لإمساكها بخيوط قضية لاجئي غزة.. العالم يخطب ودّ مصر
تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT
نظراً لما لها من علاقات قديمة مع إسرائيل وحدود مع قطاع غزة، فإن موقف مصر يبدو حاسماً بالنسبة إلى مصير اللاجئين والتدفق المستمر للمساعدات إلى سكان القطاع المحاصر، والذين يتجاوز عددهم مليوني نسمة، ما جعل الجميع يتودد إليها.
هكذا تحدث تقرير لوكالة "بلومبرج"، ترجمه "الخليج الجديد"، مشيرا إلى أن الحرب بين إسرائيل وحماس سلطت الضوء على الدور الذي تلعبه مصر كوسيط إقليمي قوي، الأمر الذي قد يكسبها دعماً غربياً في الوقت الذي تحاول فيه الخروج من أزمة اقتصادية خانقة.
ويقول التقرير: "يتيح هذا الأمر فرصاً أمام أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان في مواجهتها لأسوأ أوضاع اقتصادية منذ عقود، وفي وقت يستعد فيه الرئيس عبدالفتاح السيسي للانتخابات التي ستُجرى خلال أقل من شهرين".
قبل أن يضيف: "مع ذلك، هناك مجموعة من الاعتبارات المحلية والإقليمية التي تستبعد أي صفقة بشأن اللاجئين".
تحدثت الحكومة الإسرائيلية مع العديد من الدول بشأن إيواء مصر، ولو بشكل مؤقت للفلسطينيين الفارين من العنف في غزة، وفق مسؤولين مطلعين على الأمر، وذلك في مخيمات بشبه جزيرة سيناء، بتمويل من الأمم المتحدة والولايات المتحدة، ومن ثم إعادتهم إلى القطاع فور انتهاء العمليات العسكرية.
وليس واضحاً ما إذا كانت إسرائيل قد طرحت هذه الفكرة مباشرة على مصر أم لا.
اقرأ أيضاً
تنسيق أردني مصري عال: لكن أين الطحين؟
تقول مديرة برنامج مصر في "معهد الشرق الأوسط" ومقره واشنطن ميريت مبروك: "من الواضح أن إسرائيل والولايات المتحدة كانتا تأملان في أن تقبل مصر بحوافز اقتصادية، في الوقت الذي تعاني فيه من أزمة على الصعيد الاقتصادي- للسماح لسكان غزة بالدخول إلى مصر".
وتضيف: "لا يوجد تأييد يُذكر للخروج عن سياسة عدم السماح بتهجير الفلسطينيين القائمة منذ عقود"، في حين أن الحوافز "قد ينتهي بها الأمر لأن تصبح عبئاً سياسياً، خصوصاً في عام الانتخابات".
مع ذلك، يرى العديد من الاقتصاديين والمصرفيين والمستثمرين، أن مصر يُرجح أن تحصل على بعض الدعم الاقتصادي، بغض النظر عن موقفها بشأن قضية اللاجئين.
فقد ذكّرت هذه الأزمة القوى العالمية بمكانة الدولة الشمال أفريقية، والدور المحوري الإقليمي الذي تلعبه، وهو ما عزز بالتالي فكرة أنها "أكبر من أن تفشل".
وأما ذلك يتوقع مدير مشروع شمال أفريقيا لدى مجموعة الأزمات الدولية ريكاردو فابياني، أن يمارس المساهمون الرئيسيون في صندوق "النقد الدولي" في الولايات المتحدة وأوروبا، ضغوطاً على الصندوق، ومقره في واشنطن، لتخفيف متطلباته والمضي قدماً في البرنامج رغم بطء وتيرة الإصلاحات في القاهرة.
السبب في ذلك أيضاً، هو أن الصراع الحالي يسلط الضوء على حالة عدم الاستقرار المتزايدة في الوقت الراهن على كل الحدود المصرية، في ليبيا والسودان والآن في غزة.
اقرأ أيضاً
الرئاسة المصرية: لن نقبل بدعاوى تصفية القضية الفلسطينية ولن نتهاون بأمننا القومي
ويضيف فابياني، أن هذا الوضع "يضع أمام الولايات المتحدة وأوروبا ضرورة أن تضمن بقاء القاهرة شريكاً مستقراً وموثوقاً في المنطقة.. يستحق الدعم الخارجي".
الدليل على هذا التركيز الدولي، برز بشكل جلي السبت، عندما استضاف السيسي ما وُصف بمؤتمر "قمة السلام" في القاهرة، بحضور زعماء من الشرق الأوسط وأوروبا، وفق التقرير.
وكانت الجهود الدبلوماسية الأخيرة التي قادت الكثير من المسؤولين إلى القاهرة، بمثابة عودة مصر إلى دورها التقليدي الذي برز في كل نقاش حول سياسات القوة في كل أنحاء المنطقة، خلال النصف الأخير من القرن العشرين.
ففي الأيام التي تلت الهجوم على إسرائيل من قِبل حماس، تودد عدد من زعماء العالم إلى مصر، حيث جدد الرئيس الأمريكي جو بايدن في مكالمة هاتفية التأكيد على "الشراكة الاستراتيجية الدائمة" بين البلدين.
كما أشاد المستشار الألماني أولاف شولتس الذي زار القاهرة بوحدة الجهود الألمانية المصرية في العمل على منع "نشوب حريق هائل" في الشرق الأوسط، أو بعبارة أخرى لعدم اتساع رقعة الصراع بين إسرائيل وحماس.
كذلك التقى الرئيس الصيني شي جين بينغ برئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في بكين.
اقرأ أيضاً
وسط تشكيك في مخرجاتها.. قمة مصر للسلام تبحث تطورات ومستقبل القضية الفلسطينية
من جانبه، يرى المدير التنفيذي لـ"معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" روبرت ساتلوف، أن الحرب "تسلط الضوء على الدور المهم الذي لعبته مصر دائماً فيما يتعلق بالأمن في غزة وما حولها".
لم يغب هذا الأمر عن الحكومات الأوروبية التي تنبهت إلى أهمية مصر كمُنتجٍ إقليمي للغاز بعد غزو روسيا لأوكرانيا العام الماضي، فقد زار مسؤولون أوروبيون مصر لتقييم إمكاناتها كمورّد للغاز –بمساعدة إسرائيل– لتعوضهم عن غياب بعض الإمدادات الروسية على الأقل.
ويعلق التقرير على هذه الجهود بالقول: "تسعى هذه الحكومات نفسها الآن إلى خطب ود السيسي للمساعدة في تخفيف الضغط على غزة، لكنه رفض أي اقتراح بأن تستضيف مصر لاجئين من القطاع، مشدداً على أنه ينبغي لإسرائيل بدلاً من ذلك أن تستقبل الفلسطينيين في صحراء النقب".
وقال السيسي الأربعاء: "يمكن أن تقوم إسرائيل بنقل الفلسطينيين حتى تنتهي من عمليتها المعلنة في تصفية المقاومة أو الجماعات المسلحة في حماس والجهاد الإسلامي وغيره في القطاع، ثم بعد كده تبقى ترجعهم إذا شاءت".
كما رفض الأردن أيضاً قبول المزيد من الفلسطينيين، ومن غير المرجح أن تصبح مصر استثناءً إقليمياً وتستقبل اللاجئين الذين يعتقد الكثيرون بأنه قد لا يُسمح لهم بالعودة إلى غزة أبداً.
وهذا من شأنه أن يثير الرأي العام العربي باعتبار أنه يسهّل عملية تهجير أخرى، ويمثل بالتالي خيانة للقضية الفلسطينية التي تتبناها جميع الدول العربية علناً.
اقرأ أيضاً
لماذا لا ترغب مصر والأردن في استقبال لاجئين فلسطينيين؟ (تحليل)
ويعتبر ساتلوف، أنه رغم أن مصر يمكن أن تستوعب عدداً معيناً من الناس، فإن العواقب السياسية المحلية ستكون "ضخمة".
ويضيف: "تعتبر القيادة السياسية هذا خطاً أحمر ينبغي عدم تجاوزه، وتفضل مواجهة الأزمة المالية المتفاقمة بدلاً من قبول عدد كبير من اللاجئين".
ولكن، وفق التقرير، قد يكون أحد السبل للخروج من المعضلة، هو دور سعودي شريك لمصر في قيادة القضية الفلسطينية مقابل الدعم الاقتصادي، وفقاً لخبراء استراتيجيين.
وقد ترحب الحكومة السعودية، التي تدرك مستوى الغضب تجاه إسرائيل، بمثل هذه المبادرة لتعزيز دور البلاد الإقليمي.
ويرى فابياني، أن الوضع المتقلب قد يوفر لمصر فرصاً أخرى للقيام بدور وساطة يمكن أن تُكافأ عليه.
ويضيف أن مصر ستحاول في الوقت الحالي القيام بدور بناء "على أمل اعتراف شركائها الدوليين والإقليميين بمساهمتها، وربما مكافأتها اقتصادياً".
اقرأ أيضاً
قيادي بحماس: بايدن سيعرض على مصر تصفير ديونها مقابل الموافقة على التهجير لسيناء
المصدر | بلومبرج - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: مصر غزة إسرائيل أمريكا أزمة اقتصادية اقرأ أیضا فی الوقت
إقرأ أيضاً:
واشنطن تدعو لمحاسبة إيران وتتهمها بالوقوف خلف هجمات الحوثيين التي صارت "أكثر تعقيدا"
دعت الولايات المتحدة الأمريكية، اليوم الأربعاء، لمحاسبة إيران التي تتهمها بالوقوف خلف الهجمات الصاروخية للحوثيين على الملاحة الدولية وإسرائيل والتي وصفتها بأنها صارت "أكثر تعقيدا".
وقالت نائبة الممثل الدائم لأمريكا لدى الأمم المتحدة السفيرة دوروثي شيا، في كلمة لها أمام مجلس الأمن: "حان الوقت للرد على التهديد الحوثي المتزايد من خلال محاسبة إيران على تمكين الحوثيين من شن هجمات صاروخية بعيدة المدى على الشحن الدولي وعلى إسرائيل وهي هجمات ندينها بشدة".
وأضافت: "يستمر الوضع في التدهور. ففي الأيام الأخيرة، وسع الحوثيون حملتهم لاحتجاز اليمنيين الأبرياء، مستهدفين المزيد من موظفي السفارة السابقين الذين يحاولون ببساطة القيام بوظائفهم".
وأوضحت أن جماعة الحوثي تواصل "احتجاز موظفي الأمم المتحدة والدبلوماسيين والمنظمات غير الحكومية الذين اعتقلوهم خلال الصيف، بالإضافة إلى طاقم السفينة جالاكسي ليدر - الذين أصبحوا الآن رهائن بحكم الأمر الواقع منذ أكثر من عام".
وأردفت السفيرة الأمريكية: "قبل بضعة أسابيع فقط، سمعنا رواية مباشرة من أحد مقدمي التقارير الذي وصف التفاصيل المروعة لاختطافه واحتجازه غير المبرر من قبل الحوثيين. لقد تحدث نيابة عن كل أولئك الذين يقبعون حاليًا في سجون الحوثيين، غير قادرين على رؤية أحبائهم ويتعرضون لانتهاكات مروعة".
وأشارت إلى إنهاء خبراء الإنقاذ للتو عملهم "على متن السفينة سونيون، بعد أشهر من هجوم الحوثيين الذي ترك تلك السفينة طافية ومشتعلة، مليئة بملايين البراميل من النفط".
وخاطبت المندوبة الأمريكية أعضاء مجلس الأمن بالقول: "إن هذا يتركنا أمام سؤال لا مفر منه: هل سيستمر هذا المجلس في الوقوف مكتوف الأيدي في خضم مثل هذه التصعيدات؟ لا يمكننا ببساطة أن نوجه المزيد من الدعوات التي يتم تجاهلها".
وفي سياق الحديث عن الهجمات الحوثية على إسرائيل والملاحة الدولية، أرجعت السبب لدعوة واشنطن لإعادة "صياغة الصياغة التي تتطلب أن تتضمن التقارير الدورية التي يقدمها الأمين العام إلى هذا المجلس معلومات عن توفير الأسلحة المتقدمة المستخدمة في الهجمات التي أصبحت أكثر تعقيدا".
وطالبت المجلس، بـ "إتخاذ إجراءات لحرمان الحوثيين من الإيرادات غير المشروعة التي تستخدمها لتمويل هجماتهم، والاعتراف بالعلاقة المتنامية بين الحوثيين والجماعات الإرهابية الأخرى مثل حركة الشباب، بما في ذلك من خلال استخدام العقوبات المستهدفة".
وشددت على ضرورة توقف هجمات الحوثيين حتى يتمكن اليمن من تجنب أسوأ السيناريوهات. مؤكدة أن الحوثيين "هم العائق الرئيسي أمام المزيد من الدعم الدولي ويعرضون إمكانية السلام في اليمن للخطر".
وأوضحت أن واشنطن تواصل العمل من أجل "عملية سياسية يمنية داخلية بقيادة الأمم المتحدة تهدف إلى إنهاء الصراع في اليمن".
ولفتت إلى أن الولايات المتحدة تواصل اتخاذ إجراءات ردًا على تهديدات الحوثيين، مشيرة إلى أنه وفي "الثامن من يناير/كانون الثاني، نفذت القوات المسلحة الأميركية ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة للحوثيين تستخدمان لشن هجمات ضد السفن الحربية والسفن التجارية التابعة للبحرية الأميركية".
ودافعت عن الإتهامات الروسية لأمريكا بخصوص الغارات الأمريكية في اليمن، حيث قالت: "وعلى الرغم مما تقوله روسيا عن هذه الإجراءات وغيرها من الإجراءات السابقة، فإن الحقيقة هي أن هذه الضربات كانت متسقة مع القانون الدولي، وتم اتخاذها في ممارسة الحق الأصيل للولايات المتحدة في الدفاع عن النفس".
وتطرقت للمعاناة المستمرة التي يعيشها اليمنيون، بسبب العراقيل التي يفرضها الحوثيون وتقييد وصول المساعدات الإنسانية، خصوصا "الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي وغير ذلك من التحديات المذهلة"، مؤكدة أن نصف اليمنيين لا يزالون في حاجة إلى مساعدات إنسانية.
وجددت المندوبة الأمريكية، تعهدها بمواصلة بلادها دعم عمل الأمم المتحدة وشركاء واشنطن في المجال الإنساني الذين يقدمون المساعدات الحيوية في مجالات الصحة والتغذية والمياه والصرف الصحي والنظافة الصحية للشعب اليمني، مشددة على بذل "المزيد من الجهود الجماعية لدعم الاستجابة الإنسانية في اليمن".
ودعت الولايات المتحدة المجتمع الدولي إلى تقديم المزيد من الدعم المالي للتخفيف من الأزمة الإنسانية المروعة في اليمن، وممارسة الضغوط "على الحوثيين لضمان قدرة المنظمات الإنسانية على العمل دون عوائق، ودون تدخل الحوثيين أو تهديداتهم باحتجاز موظفيها".
كما دعت "إلى دعم تعزيز الحكم الفعال خلال زيارة رئيس الوزراء اليمني والوفد المرافق له إلى نيويورك الأسبوع المقبل".