع أنَّ الهدف كان تدمير الدَّولة السوريَّة وكُلِّ مُكوِّنات قوَّتها وعزَّتها واستمرارها. وكان الإعلام الغربي المُضلِّل والعربي المرتهَن للقوى الصهيونيَّة هما العون الأساسي للإرهابيِّين للاستمرار بارتكاب جرائمهم بتغطية سياسيَّة غربيَّة وتمويل وتنظيم غربيَّيْنِ.
كُلُّ هذه الصوَر عادت إلى أذهاننا اليوم بقوَّة نحن السوريِّين شهود العيان الحقيقيِّين والصَّادقين والحريصين على كُلِّ ذرَّة تراب من بلدنا العزيز ومن الوطن العربي، عادت بقوَّة وألَمٍ شديدَيْنِ إلى أذهاننا ونحن نشهد استهداف المشافي والمدارس والمساجد والكنائس في غزَّة عن عمْدٍ وسابق إصرار، وتدميرها بوحشيَّة معهودة من قِبل الصهاينة فوق رؤوس جرحاها وطلابها واللاجئين إلَيْها بحثًا عن مأوى من جحيم القصف الهمجي العنصري المُجرِم، عادت إلَيْنا بقوَّة ونحن نشهد استهداف الكوادر الطبيَّة الَّتي تخاطر بحياتها لإنقاذ حياة إنسانيَّة، والكوادر الإعلاميَّة الَّتي تتحدَّى أخطار الموت لنقْلِ حقيقة ما يجري أملًا أن تساعدَ في تحريك ضمائر الرأي العامِّ لوقفِ آلة القتل والشرِّ والعدوان. كُلُّ هذا عاد إلى أذهاننا حين كنَّا نخرج من بيوتنا ونودِّع أهلينا كُلَّ صباح لأنَّنا لا نعلَمُ مَن يَعُودُ ومَن سوف تنال مِنْه قذيفة يطلقها الإرهابيون على مُدُننا ومؤسَّساتنا ومدارسنا ومشافينا. كما عاد إلى أذهاننا منظر استهداف محمد الدرَّة عام 2000، الطفل الَّذي كان يحتمي بوالده من رصاص يستهدفه، ومنظر ضحايا مجزرة صبرا وشاتيلا، لِنشهدَ اليوم جريمة غير مسبوقة بقتل آلاف الأطفال في فلسطين وعشرات آلاف المَدنيِّين وتدمير بيوتهم فوق رؤوسهم كَيْ لا يقاوموا احتلالًا إسرائيليًّا بغيضًا، وتدمير كنيسة من أقدم الكنائس في العالَم وارتكاب مجزرة ضدَّ اللاجئين إلَيْها من مُسلِمين ومسيحيين!!
ما يتمُّ ارتكابه اليوم في فلسطين من حرب إبادة من قِبَل إرهاب صهيوني مُنظَّم مسنود غربيًّا بالمال والسِّلاح لَمْ يَعُدْ شأنًا فلسطينيًّا ولا عربيًّا ولا إسلاميًّا ولا مسيحيًّا فقط، بل هو شأن إنساني، وأحرار العالَم كُلِّه شهود عيان عَلَيْه وهو أفظع بكثير ممَّا تعرَّضت له جنوب إفريقيا إبَّان الحُكم العنصري، فهو حرب إبادة موصوفة يشنُّها غرباء أجانب جاؤوا من البلدان الغربيَّة بعقيدتهم المتطرِّفة وبعدوانيَّتهم المتوحِّشة ضدَّ الشَّعب الفلسطيني الَّذي كُلُّ ما يناضل من أجْله هو أن يعيشَ بأمن وسلام على أرضه مِثل كُلِّ شعوب الأرض. وهذا ليس مسؤوليَّة العرب والمُسلِمين فقط، بل مسؤوليَّة أحرار العالَم في كُلِّ مكان. نحن على اطِّلاع على مواقف غربيَّة أميركيَّة ويهوديَّة شريفة تقف مع حياة الإنسان وتُعلي صوتها لإيقاف الجرائم والتطهير العرقي، وهنا نحيّي جوش بول الَّذي أعلن استقالته من الخارجيَّة الأميركيَّة احتجاجًا على دعم بلاده لـ»إسرائيل» بالأسلحة الفتَّاكة الَّتي تُستخدم في حرب الإبادة الإسرائيليَّة ضدَّ الفلسطينيِّين الأبرياء. ولكنَّ هذا لَمْ يَعُدْ كافيًا، فالعدوان الآثم اليوم هو على خليفة الله في الأرض، وهو على روح الله، وهو على الذَّات الإلهيَّة: «فإذا سوّيته ونفخت فيه من روحي فَقَعُوا له ساجدين» هكذا أراد الله أعزَّ كرامة للإنسان بحيث تسجد له الملائكة في السَّماء فكيف يصمت معظم العالَم اليوم عن أبشع الجرائم الَّتي تُرتكب بحقِّ أُناس بريئين مظلومين: أطفالًا ونساءً ورجالًا وطلابًا وإعلاميِّين وكوادر طبيَّة ومؤمنين وكهَنَة ولاجئين إلى بيوت الله ظنًّا مِنْهم أنَّه مهما بلغ الإجرام بشاعة فلَنْ يطولَ بيت الله ولكنَّه طاله من قَبل في معلولا وصيدنايا وأُم الزنار ومسجد سكينة بنت الحسين ومسجد عمَّار بن ياسر حيث تمَّ قتل المؤمنين العابدين تمامًا كما يفعل الإرهاب الصهيوني اليوم في فلسطين.
إنَّ الوقوف ضدَّ حرب الإبادة الصهيونيَّة البشعة والظالمة في فلسطين اليوم هو فرض عين على كُلِّ إنسان حُرٍّ وشريف، وإنَّ الأخبار الَّتي وصلتنا عن الأسرى الفلسطينيِّين في السجون الصهيونيَّة من تكسير أطرافهم والاعتداء عَلَيْهم وحرمانهم من الماء والغذاء لَيندَى لها جبَيْنَ كُلِّ إنسان مؤمن بإنسانيَّة الإنسان وقدسيَّتها وواجب احترامها وصونها من كُلِ أذى ومَكْروه. القضيَّة الكبرى اليوم ليست فقط المسجد الأقصى وكنيسة القيامة ولكنَّها حياة البَشَر والأطفال الَّذين لا حَوْلَ لهم ولا قوَّة وقَدْ سُجنوا في بقعة جغرافيَّة سيطر عَلَيْها احتلال أجنبي غربي بغيض وغاشم قصفًا وقتلًا وتدميرًا. فقَدْ قال الرسول الكريم صلى الله عَلَيْه وآله وسلَّم: إنَّ تدمير الكعبة حجرًا فوق حجر هو أهون عليّ من قتل طفل» فما بالكم باستهداف وقتل آلاف الأطفال ووجود المئات مِنْهم تحت الأنقاض وقصف جرحاهم في المستشفيات في حرب إبادة صهيونيَّة مدعومة غربيًّا من قِبل حكومات آثمة موصوفة؟
إنَّ التحدِّي الَّذي تُمثِّله فلسطين اليوم هو أهمُّ تحدٍّ يواجه الإنسانيَّة في القرن الحادي والعشرين وهو تحدٍّ لكُلِّ إنسان حُرٍّ وشريف يسمع ويرى ويعقل حيثما كان على وجْه هذا الكوكب. وهنا فإنَّ الرئيس الكولومبي جوستافو بيترو قَدْ ضرب مثلًا مشرِّفًا لِمَن يدَّعون تحمُّل المسؤوليَّة في كُلِّ أنحاء العالَم حين اتَّخذ موقفًا حاسمًا من هذه الجرائم الشنيعة وقال: «1540 طفلًا اليوم (العدد أصبح 1700) في غزَّة قُتلوا أمام أعين حكومات وأجهزة إعلام أوروبا والولايات المُتَّحدة الَّذين يسمون أنفسهم زيفًا «ديمقراطيين» وما زالت المشافي تتلقَّى إنذارات بإخلائها لقصفها والمدارس أيضًا الَّتي تحوَّلت إلى مراكز إيواء بعد أن أصبحَ أكثر من مليون فلسطيني مشرَّدين داخل بلدهم دُونَ مأوى أو ملجأ يحميهم». وإذا تذكَّرنا قول ربِّنا الكريم: «مَن قتل نفسًا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنَّما قتل النَّاس جميعًا». نُدرك حجم الجريمة الَّتي يتمُّ ارتكابها اليوم ليس بحقِّ فلسطين والفلسطينيِّين فقط، وإنَّما بحقِّ الإنسانيَّة وكرامة الإنسان وقدسيَّة حياته على هذه الأرض. كما أنَّ الوقوف الحقيقي في وجْه هذه الإبادة الصهيونيَّة وإيقافها شرط أساسي وجوهري للوقوف ضدَّ إرهاب مُنظَّم ومموَّل ومسلَّح من قِبَل أطراف غربيَّة عدَّة في هذا العالَم. أمَّا إغداق القائمين على حرب الإبادة هذه بالمال والسِّلاح والدَّعم الإعلامي من قِبَل الولايات المُتَّحدة وحكومات أوروبا فهو مشاركة حقيقيَّة في ارتكاب الجريمة وعامل حقيقي لاستمرارها وحصادها المزيد من الأرواح البريئة التوَّاقة للحياة والعيش بسلام وأمان.
اليوم روح نيلسون مانديلا تناديكم يا أحرار العالَم وتقول لكم: «كما وحَّدتم الكلمة والموقف لإخراجي من جزيرة روبن آيلاند وإنهاء الحُكم العنصري البغيض على جنوب إفريقيا اتَّحدوا اليوم شعوبًا ومؤسَّسات ونقابات وإدارات، نساءً ورجالًا، شبابًا وشيبًا لإيقاف أبشع حرب إبادة وأبشع إرهاب مقيت يُرتكب بحقِّ مَدنيِّين عُزَّل أبرياء وأنتم قادرون على ذلك».

أ.د. بثينة شعبان
كاتبة سورية

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: فی فلسطین حرب إبادة ا الیوم العال م

إقرأ أيضاً:

الأورومتوسطي: آلاف جثامين شهود جريمة الإبادة الجماعية الإسرائيلية تحت الأنقاض في غزة

غزة - صفا

قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، يوم السبت، إن تقديراته تفيد بوجود أكثر من 10 آلاف فلسطيني وفلسطينية في عداد المفقودين تحت الأنقاض في قطاع غزة، مشيرًا إلى أنه لا سبيل للعثور عليهم بفعل تعذر انتشالهم أو إعادة دفن رفاتهم بكرامة، بما يشكل انتهاكًا صريحًا للقانون الدولي، في وقت يغيب فيه أي تحرك إنساني دولي للمساعدة في انتشالهم.

وأوضح المرصد الأورومتوسطي، أن عائلات ضحايا الهجمات العسكرية المميتة والمدمرة التي تشنها "إسرائيل" ضد المدنيين على نحو مباشر وعشوائي، خلال هجومها الذي يقترب من شهره العاشر، يواجهون تحديات هائلة في انتشال الجثامين، وبخاصة في ظل عدم توفر المعدات والآلات الثقيلة لطواقم الدفاع المدني وتعطلها بسبب صعوبة العمل وتشغيلها دون توقف، بالإضافة إلى استهداف وتدمير جيش الاحتلال هذه الآليات والمعدات على نحو مباشر ومنهجي، ومنع إدخال أي معدات وآليات أخرى من خارج قطاع غزة. 

ووثق الأورومتوسطي أنماطًا متكررة للنهج الإسرائيلي القائم على منع وعرقلة انتشال الضحايا والمفقودين من تحت أنقاض الأعيان المدنية المدمر، بما في ذلك المنازل والمباني، بما يشمل تكرار استهداف طواقم الدفاع المدني وفرق الإنقاذ والعوائل التي تحاول انتشال جثث الضحايا، ومنع إدخال الوقود اللازم لعمل ما تبقى من مركبات وآليات ثقيلة، ومنع إدخال المعدات، بالإضافة إلى تعمد استخدام أسلحة ذات قدرات تدميرية هائلة تخلف أطنانًا من الركام يصعب إزالتها وانتشال الجثامين من تحتها.

وأفادت السيدة "مريم عماد" (19 عامًا)، لفريق الأورومتوسطي بأن الطائرات الحربية الإسرائيلية قصفت يوم 7 ديسمبر/كانون أول 2023 منزلين لعائلتها في خان يونس جنوبي قطاع غزة، وكان فيهما 36 فردًا/ منهم والداها واثنان من إخوانها، أحدهما طفل، والبقية هم جدها وأعمامها وزوجاتهم وأبناؤهم. 

وأضافت "بقينا أكثر من 42 يومًا لا نعرف شيئًا عن مصير كل هؤلاء، وبعدها علمنا أن جميعهم استشهدوا تحت الأنقاض جراء القصف الإسرائيلي. وعندما انسحبت القوات الإسرائيلية مطلع نيسان/أبريل الماضي، ذهبت أنا الناجية الوحيدة من عائلتي مع خالي وعمي لمحاولة انتشال الجثامين لكن لم نستطيع أن نخرج أحدًا منهم".

وتابعت "ثم جاء الدفاع المدني في اليوم التالي وتمكن من استخراج عدد قليل من الجثامين، والبقية بقوا تحت الأنقاض، وحرمنا حتى من دفنهم حتى الآن، لعدم توفر معدات ملائمة، وما يزال مطلبنا أن يتم انتشالهم رغم إدراكي أنهم تحللوا بعد كل هذه الأشهر، لكن نريد دفن ما تبقى منهم بشكل لائق".

وأفاد "وسام السكني" لفريق الأورومتوسطي، بأن طائرات حربية إسرائيلية قصف منزل عائلته في 22 نوفمبر/تشرين ثانٍ 2023، والمكون من خمسة منازل في منطقة مشروع بيت لاهيا شمالي قطاع غزة، ما أدى إلى استشهاد اثنين من أطفاله مع حوالي 45 شخصًا قتلوا في الحادثة.

وذكر "السكني" أنهم على مدار أسابيع من سعيهم لاستخراج الضحايا، فإنه ما يزال 15 منهم تحت الأنقاض، في الوقت الذي يعوق فيه الحجم الهائل من الركام والأنقاض وغياب المعدات وتكرار القصف على المنطقة انتشالهم.

أما "أحمد البهنساوي" فأفاد للأورومتوسطي بأن الطائرات الحربية الإسرائيلية قصفت منزلهم يوم 31 أكتوبر/تشرين أول 2023، ضمن حزام ناري استهدف مربعًا سكنيًّا يضم حوالي 40 منزلًا في "حارة السنايدة" في مخيم جباليا، شمالي قطاع غزة. 

وأوضح "البهنساوي" أن جميع أفراد أسرته البالغ عددهم 18 فردًا مع حوالي 400 شخصًا استشهدوا في الهجوم الإسرائيلي الواسع، مشيرًا إلى أنه على مدار أسابيع تم استخراج العشرات من الجثث، لكن ظل حوالي 50 شخصًا تحت الأنقاض يتعذر انتشالهم لعدم توفر المعدات وحجم الدمار الكبير. 

ولفت المرصد الأورومتوسطي إلى أن غالبية جثامين الضحايا المنتشلة في الهجمات العسكرية الإسرائيلية كانت إما في الشوارع أو في بنايات بسيطة من طابق واحد أو طابقين، في حين تبقى هناك صعوبات جسيمة في انتشال جثامين الشهداء من أسفل المباني متعددة الطوابق، في ظل اعتماد فرق الدفاع المدني والإنقاذ على معدات متهالكة ومطارق يدوية وأجهزة بدائية في عملية البحث عن الجثامين تحت عشرات آلاف الأطنان من الأنقاض، مما يعرقل فعالية العمل واستمراريته.

وأكد ضرورة الضغط على "إسرائيل" للالتزام بواجباتها القانونية وإدخال بواقر ومعدات خاصة وكميات كافية من الوقود، نظرًا للحاجة الهائلة، والبدء في إزالة الأنقاض والبحث عن الجثامين والوصول إليها وانتشالها وفق إجراءات خاصة للتعرف على أصحابها ودفنهم في مقابر مخصصة، وبالتالي وقف الانتهاك الحاصل لكرامة الضحايا، وكفالة حقهم وحق ذويهم في دفنهم باحترام وبشكل لائق، وطبقًا لشعائر دينهم.

ونبه الأورومتوسطي إلى أن النهج الإسرائيلي في منع وعرقلة انتشال الضحايا يمثل سببًا رئيسًا في انتشار الأمراض والأوبئة الخطيرة في قطاع غزة، في وقت تحللت الغالبية العظمى للجثث بالفعل لتضيف المزيد من المخاطر على الصحة العامة للمدنيين، والمتدهورة أصلا جراء تدمير "إسرائيل" للبنية التحتية المدنية الحيوية، وقطعها لإمدادات الوقود الضرورية لمعالجة مياه الصرف الصحي وعدم القدرة على التخلص من النفايات، والاضطرار إلى استهلاك المياه الملوثة، مما يعرض صحة ورفاهية أكثر من مليوني فلسطيني وفلسطينية، نحو نصفهم من الأطفال، للخطر.

وأكد المرصد الأورومتوسطي أن منع وعرقلة انتشال جثث الضحايا من تحت الأنقاض يشكل انتهاكًا صارخًا ومركّبًا لقواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وبخاصة تلك المرتبطة بحقوق جميع الأشخاص بعدم التعرض للاختفاء القسري، وفتح التحقيقات والانتصاف والجبر، وكذلك الحقوق الأخيرة والمتعلقة بالمعاملة الكريمة لجسد الميت ودفنه ومعاملة رفاته باحترام، ويضاف إلى ذلك أن بقاء آلاف الضحايا في عداد المفقودين يشكل جريمة إضافية بحق عائلاتهم الذين يعانون من العذاب النفسي الشديد بما يشكل ركنًا آخر من أركان جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها "إسرائيل" ضد الفلسطينيين في القطاع.

كما أكد أن منع انتشال الجثامين ينتهك كذلك قرارات محكمة العدل الدولية بشأن ضرورة وقف الإبادة الجماعية في قطاع غزة وحماية المدنيين، كونه يتضمن كذلك إخفاءً متعمدًا للأدلة المرتبطة بجريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها "إسرائيل" في قطاع غزة.

وشدد على أن بقاء هذا العدد الكبير من الضحايا تحت الأنقاض وفشل جهود استخراج الجثث على مدار أشهر يثبت تعمد "إسرائيل" استخدام أنواع مختلفة من القنابل والذخائر وقوة تدميرية غير متناسبة ضد المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم، في انتهاك لقواعد الحماية للمدنيين وممتلكاتهم من مخاطر الحرب، والتي يوفرها القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، والخاصة بحماية المدنيين وقت الحرب.

وجدد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان مطالبته بضرورة وجود تحرك سريع لانتشال الجثامين في كافة مناطق قطاع غزة، وإدخال المعدات اللازمة والطواقم المتخصصة والسماح لها بالعمل بشكل آمن، محذرًا من أن استمرار بقائها بالشكل الحالي ينذر بنشر المزيد من الأوبئة وستكون له تداعيات خطيرة جدًا على الصحة العامة، والتي بدأت تلمس منذ عدة أشهر مع تسجيل متكرر لإصابات ووفيات بالأمراض المعدية، بالإضافة إلى تعريض الصحة البيئية للقطاع على المدى الطويل للخطر الشديد وتدمير البيئة بما يصل حد الإبادة البيئية، وجعل قطاع غزة في نهاية المطاف مكانًا غير صالح للحياة والسكن.

وأعاد الأورومتوسطي التأكيد على وجوب إلزام "إسرائيل" بقواعد القانون الدولي التي تنص على ضرورة احترام جثامين الشهداء وعدم سلبها وحمايتها أثناء النزاعات المسلحة، وضرورة اتخاذ أطراف النزاع كل الإجراءات الممكنة لمنع سلب الشهداء والموتى كرامتهم وتشويه جثامينهم وتأمين الدفن اللائق لهم، فضلا عن ضرورة الضغط الدولي على "إسرائيل" لوقف هجماتها العسكرية فورًا بحق المدنيين في قطاع غزة ومحاسبتها على كل الجرائم والانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها لمنع الإفلات من العقاب.

مقالات مشابهة

  • عاكس زوجته.. عاطل ينهي حياة جاره طعنًا في دار السلام
  • د. أحمد عبد العال يكتب: عهد مشرق للاعلام المصري
  • الأورومتوسطي: آلاف جثامين شهود جريمة الإبادة الإسرائيلية تحت الأنقاض في غزة
  • الأورومتوسطي: آلاف جثامين شهود جريمة الإبادة الجماعية الإسرائيلية تحت الأنقاض في غزة
  • "مركز البحوث" يفتتح الصوبة الزراعية السلوفينية بالنوبارية
  • شهيد غربي رام الله.. الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات بالضفة
  • الاحتلال يعتقل 4 مواطنين ويداهم منازلهم غرب رام الله فجر اليوم
  • رفع الرايات الحمراء بشواطئ العجمي بالإسكندرية.. وإخراج جميع المصطافين من المياه
  • إبادة عرقيّة وإبادة مجتمعيّة
  • شهود عيان من قرية عبد الجليل يتحدثون عن انتهاكات مليشيا الدعم السريع: تم إنتهاك حرمة المسجد حيث دخلوه بأحذيتهم وألقوا بالمصاحف على الأرض وكانوا يرددون (نحن كفار، نحن كفار)