منذ اندلاع التصعيد الجاري في غزّة، يحاول أنصار إسرائيل ولوبيّاتها ومنظّماتها المتنوعة والمنتشرة في أرجاء الولايات المتحدة، إسكاتَ أي صوت يعرض الإطار الأوسع والتاريخي لهجمات حركة حماس، أو يدين الهجمات الإسرائيلية على سكَّان قطاع غزة، أو حتى من يطالبون بوقف إطلاق النار.

أحد هؤلاء الذين واجهوا التشهير ومحاولة إسكات صوتهم، هم طلاب جامعة هارفارد الذين نشروا بيانا أدانوا فيه العدوان الإسرائيليّ، وطالبوا بوقف الهجمات على المدنيين بقطاع غزة، وأرجعوا ما يجري إلى استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.

كان أبرز من هاجم طلاب هارفارد، هو الرئيس التنفيذي لأحد الصناديق والعديد من قادة الأعمال الآخرين الملياردير بيل أكمان، الذي طالب في تغريدة على موقع "إكس" (تويتر سابقا)، إدارة الجامعة بنشر أسماء الطلاب الموقّعين ليعرفوهم كي لا يوظفوهم في المستقبل.

ما حدث مع الطلاب من تشهير، جرى بالمقابل مع رئيسة الجامعة ذاتها كلودين جاي، خاصة أها أصدرت بيانا قالت فيه إنها "حزينة للوفاة والدمار" الذي تسبب فيه هجوم "حماس" المفاجئ، والانتقام الإسرائيلي من غزة.

وأمام ذلك، انتقد الرئيس السابق للجامعة الرئيسة الحالية لعدم إدانتها حركة "حماس".

اقرأ أيضاً

أمريكا.. أكاديميون وكتاب وفنانون يهود يدعون بايدن لوقف الحرب الإسرائيلية على غزة

كما وصل الأمر بإحدى المنظمات غير الربحية المؤيدة لإسرائيل، أن ترتِّب لعرض لوحات إعلانية افتراضية تحمل أسماء ووجوه الطلاب المؤيدين للحقوق الفلسطينية، تحت لافتة كتب عليها: "معادون للسامية في جامعة هارفارد".

ولاحقا، تم وضعُها على شاحنة تحرّكت في منطقة الحرم الجامعي، بهدف التشهير بهؤلاء الطلاب وترهيبهم وترهيب مناصريهم.

وإثر تلك الضغوط قامت جاي بتعديل تصريحاتها، يوم الثلاثاء، بشأن الهجمات، حيث كتبت: "مع استمرار تردد أصداء الأحداث، لا شك أنني أدين الفظائع الإرهابية التي ارتكبتها حماس"، على حد زعمها.

ولاحقا، خرجت بعض الأصوات المحذّرة مما يجري، وانتقد الباحث القانوني في الجامعة لورانس ترايب، محاولات التشهير بالطلاب.

وقال لشبكة "سي إن إن" الأمريكية، إن تسمية الطلاب والتشهير بهم، بالإضافة إلى "وصفهم بأنهم معادون للسامية هو أخطر بكثير من كونه مفيدًا.. يجب ألا نكرر تجاوزات عصر الممارسات المكارثية".

لم يقف الأمر عند ذلك، فقد حذَّر أستاذ القانون التجاريّ في كلية الحقوق بجامعة بيركلي المرموقة بولاية كاليفورنيا ستيفن دافيدوف سولومون، الشركات وأربابَ العمل من توظيف طلاب، اتهمهم بأنّهم معادون للسامية.

اقرأ أيضاً

مئات من اليهود الأمريكيين يقتحمون الكونجرس الأمريكي احتجاجا على حرب غزة (فيديو)

وزعم سولومون في مقال بصحيفة "وول ستريت جورنال" وترجمه "الخليج الجديد"، أنّ بعض طلابه روّجوا للكراهية تجاه اليهود، وبالتّالي لا ينبغي منحهم وظائف.

وكتب سولومون، ليقول: "طلابي جيّدون إلى حد كبير أكاديميًا، ومستعدّون للتعلم بسرعة، وأنا أوصي بتوظيفهم بانتظام في الشركات المُختلفة. لكن إذا كنت لا ترغب في توظيف أشخاص يدافعون عن الكراهية ويمارسون التمييز، فلا توظّف بعض طلابي".

ووجّه البروفيسور، الذي يقدّم المشورة لجمعيّة طلاب القانون اليهود، الاتهامَ الخطير لطلابه بعد اندلاع الصراع في قطاع غزَّة، وانتشار المظاهرات الطلابية المؤيدة للفلسطينيين والداعية لوقف الهجمات الإسرائيلية على المدنيين.

وفي غضون ذلك، ألغت شركة المحاماة "وينستون أند ستراون"، عرض عمل لمتدرب يدرس بكلية الحقوق في جامعة نيويورك، بعدما كتب في نشرة إخبارية أن "إسرائيل تتحمل المسئولية الكاملة على هذه الخسائر الهائلة في الأرواح".

وكتبت الشركة: "تتعارض هذه التعليقات بشدة مع قيم (وينستون أند ستراون) كشركة.. وبناء على ذلك، ألغت الشركة عرض التوظيف للطالب بكلية الحقوق".

اقرأ أيضاً

العراق.. تهديد باستهداف مصالح أمريكا ودعوة لتظاهرة مليونية لنصرة غزة

وقبل ذلك، أوقفت شبكة "إم إس إن بي سي" 3 من مذيعيها المسلمين، (كان لكل منهم برنامج مدته ساعة يقدمها بنفسه يوميًا)، منذ بدء أزمة غزّة في 7 أكتوبر/تشرين الأول.

وأصبح الثلاثة: مهدي حسن، وأيمن محيي الدين، وعلي فيلشي، يظهرون بصفتهم معلّقين على الأحداث فقط.

كما قامَ مستشفى لينوكس هيل، في حي مانهاتن بمدينة نيويورك، بفصل طبيبة قسم الطوارئ دانا دياب، بزعم إشادتها بما قامت به حركة "حماس"، وابتهاجها بالمآسي، بعد شكوى من منظمة "أوقفوا معاداة السامية".

وكان النصيب الأكبر من هجوم أنصار إسرائيل موجهًا إلى منظّمات حقوق الإنسان، مثل: "العفو الدولية" و"هيومن رايتس ووتش"، والناشطين المناهضين للحرب، والجماعات السياسية التقدمية، والناشطين المؤيدين للفلسطينيين، والأكاديميين والعديد من المثقّفين، والجماعات الدينية التي تنبذ الحروب، وبعض أعضاء الكونغرس، كما جرى مع طلاب الجامعات.

كما امتدّت محاولاتُ إسكات الأصوات إلى أعضاء الكونغرس، وواجهت النائبات الديمقراطيات التقدميّات في مجلس النواب المعروفات بانتقادهنّ إسرائيلَ ردَ فعلٍ عنيفًا من زملائهنّ الجمهوريين والديمقراطيين كذلك، إضافة للمنظمات اليهودية بسبب تصريحاتهنّ بعد بدء عملية "طوفان الأقصى".

اقرأ أيضاً

العراق.. تهديد باستهداف مصالح أمريكا ودعوة لتظاهرة مليونية لنصرة غزة

ومن أهم هؤلاء النواب إلهان عمر من مينيسوتا، ورشيدة طليب من ميشيغان، وكوري بوش من ميسوري، وألكساندريا أوكاسيو كورتيز من نيويورك.

وغلبت إدانة العنف، والمطالبة بضرورة العمل على تحقيق السلام ووقف إطلاق النار على ردّ فعل النائبات على الأحداث، إلا أنّ ذلك الموقف أغضبَ أنصار الجانب الإسرائيلي الذين يريدون فقط مهاجمة وإدانة حركة حماس دون التطرّق لمعاناة الفلسطينيين، أو العنف الممارس ضدهم.

كما قالت عضوة الكونغرس إلهان عمر، إنها "تلقّت تهديدات بالقتل في أعقاب هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول، كما تلقّت هي وغيرها من المشرّعين التقدميّين الذين ينتقدون إسرائيل إحاطة من قبل شرطة الكابيتول الأمريكي حيث حذّرتهم من التهديدات المحتملة".

ولطالما دعمت الولايات المتحدة إسرائيل عسكرياً ودبلوماسيا، لكن خلال السنوات الأخيرة، تزايدت انتقادات التيار اليساري لإسرائيل، مشبهين إياها في بعض الأمثلة بدولة فصل عنصري (أبارتهايد) بسبب فشلها في منح الفلسطينيين حقوقهم الكاملة.

واقترنت تلك النبرة المتصاعدة بزيادة طفيفة في التقارير بشأن "معاداة السامية" في حرم الجامعات خلال السنوات الأخيرة، وفقا للصحيفة الأمريكية.

ويخشى أنصارُ إسرائيل في الولايات المتحدة، من تبعات القيام بالعديد من المظاهرات المعارضة للهجمات التي تشنّها على قطاع غزة في مختلف المدن الأمريكية، مقارنة بمثيلتها المؤيدة للجانب الإسرائيلي، خاصةً مع استمرار انخفاض أعداد اليهود الأمريكيين، مقارنة بزيادة أعداد الأميركيين العرب والمسلمين.

اقرأ أيضاً

جامعة هارفارد تتراجع عن منع توظيف مسؤول حقوقي بسبب إسرائيل

المصدر | وول ستريت جورنال - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: تشهير جامعة هارفارد توظيف اللوبي اليهودي إسرائيل أمريكا غزة نصرة فلسطين اقرأ أیضا

إقرأ أيضاً:

ماذا قال الحاخام اليهودي المتطرف نير بن آرتزي عن مصر؟

رد أستاذ اللغة العبرية والمتخصص في الشؤون الإسرائيلية بجامعة عين شمس بالقاهرة، الدكتور محمد عبود، على تصريحات الحاخام اليهودي المتشدد نير بن آرتزي التي هدد فيها المصريين بغضب عارم نتيجة رفضهم تهجير الفلسطينيين.

وقال عبود في تصريح صحفي إن بن آرتزي يدعي امتلاكه قدرات خارقة ومعرفة بالغيب، وأنه يرتدي زي الحاخام بينما يمارس التنبؤ بالقضايا السياسية الشائكة والصراعات الإقليمية.

وأضاف أن بن آرتزي يسعى للشهرة من خلال إدخال اسم مصر في نبوءاته الفاشلة، مستغلًا مخاوف الإسرائيليين من قوة الجيش المصري وتجربة حرب أكتوبر 1973 التي أسماها الإسرائيليون "حرب يوم القيامة".

وأوضح عبود أن بن آرتزي دجال، فقد سبق له أن تنبأ بفشل مصر في القضاء على داعش بسيناء، وتنبأ بحدوث زلازل وأعاصير وفيضانات تضرب العالم فيما سينجو الاحتلال الإسرائيلي، وكل هذه النبوءات باءت بالفشل.

وأشار أستاذ اللغة العبرية إلى أن بن آرتزي يدعي العلم في الكبالا ومعرفة الغيب، وقد ادعى أنه نبي مما جذب إليه عشرات الأنصار والمريدين، وجمع ثروة تقدر بثلاثين مليون دولار. لكن بعد انتشار شهرته في الاحتلال، تبين أن الرجل نصاب ومتحرش جنسي، وقد تورط في عدة قضايا نصب وابتزاز وتحرش جنسي بالأطفال، وواجه ملاحقات قضائية وتحذيرات من بعض الحاخامات.


يذكر أن الحاخام اليهودي المتشدد، نير بن آرتزي، كبير حاخامات الاحتلال، ووجه انتقادات حادة لمصر خلال رسالته الأسبوعية لطلابه في القدس، معتبرًا أن مساعدة المصريين للفلسطينيين ضد إسرائيل ستجلب عليهم غضبًا إلهيًا.

وتحدث بن آرتزي عن تمنياته في أن "تتلقى مصر ضربة قوية من الله"، معربًا عن اعتقاده بأنها قد تُصاب بأوبئة خارقة للطبيعة قريبًا.

وأضاف الحاخام المتطرف أن الاحتلال قد يواجه تهديدًا كبيرًا من مصر والفلسطينيين إذا ما ارتكب خطأً فادحًا بتسليم محور فيلادلفيا للفلسطينيين، مؤكدًا أن السيطرة الفعلية على المحور هي بيد المصريين، الذين ينقلون الأسلحة إلى غزة عبر معبر رفح.

وفي بيان قصير نشره بن آرتزي، قال: "يُحظر تسليم محور فيلادلفيا لحماس، لأنه تحت سيطرة مصر، التي تجني من ورائه مليارات الدولارات سنويًا. كل هذا يذهب لصالح حماس، وسكان غزة هم في الأصل مصريون ويعرفون بعضهم جيدًا".

وحذر الحاخام اليهودي من الثقة في مصر، وهو يدعو أن "تتلقى مصر ضربة إلهية قريبًا"، معتبرًا أن "الله لا يرحم أحدًا، فهو يضرب العالم كله عبر قوى الطبيعة التي تفوق الفهم البشري." وأضاف: "هذه الأوبئة والكوارث الطبيعية التي يشهدها العالم، من فيضانات وبراكين وحرائق، هي ضربات إلهية لا يمكن لأحد إيقافها".


واختتم بن آرتزي تصريحاته بالإشارة إلى أن "الأسلحة تصل إلى غزة عبر الأنفاق من رفح المصرية، حيث يعيش الفلسطينيون في رفاهية ويستعدون لحرب جديدة".

يُذكر أن الحاخام بن آرتزي يُعتبر زعيمًا روحيًا لطائفة كبيرة من اليهود، خاصة المستوطنين، ويدعي امتلاكه قدرات خارقة للطبيعة.

ارتكب الاحتلال الإسرائيلي، بدعمٍ أمريكي، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 وحتى التاسع عشر من كانون الثاني/ يناير 2025، أعمالًا وصفت بأنها إبادة جماعية في قطاع غزة، أسفرت عن أكثر من 159 ألفا بين شهيد وجريح فلسطيني، غالبيتهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى اختفاء أكثر من 14 ألف مفقود.

مقالات مشابهة

  • حماس: ندين تصريحات ترامب الرامية لاحتلال أمريكا لقطاع غزة
  • ماذا قال الحاخام اليهودي المتطرف نير بن آرتزي عن مصر؟
  • أمريكا تستعد لبيع الاحتلال الإسرائيلي أسلحة بمليار دولار
  • سماحة المفتي يدين عرقلة إسرائيل وصول المساعدات لغزة
  • خبير إسرائيلي: حماس تنجح بسرعة في إعادة تأهيل البنية التحتية لغزة
  • حماس: العدوان الإسرائيلي خلَّف دمارًا كبيرًا شمال غزة وأعدم مظاهر الحياة فيه
  • وفد من حماس يبحث مع نائب وزير الخارجية الروسي تطورات الأوضاع في غزة
  • بن جفير: على نتنياهو العودة من أمريكا مع التزام باستئناف إسرائيل للحرب
  • صحيفة إسرائيلية تكشف النقاب عن إستراتيجية ترامب لغزة
  • سفير مصر الأسبق في إسرائيل: اجتماع وزاري عربي بالقاهرة لبحث التصعيد في غزة ورفض تهجير الفلسطينيين