الذكاء الاصطناعي يهدد مجال النشر الأدبي
تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT
لا يخفي عالم النشر -الذي اجتمعت أقطابه أخيرا في معرض فرانكفورت للكتاب- قلقه من أن تغزو العالم مؤلفات منجزة بواسطة هذه التقنية.
ويشهد قطاع النشر الأدبي على غرار مجالات أخرى كثيرة حالة من الغليان بعد أن اهتز بفعل الثورة التكنولوجية التي أطلقتها برامج الذكاء الاصطناعي مثل "شات جي بي تي".
ويبدي العاملون في هذا القطاع "شعورا عميقا بعدم الأمان"، وفق ما يؤكد يورغن بوس مدير معرض فرانكفورت للكتاب، وهو الأكبر في العالم، والذي اختتم أعماله أمس الأحد، وكان هذا الموضوع في قلب نقاشاته طوال الأسبوع.
ويتساءل هؤلاء -بحسب بوس- "ماذا سيحل بالملكية الفكرية للمؤلفين؟ ومن يملك حقا المحتويات الجديدة؟ وكيف يمكن دمجها في سلاسل القيمة؟".
حدود الإبداع الآلياقتحم الذكاء الاصطناعي بالفعل خدمات الترجمة، كما يتطور في مجالات النشر العلمي والقانوني، لكنه يظل هامشيا في عالم الإبداع الأدبي.
فعندما يتعلق الأمر بكتابة الروايات لا يزال الذكاء الاصطناعي يفتقر إلى الإلهام، وفق الكاتب البريطاني سلمان رشدي الذي يشكك بقدرة برامج الذكاء الاصطناعي على صياغة نصوص أدبية تضاهي بجودتها مؤلفات الكتّاب.
واختبر رشدي ذلك بقراءة نص قصير أنشئ "بأسلوبه" بواسطة البرامج، وعلق وسط ضحكات الحضور خلال مؤتمر صحفي قائلا إن النص الذي أنجزته البرمجية "كان سيُرمى في النفايات".
وقالت الكاتبة والأكاديمية الألمانية جينيفر بيكر -خلال نقاشات على طاولة مستديرة- إن أداء الذكاء الاصطناعي في مجال الكتابة الإبداعية "ليس جيدا بعد".
وأضافت "لا أرى بعد متى ستأتي اللحظة التي سنعهد فيها بمهمة الكتابة إلى الذكاء الاصطناعي بطريقة مستقلة تماما".
من ناحية أخرى، فإن إمكانيات هذه التكنولوجيا "كبيرة لاستخدامها كأداة للمساعدة" في الكتابة، بحسب قولها.
وبالنسبة للروايات ذات المضمون الضعيف -والتي تعتمد على نماذج سردية نمطية ومخصصة للإنتاج على نطاق واسع- يوفر الذكاء الاصطناعي فرصا محتملة، وفق ما قال بوس.
ولا يتوقف التخوف من الذكاء الاصطناعي على الكتّاب والأدباء، بل يمتد للعاملين في مجالات ثقافية أخرى مثل النشر والكتابة، والرسم والفنون والتصوير، والغناء والموسيقى، والصحافة، والكتابة الأكاديمية والبحث العلمي.
أسئلة الحقوق والقانونبدأ مؤلفون رفع دعاوى لحماية حقوقهم في مواجهة الذكاء الاصطناعي الذي يستخدمها لتوليد محتوى، لكن معاركهم القضائية لن تكون سهلة، ففي أوروبا وأميركا الشمالية يميل القانون إلى تأييد الذكاء الاصطناعي مع أن الوضع قد يتغير، وفق قانونيين.
وتعتمد الأمور كلها في نهاية المطاف على نوع النشر، وفق ما تؤكد سوزان بارفيك نائبة المستشار القانوني لاتحاد الناشرين وبائعي الكتب الألمان.
وأشارت بارفيك إلى أن "قطاع الكتب العلمية والمتخصصة هو بالفعل أكثر تقدما، وقد بحث بالفعل في هذه القضية بشكل أكبر".
لكن بمجرد أن يستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي مليارات النصوص لتدريب خوارزمياته وإنشاء المحتوى تلوح في الأفق معارك قانونية.
وترتبط إحدى "المناطق الرمادية" الرئيسية في هذا المجال بالجهة التي تعود لها ملكية حقوق الطبع والنشر للمحتوى الذي ينشئه الذكاء الاصطناعي.
ويقول يورغن بوس إن "هذه فوضى حقيقية وقضية مهمة للغاية"، وإن "هناك أيضا أموالا طائلة على المحك".
وعلى منصة "كي دي بي" التابعة لشركة "أمازون" والمخصصة للنشر الذاتي تكثر الكتب التي أنتجت بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي كما يلاحظ المتخصصون، حتى أن بعض هذه المنشورات باتت من أكثر الكتب مبيعا.
وباتت منصة "كيه دي بي" تطلب من المؤلفين أن يعلنوا على الموقع ما إذا كانت أعمالهم أُنشئت بواسطة الذكاء الاصطناعي (صور أو نصوص أو ترجمات).
وفي سبتمبر/أيلول الماضي اتخذ مؤلفون كثر -بينهم جورج آر آر مارتن صاحب قصة "لعبة العروش" الملحمية، وملك أفلام الإثارة جون غريشام- إجراءات قانونية في الولايات المتحدة ضد شركة "أوبن إيه آي" الناشئة في كاليفورنيا، متهمين إياها باستخدام أعمالهما لتلقين خوارزميات "شات جي بي تي" مع تجاهل حقوق الطبع والنشر الخاصة بهم.
وفي رسالة مفتوحة موقعة من كتّاب كثر مثل الروائية الكندية مارغريت أتوود والروائي الأميركي دان براون حذر اتحاد المؤلفين الأميركيين عمالقة التكنولوجيا هذا الصيف من أن "ملايين الكتب والمقالات" و"القصائد المحمية بحقوق الطبع والنشر تشكل غذاء لأنظمة الذكاء الاصطناعي، مع وجبات لا نهاية لها من دون فواتير".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
قمة الذكاء الاصطناعي في رواندا تحدد مسار القارة التكنولوجي
في خطوة هامة نحو تعزيز مكانة القارة الأفريقية في مجال التكنولوجيا والابتكار، تستضيف العاصمة الرواندية القمة العالمية الأولى للذكاء الاصطناعي التي ستُعقد غدا الخميس وبعد غد، يومي 3 و4 أبريل/نيسان الجاري.
ويعد الحدث بمثابة منصة حوارية ضخمة تجمع قادة الحكومات والخبراء ورؤساء الشركات من مختلف دول العالم، حيث تتم مناقشة كيفية الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتحفيز النمو والتنمية في القارة.
قمة لتمكين أفريقيا رقميًاتعتبر هذه القمة، التي تُنظم تحت شعار "الذكاء الاصطناعي من أجل أفريقيا"، خطوة محورية نحو بناء مستقبل تكنولوجي للقارة.
ووفقًا لما ذكرته التقارير، فإن هذه القمة ستركز على وضع إستراتيجية شاملة لتعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي في أفريقيا، خاصة في مجالات حيوية مثل الرعاية الصحية والتعليم والزراعة.
ويُنظر إلى الذكاء الاصطناعي كأداة محورية لتحسين جودة الخدمات في هذه القطاعات، بالإضافة إلى تعزيز النمو الاقتصادي في القارة وفتح الفرص لإيجاد وظائف جديدة.
وسيتم مناقشة الدور الهام للذكاء الاصطناعي في تحسين أنظمة الرعاية الصحية في أفريقيا، مع التركيز على تطوير أدوات مبتكرة تساعد في تشخيص الأمراض بشكل أسرع وأكثر دقة.
كما سيتم تسليط الضوء على إمكانيات الذكاء الاصطناعي في مجال التعليم، من خلال توفير حلول تعليمية تناسب احتياجات الطلاب الأفارقة وتواجه التحديات التي يعاني منها قطاع التعليم في بعض البلدان.
إعلان فرصة تاريخية لتحول رقمي شاملتُعد القمة فرصة تاريخية غير مسبوقة لأفريقيا لتقوية مكانتها في عالم التكنولوجيا.
ووفقًا لتقارير، تعد هذه القمة نقطة انطلاق للتعاون بين الدول الأفريقية والشركات العالمية الكبرى في مجال الذكاء الاصطناعي، مما سيتيح للقارة تعزيز بنية تحتية تكنولوجية.
كما يُنتظر أن تُسهم هذه القمة في تطوير حلول مبتكرة تتماشى مع احتياجات أفريقيا، مما يفتح المجال أمام شراكات جديدة تدعم الابتكار والبحث العلمي.
من بين المواضيع البارزة -التي ستتم مناقشتها في القمة- الزراعة واستخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين الإنتاجية الزراعية.
ويتوقع -مع التحديات المرتبطة بالتغير المناخي وأمن الغذاء بأفريقيا- أن يسهم الذكاء الاصطناعي في تحسين استدامة الزراعة.
ومن خلال تقنيات الذكاء الاصطناعي، سيتمكن المزارعون من التنبؤ بالكوارث الطبيعية وتحليل البيانات المتعلقة بالطقس، مما يساهم في اتخاذ قرارات زراعية أكثر دقة وفعالية.
تطوير البنية التحتية التكنولوجيةتعتبر القمة في العاصمة كيغالي أيضًا نقطة انطلاق لمشاريع ضخمة تهدف إلى تحسين البنية التحتية الرقمية في أفريقيا.
وهناك تركيز على أهمية تطوير شبكات الإنترنت فائقة السرعة وتزويد الشركات الصغيرة والمتوسطة بالأدوات الرقمية اللازمة للنمو. كما سيتناول المشاركون كيفية إنشاء بيئة تشريعية داعمة للاستثمار في مجالات التكنولوجيا الحديثة، مما يساهم في تسريع التحول الرقمي في القارة.
نحو مستقبل تكنولوجي مشرق لأفريقياوستكون قمة الذكاء الاصطناعي في كيغالي خطوة فارقة في تاريخ أفريقيا التكنولوجي.
ومع تزايد الاهتمام الدولي بالقارة، واتساع نطاق التعاون بين مختلف الأطراف، فإن أفريقيا تسير بخطوات واثقة نحو عصر رقمي جديد، حيث سيشكل الذكاء الاصطناعي أحد المحركات الرئيسية لتحقيق النمو المستدام وتحسين حياة المواطنين.