إلياس حنا للجزيرة نت: إسرائيل مستعدة فقط لعملية برية محدودة الأهداف والجغرافيا بغزة
تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT
قال الخبير العسكري والاستراتيجي إلياس حنا إن إسرائيل قررت عقب عملية "طوفان الأقصى" تنفيذ عملية برية على قطاع غزة، تسيطر خلالها على جزء محدود من القطاع، لكن تحقيق ذلك يتوقف على عوامل عدة.
وأضاف -في تصريحات خاصة للجزيرة نت- أن إطلاق كلمة "اجتياح" على العملية التي تنوي إسرائيل شنها على قطاع غزة كبيرة جدا، والأفضل هو تنفيذ عملية برية محدودة، لأن "الاجتياح" يكون له هدف عسكري وله أبعاد سياسية ويستلزم وسائل وقرارا سياسيا وغطاء دوليا ووقت طويل وتضحية كبيرة جدا.
يجب أن تتناسب العملية البرية -حسب العقل الإسرائيلي والمنطق بالمعنيين السياسي والعسكري- مع حجم نتائج "طوفان الأقصى"
وعما إذا كانت إسرائيل مستعدة لمثل هذه العملية قال الخبير العسكري "أنا رأيي أنه إذا تم ذلك فسيكون عبارة عن عملية برية محدودة الأهداف محدودة الجغرافيا"، ويجب أن تتناسب هذه العملية -حسب العقل الإسرائيلي والعقل المنطقي بالمعنيين السياسي والعسكري- مع حجم نتائج "طوفان الأقصى"، وبشكل يجعل إسرائيل تقول أنا حققت ما لا بد أن أحققه، وليس كما حدث في 2014 أو 2009. يجب أن يكون هناك توازن بين الفعل ورد الفعل، وإلا لا تأخذ العملية الإسرائيلية معناها الحربي.
وأشار حنا إلى أن الحديث عن العملية البرية ظهر عقب عملية طوفان الأقصى، فقد تحدث عنها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد يومين من بدء التصعيد، ومؤخرا أيضا تحدث عن تفاصيلها الجيش الإسرائيلي، بأنها ستتم على 3 مراحل: الأولى هي تدمير حماس والبنى التحتية البشرية والعسكرية التي تملكها. وفي المرحلة الثانية يتم تنظيف المناطق والمساحات التي تم احتلالها، وذلك من خلال التخلص مما يسمى الجيوب المتبقية والخلايا النائمة. أما المرحلة الثالثة فهي خلق منظومة أمنية وسياسية لا تكون إسرائيل مسؤولة فيها عن أمن غزة ولا حتى عن النواحي الاقتصادية والاجتماعية فيها.
إدارة قطاع غزة
وعندما سئل عن التنسيق بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية من أجل تسليمها ملف إدارة قطاع غزة بعد العملية البرية، قال حنا "أنا أستبعد مثل ذلك، لأن السلطة ليست مقبولة في الضفة فكيف في غزة؟ هذا أولا، وثانيا لا توجد سلطة تنسق مسبقا مع إسرائيل لاغتيال الشعب الفلسطيني بعد أن فقدت الشرعية المطلقة، وثالثا السلطة غير قادرة على إدارة الشأن الفلسطيني بالضفة الغربية، فكيف تديره بمنطقة ستكون منكوبة؟" واستدرك بأن السلطة الفلسطينية "قد تكون عاملا مساعدا أو لاعبا معينا ضمن منظومة متعددة الأطراف تشرف عليها الأمم المتحدة أو جامعة الدول العربية".
السلطة غير قادرة على إدارة الشأن الفلسطيني بالضفة الغربية، فكيف تديره بمنطقة ستكون منكوبة؟
وعن تفاصيل إدارة القطاع، قال سيكون لغزة إطار معين ضمن منظومة سياسية أمنية واقتصادية واجتماعية، ولا تكون حماس لاعبا فيها. أو تكون هذه العملية -ذات هدف إسرائيلي، وبطلب أميركي- بابا لحل سياسي قد يأتي مثل حل الدولتين أو الدولة الواحدة، ويكون هناك دور للعرب كذلك ضمن العملية السياسية. من أجل ذلك هناك دائما تحذيرات أميركية لإسرائيل حتى لا تحتل كل غزة.
مصير كتائب المقاومةوقال المحلل العسكري والاستراتيجي إن مصير كتائب المقاومة متوقف على نتيجة العملية العسكرية البرية؛ فهل فعلا ستقضي على كل أركان الدولة؟ لأن حماس لديها في القيادة العسكرية محمد الضيف، وفي القيادة السياسية يحيى السنوار، وغير ذلك؛ فحماس منظمة وتركيبة تشبه الدولة، وعندها منظومة عسكرية وصناعة عسكرية، وعندها انتشار عسكري، وعندها قيادة وسيطرة، وعندها موازنة عامة كذلك.
وعلى درجة النجاح الإسرائيلي يتم تحديد دور حماس في المستقبل -كما يقول حنا- لأن هناك مبدأ دائما أنه تخسر إسرائيل إذا لم تربح، وأيضا تربح حماس إذا لم تخسر؛ يعني يكفي أن تستمر حماس في المطلق على المدى البعيد كي تنجح وتعيد بناء نفسها على المدى البعيد، لأن مقاتلي حماس يخلعون الزي العسكري وينخرطون بين المدنيين، ومع الوقت يعيدون تنظيم أنفسهم.
كلفة السيطرة على القطاع
وقال إلياس حنا "ليس بالضرورة أن تسيطر إسرائيل على كل القطاع، فهي تعتبر القطاع مقسما إلى قسمين: شمالي وجنوبي؛ لذلك طلبت من الفلسطينيين الذهاب إلى الجنوب، فالجنوب لا يشكل خطرا على إسرائيل لأنها تعتبر منطقة وادي غزة وما حولها مهمة لها، حيث ترى أن المنطقة تحت مستشفى الشفا تحتوي على أنفاق وتأوي عناصر القيادة الأساسية لحماس.
ويذكر الخبير العسكري أن هناك عوائق عدة أمام إسرائيل، ومن أهمها العنصر البشري بما تحويه غزة من كثافة سكانية ضخمة، وهناك موضوع الوقت الذي تحتاجه إسرائيل لتحقيق أهدافها من هذه العملية، كذلك حجم الخسائر التي تتكبدها، وإلى أي مدى سيستمر الغطاء الدولي لإسرائيل كي تنفذ هذه العملية؟
وما سبق كلها عوامل مهمة، لكن الأهم أيضا -وحسب المفهوم العسكري- هو كيف حضّرت حماس نفسها؟ وهل وضعت في حساباتها سيناريو التوغل العسكري؟ وكيف أعدّت لهذا اليوم؟
العملية البرية عبارة عن حرب مدن وتعتمد على 3 أبعاد مهمة: الجغرافيا والديموغرافيا والإمكانات العسكرية
وختم إلياس حنا تحليله للجزيرة نت بأن العملية البرية عبارة عن حرب مدن حضرية كما يُقال، وحرب المدن دائمًا لها علاقة بـ3 أبعاد مهمة: الجغرافيا والديموغرافيا والإمكانات العسكرية؛ فإسرائيل عندها في صحراء النقب مدينة مشابهة للمدن الفلسطينية تتدرب فيها على حرب المدن؛ لكن التدرب شيء وأن تقاتل شيء آخر.
وعندما تعلن إسرائيل أنها ستقضي على حماس تماما، فهذا معناه أنه تقول بطريقة غير مباشرة لحماس إنه لا مخرج لك إلا بالقضاء عليك؛ وعندها كأنك تحشر عدوك في زاوية لا مخرج منها؛ ومن ثم تجعل حماس تقاتل حتى آخر رمق، وهذا ما يسمى الحد الأقصى من الأهداف، حسب قول الخبير العسكري والاستراتيجي إلياس حنا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الخبیر العسکری العملیة البریة طوفان الأقصى هذه العملیة عملیة بریة قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تعترف بمقتل 29 جنديا منذ بدء العملية الأخيرة بجباليا
أقر جيش الاحتلال الإسرائيلي بمقتل جندي برتبة رقيب أول من كتيبة تسبار في معارك شمال قطاع غزة، في حين أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بمقتل 29 جنديا منذ بدء العملية العسكرية الأخيرة في جباليا شمالي القطاع.
وأكد بيان لجيش الاحتلال أن الجندي رون إبشتاين البالغ من العمر 19 عامًا، من كتيبة تسبار التابعة للواء غفعاتي، قتل اليوم الخميس جراء انفجار عبوة ناسفة في جباليا.
بدورها، أكدت صحيفة يديعوت أحرونوت أن الرقابة العسكرية أعلنت حتى الآن مقتل 29 جنديا في معارك شمال غزة، مؤكدة أن 3 ألوية تابعة للفرقة 162 تقاتل في جباليا منذ 48 يوما.
وفي وقت سابق الخميس، قالت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن مقاتليها اشتبكوا مع قوة إسرائيلية قوامها 15 جنديا، وأجهزوا عليهم شمالي قطاع غزة.
وأوضحت القسام في بيان أن مقاتليها تمكنوا من الاشتباك مع قوة راجلة قوامها 15 جنديا والإجهاز عليهم من مسافة صفر في منطقة ميدان بيت لاهيا شمالي القطاع الذي يتعرض لحرب إبادة متواصلة.
من جهتها، أفادت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، بأن مقاتليها قصفوا بقذائف الهاون تجمعا لجنود وآليات الاحتلال الإسرائيلي بمحيط نادي خدمات جباليا وسط مخيم جباليا.
وقد دأبت فصائل المقاومة في غزة على إعلان استهدافها جنود الاحتلال وآلياته في مختلف محاور التوغل وبث مشاهد لذلك بشكل شبه يومي.
وفي وقت سابق أول أمس الثلاثاء، نشرت كتائب القسام مقطعا مصورا قالت فيه إنه لعملية تستهدف قوة إسرائيلية متحصنة بإحدى العمارات السكنية في محيط منطقة الخزندار شمال غربي مدينة غزة.
وفي 5 أكتوبر/تشرين الأول الماضي اجتاح جيش الاحتلال محافظة شمال غزة بدعوى منع حركة حماس من استعادة قوتها في المنطقة.
ويؤكد الفلسطينيون أن إسرائيل ترغب في احتلال شمال القطاع وتحويله إلى منطقة عازلة بعد تهجير سكانه تحت وطأة قصف دموي متواصل وحصار مشدد يمنع إدخال الغذاء والماء والأدوية.
ويأتي ذلك في حين تواصل إسرائيل حربها المدمرة على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، مخلفة أكثر من 148 ألف شهيد وجريح فلسطيني -معظمهم أطفال ونساء- وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة متفاقمة.