تعرف على حكم كشف الجبهة في الصلاة
تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT
يسأل الكثير من الناس عن حكم كشف الجبهة في الصلاة اجابت دار الافتاء المصرية وقالت ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة، وهو المفتى به، إلى عدم وجوب كشف الجبهة في الصلاة، بل يجوز للمسلم السجود على كمه وذيله ويده وكور عمامته وغير ذلك مما هو متصل بالمصلي في الحرِّ أو في البرد؛ لحديث أنس رضي الله عنه قال: "كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في شدة الحرِّ، فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكِّن جبهته من الأرض يبسط ثوبه فيسجد عليه" رواه البخاري.
قال الإمام البهوتي الحنبلي رحمه الله في "كشاف القناع" (1/ 352): [وَأَمَّا سُقُوطُ الْمُبَاشَرَةِ بِالْجَبْهَةِ؛ فَلِحَدِيثِ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: "كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم فِي شِدَّةِ الْحَرِّ فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدُنَا أَنْ يُمَكِّنَ جَبْهَتَهُ مِن الأَرْضِ بَسَطَ ثَوْبَهُ، فَسَجَدَ عَلَيْهِ" رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ. وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما "أَنَّهُ كَانَ يَسْجُدُ عَلَى كَوْرِ عِمَامَتِهِ". وَفِي "صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ" عَن الْحَسَنِ قَالَ: "كَانَ الْقَوْمُ يَسْجُدُونَ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْقَلَنْسُوَةِ"، (لَكِنْ يُكْرَهُ تَرْكُهَا) أَيْ: تَرْكُ الْمُبَاشَرَةِ بِالْيَدَيْنِ وَالْجَبْهَةِ (بِلا عُذْرٍ) مِنْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ، لِيَخْرُجَ مِن الْخِلافِ وَيَأْتِي بِالْعَزِيمَةِ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَكْرَهُ السُّجُودَ عَلَى كَوْرِ الْعِمَامَةِ (فَلَوْ سَجَدَ عَلَى مُتَّصِل بِهِ غَيْرِ أَعْضَاءِ السُّجُودِ، كَكَوْرِ عِمَامَتِهِ) بِفَتْحِ الْكَافِ، يُقَالُ: كَارَ عِمَامَتَهُ يُكَوِّرُهَا كَوْرًا، مِنْ بَابِ قَالَ (وَكُمِّهِ وَذَيْلِهِ وَنَحْوِهِ صَحَّتْ) صَلاتُهُ، لِمَا تَقَدَّمَ، (وَلَمْ يُكْرَهْ لِعُذْرٍ، كَحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ وَنَحْوِهِ) لِمَا تَقَدَّمَ وَإِلا كُرِهَ] اهـ.
وذهب الشافعية، وهو رواية عن أحمد، إلى وجوب كشف الجبهة ومباشرتها لمحلِّ السجود، وعدم جواز السجود على كمه وذيله ويده وكور عمامته أو قلنسوته أو غير ذلك مما هو متصل به ويتحرك بحركته؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا سَجَدْتَ، فَمَكِّنْ جَبْهَتَكَ» أخرجه ابن حبان في "صحيحه".
قال الإمام الخطيب الشربيني الشافعي رحمه الله في "مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج" (1/ 371-372): [(السابع) من الأركان: (السجود) مرتين لكل ركعة؛ لقوله تعالى: ﴿ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا﴾ [الحج: 77]... (و) شرعًا (أقله مباشرة بعض جبهته مصلاه) أي ما يصلي عليه من أرض أو غيرها؛ لخبر «إِذَا سَجَدتَ، فمكِّن جَبْهَتَك، وَلَا تَنقر نَقرًا» رواه ابن حبان في "صحيحه"،... وقيل: يجب وضع جميعها، وعلى الأول يستحب، بل الاقتصار على بعضها مكروه... (فإن سجد على متصل به) كطرف كمه الطويل أو عمامته (جاز إن لم يتحرك بحركته)؛ لأنه في حكم المنفصل عنه، إن تحرك بحركته في قيام أو قعود أو غيرهما كمنديل على عاتقه لم يجز، فإن كان متعمدًا عالمًا بطلت صلاته أو ناسيًا أو جاهلًا لم تبطل وأعاد السجود] اهـ.
وعليه: فلا يجب كشف الجبهة عند السجود؛ عملًا بقول الجمهور، ورفعًا للحرج عن الناس.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: رضی الله
إقرأ أيضاً:
حكم استثمار أراضي الوقف ببناء وحدات سكنية عليها
قالت دار الإفتاء المصرية إن علماء المسلمين قرروا أنَّ هناك حقًّا في المال سوى الزكاة؛ مِنه الصدقة المُطْلَقَة، ومنه الصدقة الجارية؛ وهي: "كُلُّ صدقةٍ يَجري نفعُها وأجرُها ويدوم"؛ كما عرَّفها بذلك القاضي عياض المالكي في "مشارق الأنوار على صحاح الآثار" (1/ 145، ط. المكتبة العتيقة ودار التراث)، وقد حَمَلَهَا جماعةٌ مِن العلماء على الوقف؛ لأنه أوضح ما يتحقَّق فيها.
والوقف هو رأس مَالٍ اجتماعي يُحقِّقُ معنى التكافُل والتنمية المُسْتَدَامَةِ، وهو وسيلةٌ من وسائل الازدهار والرخاء بين أفراد المجتمع؛ لأنَّه عبارة عن "حبس العين على ملك الواقف والتصدق بالمنفعة"؛ كما قال الإمام الميرغيناني في "الهداية" (3/ 15، ط. دار إحياء التراث العربي)؛ ولذلك يُعَدُّ الوقف من أبرز وجوه الإنفاق وأنفع أنواع الصدقات.
وقد حثَّت الشريعة على وقف الأموال التي يجري رِيْعُها وتُتَّخَذُ ثَمَرَتُها في أوجه الخير؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنه قال: "كان أبو طلحة رضي الله عنه أكثرَ الأنصار بالمدينة مالًا من نخلٍ، وكان أحب أمواله إليه بَيْرَحَاءَ، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب"، قال أنس رضي الله عنه: "فلما أنزلت هذه الآية: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ [آل عمران: 92]، قام أبو طلحة رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله، إنَّ الله تبارك وتعالى يقول: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾، وإنَّ أحبَّ أموالي إليَّ بَيْرَحَاءُ، وإنها صدقة لله، أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «بَخٍ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ» فقال أبو طلحة رضي الله عنه: أَفْعَل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه" متفق عليه.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه في أرض خيبر التي سأله عنها: «إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا»، فتصدق بها عمر رضي الله عنه؛ أنَّه لا يُباع ولا يُوهب ولا يُورث، وتصدَّق بها في الفقراء، وفي القُربى، وفي الرقاب، وفي سبيل الله، وابن السبيل، والضيف، لا جناح على مَن وليها أنْ يأكل منها بالمعروف، ويطعم غير مُتَمَوِّل. متفق عليه.
وفي رواية: قال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «احْبِسِ الْأَصْلَ وَسَبِّلِ الثَّمَرَةَ» أخرجه الشافعي في "المسند"، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"، والبيهقي في "السنن".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
وقد وسَّع الفقهاءُ في صور استثمار أموال الوقف وتَنَوُّع جهات الخير فيه؛ لأنَّه منْ أعظم ما يعودُ بالنفع على الأفراد والمجتمعات، ومن ذلك تأجير الوقف؛ فقد جَوَّز الفقهاء إجارة الوقف بما يُدِرُّ على الوقف ثمرته، وتعود مصلحته على مستحقيه.
قال العلامة الشرنبلالي الحنفي في حاشيته على "درر الحكام" (2/ 138، ط. دار إحياء الكتب العربية): [قال الفقيه أبو جعفر رحمه الله: إذا لم يَذْكُر الواقف في صك الوقف إجارة الوقف فرأى القَيِّمُ أنْ يؤجرها ويدفعها مُزَارعةً؛ فما كان أدرَّ على الوقف وأنفعَ للفقراء فَعَل] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (5/ 351، ط. المكتب الإسلامي): [للواقف، ولمَنْ ولَّاه الواقفُ إجارة الوقفِ] اهـ.
وقال العلامة شمس الدين ابن قدامة الحنبلي [ت: 682هـ] في "الشرح الكبير" (6/ 43، ط. دار الكتاب العربي): [(وتجوز إجارة الوقف)؛ لأنَّ منافعه مملوكة للموقوف عليه، فجاز إجارتها كالمستأجر] اهـ.
وَلا بُدَّ أنْ يُتَّبع شَرط الْوَاقِف فِي إِجَارَة الْوَقْف؛ كما قال العلامة الموصلي الحنفي في "الاختيار لتعليل المختار" (3/ 47، ط. الحلبي)؛ وذلك لما تقرّر عند الفقهاء منْ أنَّ "شرطَ الواقفِ كنصِّ الشارع"، وأنَّ "شرط الواقف يجب اتباعه"، فيجب اعتباره وتنفيذه كوجوب العمل بنصّ الشارع:
قال العلَّامة ابن نُجيم الحنفي في "الأشباه والنظائر" (1/ 163، ط. دار الكتب العلمية): [شرط الواقف يجب اتباعه؛ لقولهم: شرط الواقف كنصّ الشارع؛ أي: في وجوب العمل به، وفي المفهوم والدلالة] اهـ.
وقال الإمام تقي الدين السبكي الشافعي في "الفتاوى" (2/ 13، ط. دار المعارف): [والفقهاء يقولون: شروط الواقف كنصوص الشارع، وأنا أقول منْ طريق الأدب: شروط الواقف منْ نصوص الشارع؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ»، وإذا كانت مخالفة النصّ تقتضي نقض الحكم؛ فمخالفة شرط الواقف تقتضي نقض الحكم] اهـ.