رأي.. خلف بن أحمد الحبتور يكتب لـCNN: متحدين نقف.. متفرقين نسقط
تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT
هذا المقال بقلم خلف بن أحمد الحبتور، رجل أعمال إماراتي ورئيس مجلس إدارة مجموعة "الحبتور" الإماراتية، والآراء الواردة أدناه تعبر عن وجهة نظره ولا تعكس بالضرورة رأي شبكة CNN.
في عالمنا المضطرب اليوم، يتزايد تصعيد التحديات والأزمات الدولية بشكلٍ لا يُبشِّر بالخير. باتَ أمن العالم واستقراره ككُل مهدداً بالخطر.
وفي كثيرٍ من الأحيان نجد أنفسنا في المنطقة العربية على حافةِ الهاوية، دولنا التي تعد من أكثر المناطق ثراءً بنسيج متنوع ومختلف من الثقافات والمجتمعات والأديان تخوض في صراعاتٍ مفصلية عديدة.
إن المشهد الدولي الحالي محفوف بالتحديات التي تهدد السلام والاستقرار في العالم العربي وخارجه. فمن "الصراع الإسرائيلي الفلسطيني" الذي طال أمده، إلى الأزمات المدمرة والاضطرابات السياسية والاقتصادية في كلٍ من سوريا، ولبنان، والسودان، والعراق، واليمن، وغيرهم. ولا تؤدي كل هذه الصراعات إلى تدمير تلك الدول فحسب، بل تعيق كذلك التقدم الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة ككل، وتلقي بظلال عدم اليقين على المنطقة.
أمّا خارج العالم العربي، فالتوتر الدولي يُخيّم على العالم بأسره، وتحديداً في الدول الغربية والأوروبية الكبرى. فضلاً عن القضايا الجيوسياسية المستمرة والنزاعات الإقليمية في روسيا وأوكرانيا، والتوتر في كوريا الشمالية، وبحر الصين الجنوبي، وأفغانستان وغيرهم -للأسف- الكثير، مما زاد من انعدام الأمن العالمي وعدم الاستقرار.
أمام كل تلك التحديات العالمية المتصاعدة، تبرز الحاجة الملحّة إلى التعاون والتضامن والتعاضد الحقيقي بين الدول العربية لتوحيد الجهود وحماية أمننا واستقرارنا. إن تشكيل تحالف قوي بين الدول العربية يمكن أن يكون بمثابة درع هائل لحماية مصالحها وخلق استراتيجيات استباقية لتعزيز الأمن. علاوةً على ذلك، فإن هذا التعاون سيساهم في حماية أراضينا وسيادتها، حرّياتنا، معتقداتنا، ومقدساتنا كذلك. ولن يتم ذلك إلّا عن طريق جهود جماعية ونيّة صادقة نحو التعاضد وتوحيد نقاط القوة الفردية بشكل جماعي لمواجهة أي تهديد على الصعيدين الإقليمي أو العالمي.
وكما قال الشاعر: "تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا، وإذا افترقن تكسرت آحادا". أتأمل دوماً في معاني هذه الأبيات، وأؤمن بصدق أن هذا هو حالنا في الدول العربية اليوم، نحن في أمسِّ الحاجة إلى أن نتحد اليوم قبل غد. وأنا كلي ثقة أن اتحادنا سيوازي الاتحادات الكُبرى مثل الاتحاد الاوروبي على سبيل المثال، لما نملكه من إمكانيات مهمة من موارد طبيعية، وموقع جغرافي، وغير ذلك. بالإضافة إلى أن دولنا العربية تتوحد تحت راية لغة واحدة، اللغة العربية وهذا ما يجمعنا.
كل ما ذكرت هو ما يجعل من مشروع الاتحاد العربي كابوسا لدول وجهات عديدة يخيفها تعاوننا وتعاضدنا ووضوحنا مع بعضنا البعض، لكون أهدافهم تتحقق في ضعفنا وتفرقنا. لذا علينا أن نكون على أقصى درجات الحذر من تلك الدول التي تكمن مصلحتها في استهداف العرب وزرع الفتنة بينهم، وتغيير ديمغرافيتهم السياسية والدينية. والخطوة الأولى للحفاظ على أمننا واستقرارنا تبدأ من أن نعرف أعداءنا، ونفهم نواياهم الخفية والصريحة لمنعهم من تحقيق أجنداتهم في منطقتنا من خلال زرع التفرقة والفوضى بين العرب لتقويض الاستقرار السياسي والأمني في المنطقة.
كما أنه في الوقت الحاضر، هناك حاجة ملحّة إلى تفعيلِ الدور الحقيقي والفعّال للمؤسسات العالمية، مثل الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، وجامعة الدول العربية، لتلبية التحديات المفصلية التي نشهدها، ولتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء، لكون هذه المؤسسات تلعب دوراً حاسماً في معالجة التحديات التي يواجهها العالم.
فجامعة الدول العربية، يجب أن يتم تفعيل دورها على أتمِّ وجه، عن طريق الضغط على الجهات الفاعلة الدولية، والمشاركة الدبلوماسية الفعّالة، بدلاً من مجرد عقد الاجتماعات وإصدار البيانات غير المُلزمة.
ينبغي للجامعة أن تتخذ مواقفاً أكثر استباقية، وأن تفعّل الدور الأساسي الذي تأسست لأجله، ألا وهو تعزيز التعاون والاستقرار في المنطقة، وأن تخطو على خطى القادة العرب الذين دعموا بقوة الجامعة وشاركوا في تعزيز دورها وأهدافها. مثل الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود، والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والرئيس جمال عبد الناصر -رحمهم الله-، الذين دعموا مبادرات التعاون العربي، وشجعوا على التنسيق بين الدول لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية.
ولا يتم تفعيل دور المؤسسات العالمية ككل، إلّا عن طريق اختيار قادة مخضرمين، وذوي خبرة عريقة لقيادة تلك المؤسسات. قادة يمكنهم اتخاذ قرارات مؤثرة، ويمتلكون فهماً عميقاً للتحديات والفرص في عالمنا المعاصر. ويمتد دورهم إلى ما هو أبعد من الخطابة، يتبنون نهجًا عمليًا موجهًا نحو النتائج والسلام لخدمة مصلحة المجتمع المحلي والدولي الأوسع.
في الختام، أتساءل ما مصير الدول العربية من كلِّ تلك الأزمات؟ ما مصيرنا كعرب أمام كل تلك التحديات الدولية المتصاعدة؟ لا يمكننا إنكار الواقع، وأن كل تلك القضايا المعقدة والنزاعات المستمرة تشكل جزءاً من واقعنا في المنطقة، ولكنني أؤمن دوماً أن هناك أمل وفرصة لتحسين الوضع عند السعي والعمل المشترك وأن نبقى يقظين ضد من يحاربنا بشكلٍ علني أو مبطن عن طريق فهم أهدافهم وفضحها.
فالطريق نحو استقرار العالم العربي ككل، يبدأ من التعاضد والوضوح والتعاون الذين يشكلون المفتاح الأساسي لتحقيق الأمان والازدهار في المنطقة، لحماية مصالحنا وضمان، وجودنا، وتواجدنا بحكمة واستدامة.
إسرائيلإيرانالإماراتالجامعة العربيةالقضية الفلسطينيةحماسرأيقطاع غزةنشر الاثنين، 23 أكتوبر / تشرين الأول 2023تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتكوبونز CNN بالعربيةCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2023 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: الجامعة العربية القضية الفلسطينية حماس رأي قطاع غزة الدول العربیة فی المنطقة بین الدول عن طریق
إقرأ أيضاً:
الصِّيغة الجديدة لأمْرَكة العالم
واشنطن في سعيها لتحقيق مصالحها ــ حسب رؤية ترامب ـ تهدم البناء الكلي للنظام العالمي
تعاطي الولايات المتحدة الأمريكية من خلال رئيسها الجمهوري دونالد ترامب مع قضايا العالم ـ خاصة الشائكة منها ـ يفرض على الدول نمطاً جديداً من العلاقات، يمكن اعتباره صيغة فريدة من التفاعل، حيث يرجّح الصراع بدل التعاون، ويبلغ في حده الأقصى" أمْركة" لصناعة القرارات، الأمر الذي يقلل من أهمية المؤسسات الدولية، بما فيها مجلس الأمن والأمم المتحدة.
لا يقف التوصيف السّابق عند المواقف الآنية المتناقضة التي تُجَاهر بها الإدارة الأمريكية عند نظرتها لمجمل القضايا من زاوية المصالح الأمريكية ذات الطابع النفعي المُتوحّش فحسب، إنما يتابع، ويستشهد، من ناحية التحليل بالقرارات الأمريكية الأخيرة المهددة للسلم والأمن العالميّيْن.. تلك المواقف التي تكشف كل يوم عن تحالفات تلغي الثوابت لصالح المتغيرات، في ظل سباق محموم لأجل بلوغ أهداف تعَلِّي من الدور الأمريكي بعيداً عن أيِّ شراكة مع الآخرين، حتى لو كانوا حلفاء.
هذه الممارسة الأمريكية تأتي من عاملين، أولهما، مواقف الرئيس الأمريكي المتغيرة والمتناقضة من القضايا المختلفة على الصعيدين الداخلي والخارجي، بمنطق "غلبة العدو" في حال الرفض للقرار الأمريكي، وثانيهما، الهلع العام الذي أصاب معظم دول العالم، الأمر الذي دفعها نحو صيغ مختلفة للاستجابة للقرارات الأمريكية، في محاولة منها لتطويع نفسها بما يحقق نجاتها من التغول، حتى لو كانت في الحد الأدنى.
الاستجابة للقرارات "الترامبية" أو الرد عنها من خلال التحايل أو التأجيل هي التي تحدد اليوم مواقف الدول على المستوى الرسمي، حيث العجز البيّن لدى كثيرين منها، وأخرى تترقب ما ستفسر عنه تلك القرارات من رد فعل من قوى دولية أخرى، وخاصة التنظيمات والجماعات، الخارجة عن سلطة الدول، كونها هي القادرة على التمرد، بل إنها توضع اليوم في الصف الأول لمواجهة القرارات الأمريكية.
على خلفية ذلك، ستشكل التنظيمات والجماعات ـ كما يلوح في الأفق ـ قوى يعوّل عليها في تثبيت القرارات الأمريكية، وتطويع الأنظمة الرسمية لها، ليس فقط لما ستحظى به من اعتراف أمريكي يجعل منها ـ حقيقة أو وهماً ـ قوى منافسة، قد تحلُّ في المستقبل المنظور بدل الحكومات القائمة حالياً، وتُسْهم في إعادة تشكيل خرائط الدول، بل تُغيِّر من المفاهيم، ومنها مصطلح الإرهاب بوجه خاص، وإنما لما هو أهم من ذلك بالنسبة للإدارة الأمريكية، وهو تكريس خيارها السّاعي إلى تغيير سياسة العالم بما يحقق غلبة أمريكية مطلقة، والدخول في مرحلة "ما فوق القوة".
من هنا، فإنَّ الشعور العام لدى الدول، خاصة تلك التي تتواجد في مناطق صراع مع الولايات المتحدة الأمريكية، هو أن واشنطن في سعيها لتحقيق مصالحها ــ حسب رؤية ترامب ـ تهدم البناء الكلي للنظام العالمي السائد، انطلاقا من ضغطها على الدول عبر تنظيمات وجماعات داخلية أو خارجية معادية لها، في محاولة منها لتكون الدولة الوحيدة الصانعة للقرارات العالمية، بما يحقق لها سيطرة كاملة من خلال الخوف والترهيب، مع عدم مبالاة لما ستؤول إليه الأمور بعد ذلك من انهيار لقيم وأشكال الدولة المعاصرة.
إذاً الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب تعمل على تعميم سياسية التبديل في حال عدم قبول الدول بأطروحاتها المهددة لوجودها، وهذا من خلال تحريكها للتنظيمات والجماعات المختلفة بشكل ظاهر ومعلن، لدرجة أنها تحاور اليوم بعضاً ممن صنفتها تنظيمات إرهابية في وقت سابق، وتدعمها لتشكل "شبه دولة"، وهو ما نراه اليوم في عدد من مناطق العالم، خاصة في منطقتنا، حيث الحوار المباشر مع تنظيمات ليست منافسة للدول على مستوى العلاقة مع الولايات المتحدة فحسب، وإنما تمثل بديلاً لها ليس في مقدور الأنظمة الرسمية مواجهته، كونه يأتي محملاً بوعود أمريكية نافذة اليوم، وإن كانت مجهولة اليقين بعد ذلك.