لماذا تستعصي محاولات التوحيد: نظرة حول تضاريس القوى المدنية الديمقراطية (١-٢)
تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT
جاء في مبادرة طرحت منذ عدة اشهر من "منظمة معرفيون" رصدها لخمسة عشر مبادرة وحاولت دمجها في مبادرة جديدة، طرحت مبادرات جديدة بعدها ولم توضح اي منها اعدادها السابقة. يمكن النظر لهذه المبادرات ايجابياً انها تدل على حيوية المجتمع السوداني وفاعليته في تقديم افكار جديدة وشعوره بالخطر من تداعيات الحرب، ومنع تطورها إلى حرب اهلية مدمرة وذلك بحصر الصراع بين الجيش السوداني من جهة والمليشيا التي جاءت من رحم الانقاذ كجنجويد والتي حولت لما سمي بقوات الدعم السريع في أواخر حكم الكيزان وبعدها.
كما يمكن النظر سلبياً فقد كرست المبادرات، وعدم التمكن من وجود قواسم مشتركة بين الفرقاء، سوء ادارة التنوع وتحوله من معالجات الاختلاف والاحترام، إلى الخلاف والتشرذم القبلي والعنصري إلى حد الصراعات الجهوية المعلنة وقرب عبور الفاصل للحرب الاهلية. تدهور الوضع الوبائي وانتشار أمراض حمى الضنك والملاريا والحصبة وغيرها، ودخول السودان في متاهة سوء التغذية والنقص الغذائي (تقدرها المنظمات المختصة ١٦-٢٠ مليون شخص)، والنزوح واللجوء والفرار لدول مجاورة او داخلياً للولايات. مع تغيير شديد في الدول المجاورة من انتشار الحروب الجهوية في إثيوبيا وأفريقيا الوسطى وموجة "الحلقة الشريرة" في انقلابات دول الساحل في المحيط الغربي للسودان. كل هذه الأحداث تشكل مخاطر كبيرة على تماسك الدولة السودانية، وتدويل القضية وتدخلات من كل دول الجوار ودول الخليج والقوى الدولية.
يمكن ملاحظة ان الطبقة الوسطى، والتي قادت الثورة بشكل كبير، والتي تم تقليصها بشكل كبير اثناء عقود الإنقاذ، خرجت اغلبها من السودان وتجمعت في القاهرة وإثيوبيا وكينيا ويوغندا وجنوب السودان وتشاد، ومثلت مراكز المبادرات. من بقي منهم في السودان يكافح الظروف السيئة ونقص الخدمات وتوفير الاحتياجات اليومية. هناك في التضاريس الطبقة الوسطى التي تراكمت في المغتربات والمهاجر منذ السبعينات وتضخمت ولها دور كبير في دعم الاسر والمجتمعات.
انتقال معظم الطبقة الوسطى إلى التجمعات في الدول المجاورة بكميات كبيرة، مع غياب ناشطي الثورة من الشباب والمجتمعات المؤثرة والزخم الثوري والفراغ السياسي، سوف يؤدي لشعورها المتنامي بضرورة وجود قيادات سياسية لملء الفراغ السياسي. هذه ارضية المبادرات والتي جاء معظمها من تكوينات تنظيمية كقحت، او منظومات المجتمع المدني او مجموعة افراد متجانسة او حتى افراد مسئولين سابقين. كل هذه المبادرات حاولت تمثيل قوى الثورة من الشباب واللجان والتنسيقيات او في حدها القصى التحدث باسم الشعب السوداني بشكل أو آخر.
هذه هي التضاريس المكونة للمبادرات وسوف احاول في المقال القادم، باختصار، ان ارصد كيف ان هذه التضاريس يمكن ان تسمح او تمنع البند المشترك في كل المبادرات: توحيد القوى المدنية الديمقراطية.
Dr. Amr M A Mahgoub
omem99@gmail.com
whatsapp: +249911777842
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
دارفور التي سيحررها أبناء الشعب السوداني من الجيش والبراءون والدراعة ستكون (..)
كنا نقول إن تحرير الخرطوم سيكون ملحمة للوحدة الوطنية ولكن الملاحم الكبرى ستكون في الفاشر ونيالا والجنينة.
عندما يتم تحرير كامل دارفور من الجنجويد بقوات من الجيش وجهاز الأمن والمشتركة والمجاهدين ودرع السودان ومتحركات قادمة من سنار والنيل الأبيض وغيرها ستكون دارفور نفسها قد تحررت من نفسها كإقليم متأزم لتصبح جزءا من السودان في ميلاده الجديد.
دارفور التي سيحررها أبناء الشعب السوداني من الجيش والبراءون والدراعة ستكون ملكا للجميع. إنها لا تخص القوات المشتركة لوحدها ولا هي ملك الحركات المسحلة الدارفورية لوحدها، بل ستكون ملكا للجميع مثل أي جزء من السودان.
لأن الشعب السوداني بكل مكوناته قد دفع الاستحقاق. كل الشعب السوداني(ما عدا حفنة قليلة من الخونة والعنصريين) سيكون قد حرر دارفور، وبالتالي فهي ملكه.
حليم عباس