تحرك مصرى على 3 محاور لاحتواء الحرب
تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT
بقلم/ عـــلاء ثابت
فى الوقت الذى كانت فيه الانفجارات وأصوات الطائرات تختلط بصراخ الأطفال والنساء فى غزة، وصفارات الإنذار تدوى فى تل أبيب وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة، معلنة رشقات من صواريخ الفصائل الفلسطينية المسلحة، كان الرئيس عبد الفتاح السيسى يلتقى المستشار الألمانى أولاف شولتس فى القاهرة، ويعقد معه اجتماعا حول التطورات الخطيرة فى المنطقة، وآخرها المذبحة المروعة فى المستشفى الأهلى المعمدانى بغزة، التى أودت بحياة نحو خمسمائة ضحية بريئة، وعدد آخر من الجرحى، وهو الحادث الذى هز وجدان الشعوب، وكشف عن جانب من المأساة الإنسانية الرهيبة التى تجرى فى قطاع غزة، والتى يمكن أن تتكرر، لأن العمليات القتالية لا تتوقف، بل نسمع عن قصف منزل أو كتلة سكنية أو مسجد أو كنيسة أو مدرسة كل ساعة، ولا تتوقف شلالات الدم عن التدفق، ولهذا قررت القيادة المصرية أن تتحرك على ثلاثة محاور :
الأول هو الوقف السريع لإطلاق النار، حتى لو بهدنة مؤقتة، يمكن تمديدها، وإيصال مواد الإغاثة الطبية والغذائية والوقود ومياه الشرب إلى نحو مليونين و400 ألف نسمة فى قطاع غزة، وكل ساعة تمر دون وصول المساعدات فإن المزيد من الضحايا يسقطون، ويموت الكثير من المرضى والمصابين.
أما المحور الثانى فهو السعى لعدم توسع الحرب، وقد كرر الرئيس السيسى خطورة اتساع الحرب أكثر من مرة، خلال المؤتمر الصحفى الذى عقده مع المستشار الألماني، لأنه يرى أن خطر توسع الحرب يمكن أن يحدث فى أى لحظة، فالاشتباكات تزداد وتيرتها بين حزب الله اللبنانى وفصائل فلسطينية مع القوات الإسرائيلية فى الجليل والمستوطنات القريبة من الحدود اللبنانية، وتطور القتال إلى استخدام المدفعية والصواريخ ودك مواقع عسكرية وبنية تحتية هنا وهناك، ويمكن أن تنفلت الأمور، وتخرج عن السيطرة، فكل طرف يرد الضربة بمثلها أو يزيد، وعند مستوى معين من تبادل الضربات يمكن أن تحدث ضربة تثير الغضب وتشعل أتون الحرب، ويتسع نطاق الضربات وكثافتها وبنك الأهداف، ويمكن أن ينتقل القتال إلى مناطق أخرى مثل الحدود السورية أو ضربات للقوات الأمريكية فى العراق. والضربات المتبادلة يمكن أن تنفلت من عقالها، فالمنطقة جميعها على صفيح ساخن، والجبهات متداخلة، وفيها قوات لدول عدة، ومجموعات مسلحة مختلفة المشارب والأهداف، ومن هنا تأتى خشية الرئيس عبدالفتاح السيسى من انفلات الأمور وخروجها عن السيطرة لسبب أو لآخر، والأسباب والمبررات أصبحت محتملة الحدوث فى أى وقت، خاصة مع إعلان الجيش الإسرائيلى جاهزيته للحرب البرية، التى ستكون شديدة الخطورة والدموية، حيث ستلتحم قوات برية نظامية من الجيش الإسرائيلى بمدرعاته ومدفعيته فى مناطق سكنية شديدة الازدحام وتشتبك مع قوات غير نظامية، عندها ستكون الخسائر مروعة بين الجانبين، خاصة بين المدنيين، ويمكن قتل بعض الأسرى لدى الفصائل الفلسطينية.
إن الوضع خطير للغاية، هكذا ردد الرئيس السيسى تلك العبارة التحذيرية، ليحث الأطراف الدولية على سرعة التدخل، وعدم ترك الأمور تزداد اشتعالا لا يمكن تصور إلى أين سيصل، فالولايات المتحدة جلبت حاملتى طائرات وعددا من البوارج، وروسيا لديها قاعدة عسكرية كبيرة فى حميميم، وهناك قواعد عسكرية كثيرة لأكثر من دولة عظمى، بالإضافة إلى الجيوش الإقليمية الكبيرة، وتوسع القتال يمكن أن يجر الكثير من هذه القوات إليه، لنصبح أمام حرب أقرب للعالمية، وليست اشتباكات محدودة، وهذه نقلة كبرى يمكن أن تلحق الدمار بالمنطقة، ولهذا يكثف الرئيس اتصالاته بالدول المعنية، للتحذير من هذا السيناريو المهلك.
أما المحور الثالث فيتعلق بإعادة إحياء اتفاقية سلام بين الفلسطينيين وإسرائيل على أساس حدود 1967 وإقامة دولة فلسطينية فى الضفة الغربية وغزة وعاصمتها القدس الشرقية، ولا يرى الرئيس فرصة أخرى لضمان السلام والاستقرار إلا بهذه الصيغة وينبغى على إسرائيل أن تتجاوب مع نداء السلام.
وأشار الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى أنه بحث مع المستشار الألمانى الدعوة المصرية لعقد مؤتمر لحل القضية الفلسطينية، وإرساء السلام، باعتباره الحل الشامل والقابل للاستمرار، ورفض الرئيس محاولات تصفية القضية الفلسطينية بالوسائل العسكرية، لأنها تم تجريبها ولم تحقق أى نتائج، ولم تسفر إلا عن مزيد من التعقيد والآلام. أما عن سعى إسرائيل إلى تهجير الفلسطينيين، فقد تصدى له الرئيس عبد الفتاح السيسى بكل قوة، وأكد خطورته الكبيرة، وينبغى على إسرائيل ألا تلقى بأزماتها على الدول المحيطة، لأن ذلك سوف تكون له نتائج مدمرة، وعليها ألا تفكر فى مثل هذه السيناريوهات غير القابلة للتنفيذ، مؤكدا رفض مصر بكل مؤسساتها ومكوناتها هذا السيناريو، ملمحا إلى إمكان خروج ملايين المصريين لرفضه، وأنه يمكن أن يؤدى إلى اشتباكات بين مصر وإسرائيل، إذا ما أطلق مسلح فلسطينى النار باتجاه إسرائيل وجاء رد إسرائيلى.
ونصح الرئيس إسرائيل بأن تنقل سكان غزة إلى النقب داخل إسرائيل، وأعتقد أن الرئيس أراد وضع الإسرائيليين فى مأزق بهذا الاقتراح، ليدركوا صعوبة تنفيذه فى الواقع، لأنه أكد مرارا رفضه الحل العسكرى للقضية الفلسطينية، ولا نملك إلا أن نؤازر الرئيس فى مساعيه لإبعاد شبح الحرب الواسعة، واحتواء مأساة غزة فى أقرب وقت.
نقلاً عن الاهرام
المصدر: سام برس
كلمات دلالية: الرئیس عبد الفتاح السیسى یمکن أن
إقرأ أيضاً:
«القاهرة الإخبارية»: القضية الفلسطينية محور رئيسي في العلاقات العربية الأمريكية
على مدار العقود الماضية، مثلت القضية الفلسطينية محورا رئيسيا في إطار العلاقات العربية - الأمريكية، وتخلل تلك العلاقات فترات من الفتور والتوتر، نظرا للموقف الأمريكي المنحاز دائما لصالح إسرائيل، لا سيما بعد احتلالها أراضي فلسطينية خلال حرب عام 1967، حسبما جاء في تقرير تليفزيوني، عرضه برنامج «عن قرب مع أمل الحناوي»، المذاع على فضائية «القاهرة الإخبارية».
حرب 1967، ساهمت في تعزيز العلاقات بين واشنطن وتل أبيب؛ إذ صرح الرئيس الأمريكي ليندن جونسون آنذاك، بأن إسرائيل غير ملزمة بإعادة الأراضي التي احتلتها عام 1967، وخلال حرب السادس من أكتوبر عام 1973، زاد الخلاف العربي الأمريكي، فأنشأت واشنطن جسرا جويا لمساندة إسرائيل أثناء الحرب.
الدول العربية استخدمت سلاح النفط خلال الحربفي المقابل، استخدمت الدول العربية لأول مرة، سلاح النفط خلال هذه الحرب، وجرى الربط بشكل أساسي بين المصالح الأمريكية والغربية في النفط العربي، وبين الصراع الإسرائيلي العربي.
وحين هدد هينري كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكية آنذاك، بأنه لن يسمح باستخدام سلاح النفط في هذه الحرب، رد وزراء النفط العرب بأنهم على استعداد لتفجير منابع النفط، إذا كانت هناك محاولات أمريكية للسيطرة عليها.