الجزيرة:
2025-01-31@04:57:46 GMT

البدائل التركيّة إزاء تطوّرات الحرب في غزة

تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT

البدائل التركيّة إزاء تطوّرات الحرب في غزة

 

ربما هي المرَّة الأولى في تاريخ الصراع العربيّ- الإسرائيلي، الذي تجدُ فيه تركيا نفسَها في قلبِ الصراع، بل على مسافة قريبة للغاية من تداعيات الجولة الحالية، التي بدأت من غزّة بعملية "طوفان الأقصى"، والمرشّحة للتوسّع على حساب بلدان أخرى في مقدّمتها لبنان.

كثيرون انتقدوا استجابة الرئيس رجب أردوغان، للأزمة قياسًا على مواقف سابقة، آخرها – على سبيل المثال- ما حدث عام 2018، حيث تمَّ طرد السفير الإسرائيلي من أنقرة، والقنصل العام من إسطنبول.

هذا الانتقاد يعكسُ في أحد معانيه، مكانةَ تركيا خلال آخر عشرين عامًا في ضمير ووعي الشعوب العربية، وما باتت تنتظره منها، قياسًا بالماضي، لكنه يغفُل – ربما بسبب المجازر التي تشهدها غزة على مدار اليوم – اختلافَ طبيعة هذه الجولة، وأنّه من الصعب أن تنتهي مثل الجولات السابقة، إذ إنَّ النتائج الجيوإستراتيجيَّة المرتقبة لهذه الجولة هائلة، وستحدّد شكل النظام العالمي الجديد الذي يتشكّل منذ فترة.

لذا كان واضحًا منذ البداية أنّ تعامُلَ أنقرة مع الأزمة سيكون أكثر هدوءًا، وأشد فاعليّة؛ لأنّها بكل بساطة في قلب الأزمة.

وقف الحرب والتحذير من الاجتياح البري

في حوارِه المهم مع شبكة TRT يوم 20 أكتوبر الجاري، أكَّد وزير الخارجيَّة، هاكان فيدان، أنَّ ما تفعله إسرائيل في قطاع غزة "جريمة بحقّ الإنسانية دون اختلاق أعذار". ثمَّ عاد في اليوم التالي- وخلال كلمته في مؤتمر القاهرة للسلام- ليؤكّد إدانة تركيا المذابحَ التي تحدث للشعب الفلسطينيّ في غزّة، داعيًا إسرائيل إلى التوقّف عن ذلك فورًا.

وفي مقابل الهجوم الوقح الذي شنّته الوفود الأوروبية المُشاركة في المؤتمر ضد حركة حماس، وعموم المقاومة، ركَّز فيدان في كلمته على فضح الممارسات الإسرائيلية، محذّرًا من اتساع نطاق الحرب لتشمل الإقليم بأكملِه، ما سيكون له تداعيات كارثيّة على مجمل الأمن والسلم الدوليَين.

وإزاء ما يحدث، دعا وزير الخارجيّة التركيّ، إلى وقف العدوان الإسرائيلي فورًا، وإدخال المُساعدات إلى قطاع غزّة، واعتماد حلِّ الدولتين من خلال الاعتراف بدولة فلسطينيّة مستقلّة عاصمتها القدس الشرقية.

هنا يجب التذكير بأنَّ الإستراتيجية التركية ترى أنَّ هذه الجولة من الصراع فرصة مواتية لإقرار سلام دائم، لأنَّ البديل هو الحرب المتكرّرة، أو حَسَب ما يؤكد فيدان أنه:

" إذا لم يتم اختيار مسار السلام الدائم، فإن حربًا دائمة تنتظرنا في المنطقة"، إذ تؤكد تركيا – والكلام لا يزال لفيدان – أن إسرائيل تحتجزُ قرابة 2.5 مليون شخص في سجون مفتوحة في غزّة، وأنّ هذا الوضع لن تسمح به أنقرة.

الاستعداد العسكريّ لتدهور الأوضاع

هناك انطباعٌ سائدٌ في تركيا على عدّة مستويات حزبية وبحثية وشعبية، أنَّ تركيا أحد الأهداف المحتملة للحشد العسكري الأميركي شرق المتوسط وعموم المنطقة، خاصةً بعد إرسال واشنطن حاملتَي طائرات، مدعومتَين بقطع بحرية متعددة، كما أرسلت بريطانيا إحدى حاملات الطائرات، فيما دعمت اليونان التظاهرة البحرية بسفينة حربية.

هذا التدفّق العسكري إلى المنطقة، دفع تركيا إلى إجراء مناورة بحرية في نفس المِنطقة بدأت يوم 16 أكتوبر لمدّة خمسة أيام.

فخطر الدُّويلة الانفصالية لصالح تنظيم حزب العمال PKK والذي تدعمه الولايات المتحدة بقوّة، لا يزال قائمًا، وقد تستغل واشنطن حالةَ الفوضى المتوقعة، إثر اتساع نطاق الحرب في غزة، لتمرير المشروع.

كما تدرك أنقرة أن الحشد العسكري الأميركي، وتدخلها الصريح المرتقب في النزاع حال اشتداده، لن يتوقّف على غزة، بل سيعمل على إعادة ضبط أوضاع المنطقة وَفق الإعدادات الأميركية الكفيلة بتحقيق مصالحها، وحينها لن تكون تركيا بعيدة عن تلك المخطَّطات.

لذا كان ملاحظًا هذه المرة، أنّه بينما التزم أردوغان جانب الهدوء، فإن التصعيد كان من نصيب حليفه المقرّب، زعيم حزب الحركة القومية، دولت بهجلي، الذي طالب الدولة في تدوينة مفاجئة على موقع "X" يوم 21 أكتوبر بـ " أن تُسرع بالتدخل والقيام بكل ما هو ضروري من منطلق مسؤولياتها التاريخية والإنسانية والدينية"، مؤكدًا أن إرث الدولة التركية هو "القيام بمهمة حماية غزة وحمايتها".

هذه التّصريحات فُهِم منها أنَّ الرجل يشير إلى التدخل العسكري، وقال البعض: إنه لم يكن ليقول ذلك قبل التنسيق مع أردوغان نفسه.

تصريحات بهجلي أحدثت جدلًا واسعًا في الأوساط الشعبية والحزبية، إذ سارع رؤساء أحزاب: المستقبل، والسعادة، والرفاه الجديد، إلى تأييد دعوته، وتباحث معه أحمد داود أوغلو عبر الهاتف- في محادثة نادرة الحدوث- بشأن كيفيّة تفعيل تصريحاته وتحويلها إلى إستراتيجية معتمدة للدولة التركية.

أمّا على مواقع التواصل، فقد لاقت دعوته أصداءً إيجابية لدى المحافظين والقوميين، وقطاع من الشعب التركي، فيما حذَّرت نخب علمانيَّة يسارية من "تورّط" تركيا في الصراع على غرار ما حدث في سوريا.

التّنسيق المشترك مع دول المنطقة

قبل سنوات كادَ الخلاف بين تركيا، ومصر في ليبيا، أن يتحوّل إلى مواجهة عسكريَّة، لكن التطوّرات الدولية والإقليمية دفعتهما إلى تطبيع العَلاقات مرّة أخرى، وفتح صفحة جديدة من العلاقات وصولًا إلى الأزمة الحاليّة.

وفي تقديري أنَّ الدولتَين تمتلكان رؤية متقاربة إزاء الأزمة، وإن اختلفت آليات التّعامل ومساحات الحركة، لكنّ اجتياحًا بريًا إسرائيليًا متوقعًا لقطاع غزّة، سيفرض على الدولتَين تنسيقًا مشتركًا سياسيًا وربما عسكريًا لمواجهة آثار وتداعيات الانفجار المرتقب.

هذا التّنسيق الذي تعمل عليه أنقرة مع القاهرة من الآن، سيضمّ أطرافًا أخرى بطبيعة الحال، أهمها قطر وربما السعودية. فوحدة دول المنطقة واستمرار تماسكها، باتت على المحكّ، والبداية ستكون من غزة، لكنها لن تكون النهاية.

فالرئيس الأميركي، جو بايدن يقول إن: "الإنسانية" باتت في حاجة إلى نظام عالمي جديد، وإن بلاده هي من ستتولى ذلك التأسيس.

وهذا لعمري الخطر كله!

 

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

معهد أمريكي: تهديدات صنعاء على “إسرائيل” وأمريكا لن تنتهي بتوقف الحرب في غزة

الجديد برس|

قال معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إن التهديد الذي تشكله قوات صنعاء على “إسرائيل” والولايات المتحدة لن ينتهي بتوقف الحرب في غزة، وتوقع أن يقوم “الحوثيون” بتطوير وتوسيع صناعاتهم العسكرية، مقترحاً أن تقوم واشنطن بتشكيل تحالف يتضمن دولا إقليمية كالسعودية ومصر من أجل ردعهم.

ونشر المعهد مساء أمس الثلاثاء تقريراً، جاء فيه أنه “حتى لو أدى وقف إطلاق النار في غزة إلى انخفاض ملحوظ في الهجمات في البحر الأحمر، فلن يغير ذلك من الطبيعة الانتهازية للحوثيين أو عدائهم تجاه الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإسرائيل”، حسب تعبير التقرير.

وأضاف: “على الرغم من الضربات الجوية الأمريكية والبريطانية العديدة ضد المواقع العسكرية للجماعة في اليمن، فإن الحوثيين لا يزالون يمتلكون ترسانة متطورة تشمل الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز وطائرات بدون طيار هجومية بعيدة المدى”.

واعتبر التقرير أنه “نظراً لتاريخ الحوثيين في استخدام وقف إطلاق النار لإعادة التجمع وإعادة التسلح، فقد يعتزمون استغلال التوقف الحالي في الأعمال العدائية للتحضير لهجمات مستقبلية”.

وقال إنه من المتوقع أن تعمل قوات صنعاء على “توسيع صناعاتها العسكرية بشكل أكبر وإنتاج تصاميم أسلحة متقدمة بكميات كبيرة وبكفاءة واستقلالية”.

وقال إنه: “حتى الأسلحة الحالية التي تمتلكها الجماعة تشكل خطراً شديداً على السفن التجارية والعسكرية على مسافات كبيرة، حتى وسط البحر الأحمر وغرب بحر العرب، وقد كانت قواربها غير المأهولة المحملة بالمتفجرات- والتي غالباً ما يتم توجيهها بواسطة نظام تحديد المواقع العالمي أو التحكم فيها عن بعد- صعبة بشكل خاص للكشف عنها واعتراضها، مما يضيف طبقة أخرى من التعقيد إلى عمليات الأمن البحري في المنطقة”.

واعتبر أن “مثل هذه الأسلحة تشكل أيضاً مخاطر على البنية التحتية الحيوية في الدول الشريكة للولايات المتحدة في المنطقة”.

وخلص المعهد إلى إنه “يتعين على الولايات المتحدة وشركائها اتخاذ خطوات حازمة منها: الحفاظ على وجود بحري منسق ومستمر يهدف إلى الحفاظ على حرية الملاحة في المنطقة، والاستثمار في التقنيات المتقدمة للكشف وتبادل المعلومات الاستخباراتية والتدابير المضادة”.

وتضمنت اقتراحات المعهد أيضاً: “إنشاء تحالفات جديدة تضم دول البحر الأحمر مثل مصر وإريتريا والمملكة العربية السعودية والسودان لتنسيق التدابير الدفاعية والحفاظ على الممر الآمن” حسب تعبيره.

مقالات مشابهة

  • كاتب صحفي: بعد إتمام هدنة غزة كل أحداث المنطقة تأتي تحت شعار الحرب النفسية
  • ترحيل 1835 أسرة لمحلية جنوب الجزيرة من المناقل
  • شاهد بالفيديو.. مواطن أسيوي يقلد شيخ الدعم السريع الذي قام بخلع سرواله بطريقة مضحكة والجمهور يطالب بتكريمه بعد الحرب
  • ضابط كبير يكشف التحدي الحقيقي الذي يواجه الجيش الإسرائيلي
  • من سوريا إلى العراق: تركيا تعيد إنتاج سيناريو التمدد والنفوذ
  • الرئيس التركي يستقبل وفدا من حركة "حماس"
  • معهد أمريكي: تهديدات صنعاء على “إسرائيل” وأمريكا لن تنتهي بتوقف الحرب في غزة
  • مراسلو الجزيرة بقطاع غزة بين فاقد ومفقود ومولود
  • الإطار:تخاذل حكومتي بغداد وأربيل وراء التمدد العسكري التركي في شمال العراق
  • السفير التركي بالقاهرة: 8.8 مليار دولار حجم التجارة بين تركيا ومصر في 2024