جاء في مبادرة طرحت منذ عدة اشهر من "منظمة معرفيون" رصدها لخمسة عشر مبادرة وحاولت دمجها في مبادرة جديدة، طرحت مبادرات جديدة بعدها ولم توضح اي منها اعدادها السابقة. يمكن النظر لهذه المبادرات ايجابياً انها تدل على حيوية المجتمع السوداني وفاعليته في تقديم افكار جديدة وشعوره بالخطر من تداعيات الحرب، ومنع تطورها إلى حرب اهلية مدمرة وذلك بحصر الصراع بين الجيش السوداني من جهة والمليشيا التي جاءت من رحم الانقاذ كجنجويد والتي حولت لما سمي بقوات الدعم السريع في أواخر حكم الكيزان وبعدها.

ساعد على هذا التوجه التجربة المريرة لانفصال الجنوب وعجزها وفشلها للتحول لتجربة مدنية ديمقراطية وانتقال الحروب الجهوية والصراعات للدولة الوليدة.

كما يمكن النظر سلبياً فقد كرست المبادرات، وعدم التمكن من وجود قواسم مشتركة بين الفرقاء، سوء ادارة التنوع وتحوله من معالجات الاختلاف والاحترام، إلى الخلاف والتشرذم القبلي والعنصري إلى حد الصراعات الجهوية المعلنة وقرب عبور الفاصل للحرب الاهلية. تدهور الوضع الوبائي وانتشار أمراض حمى الضنك والملاريا والحصبة وغيرها، ودخول السودان في متاهة سوء التغذية والنقص الغذائي (تقدرها المنظمات المختصة ١٦-٢٠ مليون شخص)، والنزوح واللجوء والفرار لدول مجاورة او داخلياً للولايات. مع تغيير شديد في الدول المجاورة من انتشار الحروب الجهوية في إثيوبيا وأفريقيا الوسطى وموجة "الحلقة الشريرة" في انقلابات دول الساحل في المحيط الغربي للسودان. كل هذه الأحداث تشكل مخاطر كبيرة على تماسك الدولة السودانية، وتدويل القضية وتدخلات من كل دول الجوار ودول الخليج والقوى الدولية.

يمكن ملاحظة ان الطبقة الوسطى، والتي قادت الثورة بشكل كبير، والتي تم تقليصها بشكل كبير اثناء عقود الإنقاذ، خرجت اغلبها من السودان وتجمعت في القاهرة وإثيوبيا وكينيا ويوغندا وجنوب السودان وتشاد، ومثلت مراكز المبادرات. من بقي منهم في السودان يكافح الظروف السيئة ونقص الخدمات وتوفير الاحتياجات اليومية. هناك في التضاريس الطبقة الوسطى التي تراكمت في المغتربات والمهاجر منذ السبعينات وتضخمت ولها دور كبير في دعم الاسر والمجتمعات.

انتقال معظم الطبقة الوسطى إلى التجمعات في الدول المجاورة بكميات كبيرة، مع غياب ناشطي الثورة من الشباب والمجتمعات المؤثرة والزخم الثوري والفراغ السياسي، سوف يؤدي لشعورها المتنامي بضرورة وجود قيادات سياسية لملء الفراغ السياسي. هذه ارضية المبادرات والتي جاء معظمها من تكوينات تنظيمية كقحت، او منظومات المجتمع المدني او مجموعة افراد متجانسة او حتى افراد مسئولين سابقين. كل هذه المبادرات حاولت تمثيل قوى الثورة من الشباب واللجان والتنسيقيات او في حدها القصى التحدث باسم الشعب السوداني بشكل أو آخر.

هذه هي التضاريس المكونة للمبادرات وسوف احاول في المقال القادم، باختصار، ان ارصد كيف ان هذه التضاريس يمكن ان تسمح او تمنع البند المشترك في كل المبادرات: توحيد القوى المدنية الديمقراطية.

 

Dr. Amr M A Mahgoub
omem99@gmail.com
whatsapp: +249911777842  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

الملتقى المصري السوداني الأول لرجال الأعمال.. خطوة في طريق التكامل الاقتصادي

تداولت وسائل التواصل الاجتماعي خلال الأيام القليلة الماضية فيديو لطفلين سودانيين، بمدينة الإسكندرية، يقومان بتوزيع حلوى في الشارع العام وأوراق تحمل عبارة “شكراً مصر”، وهي العبارة التي اختارها الآلاف من السودانيين الذين فروا من جحيم الحرب المندلعة في بلادهم إلى أرض الكنانة لشكرهم على استقبالهم، في وقت عصيب بحثًا عن أمان مفقود في بلادهم فأحسنت الجارة وفادتهم”.
ترحاب كبير
واستقبلت الإسكندرية ما قام به الطفلان السودانيان بترحاب كبير، باعتبارهما جسدا دور الدبلوماسية الشعبية، وعلى ذات النسق فإن القاهرة موعودة يوم السبت القادم، بحدث يعكس تطلع الشعبين السوداني والمصري إلى انصهار وتكامل حقيقي يعكس عمق العلاقات على المستوى الاقتصادي”.
تعاون اقتصادي
وفي إطار تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين مصر والسودان، سيقام الملتقى المصري السوداني الأول لرجال الأعمال بمبادرة من سفارة السودان بمصر والشركة المصرية السودانية للتنمية والاستثمار المحدودة وبالتعاون مع مركز التكامل السوداني المصري، “تحت رعاية نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصناعة والنقل الفريق مهندس كامل الوزير”.
آفاق جديدة
إلى ذلك يهدف الملتقى إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين وفتح آفاق جديدة للتعاون في مجالات متعددة تشمل إعادة الإعمار في السودان وتأمين الأمن الغذائي لكلا البلدين في المجالات الإنتاجية والخدمية والطاقة والتعدين.
مصالح البلدين
ويحاول الملتقى تلبية تطلعات القطاع الخاص في البلدين في إحداث تكامل اقتصادي يصب في مصلحة الشعبين، اللذان تربطهما وشائج تاريخيّة وجغرافية منذ الأزل وإنزال هذه العلاقات إلى أرض الواقع عبر تحقيق مصالح البلدين الاقتصادية من خلال الوقوف على المستوى التي تقف فيه العلاقات الاقتصادية وتدارك العقبات التي تحول دون تحقيق تكامل اقتصادي حقيقي”.

تبادل سلعي
ويقول رئيس القطاع المالي بالشركة المصرية السودانية للاستثمار والتنمية، ماجد مجدي إن “الاقتصاد البلدين بحاجة فعلية إلى تعزيز الترابط والتكامل الاقتصادي لتعظيم الفائدة وتحقيق الاستقرار الاقتصادي في كل من البلدين”.
وأعلن مجدي في تصريح لـ(المحقق)، “عن تنفيذ الشركة المصرية لنظرية التبادل السلعي بين مصر والسودان، دون الحاجة لاستخدام العملات الأجنبية، تجنبًا للضغط على العملات في كل من مصر والسودان، لإحداث استقرار في العملات الوطنية”.
وأوضح “أن سلع التبادل تتمثل من الجانب المصري في السلع الغذائية بنسبة تقدر بنحو (80%) تشمل السكر، الدقيق ، الأرز والزيوت بجانب بعض السلع الأخرى مثل المنظفات، حديد التسليح، والإسمنت، فيما تتمثل السلع من الجانب السوداني اللحوم، الأبقار، الإبل، الضان، السمسم، القطن وفول الصويا”.
ولفت مجدي، إلى أن “الشركة المصرية السودانية صدرت عن طريق التبادل السلعي خلال الـ(9) أشهر الأولى من العام الحالي، سلع بقيمة (31) مليون دولار، دون دفع دولار وفي المقابل استورد السودان من مصر في إطار التبادل السلعي سلع بقيمة (25) مليون دولار”.
رغبة في التوسع
وحول تأثير الحرب على سير الصادرات والواردات المصرية من السودان، أكد مجدي على انخفاض التبادل التجاري بين البلدين بنسبة (20%).
وقال ماجد، نرغب في التوسع في التبادل السلعي بعد انتهاء الحرب، مؤكدًا حرصهم على مصلحة الاقتصاد السوداني من خلال دعمه عبر تجارة “الترانزيت” التي تسمح للسودان تصدير واستيراد بضائع عبر الموانئ المصرية”.
وكشف مجدي، عن أن الشركة المصرية السودانية، تقوم بدور الضامن للبضائع التي تستورد أو تصدر للسودان بعد أخذ الإذن من وزارة المالية المصرية”.
مضيفًا: “أن اللحوم السودانية تسد نقص السوق المصري بنسبة تقدر بنحو(12%)، مبينًا أن أسعارها تعد الأرخص من بين الدول الأخرى نسبةً لسهولة الشحن والنقل”.
واستدرك مجدي بالقول: “بعد اندلاع الصراع في السودان دخلت دول أخرى للماشية الحية مثل يوغندا، وجيبوتي، والصومال، لسد عجز السوق المصري، لكنه أكد على أن الشركة المصرية السودانية تعد أكبر الشركات التي تستورد اللحوم الحية والماشية من السودان”.

السودان لن يجوع
من جهته، أكد الخبير الاقتصادي، د. محمد الناير، أن العلاقات السودانية المصرية علاقات متجذرة وعلاقات قوية على كافة المستويات الرسمي والشعبي”.
وقال الناير لـ(المحقق)، “إن مستوى هذه العلاقات تزايد بعد الحرب التي تعرض لها السودان والاستهداف الإقليمي والدولي الذي يواجه السودان بصورة كبيرة”.
وأضاف: “الاقتصاد لم يكن بمعزل عن ما يتعرض له السودان فتأثر بصورة كبيرة”.
وتابع: “بالرغم مما يتعرض له الاقتصاد السوداني بجانب ما تنشره التقارير الدولية عن ارتفاع عدد السودانيين الذين يواجهون شبح الجوع إلى (25) مليون شخص مقابل (18) مليون شخص قبل الحرب إلا أن السودان لن يجوع لعدة أسباب من أهمها استمرار عمل المعابر المصرية وانسياب الحركة التجارية بين مصر والسودان”.
وأكد الخبير الاقتصادي، على أن استمرار انسياب الحركة التجارية بين البلدين ساهم بشكل مباشر في عدم حدوث نقص في السلع الأساسية بالسودان.
وأوضح، “أن الملتقى المصري السوداني لرجال الأعمال يأتي في وقت مهم، وله أهمية كبيرة، مبينًا أن فترة ما بعد الحرب تشهد ضرورة ملحة لإحداث تكامل اقتصادي كامل بين مصر والسودان ورفع حجم التبادل التجاري الذي ظل يتمحور حول المليار دولار استيرادًا وتصديرًا.
وشدد الناير، “على أهمية أن يرتفع حجم التبادل التجاري بين الخرطوم والقاهرة بما يتناسب مع حجم العلاقات وحجم احتياج البلدين مع بعضهم البعض” .
منتجات مصنعة
وجدد دعوته للقيادة السياسية في مصر والسودان لتشجيع زيادة التعاون الاقتصادي والتكامل مع التركيز أن تكون المنتجات مصنعة للاستفادة من القيمة المضافة”.
وقال: إن الاستثمار المتبادل سيرتفع عقب تحقيق الأمن والاستقرار في ربوع السودان”.
وعول على الدور المصري في الاستثمار بالسودان لا سيما في مجال البني التحتية، لافتًا إلى تجربة مصر الثرة والمتميزة في هذا المجال والتي حققتها خلال السنوات الأخيرة.
مؤكدًا وجود مصادر للتمويل عبر نظام “البوت” وهو ما يسهم بصورة كبيرة في دخول الشركات المصرية في شراكات مع الشركات السودانية عبر القطاع الخاص في البلدين لإنشاء مشاريع كبرى وبناء البنى التحتية”.
ونبه إلى وجود قانون بالسودان ينظم العلاقة بين القطاعين العام والخاص يساعد في حدوث تمويل من القطاع العام للقطاع الخاص، مبينًا أن هذه الشراكة تعمل على المساهمة في المشروعات الكبيرة”.
زيادة حصائل الصادر
ودعا الناير، الملتقى إلى نقاش مشروعات مدروسة سواء كان في ظل الحرب ما الذي يحتاجه السودان وما الذي تحتاجه مصر في ظل الظروف الراهنة، وقال الناير إن ” لكل مرحلة متطلباتها”، مشيرًا إلى أنه في ظل الظروف الراهنة يحتاج السودان إلى زيادة حصيلة الصادرات وترتيب أولويات الواردات بما يضمن عدم وجود فجوة في بعض السلع وبالمقابل مصر أيضًا تحتاج إلى الصادرات السودانية والتي يجب أن تؤمن وترتب وتصدر بصورة أساسية والتوافق على مشروعات مستقبلية بعد انتهاء الحرب تشمل شراكة استراتيجية وبناء مشروعات بني تحتية كبيرة مع إحداث تكامل بين القطاع المصري والسوداني ليمثلان جسم واحد والدخول في شراكة مع القطاع العام السوداني”.
وأعرب عن أمله في أن تدرس هذه المشاريع بصورة كبيرة وأن يكون هناك نظرة مستقبلية بربط السودان بمصر عبر السكك الحديد بالتوازي مع الطريق البري حتى يقلل من تكلفة الشحن ونقل البضائع والسلع بين البلدين مما ينعكس إيجاباً على الدولتين وعلى أسعار السلع المتبادلة”.

القاهرة – نازك شمام

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الجهني: بدء الحالة الممطرة على التضاريس و المرتفعات السبت
  • الملتقى المصري السوداني الأول لرجال الأعمال.. خطوة في طريق التكامل الاقتصادي
  • السودان ما بين استبدال القوى السياسية أو استبدال الأمة السودانية
  • انتخاب ترامب واحتمال تأثيره على الأوضاع في السودان
  • يوم غير سعيد لدعاة تدويل المشكل السوداني
  • ???? 18 نوفمبر 2024م الفيتو الأول لصالح السودان ! الكلمة المهتاجة لممثل بريطانيا، لماذا ؟
  • لماذا تتعرض النائبة الديمقراطية الكسندرا أوكاسيو كورتيز لتهمة معاداة السامية؟
  • الإدارة المدنية للدعم السريع تمنع تدوال العملة السودانية الجديدة بجنوب دارفور
  • النصر السوداني والعار الروسي !
  • لماذا أحبطت روسيا قرارا أمميا يدعو لوقف فوري للقتال بالسودان؟