كفاح مضنٍ لانتزاع الميراث حقوق النساء اليمنيات بين القوانين والأعراف والدين
تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT
عدن((عدن الغد )) خاص
إنّ الإصرار على تحقيق المساواة في قضيَّةٍ ما يعني ضمنيًّا الإحساس بوجود مشكلة تستوجب إيجاد حلول لمعالجتها، ولكن عندما نتحدث عن أحكام المواريث، فإننا لا نناقش مشكلة واحدة، ولكن نتطرق إلى إشكاليَّة تتفرع إلى جملة من المُشكلات المتداخلة والمتصلة بتوزيع الميراث بين الورثة.
من هذه المشكلات تلك المتعلقة بدرجة أساسيَّة بالمؤسسة الفقهية، والقوانين التي بُنيت على أساس تفسيراتها في المُجتمعات العربيَّة والإسلاميَّة، والتي منها تلك المتصلة بالمنظومة الثقافية لجملة (الأعراف، العادات والتقاليد، .
بلد كاليمن والذي يعيش حالة من الصراعات الدائمة والحروب، تتعطّل سلطة القوانين، وتُصبح الأعراف الاجتماعية هي الأحكام النافذة والفعليَّة، وبسبب ذلك لا تكاد تخلو أُسرة من مشاكل ميراث النساء، فكل عائلة لديها قضية إما مرفوعة في المحكمة، أو لدى عدل المنطقة، أو كبير الأسرة، وجميع هذه القضايا بينها قاسم مُشترك وهو: امرأة حُرمت من ميراثها.
في المُجتمعات العربيَّة ما زالت المؤسسة الفقهيَّة تنطلق في تفصيلها لأحكام المواريث، لا سيما الأحكام المتعلقة بالمرأة، وورثتها من بعدها، من منطلق فوقي يحتوي النص ويُبقيه مُتاحًا وفق استدعاءات تتعلق بثبات النص زمنيًّا.
قوانين الميراث في اليمن مصدرها "القرآن"
يقول القاضي عبدالعزيز صلوح: "إن قوانين التوريث في اليمن مصدرها القرآن الكريم، وهذه القوانين النصيَّة معمول بها وفقًا للأحكام الشرعية، باستثناء قانون الإقامة للأحفاد من قبل الجد في حال وفاة الابن قبل والده، فكان المعمول به أن الابن لا يرث إلَّا بواسطة (إقامة) من الجد، لكن عُولج هذا الخلل ووضُع قانون ينص على أحقيّة أن يرث الأحفاد جدّهم كما يرث والدهم حتَّى بعد الوفاة ذكرًا أو أُنثى.
يؤكد صلوح أن "قوانين الميراث في اليمن عادلة؛ لأنها مشفوعة بالنص القرآني، أما فيما يخص الظُّلم الواقع على المرأة في الميراث فيكمن في عدم حصولها على حصتها الشرعية من الميراث؛ والسبب ليس في القوانين نفسها، ولكن في تطبيق هذه القوانين من عدمه، وهو ما لم تقم به الجهات المعنية، لا سيما في قضايا النزاع على الميراث المرفوعة في المحاكم، والتي حكم فيها القضاء لصالح المرأة"(1).
إنّ المُطلع على مرتكزات البُنية الثقافية في مجموعها الكُلّي، والتي إلى يومنا هذا تُؤصل حق المرأة من الميراث في اليمن قياسًا بالرجل، يُدرك أن تفكيك هذه الكُلية بنيويًّا يحتاج إلى زعزعة القيم الماضوية الثقافيَّة في مُجملها، لا سيما في منطوقها الديني، ونقصد هنا بمنطوقها الديني (الفقه)، لا الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، مع الانتباه إلى ضرورة تقديم تفسيرات سياقيّة عن تحوّل هذه القيم المُوجهة إلى قوانين ضبط محددة وفق تفسيرات الفقه، وعلى هذا الأساس يجب أن نُفرّق بين مصطلحي الشريعة، والفقه. فـ"الشريعة هي مجموعة القيم والمبادئ الدينية التي يستهدي بها المسلمون في حياتهم. وهي إلهية وأبدية. وذلك في مقابل الفقه الذي هو عملية بشرية تسعى إلى استنباط أحكام قانونية ملموسة من الشريعة، والفقه إذن وكأي نظام اجتهاد قانوني آخر، من صنع البشر، خاضع لزمانه، وعرضة للتغيير"(2).
تؤكد التشريعات والقوانين المعمول بها في الدول العربيَّة، ومن بينها اليمن، على حق المرأة في الميراث أُسوة بالرجل، ولكن وجه الخلاف يكمن في إصرار المنظور الفقهي على تثبيط المساواة بين المرأة والرجل، اتكاءً على آية قرآنية في سورة النساء: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْن﴾، "يحتج الرافضون لمبدأ مراجعة الأحكام الفقهيَّة الخاصة بالمواريث، بأن النصوص التي بنيت عليها تلك الأحكام "نصوص قطعيّة الورود وقطعيّة الدلالة"، وهي كذلك مما لا يجوز فيه الاجتهاد"(3).
وبمراجعة هذه الآية من عدة أُطر بعيًدا عن حصر الآيات القرآنية في حقبة زمنية وزاوية دلاليّة مرتبطة بمناسبة ذكرها، قدمت د. زهية جويرو في كتابها (الوأد الجديد مقالات في الفتوى وفقه النساء) تفسيرًا منطقي لآيات المواريث.
حيث رأت أن آيات المواريث أُنزلت "لتُقّر من جهة مبدأ التسوية بين الرجال والنساء في الحصول على نصيب مما يترك الوالدان والأقربون، ولتحديد من جهة أُخرى أنصبة معيّنة تحدَّدت على أساس الانسجام مع طبيعة النظام العائلي والاجتماعي السائد وقتها، دون أن يكون المقصدُ في تحديدها ضبط نِظامٍ صارمٍ ومتكاملٍ وقادرٍ على الإحاطة بكل الوضعيات الممكنة، ودليلنا على ذلك محدوديةُ هذه الآيات من جهة، وسكُوتها عن وضعيات مُشكلة كثيرة من جهة أخرى ...".
ولكن ما حصل أن المؤسسة الفقهيَّة قدّمت هذه الأحكام كثوابت لا يمكن إعادة قراءاتها وفق معطيات الحاضر، وبعيدًا عن ماهيَّة المساواة في مفاهيمها الغربيَّة، نجد أن القرآن قد أقر مبدأ المساواة في قوله تعالى في سورة الحجرات آية (13): ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾.
من خلال المفهوم الكُلي لماهيَّة المساواة والتكريم على أساس التقوى، يُمكننا أن نُقر حق المرأة المساوي للرجل في الميراث ما دام لا فرق بينهم إلَّا بالتقوى! لا يمكن أن يكون هناك تضارب بين مفهوم المساواة بين الناس –كما ورد ذكرها في القرآن- وبين إصرار المؤسسة الفقهيّة على تثبيط أي محاولة لتقديم قراءات وقوانين تُقر مبدأ المساواة بين الذكر والأُنثى في الميراث. مُقننة ذلك بإن هذه النصوص الواردة هي "نصوص قطعيّة الورود وقطعيّة الدلالة".
أنا لا أنتِ هكذا حكم الدين
على الرغم من إقرار حصّة المرأة في الميراث في القوانين اليمنيَّة والتي بُنيت على التفسيرات الفقهية لآيات المواريث، فإنّ دلالات التفسيرات التي انطوت على أيديولوجية ذكوريَّة انتقلت بمفاهيمها الانحيازية لتؤثر على جملة الأعراف والعادات التي يؤمن بها المجتمع، فيرى الرجل أن من حقه أن يستولي على حصة المرأة في الميراث، ما دامت الأُصول نفسها بُنيت على تفضيله عليها على أساس الفهم القاصر لمبدأ القوامة، الأمر الذي جعل القوانين مبتورة الفعل، لا تُطبق في الواقع، ولا يُعتد بها.
ففي بلد كاليمن، والذي يعيش حالة من الصراعات الدائمة والحروب، تتعطّل سلطة القوانين، وتُصبح الأعراف الاجتماعية هي الأحكام النافذة والفعليَّة، وبسبب ذلك لا تكاد تخلو أُسرة من مشاكل ميراث النساء، فكل عائلة لديها قضية إما مرفوعة في المحكمة، أو لدى عدل المنطقة، أو كبير الأسرة، وجميع هذه القضايا بينها قاسم مُشترك وهو: امرأة حُرمت من ميراثها تقاتل أعوامًا لانتزاع حقها من الميراث، في حين يرفض الرجال في أُسرتها تمكينها منه.
ستة عقود قضاها محمد غالب في أزقة المحاكم بمحافظة تعز وصنعاء؛ لإثبات حق والدته في ميراثها الممنوع عنها من قبل إخوانها.
لَحِق محمد بوالدته إلى الدار الآخرة قبل أن يحصل على شيء من ميراثها، رغم انتزاعه حُكما نهائيًّا بإثبات أحقيَّة والدته بحصة من ميراث أبيها، وهو الحُكم الذي رفضه أخواله بحجة أنّ الأخت لا تُوّرث؛ وذلك حتَّى لا يُقاسمهم الورث غريب (زوج الأخت وأولاده)، هذا الرفض جاء مشفوعًا بتواطؤ من السلطة المُخوّلة بتنفيذ أحكام السلطة القضائية.
تقول نعمة (ابنة محمد غالب) والتي تعيش في ريف تعز: "حُرمت وأخواتي من أرض جدتي لأبي، هذه الأرض كُلها والتي تُحيط بمنزلنا مُنعت عنّا، لقد حرمونا من حقنا".
تسود الثقافة الذكوريّة في المُجتمعات اليمنيَّة في الأرياف، التي تُشكّل ما نسبته 70% من إجمالي السكان في اليمن، والتي على إثرها يُصادر حق المرأة في الميراث لأسباب عديدة؛ منها ما هو أُسري، واجتماعي، وبعضها ما هو نتاج لتراكمات من الإقصاء.
قالت نعمة وهي تُشير إلى نسخة من بصيرة (وثيقة إثبات ملكيَّة الأرض للورثة) والد جدتها والتي ورثتها عن أبيها: "هذه أرض جدتي لأبي ولنا فيها حصّة، بل إن أمي أوصت إخوتها ألّا يحرموا أبي كما حرموها هي من أرضها. ماتت هي، ومات أبي من بعدها، وها نحن الجيل الثالث من الأُسرة التي ما زالت تأكل حق بناتها في الميراث".
وأضافت نعمة: "أبناء أخوالي حرموا أخواتهم من الميراث، كما فعل أخوالي من قبل مع جدتي وأبي، ولكنني سأحتفظ بهذه البصيرة، وسأورثها لأبنائي ومن بعدهم أحفادي، لعله يأتي ذلك اليوم الذي تعود فيه الحقوق إلى أصحابها".
أعراف اجتماعية تُصادر حق المرأة في الميراث
تُحكِم الأعراف الاجتماعية سطوتها على حياة المرأة اليمنيَّة، فبين تراتبية ثُلاثيَّة تقع الأعراف أولًا قبل الدين، والقوانين، في تحييد أي حقوق مكفولة للمرأة، وتُغذي الأعراف ثقافة العيب في المجتمع اليمني، فإذا ارتفع صوت المرأة وطالبت بحقوقها، قالوا لها: "عيب"، لا يمكن للمرأة المُطالبة بحقها في الميراث، مُتجاوزة بذلك قرار الذكور من عائلتها، لا تستطيع أن تُطالب بحقها من إخوانها، أعمامها، أخوالها، لن يسمح لها المجتمع المُحافظ أن تتجاوز عتبة البيت؛ لتذهب إلى المحاكم، لا يقبل المجتمع الأبوي، خصوصًا في الريف اليمني، شكوى المرأة على ذويها، حتّى لو كانت هذه الشكوى حقها في المطالبة بورثها الذي يعده الكثير من الرجال عطية أو صدقة، ممكن إذا أرادوا أن يقدموها، وممكن أن يحجموا عنها.
يُعد ذهاب المرأة إلى المحاكم للشكوى عارًا وعيبًا سيبقى لصيقًا بالمرأة طوال حياتها، فكيف لها أن تشكو أخاها أو عمها...؟
إزاء ثقافة العيب، والضغط المجتمعي، لا يكون أمام النساء غير التزامهن الصمت حتّى يقرر أقرباءهن الذكور إعطاءهن حصّتهن من الميراث في حال أرادوا ذلك.
تقول صفية راوح: " لقد وصلت للعقد الثامن من العمر، وما زالت انتظر حصتي من ميراث أبي، ماذا بعد هذا العمر!، لقد تناسيت ورثي، سامحت أخوتي، ومن بقي منهم على قيد الحياة يُقدم لي في كل عيد مبلغ مالي يُعطيني عيدية!.
تضيف صفية "يعتقد أنه بهذا اعطاني نصيبي من الميراث، حتَّى انه شدد وأوصى أبنه بزيارتي من بعده، واعطائي المبلغ نفسه الذي يُسلمه لي كل عيد فطر وهو عشرون ألف ريال يمني (13 دولار)، ليته أوصى ابنه أن يُعطيني، أو يُعطي أولادي من بعدي نصيبي من الميراث، لم يعترف يومًا بحقي من ميراث أبي".
تحكي صفية "ما زلت أتذكر انه بعد موت أبي بأشهر قسّم إخوتي الميراث، لم يذكروني أو يذكروا أختي صرخت ووقفت بوجههم، وعندما تعنتوا ورفضوا اعطائي حقي، قلت لهم: " سأشكيكم إلى القاضي"، وقفت أُمي – رحمها الله- بوجهي، وقالت لي: " ما فيش أخت تُجر(تسحب)، اخوتها للمحاكم لا تخلي الناس يضحكوا علينا عيب لا تُسودي بوجهنا"، كان صوت أُمي كفيل بأن أُطبق فمي طوال هذه الأعوام".
يقول القاضي عبد العزيز صلوح: "على الرغم من ان القوانين المعمول بها في اليمن تكفل للمرأة اليمنيَّة حقها المنصوص عليه في الورث، إلّا أن للمجتمع الذكوري رأي آخر، وهو من يُحوّل الأعراف إلى قوانين مقاومة تقف حتّى ضد حق المرأة الشرعي في الورث، ويُمعن في استمرار حرمانها من ذلك، من خلال استغلال الرجال الاختلالات في المؤسسات المتخصصة في وزارة العدل، والقضاء.
اقصاء من الريف إلى المدينة
تسود الثقافة الذكوريّة في المُجتمعات اليمنيَّة في الأرياف والذي يُشكّل ما نسبته 70 % من إجمالي السكان في اليمن، والتي على إثرها يُصادر حق المرأة في الميراث لأسباب عديدة منها ما هو أُسري، واجتماعي، وبعضها ما هو نتاج لتراكمات من الاقصاء المُستمر منذ عقود، حوّلتها المجتمعات القبليَّة إلى مُسلّمات وحقوق يتفرد بها الذكور على أساس القوامة بتفسيرها القائم على التفضيل النوعي للذكور على الإناث.
انتقل هذا النظام الأبوي بمجمل سلبياته ليحل محل القوانين في المدن اليمنيّة التي من المفترض أن تحتكم إلى سلطة القانون، فيقوم الرجال بحرمان النساء من حقوقهن في الميراث عبر عمليات تزوير وخروقات للقوانين، مُستغلين بذلك حالة الحرب التي تعيشها اليمن منذ أعوام.
تروي سميرة عبدالحميد كيف قام أخوها بحرمانها وإخوتها من ميراث والدها الذي كان يملك عقارات، ومعامل إنتاج بردين، وأراضي موزعة بين مدينتي عدن وتعز.
تقول سميرة، إن أخاها الأكبر استولى على كل شيء بعد وفاة والدهم، وظلت هي وإخوتها يطالبونه بحقوقهم، ولكنه كان يرفض، فاضطر الإخوة إلى رفع قضية على أخيهم الأكبر، وأثناء المحاكمة أبرز الأخ وثائق مزورة لعقود بيع وشراء لكل ثروة أبيه باسمه، مستغلًّا بذلك نفوذه، وحين أرادت بمعية إخوتها تقديم طعن بصحة العقود، هددها أخوها بعد أن عرف أنها هي من تقود إخوتها وتدفعهم بعدم الرضوخ لمزاعم أخيها والاستمرار بالمطالبة بحقوقهم.
وتتهم سميرة الجهات المعنية من مؤسسات حكومية كالعقارات، والمحاكم، والسلطات التنفيذية، بأنها متورطة في مساعدة أخيها على الاستحواذ على كل الورث، بعقود بيع مزورة.
من جهة، قال القاضي فؤاد عبدالرحمن: "ينص الدين الإسلامي على حق المرأة في الميراث ويضمن لها هذا الحق، لكن يحدث أن يتدخل رجال الأُسرة ويعمدوا إلى تزوير الوثائق والسندات والبصائر الخاصة بأملاك الأُسرة؛ بقصد الاحتيال على الشرع والقوانين، والذي ينتج عنه حرمان المرأة من ميراثها".
يضيف القاضي فؤاد: "المحاكم تفصل في القضايا وفق المُستندات والوثائق، وفي حالات الاستيلاء على الإرث، عادة ما تكون هذه الوثائق الخاصة بالعقارات، والأراضي وإدارة الأموال، والتجارة بيد رجال الأُسرة، فالأبناء يخلفون آباءهم في الحصول على مجمل الوثائق الخاصة بإدارة الأموال، وتبقى الفتيات مُبعدات، وخارج نطاق المعرفة المالية بحجم توزيع الإرث، وهو ما يعني تشارك الآباء ضمنيًّا في وضع يد أبنائهم الذكور على الورث، وجعلهم أوصياء عليه، وحرمان الإناث من حقهن منذ اللحظة التي سلّم فيها الآباء كل وثائق وصكوك الأملاك إلى أبنائهم الذكور. وعادة ما تتعرض هذه الوثائق إلى الإخفاء والتزوير، ويُصادر حتَّى نصيب المرأة من الورث تحت ذريعة أن الأشقاء هم من عملوا على توسيع التجارة أو شراء الأراضي".
المساواة هي الأصل
إذا ما أردنا إقرار مبدأ المساواة بين المرأة والرجل في الميراث، من منطلق آي القرآن الكريم، فغالبًا ما سنصطدم مع تفسيرات المؤسسة الفقهية القائمة على (عموم اللفظ لا خصوص السبب).
فترفض المؤسسة الفقهية تقديم تفسير أو اجتهاد فيما يخص قوانين الأُسرة المُسلمة، لا سيما المواريث؛ لأنها قوانين ثابتة مصدرها إلهي(4).
في عام الرمادة رفع عمر بن الخطاب حدّ السرقة؛ لعدم توفر شروط الحدّ، والذي جاء في قوله تعالى، في سورة المائدة آية (38): ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾.
الشاهد هُنا أنه يُمكن في حال (الضرورة) والمُصلحة العامة تقديم الضرورة ورفع الحد لوقوع الضرر، وهو ما يعني قَبول الواقع ومُعطياته التي تتغير من زمن إلى آخر.
فأحد أكثر التفسيرات غير المنطقيَّة لتبرير حصول الذكر على نصيب أكبر من الميراث؛ أنه مُكلف بالإنفاق على الأُسرة، والمرأة جزء من الأُسرة، قد يكون هذا التفسير مقبولًا في حقبة زمنية ماضية، لكن في واقعنا اليوم تعمل المرأة إلى جانب الرجل، فالمرأة تعمل في الريف وتُشارك في زراعة وحصاد الأرض، تعمل أيضًا في البيت، فكيف يمكن تحديد معنى الإنفاق الذي فُسر على أساسه نصيب كُلٍّ من الرجل والمرأة في الميراث؟
إن (تقديم المصلحة هو المنهاج الذي يجب أن يُعتدّ به في مثل هذه القضايا، نحتاج إلى إعمال الأحكام والقوانين القائمة وصياغة أحكام وقوانين جديدة تفيد وتؤمِّن صلاح الفرد والمجتمع...)(5).
ولنا في دول عربيّة، وإسلاميّة أقرّت قوانين تضمن المساواة بين الذكر والأُنثى في الورث، نماذج يُمكن الاهتداء بها في إعادة صياغة القوانين الخاصّة بالميراث في اليمن، ففي الكويت وأفغانستان ترث الإناث الحصة نفسه التي يرثها الذكور من تركة الأم بالتساوي، كما يقر المذهب الشيعي في كلٍّ من لبنان، والكويت، والبحرين تسليم التركة كلّها إلى البنات في حال غياب الذكور، مما يعني استبعاد العصبة من الورث، وهو ما تقرّه القوانين السنية في العراق وتونس(6).
وبالإضافة إلى تقديم المصلحة العامة، يمكن أن يُؤدي الضغط المُجتمعي القائم على إعادة تشكيل وعي جديد بالأعراف الاجتماعية التي تقّدم نفسها كبديل في المجتمعات الأبوية كاليمن، عُنصرًا أساسيًّا في عملية الإصلاح الأشمل لمُجمل المُسلّمات الثابتة فيما يخص المرأة، وهو ما يعني تحويل المجتمع من فاعل سلبي مُتلقٍّ، إلى منادٍ بالإصلاح ومؤمن به.
من السهل تبنّي وعرض الأفكار، لكن من الصعب تحويلها إلى أفعال إلَّا من خلال دفع المجتمع بمختلف توجّهاته، إلى الإقرار بأن الواقع يفرض علينا أن نوسّع من دائرة الاجتهاد، بعقلانية وبمنطقيّة تتناسب مع الواقع المُعاش.
من : د. نهى الكازمي - خيوط
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: المساواة بین من المیراث على أساس ة فی الم والذی ی الأ سرة لا سیما من الم من جهة وهو ما فی حال الذی ی ة التی التی ت
إقرأ أيضاً:
الصلابي: يجب تطوير القوانين في سوريا
رأى القيادي الليبي في تنظيم الإخوان المسلمين علي الصلابي، أنه يجب تطوير القوانين في سوريا، بحسب تعبيره.
وقال الصلابي، في منشور عبر «فيسبوك»: “في المرحلة الانتقالية في سورية، يُعدّ تطوير قوانين تعبّر عن هوية الشعب وثقافته ضرورة ملحة، مع الحفاظ على الثوابت المتعلقة بالدين والنفس والعقل والعرض والمال”، وفقا لقوله.
وأضاف “تعزيز استقلالية القضاء وتنقيته من الفساد يُسهم في تحقيق العدالة وحفظ الحقوق، بما يتماشى مع الشريعة السمحاء والمعايير والنظم الدولية، ليكون القضاء ركيزة للأمان والاستقرار والازدهار في المجتمع السوري”ـ على حد وصفه.
الوسومالصلابي سوريا ليبيا