خبراء ومختصون لــ وام: الإعلام البيئي حجر زاوية من أجل عالم أكثر استدامة
تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT
- دور كبير للإعلام في رفع الوعي بقضايا البيئة والتغير المناخي.
من رامي سميح..
أبوظبي في 23 أكتوبر/ وام / أكد خبراء ومختصون في مجال البيئة والاستدامة والاقتصاد الأخضر أن وسائل الإعلام تلعب دوراً حيوياً ومؤثراً في تسليط الضوء على القضايا البيئية والتغير المناخي التي باتت من أكثر الموضوعات التي تهم العالم بأسره في العصر الحديث.
وقال الخبراء والمختصون في تصريحات لوكالة أنباء الإمارات "وام"، أن معرض ومؤتمر "الكونغرس العالمي للإعلام" الذي سيعقد في الفترة من 14 إلى 16 نوفمبر المقبل بالعاصمة أبوظبي، سيركز ضمن محاوره الرئيسية على الإعلام البيئي والاستدامة للتأكيد على الدور المهم الذي يضطلع به الإعلام في نشر ثقافة الاستدامة والممارسات البيئية السليمة.
وأضافوا أن وسائل الإعلام تسهم في تشكيل الوعي العام وتشجيع السلطات والجمهور على اتخاذ إجراءات لحماية البيئة ومواجهة التغير المناخي، من خلال نشر معلومات حول التحديات البيئية والتأثيرات المحتملة للتغير المناخي وهو ما يزيد وعي الجمهور بأهمية الحفاظ على البيئة وتحفيز الأفراد على اتخاذ إجراءات شخصية للحد من تأثيرهم البيئي.
وأشاروا إلى أن وسائل الإعلام يمكن أن تكون صوتاً قوياً من أجل المناداة باتخاذ إجراءات بيئية أكثر فعالية، إلى جانب المساهمة في التحفيز على إجراء البحوث والعلوم نحو دراسة تأثيرات التغير المناخي والبيئة وتطوير التكنولوجيا الخضراء.
- قضايا محورية.
وأكد خبير البيئة والاقتصاد الأخضر، محمد كرم، مدير عام "إنسينكراتور" في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، أهمية الإعلام في نقل المعرفة والوعي البيئي إلى جمهور المتعاملين، مشيراً إلى أن "الكونغرس العالمي للإعلام" سيركز ضمن محاوره الرئيسية على الإعلام البيئي والاستدامة.
وقال إن القضايا المتعلقة بالبيئة والاستدامة والتغير المناخي أصبحت محورية على المستويين الإقليمي والعالمي، لذلك فإن الإعلام بكافة وسائله يلعب دوراً مهماً وضروريا لإيصال آراء الخبراء إلى الجمهور المستهدف بكافة الوسائل وإبقائهم على إطلاع مستمر بأحدث المبادرات التي يقوم بها صناع القرار والمعنيون للحد من التغيرات المناخية والارتقاء بجودة الهواء والحفاظ على البيئة.
وأضاف أن وسائل الإعلام تلعب دوراً رئيسياً لتوعية المجتمعات بأبرز التحديات البيئية وتأثير السلوكيات البشرية وإضرارها بالبيئة، بالإضافة إلى تشجيعهم على اعتماد ممارسات صديقة للبيئة في كافة النواحي الحياتية.
وأوضح كرم أن وسائل الإعلام هي حجر الزاوية في التوعية بمواجهة الممارسات السلبية التي تحدق بالبيئة، فضلا عن دورها في المساهمة في أحداث تحولًا جذريًا في نمط التفكير لدى الأفراد وبث الرسائل الإيجابية على المدي الطويل.
وأشار إلى أهمية الاستثمار في إنشاء جيل من وسائل الإعلام القادرة على حمل هذه المسؤولية وتسليحها بالمعرفة الضرورية لتكون شريكًا فاعلًا في مواجهة التحديات البيئية، بالإضافة إلى العمل على استحداث مراكز تعليم لوسائل الإعلام حول القضايا البيئية الملحة وآليات تناولها حتى يكونوا قادرين على إيصال هذه المعرفة إلى أفراد المجتمعات بطريقة فاعلة وسهلة دون تعقيد.
- دور حيوي..
من جانبها، قالت حبيبة المرعشي، المؤسس المشارك ورئيسة مجموعة عمل الإمارات للبيئة، إن التوعية البيئية تأتي في صدارة الأولويات، وخاصةً فيما يتعلق بتغيير سلوكيات الأفراد وكيفية تفاعلهم مع البيئة التي يعيشون فيها، مشيرة إلى أن الإعلام البيئي يلعب دورًا بارزًا في هذا السياق من خلال وسائله المتعددة، مثل الصحف اليومية، والمجلات العامة والمتخصصة، ووسائل الإذاعة والتليفزيون، وأيضًا وسائل التواصل الاجتماعي التي تمتلك تأثيرًا كبيرًا خصوصا على فئة الشباب.
وأضافت أن الإعلام يعتبر واحدًا من أهم وسائل نشر الوعي بقضايا البيئة، والمساهمة في تحفيز الأفراد لفهم دورهم وواجباتهم ومسؤولياتهم تجاه البيئة، فضلا عن دوره الحيوي في نشر مفاهيم مثل التنمية المستدامة.
وذكرت أن الإعلام البيئي يمكن يسهم بشكل كبير في زيادة الوعي بتأثير الكوارث والحوادث البيئية وتغيرات المناخ على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، وهو ما يجعل الإعلام البيئي أداة قوية لتحقيق التغيير في سلوكياتنا وتعزيز الممارسات الصديقة للبيئة والمجتمع.
وأشارت إلى أن الإعلام مطالب بتسليط الضوء على الجهود والمبادرات التي يقوم بها الأفراد والمجتمعات والمنظمات البيئية لمكافحة التغير المناخي وتحقيق الاستدامة، من خلال عرض قصص النجاح والتحديات التي واجهها هؤلاء الأشخاص، ما سيكون له دور كبير في تشجيع الآخرين على المشاركة واتخاذ إجراءات إيجابية في مجتمعاتهم.
وشددت على أن دور الإعلام في رفع الوعي حول قضايا التغير المناخي والاستدامة لا يقتصر على نقل المعلومات فقط، بل يمتد إلى تحفيز الجمهور للمشاركة الفعالة في هذه القضايا والعمل المشترك من أجل بناء مستقبل أفضل وأكثر استدامة للأجيال القادمة.
- وسائل فعّالة..
وأكد خبير الاستدامة عمرو نادر الرئيس التنفيذي لشركة "آي كيوب آند كو"، أهمية الإعلام البيئي باعتباره من الوسائل الفعّالة للتعامل مع التحديات البيئية التي يشهدها العالم في الوقت الراهن، لا سيما وإنها تلعب دورًا أساسيًا في الحفاظ على البيئة وتعزيز الوعي بأهميتها من خلال نقل المعرفة.
وأشاد باهتمام "الكونغرس العالمي للإعلام" بالتركيز ضمن محاوره الرئيسية على الإعلام البيئي، لا سيما وأن وسائل الإعلام تلعب دوراً مهماً في التعريف بأهمية حماية البيئة والمساهمة في نشر قيم جديدة تتعلق بحمايتها، بالإضافة إلى المساهمة في رفع الوعي لدى الأفراد وتشجيعهم على التخلي عن السلوكيات الضارة بالبيئة والمجتمع، إلى جانب تعزيز استخدام برامج ومبادرات صديقة للبيئة.
وأضاف " يعد الإعلام البيئي شريكاً أساسياً في معركة البيئة والمحافظة عليها وكل القضايا ذات الصلة، إذ أنه معني بخلق الإدراك وزيادة الوعي بقضايا البيئة وتزويد أفراد المجتمع بكافة المعلومات المتعلقة بالقضايا البيئية، بما يؤدي إلى تغيير الاتجاهات السلبية للأفراد نحو البيئة وتشجيعهم على المشاركة بفعالية في مواجهة المشكلات البيئية الماثلة".
وأوضح أن الإعلام البيئي يمكن أن يلعب دوراً بارزاً في إكساب الفرد المهارات المختلفة اللازمة بتفعيل مشاركته الإيجابية في حماية البيئة وليس ذلك فحسب، بل أيضاً تسليحه بالمعرفة وسبل الحصول على الأدوات التي من شأنها تنمية مواردها وإكسابه القدرة على التنبؤ بالمشكلات البيئية قبل وقوعها.
عبد الناصر منعم/ رامي سميحالمصدر: وكالة أنباء الإمارات
كلمات دلالية: التحدیات البیئیة الإعلام البیئی التغیر المناخی أن الإعلام تلعب دور من خلال إلى أن
إقرأ أيضاً:
إعلاميون ومختصون: عُمان نموذج للوئام والتعايش واحترام التنوع الثقافي
حافظت سلطنة عمان على نهج التسامح والتآخي والألفة والمحبة، ونبذ العنف والتطرف والغلو، وعاش المجتمع العماني في انسجام وتلاحم، مستلهما فكره ونهجه من الدين الإسلامي الداعي للتسامح، وانبنت السياسة العمانية الحكيمة على المستويين المحلي والدولي على مبادئ السلام والوئام، وهي انعكاس لطبيعة المجتمع العماني وانفتاحه على الآخر.
ورسخت القيادة أسس التعايش الاجتماعي، حيث وضعت القوانين والأنظمة التي تحث على المساواة والتعايش بين فئات المجتمع، وسخّرت كل السبل من أجل المضي وفق هذا النهج الذي جنّب البلاد دعوات الفرقة والتطرف التي لا تؤدي إلا إلى الدمار والخراب.
ونأت سلطنة عمان دائما عن التدخل في شؤون الغير أو التدخل في الصراعات، ودعت عبر المحافل الدولية إلى السلام، وأسهمت في حل الكثير من الملفات الشائكة، مما انعكس ذلك إيجابيا على سمعتها كوسيط نزيه لحل النزاعات بين الدول والشعوب، واكتسبت احترام العالم.
وأكد خبراء ومختصون أن سلطنة عمان تعَد نموذجا ناجحا في التعايش السلمي؛ وذلك يعود إلى اعتبارات عدة، من بينها طبيعة الإنسان العماني ونهجه المتسامح وتقبله للآخر لاعتبارات إنسانية، بغض النظر عن اللون والعرق والدين.
فكر مستنير
وقال المحامي الدكتور راشد بن سالم البادي، محامي عليا: إن المتتبع لتاريخ سلطنة عُمان منذ القِدم سيجد بأن العقلية العمانية زاخرة بفكر مستنير قوامه حب المجتمع للسلام وميله إلى إحكام العقل في حل النزاعات ونبذ أي شكل من أشكال العنف أو إقصاء الآخرين أو التصادم مع الغير كل ما كان لذلك سبيلا.
موضحا أن هذه العقلية وهذا الفكر المستنير يتجسدان من خلال العديد من الشواهد التاريخية على مر التاريخ منذ القِدم، وفي مقدمة ذلك تلك الرسالة المحمدية الكريمة إلى أهل عُمان يدعوهم فيها إلى دخول الإسلام، فتقبلها ملكا عُمان عبد وجيفر ابنا الجلندى برحابة صدر وبعقل حكيم وفكر مستنير وبتدبر سديد، وأجابا دعوته المحمدية الكريمة فدخلا الإسلام الحنيف طواعية ومن خلفهم كافة العمانيين وبقلوب ممتلئة بمحبة الله ورسوله، ومنفتحة للدين الجديد الذي يدعو الناس إلى مبادئ العدالة والمساواة، وكفالة الحريات الشخصية بما يتوافق مع الشريعة السمحاء لكافة شرائح المجتمع، ويرسي قواعد التعامل مع كافة الدول والشعوب.
إن هذا الفكر العُماني المستنير على مر العصور جعل من سلطنة عُمان والعمانيين محل إعجاب وتقدير وإشادة من قبل مختلف شعوب العالم، وجعلهم ذلك بمثابة صمام أمان ومقصد آمن تلجأ إليه الأطراف المتنازعة لإيجاد حل لنزاعاتهم وخلافاتهم سواء كانت نزاعات أو صراعات عسكرية التي قد تنشأ بين بعض الدول سواء في المحيط الجغرافي لسلطنة عمان أو خارج المحيط الجغرافي، أو صراعات ناعمة إلا أن لها تأثيرات اقتصادية وتداعيات أمنية على مجتمعات تلك الدول.
ومن بين المسببات التي هيأت لسلطنة عُمان هذه المكانة المرموقة بين دول العالم أيضا أنها أبعدت نفسها عن الدخول بشكل مباشر أو غير مباشر في أي نزاع أو خلاف إقليمي أو دولي، أو تأجيج الخلافات، ونأت عُمان بنفسها عن المشاركة في أي عمل عسكري ضد أي دولة من الدول؛ وذلك لإيمانها الراسخ بأن حل أي نزاع يجب أن يكون أساسه الحوار البنّاء بين كافة الأطراف.. وفي المقابل فإنها تبدي دائما استعدادها للمساهمة البنّاءة في حلحلة أي نزاع قد ينشأ بين دولتين أو أكثر بالطرق السلمية وبالحوار البنّاء الذي مؤداه تحقيق العدالة للأطراف المتنازعة، ودائما ما تعمل بشفافية ونزاهة واضحتَيْن لكل الأطراف، وهي بذلك تكون على مسافة واحدة بين كافة الأطراف ذات العلاقة، متمسكة بمبادئ الحق والعدالة وحق العيش الكريم لكافة الشعوب وعدم الظلم، وعدم إقصاء شعب عن أرضه ومقدساته بأي شكل من الأشكال.
وأكد البادي أن علينا كعُمانيين التمسك بثوابتنا الوطنية وبنهجنا القويم وفكرنا المستنير، وأن لا تجرنا الرياح العابرة عن تلك الثوابت المتينة التي أثبت الزمن نجاحها وفعالياتها، وأن نلتف جميعا حول قيادتنا الرشيدة التي هي عنوان وحدتنا الوطنية وصمام أمانها، إذ إنه لولا هذا التناغم والتماسك المتين بين القيادة الرشيدة والشعب العماني الوفي لما تمكنت سلطنة عُمان من المحافظة على هذه المكانة الدولية المرموقة التي يشاد بها في كافة المحافل الدولية والإقليمية.
عمان التسامح
من جانبه أكد سعادة الدكتور طلال بن سعيد المحاربي، عضو مجلس الشورى على أن سلطنة عمان استطاعت أن تحافظ على أمنها واستقرارها ومكانتها بالرغم من الأوضاع التي مرت بها المنطقة، لتعيش بعيدًا عن العنف والصراعات طوال العقود الماضية بفضل سياساتها الحكيمة ونهجها القائم على الحوار، والتسامح، والتعايش السلمي، وهذا الأمر لم يكن بالصدفة، بل هو نتاج جهود مضنية ومتواصلة من القيادة الحكيمة، والمجتمع العُماني الذي تبنّى هذه القيم وجعلها جزءا أساسيا من ثقافته وهويته.
وقال إن عُمان تُعد نموذجا يُحتذى به في التسامح ونبذ العنف، فجعلت سياساتها الداخلية والخارجية تقوم على مبادئ التفاهم، والحوار، والاحترام المتبادل، وذلك منذ عهد المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- وهو النهج ذاته الذي يسير عليه قائد عمان وباني نهضتها المتجددة جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- وعَبَّر عنه في الخطاب السامي الأول متضمنا المبادئ والقيم السامية للدولة العمانية الأصيلة، والمآثر، والركائز الراسخة لأبنائها، ودور كل ذلك في رسم الذات العمانية المتسامحة والمتعايشة مع بعضها بعضًا ومع الغير بعيدًا عن الفرقة، فكانت عُمان حاضنة الأمن والأمان وقاعدة تنطلق منها رسالة السلام إلى العالم بأسره بفضل سياساتها الحكيمة التي تدعو إلى التسامح والتعايش السلمي داخليا وخارجيا.
وأشار المحاربي إلى أن هناك مجموعة من المبادئ التي تتبنّاها سلطنة عمان وتجعلها أساسا ثابتا للمحافظة على نهجها وتعزيز التعايش السلمي ونبذ العنف والتسامح بين أفراد المجتمع ومع الغير، من أبرزها نبذ الفرقة ومحاربة التمييز القائم على الاختلاف الثقافي والديني؛ فعُمان تضم في تكوينها الاجتماعي مجموعة من العناصر الثقافية والدينية المتنوعة التي تتعايش مع بعضها بعضًا بسلام واحترام مكونة المجتمع العماني المتماسك، وكان النظام الأساسي للدولة هو الإطار الدستوري الذي يرسخ ذلك النهج ويحافظ عليه ويحظر المساس به أو التعرض له بأي شكل من الأشكال، فكان صون الوطن، والحفاظ على أرضه، ووحدته، ونسيجه الاجتماعي، وحماية مقوماته الحضارية أحد أهم الأسس التي أولاها جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- عنايته وحرصه لتكون خريطة لبناء مجتمع متماسك متسامح، ومتعايش؛ فالدولة تضمن حرية ممارسة الشعائر الدينية لجميع الطوائف، وتدعم قيم التسامح بين مختلف الفئات.
وبيَّن المحاربي أنه من أجل الحفاظ على التعايش السلمي الذي تتمتع به سلطنة عمان، وضمان استمراره والبعد عن العنف، فيجب توجيه الجهود -سواء على المستوى الفردي أو المجتمعي أو المؤسسي- إلى مجموعة من العناصر اللازمة لتعزيز الولاء والانتماء للوطن لدى أفراد المجتمع، وإشعارهم بأهمية التمسك بالقيم الدينية والأخلاقية والعادات والتقاليد وما يترتب على ذلك من انعكاسات إيجابية تحقق أعلى درجات الاستقرار والطمأنية، ومن ثم تحقيق الأمن والأمان كنتيجة حتمية لذلك، ومن هذه العناصر تعزيز الهوية العُمانية القائمة على القيم الأصيلة مثل التسامح، والتعايش، والولاء للوطن يجب أن تظل محورا أساسيا في حياة الأفراد، والتركيز على غرس قيم الانتماء والاعتزاز لدى المجتمع العُماني والحفاظ على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي ودعم فئة الشباب وتمكينهم وإشراكهم في تنمية المجتمع من خلال تبنّي برامج خاصة تضمن مشاركتهم في الجوانب الاجتماعية، والثقافية، والاقتصادية، والرياضية وتعزيز دور الأسرة في المجتمع، فالأسرة هي المدرسة الأولى القادرة على غرس قيم التسامح والاحترام والأخلاق، وبالتالي لا بد من أن تقوم بدورها على أكمل وجه، وأن تكون شريكا حقيقيا وفاعلا في تعزيز الولاء والانتماء وغرس قيم التسامح ونبذ العنف والفكر غير السوي لدى أبنائها، حتى ينشأ جيل قوي يعتز بقيمه وعاداته فخور بوطنيته وعمانيته.
ملتقى الحضارات
وقالت ميمونة بنت موسى الوهيبية، كاتبة ومدربة في التحفيز إن سلطنة عمان تعَد نموذجا رائدا في التعايش السلمي على مر الزمان؛ كونها تتميز بموقع جغرافي يعَد ملتقى للحضارات والثقافات.
وبيَّنت أن من أبرز الجوانب التي تعَد ركيزة راسخة للتعايش السلمي النهج السياسي الحكيم الذي تتَّبعه سلطنة عمان والتي تتبنّى سياسة قائمة على الحياد الإيجابي وعدم التدخل في شؤون الآخرين، كما ساهمت الدبلوماسية العمانية في حل العديد من النزاعات الإقليمية والدولية من خلال تقريب وجهات النظر ونشر ثقافة الحوار والتسامح والذي عزز بدوره مكانة سلطنة عمان كوسيط سلام موثوق به.
وقالت: يحظى المجتمع العماني بألفة ترسخت بين مختلف المذاهب مما ولَّد تعايشا متناغما بين الأفراد بعيدا عن الطائفية والتعصب والصراعات الدينية بالتالي تشكيل وحدة مجتمعية غير قابلة للزعزعة السياسية والاجتماعية.
وأكدت ميمونة الوهيبية على أن الأسرة تؤدي دورا مهما من خلال توعية الناشئة عن أهمية احترام الآخرين باختلاف مذاهبهم وأفكارهم وعدم الخوض في أي نوع من أنواع التعصب والجدال فيما يخص الفروقات المذهبية لتجنب الصراعات والفتن التي تزعزع أمن المجتمع والدولة وتعزيز ثقافة احترام الآخرين وعدم تجاوز حدود وحرية وخصوصية الآخرين.
احترام التعددية
من جانبه أكد الكاتب المنتصر بن زهران الرقيشي أن سلطنة عمان تعَد واحدة من الدول القليلة التي استطاعت أن تحافظ على توازنها الداخلي والخارجي بوصفها نموذجا فريدا قائما على التسامح ونبذ العنف، ومثالا حيا لدولة استطاعت تحقيق السلام والتعايش السلمي، وهذا عائدٌ إلى سياسة وقيادة حكيمة ومجتمع متماسك بعدد من المرتكزات التي أدّت دورًا في هذا النموذج الفريد بدءا من التأكيد على أن القيادة العمانية تبنّت نهجًا قائمًا على الإصلاح والدعوة المستمرة إلى التعايش السلمي في نهجها الداخلي والخارجي، فضلاً عن أن العُماني يتميز بفطرته السوية بروح التسامح والتعايش على مختلف الطوائف والقبائل في بيئة يسودها الاحترام المتبادل، كما أن المجتمع العماني يتسم بحرية المعتقد والتعددية المذهبية في جو من الاحترام المتبادل، ناهيكم عن أن عُمان تجنبت التدخل في النزاعات الإقليمية واتخذت موقف الحياد الإيجابي، مما جنّبها أية تداعيات من العنف الخارجي، كل هذه العوامل عززتها تشريعات داخلية أكدت على تحقيق العدالة الاجتماعية وضمان حقوق الأفراد، مما منع نشوء بيئة العنف والغلو والتطرف واحترام التعددية الثقافية والمذهبية.
وقال الرقيشي: مسؤولية الجميع اليوم تكمن في الحفاظ على هذا النموذج الفريد من خلال تعزيز الحوار، ونشر ثقافة التسامح، والعمل معًا للحفاظ على بيئة مستقرة وآمنة للأجيال القادمة، وقد ركزت الحكومة العمانية على هذا النموذج من خلال استثمارها الحثيث في مجالات التعليم، والرعاية الصحية، والبنية التحتية، مما أسهم في تحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، بالإضافة إلى ذلك ساعدت القيم العمانية الأصيلة، مثل الكرم والتسامح، في بناء مجتمع متماسك ينبذ العنف، كما تُساهم البيئة المجتمعية في تعزيز ثقافة الحوار والتواصل المجتمعي.
وأوضح بأنه لضمان استدامة هذا النهج من التعايش السلمي، يجب علينا إلزاما أن نساهم في ترسيخ قيم التسامح في المناهج الدراسية لتربية الأجيال القادمة على مبادئ التعايش السلمي، بالإضافة إلى ذلك يجب الاستمرار في تبنّي السياسات الدبلوماسية الهادئة للحفاظ على الاستقرار الداخلي والخارجي، وأخيرًا، يجب مواجهة التطرف الفكري من خلال نشر ثقافة الفكر المعتدل وتعزيز الوسطية في جميع المجالات.
وأكد الرقيشي أن سلطنة عمان تظهر إمكانية الخروج بنموذج رائد في منطقة مليئة بالتحديات والأزمات، وأن تسامحها الداخلي وحيادها الإيجابي في القضايا الخارجية يُشكّلان حجر الأساس في مسيرتها نحو الاستقرار والسلام. ومن خلال الجمع بين قيمها الثقافية ومبادئ الحكمة السياسية، قدّمت عُمان مثالًا يُحتذى به للدول الأخرى، مؤكدة على أن تحقيق الأمن والسلام ليس مجرد شعار، بل هو ممارسة عملية تتطلب رؤية استراتيجية عميقة وشاملة.
إعلام متزن
من جانبه قال الإعلامي فارس بن جمعة الوهيبي: ترسّخ التعايش في المجتمع العماني منذ أزمنة طويلة، وهي موطنُ متسامح ومتماسك على الرغم من النسيج الثقافي المتعدد في البلاد، ولكن هذا التعدد لم يكن في يوم من الأيام إلا طريق لتلاحم أفراده بعيدا عن التعصب.
وأرست النهضة العمانية الحديثة قواعد منهجية وواضحة للتعايش السلمي، ونبذ كل أشكال العنف والتمييز بين أفراد المجتمع، فكانت تلك المرحلة مفصلية مضى عليها العمانيون في حياتهم وطريقة وتفكيرهم وسلوكهم وعاداتهم وثقافتهم.
وأشار إلى أن الإعلام العماني يمضي وفق رؤية واضحة ومسار موحد مرئيا ومقروءا ومسموعا في نقل سياسة سلطنة عمان المتزنة، حيث يتسم الإعلام العماني ببث رسائل التسامح بطريقة غير مباشرة، لإدراكه التام أن المجتمع العماني بطبيعته متماسك ومتراحم، فلا يلحظ أن هناك غلوا، ولا تعصبا، بل يرسم مساراته لبث روح الود والتراحم بين أفراد المجتمع، الذين هم بدورهم يعملون على بث القيم الإنسانية النبيلة فيما بينهم.