هل نشر مقاطع القرآن له أجر؟ سؤال يشغل ذهن الكثيرين خاصة من رواد المواقع التواصل الاجتماعي الذين يحرصون على تداول آيات القرآن الكريم طلبًا في الأجر، ويقوم البعض بمطالبة الآخرين بالتفاعل والإتيان بما يتبعها أو يسبقها من الآيات فما حكم هذا؟

هل نشر مقاطع القرآن له أجر؟ 

تقول دار الإفتاء في بيانها فضل الذكر وقراءة القرآن الكريم: تضافرت نصوص الشرع الحنيف على بيان فضل ذكر الله سبحانه وتعالى وقراءة القرآن الكريم، فقال تعالى: ﴿وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 35]، وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ۝ وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الأحزاب 41-42]، وقال عزَّ وجل: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُور﴾ [فاطر: 29]، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «اقْرَؤُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ» رواه مسلم من حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، إلى غير ذلك من النصوص الواردة في فضل ذكر الله تعالى ودعائه.

فضل تذكير الآخرين ودعوتهم إلى قراءة القرآن وذكر الله تعالى  

تذكير الآخرين بهذا -أي بذكر الله تعالى وآياته- والدعوة إليه، والترغيب فيه ممَّن هو أهله -هو من الأعمال الصالحة التي يثاب عليها الإنسان؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى، كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا» أخرجه مسلم.

قال العلامة الشيرازي في "المفاتيح في شرح المصابيح" (1/ 263، ط. دار النوادر): [(الهدى): الصراط المستقيم، يعني: من دل جماعة على خير أو عمل صالح، فعمل أولئك الجمع على ذلك الخير، أو عملوا بذلك العمل الصالح، يحصل للذي دلَّهم على الخير من الأجر والثواب مثل ما حصل لكل واحد منهم؛ لأنه كان سبب حصول ذلك الخير منهم، ولولا هو لم يحصل ذلك الخير منهم. (ولا ينقص من أجرهم شيء) بسبب أن حصل له مثل أجورهم جميعًا؛ لأنه لا يؤخذ من أجورهم ما حصل له، بل أعطاهم الله تعالى وإياه من خزانةِ كَرَمه] اهـ.

وقال العلامة الطيبي في "الكاشف عن حقائق السنن" (2/ 625، ط. نزار مصطفى الباز): [(هدى) وهو إما الدلالة الموصلة إلى البغية، أو مطلق الإرشاد، وهو في الحديث ما يُهتدى به من الأعمال الصالحة، وهو بحسب التنكير مطلق شائع في جنس ما يقال له: هدى، يطلق على القليل والكثير، والعظيم والحقير، فأعظمه هدى مَن دعا إلى الله، وعمل صالحًا، وقال: إنني من المسلمين، وأدناه هدى من دعا إلى إماطة الأذى عن طريق المؤمنين، ومن ثَمَّ عَظُمَ شأن الفقيه الداعي المنذر، حتى فُضِّلَ واحدٌ منهم على ألف عابد؛ لأن نفعه يعمُّ الأشخاص والأعصار إلى يوم الدِّين] اهـ.

وقال العلامة ابن الملك الكرماني في "شرح المصابيح" (1/ 165، ط. إدارة الثقافة الإسلامية): [قوله: "مَن دعا إلى هدى"؛ أي: ما يُهتدَى به من الأعمال الصالحة. "كان له"، أي: لذلك الداعي. "مِن الأجر مثلُ أجور مَن تبعَه"؛ وذلك لأنَّ الدعاءَ إلى الهُدى خصلةٌ من خِصال الأنبياء] اهـ.

وعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: إِنِّي أُبْدِعَ بِي فَاحْمِلْنِي، فَقَالَ: «مَا عِنْدِي»، فقال رجل: يا رسول الله، "أَنَا أَدُلُّهُ عَلَى مَنْ يَحْمِلُهُ"، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ» أخرجه مسلم. وفي لفظ آخر عند الإمام أحمد في "المسند" والترمذي في "السنن": «إِنَّ الدَّالَّ عَلَى الخَيْرِ كَفَاعِلِهِ».

قال الإمام النووي في "شرحه على صحيح مسلم" (13/ 39، ط. دار إحياء التراث العربي): [فيه فضيلة الدلالة على الخير والتنبيه عليه والمساعدة لفاعله، وفيه فضيلة تعليم العلم ووظائف العبادات، لاسيما لمن يعمل بها من المتعبدين وغيرهم، والمراد بمثل أجر فاعله أن له ثوابًا بذلك الفعل كما أن لفاعله ثوابًا، ولا يلزم أن يكون قدر ثوابهما سواء] اهـ.

وقال العلامة محمد بن إسماعيل الصنعاني في "التنوير شرح الجامع الصغير" (10/ 219، ط. مكتبة دار السلام): [(من دلّ غيره على خير فله مثل أجر فاعله) من دون أن ينقص من أجره كما سلف في غيره، وظاهره أنه دعا إليه وعمل به المدعو إليه لا لو لم يعمل؛ لقوله: «فاعله»، ويحتمل أنه خرج على الأغلب، وأن الدال له الأجر على الدلالة مطلقًا، ويحتمل أن الأجر مع عمل المدعو إليه أكثر ومع عدمه أقل، وفيه حث على نشر العلم وتعليم العباد والدعاء لهم إلى كل خير] اهـ.

وقال أيضًا في "سبل السلام" (2/ 639، ط. دار الحديث): [دل الحديث على أن الدلالة على الخير يؤجر بها الدال عليه كأجر فاعل الخير، وهو مثل حديث: «من سن سنة حسنة في الإسلام كان له أجرها وأجر من عمل بها» والدلالة تكون بالإشارة على الغير بفعل الخير، وعلى إرشاد ملتمس الخير على أنه يطلبه من فلان والوعظ والتذكير وتأليف العلوم النافعة. ولفظ "خير" يشمل الدلالة على خير الدنيا والآخرة، فلله در الكلام النبوي! ما أشمل معانيه وأوضح مبانيه ودلالته على خير الدنيا والآخرة!] اهـ.

أنبياء شرفهم الله تعالى في القرآن.. وصفهم باسم من أسمائه كيفية حفظ القرآن الكريم ؟ طريقة سهلة مش هتنساه تاني حكم نشر آيات من القرآن على مواقع التواصل 

التذكير بالله أو بأي عمل خير -هو أمرٌ حسن يؤجر عليه المرء في عمومه، أيًّا كانت طريقة التذكير، من مسموعٍ أو مكتوبٍ على مواقع التواصل الاجتماعي أو غيرها، طالما أن المرء مؤهل لما يقوم به -علميًّا ومهاريًّا-، يدعو إلى ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة؛ عملًا بقوله تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَة﴾ [النحل: 125]، متلطف في تذكيره وموعظته.

وقيام بعض الأشخاص على مواقع التواصل الاجتماعي بوضع آية من آيات القرآن الكريم أو دعاء معين، واختيار أحد الأشخاص لنشرها، ومن قام بالنشر يختار صديقًا غيره لينشرها في اليوم التالي، ومَن يُخْتَار يَخْتَار غيره وهكذا، كشبكة متواصلة لنشر هذه الآية أو الدعاء في شهر رمضان أو غيره، تحت شعار: (لا تجعلها تتوقف عندك) -هو أمر مشروعٌ حسن داخل في عموم الحث على التذكير والدعوة إلى فعل الخيرات؛ وفقًا لما تقرر شرعًا من أنَّ الأمر المطلق يؤخذ على إطلاقه حتى يأتي ما يقيده في الشرع، فإذا شَرَع اللهُ سبحانه وتعالى أمرًا على جهة الإطلاق، وكان يحتمل في فعله وكيفية إيقاعه أكثرَ مِن وجه، فإنه يؤخذ على إطلاقه وسعته، ولا يصح تقييده بوجه دون وجه إلا بدليل.

قال الإمام الزركشي في "البحر المحيط" (5/ 8، ط. دار الكتبي): [الخطاب إذا ورد مطلقًا لا مُقَيِّد له حُمِل على إطلاقه] اهـ.

إلا أنه ينبغي تقرير ثلاثة أمور للقول بصحة هذه النوعية من التذكير:

الأول: توافر الشروط والضوابط فيمن يقوم بالنشر، السابقة الإشارة إليها، كأن يكون الناشر مؤهلًا لذلك يحسن القراءة والكتابة والنقل من المصحف الشريف فيما يتعلق بالآيات، ومن كتب السنة المعتمدة فيما يتعلق بالأحاديث والأذكار والأدعية.. إلخ.

والثاني: عدم استخدام أية عبارات من شأنها إلزام الغير بفعل هذا أو إشعاره بالوقوع في الحرج والإثم إن هو لم يفعل، كما هو الحال في واقعة السؤال: (لا تجعلها تتوقف عندك)، أو القسم عليه: (حلفتك بالله أن تفعل) أو (إن لم تُعِدْ نشرها فاعلم أن الشيطان قد منعك).. إلى نحو ذلك من العبارات التي تحمل معنى الإلزام والإجبار، والقول على الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم بغير علم، ومن فعل ذلك فقد أساء بصنعه؛ لأنه تَقَوَّلَ وافترى على الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم بغير علمٍ، قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: 33].

قال الإمام الزمخشري في "الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل" (1/ 213، ط. دار الكتاب العربي): [﴿وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ وهو قولكم: هذا حلال وهذا حرام، بغير علم، ويدخل فيه كل ما يضاف إلى الله تعالى مما لا يجوز عليه] اهـ.

وقال الإمام النسفي في "مدارك التنزيل وحقائق التأويل" (1/ 566، ط. دار الكلم الطيب): [﴿وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ وأن تتقولوا عليه، وتفتروا الكذب من التحريم وغيره] اهـ.

والثالث: أن لا يكون طلب النشر ذريعةً لمقصدٍ آخر؛ كالترويج إلى حزبٍ أو جماعةٍ أو طائفةٍ، أو استغلال ذلك للدعاية والإعلان، أو نحو ذلك مما يُجْعَلُ تكأة لأمور تتنافى مع جلال القرآن الكريم واحترام السنة النبوية المطهرة.. إلخ.

وشددت بناء على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن قيام بعض الأشخاص على مواقع التواصل الاجتماعي بوضع آية من آيات القرآن الكريم أو دعاء معين، واختيار أحد الأشخاص لنشرها، ومن قام بالنشر يختار صديقًا غيره لينشرها في اليوم التالي، وهكذا، كشبكة متواصلة لنشر هذه الآية أو الدعاء في شهر رمضان أو غيره -هو أمرٌ حسن من صالحِ الأعمال لا مانع منه شرعًا إذا توافرت الشروط وانتفت الموانع السابقة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: القرآن دار الإفتاء آيات القرآن الكريم ذكر الله تعالى مواقع التواصل الاجتماعی صلى الله علیه وآله وسلم على مواقع التواصل القرآن الکریم الله تعالى قال الإمام اهـ وقال على خیر وقال ا

إقرأ أيضاً:

أيُ العلماءِ نتبع؟

 

جابر حسين العماني

jaber.alomani14@gmail.com

 

يمتلكون الحكمة والدراية والقيادة الرشيدة للأمة، ويخرجون النَّاس من الفتن والجهل والضلال إلى نور العلم والفهم والهداية، قادرون على تخفيف هموم أمتهم وآلامها، عندما يلجأ إليهم الناس- من بعد الله تعالى- لتفريج كرباتهم وهمومهم وحل قضاياهم، عرفوا بنشر السعادة في الحياة الاجتماعية والأسرية بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة، يربون أفراد المجتمع على الخير ويسعون لإصلاحهم بالمعروف، أولئك هم العلماء الربانيون الذين نود التطرق إليهم في مقالنا لهذا الأسبوع.

إنَّ المتأمل في أحوال التأريخ الإسلامي بكل أبعاده ومختلف زواياه، يرى بوضوح تام، الكثير من المشاكل العالقة والصعبة والمستعصية التي مرَّت على الأمتين العربية والإسلامية، والتي لم يفقه إيجاد الحلول  سوى العلماء الربانيين الأعلام، وذلك لغزارة علمهم وعمق فهمهم لمقاصد الشريعة الإسلامية السمحة واحتياجات المجتمع وتحدياته، واحترامهم الكبير لواقع الحياة الاجتماعية للناس بمختلف طوائفهم وألوانهم، فهم من يجب أن تكون لهم الكلمة الفصل في الكثير من القضايا الملحة التي يحتاج إليها الناس، وذلك لتتمكن الأمة بأسرها أن تسير بخطى ثابتة نحو الأمن والأمان والاستقرار الذي تنشده لتحقيق التنمية والتقدم المنشود اجتماعيا ودينيا.

اليوم وللأسف كثرت المناقشات حول تدهور وانحطاط الأمة بسبب كثرة المؤامرات التي تحاك لها من أعدائها وشانئيها الذين يواصلون الليل بالنهار لإسقاطها وإسقاط رموزها. ومن هنا، لا يُمكن إيجاد الحلول لتلك الأزمات التي مرت وتمر بأمتنا العربية والإسلامية إلا من خلال طرق الباب الواسع الذي يحتاج إليه الجميع وهو الباب العلمائي العظيم الذي به يتبين الخيط الأسود من الخيط الأبيض، والذي به سوف تتمكن أمتنا المرحومة من الانتصار المرتقب على أعدائها وتحفظ بذلك أمجادها وتاريخها وإنجازاتها كما كانت بل وأفضل مما كانت عليه.

وفي زماننا هذا أصبح من الضروري التمييز بين العلماء الربانيين الذين يمثلون القدوة الصالحة التي تعتمد عليها الأمة بأسرها في حل قضاياها العالقة ومواجهة التحديات والمخاطر الفكرية، وبين علماء الغفلة الذين تستغلهم بعض السلطات الحاكمة والذين يتم إغراؤهم بالمال والجاه لتضليل أبناء الأمة ويَوظفون لتخدير الأمة وجعل أفرادها وجماهيرها  يسيرون عكس الاتجاه المطلوب لهم، فأمتنا ليست بحاجة إلى علماء السلطة والضلال، وهنا علينا أن نسأل أنفسنا أي العلماء نتبع؟ وبأيهم نقتدي ونسير ونحن في زمن اختلط فيه الحق بالباطل؟

الجواب على ذلك هو الآتي: في وقتنا الحاضر بل وفي كل عصر يجب على الأمة  أن تتبع العلماء الربانيين الأخيار، والذين هم ورثة الأنبياء كما في بعض المأثور، الذين يتميزون ويتصفون بالعلم والمعرفة والعمل الصالح والإخلاص لله تعالى، والدفاع عن المقدسات، وقول كلمة الحق، والتمسك بتقوى الله تعالى والورع والابتعاد عن المحرمات ومواطن الشبهات والشهوات، سواءً كان ذلك عن طريق المال أو الجنس أو السلطة، وزهدهم في ذلك، لأنهم أهل التواضع بالرغم من كثرة علمهم الواسع والوفير، يدعون إلى الله تعالى بالعلم والموعظة الحسنة كما هو الأمر الإلهي: "ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ" (النحل: 125)، أما من هم بالضد من ذلك فهم ليسوا علماء حتى ولو لبسوا ثوب العلم والعلماء وتظاهروا بحب العبادة والطاعة لله تعالى.

واليوم ونحن في ظل الظروف الراهنة التي تشهدها المنطقة وإشغالها بالعديد من الصراعات والحروب، لا سيما في غزة وفلسطين ولبنان والعراق واليمن، فقد أصبحت الحاجة ماسة إلى وحدة علماء الأمة الإسلامية أكثر مما كانوا عليه، والاقتداء بهم، فإنَّ قوة الإسلام لا تكمن إلا في وحدة كلمة علمائه واتفاقهم على كلمة سواء، فإذا اتفق العلماء توحد المجتمع وإذا تفرق العلماء تفرقت الأمة، وعليه يتعين على علماء الأمة أن يبرزوا وحدتهم الإسلامية الحقيقية بأبهى صورها والابتعاد عن التعصب والطائفية المقيتة التي ينبغي نبذها من كل فئات الأمة والاعتصام الجاد والصادق بحبل الله تعالى كما أمر جلَّ وعلا: "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ" (آل عمران: 103).

أخيرًا.. كما يتعين على علماء الأمة التوافق وتوحيد الصف، لا بُد أيضًا من التصدي لكل من يسعى لإضعاف الأمة  من خلال إضعاف علمائها، لا سيما بعض الآلات الإعلامية التي لا تعرف معنى النزاهة والتي توصل ليلها بنهارها للإساءة إلى علماء الأمة الربانيين بهدف إسكاتهم عن قول كلمة الحق، فهناك اليوم حروب شرسة تسعى جاهدة إلى الحط من جهود العلماء ومن قدرهم ومكانتهم ومنزلتهم الاجتماعية بين الناس، لذا يجب على الأمة ومن فيها من المخلصين الأوفياء لرسالة ربهم مقاومتهم بالعلم وقوة الدليل، وإيقافهم عند حدودهم، والسماح للعلماء الربانيين بالوصول لصلاح مجتمعاتهم بتطبيق تعاليم الدين وأداء واجبهم الشرعي تجاه المجتمع الإنساني، وذلك من خلال إيصال الأطروحة السماوية والتعليمية الإلهية إلى الناس كافة، كما أراد الله تعالى لا كما يريد المغرضون والمنافقون والكارهون لدين الله تعالى وأحكامه.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • لا تكن ظالمًا وممن يكيلون بمكيالين
  • «الإفتاء» توضح بالأدلة حكم ختم القرآن للميت جماعة
  • انطلاق المشروع المستمر لتحفيظ القرآن الكريم في رأس الخيمة
  • انطلاق الدورة الـ”31″ للمشروع المستمر لتحفيظ القرآن الكريم في رأس الخيمة
  • تنفيذ حكم القتل تعزيرًا في باكستاني لتهريبه الهيروين إلى المملكة
  • لماذا إيفرست تحتفظ بلقب أعلى قمة في العالم.. دراسة تجيب
  • أيُ العلماءِ نتبع؟
  • تنفيذ حكم القتل تعزيرًا في سوري لتهريبه مواد مخدرة إلى المملكة
  • أدلة تفضيل سيدنا محمد على الأنبياء من القرآن الكريم
  • تنفيذ حكم القتل تعزيرًا بأحد الجناة في منطقة المدينة المنورة