صحيفة أثير:
2025-01-24@20:46:08 GMT

التعليم؛ وقفات تضامنية مع غزة وفلسطين

تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT

التعليم؛ وقفات تضامنية مع غزة وفلسطين

أثير – د. رجب بن علي العويسي خبير الدراسات الاجتماعية والتربوية في مجلس الدولة

في ظل تصاعد الأعمال الإجرامية التي يقوم بها الكيان الصهيوني في الأرض المحتلة في فلسطين، وحرب الإبادة  التي يمارسها على غزة، وحجم الممارسات الوحشية التي أفصحت عن الصورة السوداوية التي يحملها المحتل تجاه شعب فلسطين الأعزل، كانت لهذه الأحداث انعكاساتها النفسية والفكرية المؤلمة على كل إنسان شريف في هذا العالم الكوني الواسع، وكل أسرة وبيت عماني، انتصارا لرابطة العقيدة والأخوة والعروبة والإسلام والقرآن واللغة، ومشتركات الإنسانية والقيم التي شكلت حلقة وصل بين أبناء الإنسانية في إطار الحق والعدل والمساواة، ولماّ كانت فلسطين قضية العروبة والإسلام، محطة تحول لصناعة التغيير وبناء الروح الإيمانية الساعية لتحرير الأرض والحفاظ على مقدساتها، لذلك باتت هذه الأحداث حاضرة في حياة المواطن العماني، وعبّر عنها طلبة مؤسسات التعليم المدرسي والعالي في وقفات تضامنية مع غزة وفلسطين، في استنكار لكل الإجرام الوحشي الغاشم الذي يقوم به المحتل ضد الأبرياء والأطفال والشيوخ والمسنين والكبار والصغار والنساء والرجال، ولم تمنعه وحشيته من قصف وتدمير المدارس والمستشفيات والمراكز الصحية ومراكز الإيواء والمساجد وغيرها كثير.

إن المدرسة والجامعات العمانية وطلبة عمان ومعلميها وهيئاتها التعليمية والأكاديمية والتدريسية، وهي تعبر اليوم عن رفضها لهذه الحرب، واستنكارها لهذه الوحشية، وانتصارها لفلسطين وغزة العزة والإباء والنصرة، لتنطلق من الثوابت الوطنية العمانية نحو فلسطين والمسؤولية العقدية والتاريخية والإنسانية التي تؤمن بها نحو القضية الفلسطينية، والتوجهات الوطنية التي وضعتها الإرادة السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- في جملة المعطيات التي ارتبطت بالحالة العمانية، بدءا من بيان مجلس الوزراء الموقر، ثم اتصالات جلالة السلطان المعظم مع قادة العالم وحكوماته ذات الصلة بهذه القضية، وترأس جلالة السلطان المعظم لاجتماع وزارة الخارجية بدول مجلس التعاون الخليجي للوصول إلى موقف خليجي موحد تضامني مع القضية الفلسطينية أو  غيرها من  الجوانب المرتبطة بنقل هذه الوقفة عبر منظمة الأمم المتحدة والجامعة العربية والمؤتمر الإسلامي.

إن التعليم هو صناعة الوعي الجمعي وهو طريق المجتمعات والأمة لتحقيق التحولات، ويمارس التعليم اليوم في ظل ضروراته وطبيعة المتغيرات الحاصلة، دورا استثنائيا في هذه القضية العربية، قضية فلسطين بما يصنعه من اتجاهات، وما يؤطره من حقائق ومعلومات، وما يبرزه من أحداث ونكبات، وما يقدمه من خيارات ومسارات، وما يصنعه من قوة الإرادة وحس المبادئ في الدفاع عن أرض فلسطين، ويؤسسه في أبناء الوطن من قيم الشهامة والعروبة والأصالة والدفاع عن الأرض وحب الأوطان وعروبة القضية والانتماء العربي الذي شكّل أولوية في الثوابت العمانية؛ وانطلاقا من هذه المبادئ العظيمة وغيرها التي  مثلت ممارسة أصيلة وثوابت داعمة للأرض والاستقرار الفلسطيني في مواجهة الاحتلال، ويمكن قراءة تمثلت وقفات مؤسسات التعليم في سلطنة عمان التضامنية منذ  بدء الحرب الهمجية على غزة، في توجيه الاهتمام  في القاعات الصفية والصفوف الدراسية إلى توضيح مكانة فلسطين والقدس الشريف في التاريخ العربي والإسلامي، والمواقف الإيمانية والبطولات الخالدة التي وقفها العرب والمسلمين في التعامل مع الأحداث التي ارتبطت بالقدس،  بالإضافة إلى الحديث عن الانتماء العماني للامة العربية  بنص النظام الأساسي للدولة وما يحمله ذلك من مرتكزات وثوابت للعمل العربي المشترك، بما من شأنه خدمة القضية الفلسطينية ورعايتها والمحافظة على استحقاقاتها في ظل ما أكدته الاعراف والقوانين الدولية واتفاقيات الأمم المتحدة بشأن فلسطين؛ بالإضافة إلى وقف الاحتفالات الوطنية بيوم المرأة العمانية تضامنا مع الشعب العربي الفلسطيني وقضيته وما تقدمه المرأة الفلسطينية من تضحيات في النفس والمال والولد، وتأكيدا على رفض الإنسانية لكل هذه الأساليب الاجرامية الوحشية التي يقوم بها العدو المحتل في أرض فلسطين، وبدورها سعت المدارس إلى تجسيد هذه الصورة الوطنية نحو القضية الفلسطينية وعبر الإذاعة المدرسية وتقديم فقرات متنوعة  في بدء اليوم الدراسي عن فلسطين بما يغرس في نفوس الأبناء هذه الروح النضالية العالية، ويؤسس فيهم هذا الحب الخالد لفلسطين العروبة وبيت المقدس، فكانت استضافة الشعراء والكتّاب ومشائخ العلم والباحثين والإعلاميين في الحديث عن فلسطين موجهات باتت حاضرة في بيئات التعليم، في إطار التنوع الحاصل في هذه الفعاليات، والبرامج المعبرة عن هذه الوقف التضامنية؛ ليمتد هذا التضامن في استدراك كل ما من شأنه استنهاض المبادئ واستنطاق القيم التي أكد عليها ديننا الإسلامي الحنيف في التعامل مع هذه الأحداث، فكان الدعاء سلاح المؤمن، عندما تتلاطم عليه أمواج الفتن، وتحيط به الخطوب، ويتعرض أهله لأنواع الاجرام والإبادة –عندما لا يملك في سبيل نصرتهم حيلة ولا سبيلا، أو تسد أمامه أبواب الجهاد-، فإن ما أفصحت عنه وقفات الطلابية من نماذج راقية وممارسات أصيلة لأبنائنا وبناتنا وهم يؤدون صلاة الجماعة ويدعون لإخوتهم المرابطين أطفال غزة وفلسطين بالنصر والتأييد، محطات تأمل تبرز عمق هذه الجسور الإيمانية التي تربط الناشئة العمانية بأرض فلسطين، وهي مواقف ومحطات لا ترتبط بظرف معين أو وقت محدد؛ بل سلوك أصيل وخيوط ممتدة تتجاوز الأوقات والأزمات والأحداث لتصبح جزءا من النسيج الفكري والعقدي والإيماني للمواطنة والناشئة العمانية.

لقد عبر أبناء عمان من طلبة المدارس والجامعات عن أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب الكبرى، وأن الانتماء العربي يؤصل فيهم استبقاء هذه الروح الايمانية نحو فلسطين ممتدة حاضرة في كل وقت وحين، فكان حمل العلم الفلسطيني، ولبس الوشاح الفلسطيني، وترديد الهتافات والأناشيد والأغاني الحماسية المعبرة عن هذه الوقفة التضامنية مع الأرض الفلسطينية المحتلة تجاه  جبروت الاحتلال الصهيوني، منصات حراكية متجددة  ومواقف خالدة، ستبقى حاضرة مهما تغيرت الأحداث وتنوعت الأزمات، تؤكد في حقيقتها على أن النبض الفلسطيني حاضر وبقوة في كل بيت وأسرة ومدرسة وجامعة عمانية؛ وأبناء سلطنة عمان يستشعرون هول الأمر وفداحته ومضاضته بما يمارسه العدو المحتل الغاشم من وسائل التدمير والتخريب والإفساد في الأرض، وفي الوقت نفسه إيمان الإنسان العماني في ثبات عقيدته ومبادئه نحو دعم القضية الفلسطينية، فإن ما عبرت عنه الوقفة التضامنية التي قدمها  طلبة جامعة السلطان قابوس وطلبة بعض الجامعات والكليات بمؤسسات التعليم العالي بسلطنة عمان وجامعة التقنية والعلوم التطبيقية والمؤسسات العلمية البحثية سواء عبر خروجها في مظاهرات سلمية حاملة معها لافتات لوقف هذه الحرب الهمجية والاحتكام لصوت العقل، والنصرة للأشقاء في فسلطين، وبالدعاء لأبناء غزة بالنصر وما ارتبط بهذه الأحداث من وسائل وأدوات كان لها حضورها الواسع عبر المنصات الاجتماعية، إنما يعيد إلى الواجهة ثبات الموقف العماني الأصيل في عروبة أرض فلسطين وحضورها في كيان الإنسان العماني وعقيدته، ومن نافلة القول أن هذه الوقفات التضامنية لأرض فلسطين والدعوات بإيقاف هذه الحرب الهمجية وما أظهره أبناء عمان من طلبة المدارس والجامعات والكليات من مبادرات جادة سواء من خلال حملات الإغاثة التي تقدم للشعب الفلسطيني وعبر الهيئة العمانية للأعمال الخيرية، وتشجيع طلبة المدارس والجامعات على المشاركة فيها، وحرص المدارس على تقديم كل ما من شأنه تحقيق هذه المساندة بروح يملؤها الحب لفلسطين والوقوف والدعاء والتضامن مع الشعب الفلسطيني الأعزل، أو من خلال أنشطة الطلبة الإعلامية والفنية وإبداعاتهم في تقديم المنتج الفني الداعم للقضية الفلسطينية سواء من خلال الأفلام القصيرة الوسائط المتحركة والنماذج المعبرة عن هذه الوقفة التضامنية حيث أنتج الحراك الثقافي والصحفي والإعلامي الكثير من الوسائط المرئية والمسموعة والمقروءة المعبرة عن تضامن سلطنة عمان مع فلسطين واستنكارها لهذا الإجرام الوحشي على غزة.

أخيرا فإن الحديث عن دور التعليم في التعاطي مع القضية الفلسطينية أكثر من حصره في مقال، لأنه عقيدة وقناعة وفكر وإستراتيجية حياة، ومنطق  يعيشه الإنسان العماني ويدرك ما يعنيه ذلك من التزامات ومرتكزات للعمل من أجل فلسطين،  ومع ذلك تبقى هذه الوقفات التضامنية محطات لها دلالاتها العميقة في تأكيد دور التعليم في القضية الفلسطينية، وتأكيد الحاجة إلى إعادة رسم ملامح قادمة للمناهج التعليمية تعيدها إلى تجسيد هذه الصورة العقيدية المرتبطة  بفلسطين، وأن تفصح التجديدات في المناهج التعليمية وما فيها من دروس عقدية أو محتوى  لتناول هذه القضية وإدخالها في المناهج، إذ المسألة اليوم أعمق من قراءتها في سلوكيات  اجتهادية أو ممارسات وقتية، إنها محطات لصناعة التغيير، وأن تعيد أحداث غزة وما يحصل فيها من إجرام صهيوني غاشم، أمام المعنيين برسم السياسة التعليمية في سلطنة عمان مسؤولية تأطير هذا المسار وتوجيه الأنظار إلى هذه القضية في إطار تثبيت قواعدها وأصولها ومواقفها العقدية والسياسية في المناهج العمانية، فإن الأرث الخالد لسلطان عمان الراحل حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه؛ والثوابت العمانية التي أكدها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه الله نحو هذه القضية، وما وجه إليه جلالته من مسارات للعمل العماني من أجل فلسطين منطلقات مهمة يمكن أن تؤسس لهذا التحول وتجسّده في المحتوى التعليمي العماني.

فاللهم نصرك المؤزّر لفلسطين العروبة، وغزة العزة والإباء.

المصدر: صحيفة أثير

كلمات دلالية: القضیة الفلسطینیة هذه الأحداث هذه القضیة سلطنة عمان

إقرأ أيضاً:

أحمد موسى: الرئيس السيسي تصدى لمخطط تهجير أهل غزة ودافع عن القضية الفلسطينية

أكد الإعلامي أحمد موسى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي كان له موقف حاسم في التصدي لمخطط إسرائيلي يهدف إلى تهجير سكان غزة، مشيرًا إلى أن الرئيس السيسي يؤمن بضرورة الحفاظ على القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني.

وخلال برنامجه "على مسئوليتي" المذاع عبر قناة "صدى البلد"، أوضح موسى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان يخطط لتحويل غزة إلى أرض خالية من الفلسطينيين، لكن الرئيس السيسي أعلن بوضوح أن مصر لن تقبل بتهجير سكان غزة.

أحمد موسى: مصر قادرة على تجاوز الأزمات بفضل الأمن والتطوير المستمرأحمد موسى: لدينا أمن واستقرار وما حدث في 2011 لن يتكرر.. فيديوأحمد موسى: الشرطة المصرية تصدت لمحاولات الخونة وحمت الوطن من الفوضىبث مباشر | حلقة جديدة من برنامج "على مسئوليتي" مع أحمد موسى

وأشار موسى إلى أن إسرائيل تسعى لابتلاع أراضي غزة، داعيًا الشعب الفلسطيني إلى الثبات والدفاع عن أرضه، مؤكدًا أن موقف مصر من القضية الفلسطينية نزيه وشريف، ويعكس دعمها للحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني.

وأضاف موسى أن أهل غزة عليهم التمسك بأرضهم في مواجهة المحاولات الإسرائيلية، مشيرًا إلى أن الجاسوس الذي أراد بيع أراضي سيناء كان يسعى لتحقيق أهداف تخدم هذه المخططات.

مقالات مشابهة

  • برلماني: التاريخ لن ينسى دور مصر في دعم القضية الفلسطينية وتقديم المساعدات
  • عضو «طاقة النواب»: التاريخ لن ينسى دور مصر في دعم القضية الفلسطينية
  • عضو بـ«النواب»: التاريخ لن ينسى دور مصر في دعم القضية الفلسطينية
  • سلطنة عُمان تبهر العالم العربي في القاهرة.. ومفـردات الثقـافة تحــكي قصــة الأمــة العــمانية
  • الإمارات ترحب بنجاح الوساطة العمانية في الإفراج عن طاقم سفينة “جلاكسي ليدر”
  • الإمارات ترحب بنجاح الوساطة العمانية في الإفراج عن طاقم سفينة «جلاكسي ليدر»
  • الإمارات ترحب بنجاح الوساطة العمانية في الإفراج عن طاقم سفينة جلاكسي ليدر
  • أحمد موسى: الرئيس السيسي تصدى لمخطط تهجير أهل غزة ودافع عن القضية الفلسطينية
  • جامعة الحديدة تنظم وقفات تضامنية مع غزة وتبارك انتصارات المقاومة الفلسطينية
  • البيضاء.. وقفة تضامنية مع غزة وانتصاراً للشعب والمقاومة الفلسطينية