حزب اللهمستمر في المعركة.. التدحرج متواصل
تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT
بشكل متواصل ينعي "حزب الله" شهداء من بين عناصره سقطوا في المعارك والاشتباكات الحاصلة بينه وبين الجيش الاسرائيلي عند الحدود مع فلسطين المحتلة، في ظل استهدافه اليومي لآليات ومدرعات ومواقع اسرائيلية. وهذا التصاعد المستمر في استخدام القوة من قبل الطرفين، في ظل التعقيد الذي يسيطر على المشهد في المنطقة وفي فلسطين تحديدا، يؤكد أن التدحرج بات الإحتمال الأكبر.
تساؤلات كثيرة بدأت تظهر عن السبب الذي يؤدي الى سقوط هذا العدد من الشهداء لدى الحزب؟ وهل يمكن اعتبار هذه الاعداد كبيرة بالنسبة لحجم المعركة وطبيعتها خصوصا أن سقوط هكذا أعداد ليست معهودة للحزب في ظل استخدامه لتكتيكات هجينة؟ فما هي الأسباب الميدانية لمثل هذا الحجم من الخسائر وهل بات المشهد على حافة الانفجار الكامل والحرب المفتوحة؟
بحسب مصادر مطلعة فإن تعقيدات المعركة الحالية كثيرة، وهي لا تشبه بطبيعتها المعارك السابقة التي خاضها "حزب الله" مع إسرائيل، ان كان قبل تحرير ال2000 او حتى حرب العام 2006، كما ان المعركة ستكون مختلفة تماما في حال الذهاب الى حرب مفتوحة مع اسرائيل في الايام او الأسابيع المقبلة. لذلك فإن الدخول في طبيعة الاشتباك الحاصل على طول الحدود كفيل بفهم الكثير من التفاصيل الميدانية.
وتؤكد المصادر ان "حزب الله"وبسبب التطورات والظروف التي حصلت، خسر عنصر المفاجأة، الذي يشكل احد العوامل الاساسية التي كان يعتمد عليها، ان كان في عملياته ضد اسرائيل قبل التحرير او حتى في عمليات الاسر بعد التحرير، كما ان الحزب وبوصفه قوة عسكرية غير نظامية فهو يفضل الدخول في معارك تعتمد على الصدمة الاولى والانسحاب السريع او التقدم السريع بالتكافل بين كل وحداته القتالية.
وتشير المصادر ان العامل الثاني المؤثر هو أن "حزب الله" يعمل وفق التكتيكات الهجومية ويبادر في إطلاق النار، في حين ان الجيش الاسرائيلي يعتمد التكتيكات الدفاعية حصرا، وهذا يعطيه، نظريا، الافضلية الميدانية ويمكنه من تحقيق اصابات كثيرة في صفوف القوات المهاجمة، علما انه وفي حالة الاشتباك الحاصل فإن نسبة الخسائر الاسرائيلية لا تزال أعلى من خسائر الحزب بكثير، وهذا يعود الى توجيه الحزب ضربات قاتلة للمدرعات ولتجمعات الجنود.
وتشير المصادر الى ان عدم الذهاب الى حرب مفتوحة، وضيق المساحة الجغرافية وساحة العمليات، يعطي قدرة رصد مباشرة وتقنية اكبر للجيش الاسرائيلي الذي يمتلك تقنيات متطورة،تمكنه من السيطرة على المعلوماتية، اما في حال المعركة المفتوحة فإن كثافة النيران وتعدد مصادرها، اضافة الى اتساع المساحة الجغرافية التي تنتطلق منها وتجري فيها العمليات العسكرية، كلها عوامل تؤدي الى تشتت قدرات الرصد لدى الجيش الاسرائيلي.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
لبنان والقبضة الإيرانية.. من التغلغل إلى الانهيار
منذ ثمانينيات القرن الماضي، بدأت إيران صياغة مشروعها الإقليمي في لبنان عبر إنشاء حزب الله، الذي تحول بسرعة إلى أداة استراتيجية لخدمة مصالحها في المنطقة. لم يقتصر هذا التدخل على الجانب العسكري فقط، بل امتد ليشمل مفاصل الدولة اللبنانية، مما ساهم في إضعاف مؤسساتها وتعميق أزماتها، وإيصالها إلى حافة الانهيار.
أسس الحرس الثوري الإيراني حزب الله من رحم حركة أمل، بعد انشقاق مجموعة عنها عام 1982، لتعرف في البداية باسم "أمل الإسلامية". بدعم إيراني مباشر، اندمجت هذه المجموعة مع تنظيمات شيعية أخرى لتشكيل حزب الله.
بفضل الدعم الإيراني، تمكن حزب الله من بسط نفوذه على إدارات الدولة اللبنانية، وتعميق الانقسامات السياسية، والسيطرة على قرار السلم والحرب، مما أدى إلى توريط لبنان في صراعات إقليمية ذات عواقب وخيمة.
التغلغل في مؤسسات الدولة"من حركة مقاومة لتحرير جنوب لبنان"، تحوّل حزب الله عبر السنوات، كما تقول عضو تكتّل الجمهورية القوية النائبة الدكتورة غادة أيوب، إلى قوة سياسية وعسكرية مهيمنة على الدولة، فهو لم ينشأ كأي حزب سياسي، بل كان "لا يخضع للقوانين اللبنانية ولا يمتلك سجلات رسمية كحزب سياسي، مما جعله دويلة داخل الدولة، مع جيش موازٍ يفرض شروطه على الحكومات ويقوض سيادة الدولة لصالح مشروعه الخاص".
بدأت سيطرة حزب الله بالتنامي، وفقاً لما تقوله أيوب لموقع "الحرة"، منذ اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب اللبنانية (1975-1990)، وتشير إلى أن "اتفاق الطائف نصّ على حل كل الميليشيات وحصر السلاح بيد الجيش اللبناني غير أن الوصاية السورية آنذاك استثنت الحزب من نزع السلاح، بحجة أنه "مقاومة"، بسبب وجود أراض جنوبية لا تزال تحت الاحتلال الإسرائيلي، مما أتاح للحزب التغلغل في مؤسسات الدولة والسيطرة على قرارها وسيادتها. هذا الاستثناء كان الخطوة الأولى التي قادت إلى الوضع الحالي في لبنان".
تبنى الحزب استراتيجية "نتحكم ولا نحكم"، تضيف أيوب، موضحة أنه "سيطر على إدارات الدولة، لاسيما بعد حقبة الوصاية السورية، بالتالي سيطر على القرار اللبناني، دون أن يتولى السلطة بشكل مباشر، وبرزت هذه السيطرة خلال الاستحقاقات الدستورية، مثل تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية حتى ضمان انتخاب رئيس يوافق على مشروعه".
وتعتبر أيوب أن الإصرار على انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية عام 2016 جاء نتيجة مذكرة التفاهم التي وقعها مع حزب الله عام 2006، وتقول إن "هذه المذكرة منحت الحزب الغطاء المسيحي اللازم لفرض هيمنته على الدولة ومؤسساتها، مما أدى إلى تسليم الجمهورية بالكامل إليه لمدة تجاوزت 18 عاماً".
يذكر أنه على الرغم من تصنيف حزب الله منظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة، وعدد من الدول، فإنه يشارك في الحياة السياسية اللبنانية من خلال الحكومات والمجالس النيابية.
من جهته، يرى الكاتب والصحفي مجد بو مجاهد أن "إيران استطاعت أن تفاقم حجم هيمنتها التدريجية على لبنان بدءاً من محاولة استقطابية للكثير من الشيعة اللبنانيين، وأخذهم باتجاه المنحى الخاص بولاية الفقيه، مع الملاقاة بين العمل السياسي والديني من خلال حزب الله".
ويضيف بو مجاهد، في حديث لموقع "الحرة"، أن "حزب الله عمل على كسب التأييد الشعبي داخل الطائفة الشيعية، مستفيداً من قوة الخطاب السياسي، لاسيما لأمينه العام حسن نصر الله والدعم المادي والعسكري من إيران. مما جعله قادراً على السيطرة تباعاً في لبنان، خصوصاً أن موازين القوى في الداخل اللبناني كانت تنحو في مناسبات عدّة لمصلحته كفريق مسلّح من خارج الدولة اللبنانية مع استعماله السلاح في الداخل اللبناني سابقاً، وعرقلته تشكيل حكومات لبنانية وتعطيله استحقاقات خاصة بانتخابات رئاسة الجمهورية اللبنانية بحثاً عن فرض شروط السياسية مع اتكاله أيضاً على تحالفات ضمن ما عرف بمحور الممانعة".
باختصار، كما يقول بو مجاهد، "نجحت إيران في التغلغل إلى لبنان عبر حزب الله باستخدام الخطاب الطائفي، المال، السلاح، والنفوذ الإقليمي للنظام الإيراني في المنطقة وتعطيل الاستحقاقات اللبنانية فرضاً للشروط".
ساعد كلّ ذلك حزب الله، في بسط نفوذه كما يقول بو مجاهد "على منشآت حيوية لبنانية رسمية، وسيطرة محوره الإيراني على قرار السلم والحرب في لبنان".
ضربات إسرائيلية على قلب بيروت.. وخطاب مرتقب لنتانياهو كثفت إسرائيل ضرباتها الجوية على العاصمة اللبنانية، بيروت، بينما يجتمع مجلس الوزراء الإسرائيلي لاتخاذ قرار بشأن وقف إطلاق النار في لبنان، وفق مراسلة الحرة. ربط لبنان بالصراعات الإقليميةخلال فترة قيادة حسن نصر الله، طوّر حزب الله قدراته العسكرية بشكل كبير بدعم رئيسي من طهران، وأصبح يمتلك أسلحة دقيقة ومتطورة، كما سبق أن أعلن نصر الله أن الحزب يضم 100 ألف مقاتل.
"فائض القوة والسلاح الذي يمتلكه حزب الله، واعتماده ممثلا وحيدا للمقاومة في وجه إسرائيل"، أتى كما تقول أيوب "بعد سلسلة مواجهات أقصت كل أشكال المقاومة التي كانت قائمة قبل تأسيسه".
قوة حزب الله العسكرية مكنته، وفق أيوب، من أن "يفرض على كل البيانات الوزارية ضمان الغطاء والشرعية لمقاومة خرجت عن الدولة وخطفت قرارها، ما أدى إلى تغييب السيادة اللبنانية"، وتشدد "هذا النهج حوّل اللبنانيين إلى رهائن في مشروع الموت والدمار والحروب التي لا تنتهي".
استولى حزب الله على قرار الحرب في لبنان دون الرجوع إلى الحكومة، حيث أدخل لبنان كما تقول أيوب "في نفق مظلم لا يمكنه الخروج منه الآن إلا برفع تأثير إيران وحزب الله عن القرار اللبناني".
كذلك يقول بو مجاهد كان "لتسلح حزب الله وتدرّبه أن جعله يتدخل في حروب إقليمية وأن يشنّ حروباً من لبنان، من دون مشاورته السلطة اللبنانية أو القوى السياسية المتنوعة وبخاصة التي تعارض زجّ لبنان في معارك حربية زعزعت الاستقرار وورّطت لبنان في أزمات سياسية واجتماعية".
وعلى سبيل المثال، في عام 2006، شن مسلحو حزب الله هجوماً عبر الحدود مع إسرائيل، أدى إلى مقتل 8 جنود إسرائيليين، وخطف اثنين آخرين، الأمر الذي أجج حرباً واسعة النطاق بينه وبين الجيش الإسرائيلي.
كما دعم حزب الله النظام السوري في مواجهة الثورة السورية التي انطلقت عام 2011 مطالبة بإسقاط رئيس النظام بشار الأسد، إذ شارك آلاف من مسلحيه إلى جانب قوات النظام في استعادة المناطق التي فقدتها لصالح المعارضة المسلحة، خصوصاً المناطق المحاذية للحدود اللبنانية. وأدى هذا الدعم، إلى جانب تحالف الحزب الوثيق مع إيران، إلى تعميق الخلاف مع دول الخليج، التي عارضت تدخلاته في سوريا والمنطقة.
"تأخرنا نصف ساعة".. وزير إيراني يقرّ بضربات إسرائيل الاستخباراتية أقرّ وزير الاستخبارات الإيراني السابق محمود علوي، بأن وزارته فشلت في التعرّف على منفذي اغتيال العلماء النوويين، ولم تستطع حتى اكتشاف الطريقة، التي نُفذت بها هذه الاغتيالات. أزمة وجوديةلم يقتصر استخدام حزب الله لسلاحه على الخارج، بل وجهه إلى الداخل اللبناني أيضاً. ففي عام 2008، تصاعد التوتر إثر محاولة الحكومة اللبنانية إغلاق شبكة الاتصالات التابعة للحزب وإقالة رئيس أمن مطار رفيق الحريري الدولي لعلاقته به. رد حزب الله بشن هجوم مسلّح على العاصمة بيروت، أسفر عن مقتل العشرات، الأمر الذي أجبر الحكومة اللبنانية على التراجع والتوصل إلى اتفاق سياسي أتاح لحزب الله وحلفائه الحصول على الثلث المعطل في الحكومة.
وفي عام 2020، اتُهم حزب الله بتخزين 2750 طناً من مادة نترات الأمونيوم في العنبر 12 بمرفأ بيروت، التي انفجرت مخلّفة خسائر بشرية ومادية كارثية. كما يتهم الحزب بتعطيل التحقيقات في الحادثة.
وفي العام نفسه، رفض حزب الله قرار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الذي أدان سليم عياش، أحد عناصره، بالضلوع في اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، الذي اغتيل بانفجار 1000 كغ من مادة "تي أن تي" أثناء مرور موكبه في بيروت يوم 14 فبراير 2005. وأعلن الحزب أنه سيتعامل مع القرار وكأنه "لم يصدر".
اليوم يمر لبنان، كما تقول أيوب "بأزمة وجودية نتيجة سياسات حزب الله"، معتبرة أن "الحزب يعيد تكرار سيناريو حرب عام 2006"، مستذكرة العبارة الشهيرة التي أطلقها حينها الأمين العام السابق للحزب حسن نصر الله، "لو كنت أعلم".
وعقب عملية السابع من أكتوبر 2023 التي شنتها حركة حماس على إسرائيل، أعلن حزب الله تبني استراتيجية "وحدة الساحات"، حيث صرح نصر الله حينها بفتح جبهة جنوب لبنان لدعم حماس في مواجهتها مع إسرائيل.
أسهمت هذه الاستراتيجية بشكل مباشر في تصعيد العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل، مما دفع الأخيرة إلى إطلاق عملية برية تستهدف دخول جنوب لبنان لإقامة منطقة عازلة، وتزامن ذلك مع توسع رقعة القتال ليشمل مناطق واسعة في لبنان وإسرائيل.
وتشير أيوب إلى أن الحرب الحالية "تخدم مصالح إيران على حساب سيادة لبنان واستقراره، وهي تدفع الحزب إلى الاستمرار في المعارك خشية انتقال كرة النار إليها بعد غزة ولبنان، أو بهدف تقديم "صك براءة" للإدارة الأميركية الجديدة، لإظهار حسن النية وضمان عدم استهداف منشآتها أو مشروعها النووي، فيما حزب الله يواصل القتال رغم خسارته جميع العناوين التي رفعها سابقاً".
وتضيف أن الحزب أوهم بيئته ومؤيديه "بالتأييد والنصر الإلهي ومعادلات توازن الردع، التي انتهت بأبناء الطائفة الشيعية وفئة كبيرة من اللبنانيين إلى دفع ثمن ذلك، حيث وجدوا أنفسهم اليوم يبحثون عن مكان آمن في مناطق لبنانية لم تؤمن يوماً بمشروع حزب الله وإيران في المنطقة، بل عارضته بشكل دائم، وأثبتت اليوم صحة موقفها الرافض للمشروع الإيراني"، مشددة على أن الحل الوحيد للبنانيين "هو العودة إلى سقف الدولة، وتطبيق اتفاق الطائف والقرارات الدولية ذات الصلة، وتفعيل المؤسسات الوطنية لاستعادة الاستقرار والسيادة".