حقيقة طلب تركيا من إسماعيل هنية وعدد من القيادات مغادرة أراضيها
تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT
أفاد مصدر دبلوماسي، بأن ما نشرته صحيفة المونيتور الأمريكية، اليوم الإثنين، حول طلب تركيا من رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية وعدد من قيادات الحركة مغادرة أراضيها هي أنباء غير صحيحة ولا تمت للواقع بصلة.
وأكد المصد أن تلك المعلومات غير صحيحة وفريق حماس خرج الى قطر بطلب قطري لان قطر تعمل على جلسات تفاوضية مع الامركان بخصوص الرهائن أصحاب الجنسيات المزدوجة وقد تم تحقيق تقدم فيها، أما هنية فلا زال مقر إقامته مابين تركيا وقطر.
المصدر: المشهد اليمني
إقرأ أيضاً:
إسماعيل مظهر وميراثه النهضوي العلمي
«حرر فكرك من كل التقاليد والأساطير الموروثة حتى لا تجد صعوبة ما في رفض رأي من الآراء أو مذهب من المذاهب اطمأنت إليه نفسك، وسكن إليه عقلك إذا ما انكشف لك من الحقائق ما يناقضه»..
(شعار مجلة «العصور» التي أصدرها إسماعيل مظهر خلال الفترة 1927-1930)
(1)
من المناطق الغائمة في تاريخنا الثقافي والفكري، وخاصة تاريخ الفكر والتيارات الفكرية منذ مطالع القرن التاسع عشر، وحتى منتصف القرن العشرين، التأريخ الدقيق للتيار الفكري والثقافي الذي انحاز للعلوم والمعارف الحديثة، والذي رأى أنه لا سبيل إلى الخروج من أنفاق الماضي ودهاليز العصور الوسطى، إلا بالأخذ بأسباب التطور والتقدم والنهوض وعلى رأسها الإذعان لمنطق العلم أو العلوم الحديثة، والمقصود هنا العلوم الطبيعية التي تقوم على التجريب والتحقق واستنباط القوانين (الطب والتشريح والفلك والفيزياء والكيمياء والأحياء.. إلخ).
برز هذا التيار على استحياء في الربع الأخير من القرن التاسع عشر على أيدي مجموعة من كبار المثقفين الشوام المسيحيين، ممن هاجروا إلى مصر واستقروا فيها؛ وكانت البداية مع تلقي نظرية التطور والنشوء والارتقاء لصاحبها تشارلز داروين أحد آباء الثورة العلمية والفكية والفلسفية في القرن التاسع عشر والعشرين، وحتى وقتنا هذا!
كان أول من دعا إلى "الداروينية" أو استهل الحديث عنها، والتعريف بها في هذه الدائرة، بعض المفكرين والمثقفين الشوام المسيحيين، ربما كان أبرزَ هؤلاء، المفكران المسيحيان، شبلي شميل (1865-1917)، وفرح أنطون (1874- 1922) اللذان كانا -بحكم وضعهما الثقافي الحضاري الخاص- أول من يطرح أفكار "التطورية الداروينية"، و"الاشتراكية العلمية"، و"العلمانية" في الشرق العربي كله.
ثم جاء جيل تال من المثقفين والمفكرين المصريين الذين تبنوا النظرية وأفكارها وربطوها بثورة العلوم الطبيعية والفكر العلمي ليظهر إلى ساحة الفكر تيار فكري يدعو إلى العلم والأخذ بأسبابه دون النظر إلى أي معطيات أخرى، فالعلم لا دين له.. كانت الريادة في هذا المجال من لشبلي شميل، وفرح أنطون كما ذكرنا، ثم أعقبهما كل من سلامة موسى، وإسماعيل مظهر، وعصام الدين حفني ناصف..
(2)
من بين هؤلاء، ينفرد المثقف والمفكر الكبير إسماعيل مظهر (1891-1962) بكونه هو الذي تصدى لترجمة كتاب تشارلز داروين الأساسي والكبير (أصل الأنواع) وصدر في القاهرة في مجلد واحد، ويصبح إسماعيل مظهر هو الناطق بلسان داروين في الثقافة العربية الحديثة كلها.
وأصبح إسماعيل مظهر على رأس رواد الاهتمام بهذا التيار العلمي الذي استوعب منجزات ونظريات العلم الحديث -في زمنه- وراح يبشرنا بها ويدعونا إلى متابعتها، ولقد لمع اسم إسماعيل مظهر في زمن رواد النهضة ومفكريها الكبار: أحمد لطفي السيد، وطه حسين، وعباس العقاد، وسلامة موسى، ومحمد حسين هيكل.. وغيرهم من المثقفين الموسوعيين الكبار من مفكري الليبرالية المصرية..
وإن تميز بينهم بموسوعيته التي مالت إلى نظريات العلم الحديث، الطبيعي والتجريبي، كما تميز بذهنية عالية تلزم نفسها بصرامة العلم ومنهجيته ودقته، فترك لنا تراثا كبيرًا، تصدى لجمعه وصونه ونشره نشرا علميا لائقا حفيده المهندس إسماعيل جلال مظهر.
وعلى الرغم من ريادته الفكرية والعلمية في تراثنا النهضوي وميراثنا الثقافي والفكري في النصف الأول من القرن العشرين، لم ينل ما هو جدير به من اهتمام مؤرخو الفكر العربي، رغم أنه يأتي على رأس تيار يوصف بأنه "التيار العلمي" في الفكر المصري المعاصر، ذلك التيار الذي ينتصر للعلم ونظرياته ويبشر بإنجازاته.
(3)
ولمن لا يعرفه من أبناء الأجيال الجديدة؛ نقدم عنه هذه اللمحة التعريفية السريعة.. اسمه بالكامل؛ إسماعيل مظهر محمد عبد المجيد، وهو مثقف نهضوي عظيم، من مواليد 19 يناير 1891 بسوق السلاح بالدرب الأحمر بالقاهرة لأسرة مصرية عريقة، مهتمة بالعمل العام؛ فجده لأبيه هو المهندس إسماعيل باشا محمد، رئيس مجلس شورى القوانين، وجده لأمه هو محمد مظهر باشا أول ناظر للمعارف بمصر، ومنشئ فنار الإسكندرية، وصاحب مشروع «القناطر الخيرية»، والمشارك المصري في إقامته، بالاشتراك مع المهندس الفرنسي «موجل». تلقى تعليمه في المدرسة الناصرية الابتدائية، وفي الخديوية الثانوية، ثم انتقل إلى إنجلترا للدراسة على نفقته الخاصة، فمكث في جامعتي لندن وأكسفورد من عام 1908 حتى عام 1914.
يمثل إسماعيل مظهر صفوة متميزة من المثقفين العرب ممن تأثروا إلى حد بعيد بالعلم الحديث والحضارة الغربية. وكان أهم ما شغله الثورة التي أحدثها داروين (1809-1882) في دراسته عن تطور الكائنات الحية. وقد رأى مظهر أن الإلمام الجيد بهذه الثورة لا يكون إلا بقراءة نصوص النظرية نفسها، فعكف على ترجمة الكتاب الرئيسي لداروين، وهو «أصل الأنواع وتطورها بالانتخاب الطبيعي» عام 1918.
ثم أصدر دراسة طويلة لكتاب داروين بعنوان: «ملقى السبيل في مذهب النشوء والارتقاء وأثره في الانقلاب الفكري الحديث» رد فيها على المذهب المادي عند «شبلي شميل» (1850-1917) وعلى رسالة «جمال الدين الأفغاني».
(4)
اهتم مظهر منذ شبابه الباكر بالصحافة، وارتبط اسمه ارتباطًا وثيقًا بمجلة «العصور» التي أصدرها خلال الفترة (1927- 1930)، وفيها تجلى خطابه النهضوي: في الدعوة للعلم، والتجديد في الأدب، والتحرر الفكري والديني، وقد كان تلميذا نجيبا ليعقوب صروف (1852-1927)، وشبلي شميل (1850-1917)، وفرح أنطون (1874-1922)، وأمين الريحاني (1876-1940) وهم من رواد مدرسة «التحرير الكامل» التي صنعت جيلا من المثقفين العرب يؤمن بأهمية النزعة العلمية في فهم الواقع وتغييره.
وفي عام 1927 اشترك إسماعيل مظهر مع فؤاد صروف، ورضا مدور، وعلي مشرفة، وأحمد زكي أبو شادي، في تأسيس المجمع المصري للثقافة العلمية، وانتخب سكرتيرًا دائمًا له. وعين عضوًا بالمجمع اللغوي (1961). ورأس تحرير مجلة (المقتطف) من 1945 إلى 1949.
ومن أبرز مؤلفاته «قصة الطوفان وتطورها في ثلاث مدنيات قديمة» هي الآشورية البابلية والعبرانية والمسيحية (1929). و«عصر الاشتراكية» (1947)، و«فك الأغلال»، و«الدين في ظل الشيوعية»، و«الإسلام لا الشيوعية» (1961)، و«التكافل الاشتراكي لا الشيوعية» (1961)، كما صدرت له عدة كتب مترجمة: «حياة الروح في ضوء العلم وسير ملهمة»، و«نشوء الكون وتاريخ العلم» و«الأمنية الجديدة» (1961)، و«رؤيا هناء» وهي مجموعة قصص، وسيرة ذاتية: «تباريح الشباب».
وأسهم في حقل المعاجم والموسوعات، فأصدر «قاموس المسرح» في مجلدين، و«قاموس الجمل والعبارات الاصطلاحية»، و«معجم مظهر الإنسيكلوبيدي»، و«معجم الثدييات». اختير عضوًا بمجلس المديرين لمشروع «الموسوعة العربية الميسرة»، ورأس (هو وعبد الرحمن زكي) تحرير الموسوعة، منذ عام 1959 حتى وفاته عام 1962.
(5)
وكان إسماعيل مظهر يؤمن أن الاهتمام بالتعليم هو ركيزة النهضة، ويرى أن اللغة العربية وآدابها أصل تقليدي، ينبغي أن يكون أساسًا للأدب الحديث، وأن الأدب العربي الحديث ليس إلا لقاحًا يغذي ذلك الأصل. ومحاولة المجددين اتخاذ أدب الغرب أساسًا وجعل اللغة العربية «أداة التعبير» ليست إلا خطأ وجنوحًا عن حقائق التطور الاجتماعي. ولهذا يبدو مظهر، في نظر المجددين، من أنصار المدرسة الكلاسيكية. وفي هذا يكمن سر احترامه لأدب الرافعي، على الرغم من تباين مذهبهما في التفكير ومفهومهما للأدب، كما ينطوي فيه سر نفرته من أدب المجددين من أدباء العربية، مثل جبران خليل جبران، وطه حسين، والعقاد.
قام "خطاب النهضة" عنده على ركيزة ثابتة في تاريخ الفكر والأدب، تعتمد الاحتفال بالمصادر التي تلخص ما يسميه بـ«جدل الماضي» والاحتفال بالمصادر التي تهيئ لـ«جدل المستقبل» وهو يرى أن لا سبيل إلى تحقيق هذين المصدرين، وتفعيلهما، إلا بالاهتمام بالترجمة والنقل عن اللغات والثقافات الأخرى.
وعلى صعيد الإصلاح الاجتماعي؛ اهتم إسماعيل مظهر بالفلاح، وارتكزت مذكرته التفسيرية لإنشاء حزب الفلاح على ثلاثة مبادئ: التسوية بين الناس في فرص الحياة، وتحديد ملكية الأرض، وزيادة نسب صغار الملاك، ومحاربة المبادئ البلشفية.. (وللحديث بقية..)