منذ أعلن أمين عام النشر بالهيئة العامة لقصور الثقافة استقالته ونشرها على صفحته على الفيس بوك أوائل أكتوبر وأنا أرغب في التعليق على بعض النقاط التي أراها هامة وضرورية في تجربته مع الهيئة خلال السنوات التي قضاها أمينا عاما.. لكن الانشغال الكلي وجدانيا وذهنيا مع ما يحدث في غزة جمد القلم طوال تلك الفترة ، وعلى حد علمي فإن على مجلس إدارة الهيئة أن يبت في أمر الاستقالة في اجتماعه القادم وعن نفسي لا يعنيني كثيرا قبول استقالة " الأمين" من رفضها وقد لوح الرجل بتلك الاستقالة من قبل أكثر من مرة لكن ربما تكون المرة الأولى التي يتقدم بها رسيما .
وقبل الخوض في بعض التفاصيل ومن الإنصاف لابد أن نعترف أن " الأمين" المستقيل قدم جهدا طيبا طوال هذه السنوات ونشر أعمالا جديرة بالتقدير والاحتفاء سواء كلاسيكيات الأدب والفكر والمسرح العالمي أو التراث الفكري والإبداعي المصري وعناوين ترسخ الهوية وغيرها من أعمال طه حسين ورفاعة وموسوعة مساجد مصر ..إلخ فما القضية إذن؟!
أقول لكم ما القضية أو الملاحظات الواجب الانتباه لها وعلى " الأمين" وعلى الهيئة مراعاتها في حالة عودة الرجل لموقعه واستمراره أو تكليف آخر للقيام بالمهمة، ففي النهاية هيئة قصور الثقافة هيئة مصرية تخدم الثقافة المصرية في ربوع مصر وتنفق من ميزانية المصريين وليس من جيب المثقفين و"أصدقائهم".
أولا: يعرف الجميع ولا أعتقد أن أحدا في الهيئة يستطيع إنكار ذلك لاسيما القريبين من مشروع النشر من مسئولي الهيئة أو هيئات التحرير وكثير من المؤلفين الذين نالت أعمالهم أسوأ معاملة في عهد "الأمين" وهم كثر.. (وأنا منهم) يعرف هؤلاء جميعا أن مشروع النشر منذ أن تولاه الأمين المستقيل " لم يعد مشروع الهيئة العامة لقصور الثقافة" لكنه أصبح مشروعه هو،. لقد صار هو المشروع والمشروع هو، وقد تحقق هذا المعنى بطرق شتى وأكدته الكثير من الوقائع ويبدو أن الرجل من أنصار نظرية " one man show" حدث هذا في وجود أكثر من رئيس هيئة غير ملم بالجانب الفكري والثقافي، أو غير مهتم وهيئات تحرير فرضت عليهم الخطط والعناوين ولا يلتفت لخططهم السنوية – إذا قدموها- وتحول التعامل بين الأمين العام ورئيس الهيئة بالأمر المباشر وغابت الرؤية المشتركة لمجلس التحرير وغابت المتابعة والاجتماعات الدورية للجان الهيئة المعنية والمنصوص عليها في اللائحة باعتبار أن هذا في النهاية عمل مؤسسي .. و" مؤسسي" هنا هي مربط الفرس لمن يريد أن يفهم الرسالة! فأن يصبح فردا ما مهما كان مثقفا أو مبدعا أو مستنيرا حتى لو كان طه حسين في نفسه أو رفاعة الطهطاوي أو شكسبير العصر هو " الكل في الكل" في مشروع هو في الأساس ليس "عزبة" ولكنه مشروع في هيئة ثقافية مصرية تابع لوزارة الثقافة وميزانيته من خزينة الدولة المصرية وهى موجهة بالأساس لتنفيذ أهداف واستراتيجيات ثقافية محددة تخص جميع المصريين فهذا لا يليق مهما كان النجاح! وأقول عندما تختزل أدوار عشرات الأشخاص وتختزل الرؤى والأفكار في شخص وفي رؤيته ويصبح " الأمين" هو المشروع والمشروع هو الأمين فنحن لسنا بصدد تنوير ولا استنارة ولا وعي ولكن احتكار للرأي وهيمنة وإقصاء للرؤى والأدوار وانفراد بالقرار بل واستعلاء على شركاء المشروع وامتلاك للحقيقة "الثقافية" وهى جميعا قيم عكسية لما ندعو إليه وما تسعى إلى ترسيخه جهود الهيئة.. فالعمل المؤسسي يتطلب تشارك الآراء وتلاحم الرؤى لا أن يلغي الأمين العام كل الآراء والتصورات لصالح رؤيته.. إن التنوير والاستنارة وتهذيب العقل والوجدان وتربية الذائقة و البحث الدائم عن الثراء الفكري والمعرفي أبعد ما يكون عن " الاستبداد" بالرأي واحتكار" الشو"؛ هذان الطريقان يبدوان كقطارين يسيران في اتجاه التصادم. حتى عندما نتأمل الكثير من العناوين الهامة التي نشرها المشروع نلحظ هيمنة ما على مقدمات الأعمال الكبرى مثل أعمال رفاعة وطه حسين وموسوعة مساجد مصر وغيرها وغيرها كتبها " الأمين"! أنت أمين لكنك لست الناشر وفي نظري فإن من الأجمل والأكثر ثراء أن يستكتب من المشهد المليء بالأكاديميين والباحثين والمثقفين من يناسب اسمه كل موضوع كقيمة مضافة للعمل لا أن يحتكر سيادته تقديم معظم الأعمال الكبرى.. ومن التجرد كذلك ألا يسمح الأمين بنشر كتب تتضمن فصولا عن إبداعه.. لكنه فعل فهل هذا يليق؟ !! وهنا نقف لنوجه الحديث للمثقفين النابهين الذين يرددون الأغاني والأناشيد عن ضرورة أن تعمل هيئات الدولة كلها كمؤسسات وفق "سيستم" يتضمن الشفافية والمساءلة والمراجعة والتقييم لا أن يحتكر الرؤية فيها شخص واحد يعتقد أنه " نمبر وان" وأن يبتلع جميع الأدوار ويهيمن على كل مراحل تنفيذ العمل! فالأمين لا يريد أن يحاسب أو يسأل أو يناقشه أحد حتى لو كانت لجنة مشروعة هو عضو فيها.. وهنا نسأل: هل المساءلة حرام؟! هل المثقف نبي إذا ناقشه قومه قدم استقالته من النبوة!
هل تخجل من النقاش والدفاع عما فعلت وتفعل وما قدمت وتقدم؟! أليست تلك هيئة مصرية وميزانيتها مسئولة؟ أليس لمشروع النشر أهداف واستراتيجية من حق مسئولي الهيئة أن يختبروا مدى تحققها ونجاحها ومطابقتها للهدف المنشود؟ لماذا ينادي المثقف "المستنير" بالشفافية والمحاسبة ثم" يتقِمص" حين يدعى لاجتماع عادي سيناقش فيه منجز ومشاكل النشر ..ألم يشهد لك الكثير من الاصدقاء من الكتاب والشعراء والمثقفين في الوسط بأنك أحدثت نقلة في مشروع النشر، فلماذا ترفض مناقشة لجنة هى في الأساس من الأصدقاء!! وعلى حد علمي فإن " الأمين "سارع بتقديم اعتذار قبل انعقاد اللجنة بساعات وهى التي تضم رئيس الهيئة ورئيس الإدارة المركزية للشئون الثقافية وأمين عام النشر ذاته بحكم موقعه وآخرين من قيادات الهيئة. ولى سؤال ساذج: ما المانع من حضور الاجتماع وشرح الإيجابيات والسلبيات بشفافية ثم تقديم الاستقالة بعد ذلك؟! وأقول لمن نظموا مظاهرة تأييد على السوشيال ميديا لبقاء " الأمين" بل وطالبوا الرجل الذي قرر العودة إلى صفوف المثقفين بعدم " التنحي" أنتم محقون لأنكم ترون جانبا واحدا من الصورة .
والحقيقة أن المحبة متبادلة فالأمين جامل كثيرا من أصدقائه، فهل يرد الأمين "الواجب" لأصحاب هذه الكتب من جيب الوزارة؟! يحدث هذا بينما ينتظر آخرون سنوات بلا أمل في نشر أعمالهم.. كذلك تكرر النشر أكثر من مرة لمبدعين عرب بلا ضرورة أو ضرورة يعلمها " الأمين" ولا نريد أن نخوض في تفاصيل لا أحبها لكن الكثير من المجاملات لافتة وملحوظة ونستطيع حصرها عند الضرورة بالعناوين والأغلفة والتواريخ.. وقد رفض الأمين نشر الكثير من الأعمال المجازة في استخفاف واضح برأى الفاحصين وأوقف طبع بعضها بعد أن اجتازت مراحل من المراجعة والتجهيز على كلفتها لا لشيء إلا لأنه "عاوز كده".. لكن هنا وللأمانة لابد من الاندهاش من موقف الهيئة التي تركت طوال السنوات الحبل لأمانة النشر وأمينها بل وجعلت أحلامه أوامر.. وبالأمر المباشر يطلب طبع عناوين كثيرة " هارد كافر" بشكل استثنائي على كلفتها وبلا ضرورة تقول الهيئة: " آمين" .. تطلب مكافآت استثنائية لبعض الكتاب أو ورثتهم تقول الهيئة: آمين.. بل وتصرف له مكافآت استثنائية "عشرين وثلاثين ألفا "تحت شعار نجاح المعرض رغم أنه بالفعل يحصل شهريا على راتب مقابل الجهد نفسه! هذه الهيئة نفسها تعذب مبدعا أو باحثا حتى يحصل على 200 جنيه مكافأة ندوة أو بدل انتقال وفي الغالب يحصل عليها بعد شهور منقوصة.. إذا حصل!
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
«الصناعة» تُشكل لجنة لبحث تحديات هيئة الدواء.. خبراء: يعد القطاع أحد أهم الركائز التي تدعم منظومة الصحة والاقتصاد الوطني.. ونجاح المبادرة مرهون بقدرة اللجنة على تنفيذ التوصيات ووضع خطة عمل واضحة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يمثل قطاع الدواء أحد الأعمدة الرئيسية لدعم الاقتصاد الوطني وتحقيق الأمن الصحي، حيث يلعب دورًا حيويًا في تلبية احتياجات المواطنين وضمان توفير الأدوية بأسعار مناسبة وجودة عالية ومع التحديات المتزايدة التي تواجه هذا القطاع في السنوات الأخيرة، أصبح من الضروري اتخاذ خطوات جادة وفعالة لإزالة العقبات وتوفير بيئة مواتية للنمو والتطوير.
وفي هذا السياق، جاءت استجابة الحكومة، ممثلة في الفريق كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل، للمطلب المقدم من شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية، لتؤكد حرص الدولة على دعم الصناعات الدوائية والعمل على إيجاد حلول عملية للمشكلات التي تعترض طريقها ويأتي هذا التحرك يعكس استراتيجية وطنية شاملة تهدف إلى تعزيز القطاع الصناعي ككل، وجعله أحد المحركات الرئيسية لتحقيق التنمية المستدامة.
حيث استجاب الفريق كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل، لمطلب الدكتور علي عوف، رئيس شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية، بتشكيل لجنة تضم عددًا من المختصين، من بينهم الدكتور عوف، لدراسة التحديات التي تواجه قطاع الدواء والعمل على إزالة العقبات التي تعرقل تطوره.
وجاءت هذه الخطوة بعد أن ناشد الدكتور علي عوف الحكومة، عبر بيان رسمي سابق، بضرورة الإسراع في تشكيل لجنة لمناقشة المشكلات التي يعاني منها قطاع الدواء وأشار في بيانه إلى أهمية هذا القطاع الذي يضم أكثر من 2000 شركة ومصنع وموزع، تمثل كيانًا كبيرًا يسهم في دعم الاقتصاد الوطني وتلبية احتياجات السوق المحلي.
وقد عبرت شعبة الأدوية عن امتنانها لهذه الاستجابة السريعة من الحكومة، حيث أرسلت برقية شكر وتقدير إلى الفريق كامل الوزير وأشادت بالاجتماعات الدورية التي يعقدها الوزير مع المستثمرين لبحث مشكلاتهم والعمل على حلها بفعالية، مؤكدة أن هذه الخطوة تأتي ضمن رؤية الدولة لتعزيز القطاع الصناعي ووضعه ضمن أولويات التنمية.
وأكد الدكتور علي عوف أن تشكيل اللجنة يُعد تطورًا إيجابيًا يعكس اهتمام الحكومة بقطاع الدواء، الذي شهد تحديات كبيرة في الفترة الأخيرة. وأعرب عن أمله في أن تسهم هذه الجهود في تعزيز الإنتاج المحلي وتطوير الصناعات الدوائية بما يدعم تحقيق الاكتفاء الذاتي ويقلل الاعتماد على الواردات.
استجابة وزير الصناعةوفي هذا السياق يقول محمود فؤاد رئيس المركز المصري للحق في الدواء، يعتبر قطاع الدواء أحد الركائز الأساسية التي تدعم منظومة الصحة العامة والاقتصاد الوطني ومع تنامي التحديات التي يواجهها هذا القطاع الحيوي، جاء قرار وزير الصناعة بتشكيل لجنة مختصة بالتعاون مع شعبة الأدوية خطوة هامة لمعالجة الأزمات وتعزيز مكانة الصناعة الدوائية.
وأضاف فؤاد، أن استجابة وزير الصناعة لمطالب شعبة الأدوية التي تتعلق بتحديات تواجه القطاع، مثل نقص المواد الخام وغيرها مثل ارتفاع تكاليف الإنتاج، والتغيرات التنظيمية خطوة جيدة لدعم القطاع من خلال تبني سياسات تسهم في تخفيف الأعباء على الشركات المصنعة، وتعزيز قدرتها على المنافسة محليًا ودوليًا.
تشكيل لجنة مختصةوفي نفس السياق يقول محمود علي طبيب صيدلي، أن الإعلان عن تشكيل لجنة متخصصة تضم ممثلين عن شعبة الأدوية، وخبراء في الصناعة، ومسؤولين حكوميين بداية الطريق الصحيح لضبط سوق الدواء وطالب علي اللجنة بدراسة المشكلات المطروحة ووضع حلول عملية قابلة للتنفيذ مثل تقييم العقبات التنظيمية والإدارية واقتراح سياسات لدعم المنتجين المحليين إلى جانب تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص ووضع آليات لضمان توفير الأدوية بأسعار معقولة.
وأضاف «علي»، رغم أهمية هذه المبادرة، يبقى نجاحها مرهونًا بقدرة اللجنة على تنفيذ التوصيات ووضع خطة عمل واضحة حيث تحتاج الحكومة إلى توفير الدعم المالي والفني اللازم لضمان تحقيق النتائج بالإضافة إلى أن تشكيل لجنة لبحث تحديات قطاع الدواء خير دليل على الاهتمام الحكومي بصناعة الدواء، التي تعد دعامة أساسية للأمن الصحي والاقتصادي، موضحًا أن التنفيذ الفعال لتوصيات اللجنة، يمكن أن يشهد القطاع نقلة نوعية تسهم في تحسين مستوى الخدمات الصحية وتحفيز الاستثمار في هذه الصناعة الحيوية.