اليمن يطالب صندوق النقد بتأمين احتياجاته وإلغاء متأخرات الديون
تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT
(عدن الغد)متابعات:
طالب اليمن صندوق النقد الدولي بضرورة مساهمته في تأمين جزء من التمويل للاحتياجات الإنسانية الأكثر إلحاحاً، من خلال المبادرات التي يقدمها الصندوق، باعتبار اليمن من أكثر الدول المستحقة للاستفادة من هذه التسهيلات.
لكن الشروط المرتبطة بها لا تراعي الواقع، وتجعل مهمة الدول التي تعاني من الهشاشة والحروب مثل اليمن صعبة للحصول عليها، وخاصة اشتراطات الاستدامة المالية، واستدامة الدين العام.
وأكد مصدر مصرفي يمني مسؤول، فضل عدم الإشارة إلى هويته، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الوفد الحكومي وقيادة البنك المركزي اليمني أحاطوا في اجتماعات خاصة مع مسؤولين رفيعين في صندوق النقد الدولي عُقدت في مدينة مراكش المغربية بالوضع الصعب الذي يمر به اليمن، والتي تتطلب إعادة النظر من قبل صندوق النقد في اشتراطات المبادرات والبرامج حتى تكون أكثر واقعية وإنسانية، خاصة في البرامج التي تصمم لمعالجة كوارث طارئة ومشاكل استثنائية، وتستهدف البلدان التي تعيش أوضاعاً غير طبيعية مثل اليمن.
كما يطالب اليمن بضرورة عدم وجود متأخرات في سداد الدين الخارجي، وهي اشتراطات يراها البنك المركزي اليمني منطقية في الظروف الطبيعية، وستكون قابلة للتحقيق متى عم السلام وتمكنت البلاد من استغلال مواردها المعطلة، فيما يرى المركزي اليمني في المقابل أن هذه الاشتراطات تتكرر في كل المبادرات، وتنطبق على كل برامج الدعم وبرامج المساعدات الإقليمية والدولية الأخرى، لأنها تحذو حذو الصندوق في مبادراته.
ويظهر تقرير "الديون الدولية" الصادر عن البنك الدولي في العام الماضي 2022 أن حجم الديون الخارجية لليمن بلغت حوالي 7.6 مليارات دولار، في عام 2021، ومثلت حوالي 40% من الناتج المحلي الإجمالي.
ويقول الخبير الاقتصادي محمد الحميري، أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء، لـ"العربي الجديد"، إن هناك تدهوراً كبيراً في الاقتصاد اليمني بالتوازي مع أزمة إنسانية هي الأكبر على مستوى العالم، في حين تعتمد معظم البرامج والخطط التمويلية للاحتياجات التنموية والإنسانية على الدعم الخارجي والمنح والقروض، لذا فإن هناك مشكلة كبيرة في هذا الجانب مع تدهور الأوضاع في البلاد التي فقدت موردها الوحيد لتمويل الموازنة العامة وبرامجها التشغيلية مع توقف تصدير النفط، ووصولها إلى مرحلة تتطلب إعادة ترتيب العلاقة مع مجتمع المانحين والجهات التمويلية والمقرضة، والتي من أهمها صندوق النقدي والبنك الدوليان.
في السياق نفسه، دعت الحكومة اليمنية المؤسسات المالية الإقليمية للتفاعل مع الأحداث وتقديم مبادرات خاصة تستجيب للأزمات في المنطقة، وتكون مواكبة للأحداث ومكملة لمبادرات المنظمات المالية الدولية.
وأدى الصراع في اليمن إلى أزمة اقتصادية وإنسانية حادة في البلاد التي تعاني من أزمات مزمنة منذ ما قبل الحرب وتصاعد الصراع، إذ تعتبر واحداً من أفقر البلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال فريقيا.
وتبين التقديرات انخفاض الناتج المحلي الإجمالي لليمن إلى النصف منذ بداية الصراع، في حين تشير إلى أن 28 مليون شخص قد تضرروا من الصراع، بينهم 23.4 مليون شخص بحاجة إلى المساعدة، بينما يعاني أكثر من 17 مليونا من انعدام الغذائي الحاد.
وتترتب على الديون بشكل عام مخاطر جسيمة على الاقتصاد والمجتمع في حال تراكمها بصورة متهورة وزادت أعباؤها عن المستوى الآمن والمستدام. في المقابل، ألقت الحرب والصراع بتبعات كارثية على اليمن مع تراكم الديون وأعبائها وتحولها إلى حمل ثقيل على الاقتصاد الوطني.
ويرى الخبير الاقتصادي مطهر العباسي، وهو مسؤول سابق في الحكومة اليمنية، في حديثة لـ"العربي الجديد"، أن التمويلات الخارجية والقروض تتم وفقًا لاتفاقيات مبرمة بين الحكومة والجهة المقرضة وتكون ملزمة للمقترض بالوفاء بسداد أقساط الدين وفوائده، والتخلف عن السداد يجعل البلاد في حالة أزمة مديونية وتوقف المقرضين عن التمويل، وبالتالي تعثر مشاريع التنمية، ودخول البلاد في حلقة مفرغة تؤدي إلى اتساع رقعة البطالة والفقر وعدم الاستقرار، وتفاقم الأزمات الإنسانية والغذائية.
وبسبب اندلاع الحرب في عام 2015، توقفت اليمن عن سداد أقساط الديون وفوائدها، كما تجمدت السحوبات من القروض الجارية، حيث إن معظم الجهات المانحة أوقفت القروض المتوافق عليها، واستبدلتها بتقديم منح لتمويل برامج ومشاريع الإغاثة الإنسانية وتحسين سبل العيش، كما حدث مع البنك الدولي.
وتتسم معظم الديون الخارجية لليمن بأنها ميسرة وطويلة الأجل، وتشكل قرابة 80% من إجمالي الديون.
كما أصبحت القروض الخارجية بسبب الحرب وتصاعد الصراع في اليمن عبئاً كبيرا على كاهل الموارد المالية المتاحة للاقتصاد اليمني، حيث تزايدت بمقدار 3 أضعاف في مناطق سيطرة سلطة صنعاء، ونحو 6 أضعاف في مناطق إدارة الحكومة المعترف بها دولياً.
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: صندوق النقد
إقرأ أيضاً:
الأسواق الأوروبية تنتعش بعد رفع ألمانيا قيود حول الديون لزيادة الإنفاق الدفاعي
مارس 5, 2025آخر تحديث: مارس 5, 2025
المستقلة/- ارتفعت الأسواق المالية الأوروبية بشكل حاد وارتفعت تكاليف الاقتراض الألمانية بعد أن أعلن القادة المحتملون للبلاد عن صفقة تاريخية لتخفيف قاعدة “فرملة الديون” لتعزيز الإنفاق على الدفاع.
ارتفع العائد على سندات الحكومة الألمانية لمدة 30 عامًا بنحو 25 نقطة أساس إلى 3.08٪ في أكبر زيادة يومية منذ أكتوبر 1998.
ارتفع مؤشر داكس 30، الذي يتتبع أكبر الشركات الألمانية، بنسبة 3.6٪، مدعومًا بالأسهم الصناعية. كما قفزت أسعار الأسهم في لندن وباريس وميلانو وسط آمال المستثمرين في أن تؤدي الزيادة الهائلة في الإنفاق الأوروبي على الدفاع والبنية التحتية إلى تنشيط الاقتصاد المريض في المنطقة.
ارتفعت أسهم الدفاع بشكل حاد في الأسابيع الأخيرة مع تدافع زعماء العالم لجمع التمويل لزيادة هائلة في الإنفاق العسكري وسط مخاوف متزايدة بشأن التزام دونالد ترامب بالأمن الأوروبي.
وقد حدد الاتحاد الأوروبي خطة يوم الثلاثاء لإطلاق ما يقرب من 800 مليار يورو للإنفاق الدفاعي، بينما قالت حكومة المملكة المتحدة الأسبوع الماضي إنها سترفع إنفاقها من 2.3٪ من الناتج المحلي الإجمالي إلى 2.5٪ بحلول عام 2027، قبل عامين من المخطط له، بقيمة 6 مليارات جنيه إسترليني إضافية سنويًا.
ارتفعت أسهم شركة راينميتال، الشركة الألمانية لتصنيع السيارات والأسلحة، بنسبة 7.2٪ يوم الأربعاء وارتفعت بنسبة 99٪ هذا العام. ارتفعت شركة بي ايه اي سيستمز البريطانية بنسبة 41٪ حتى الآن هذا العام، وارتفعت شركة لبوناردو الإيطالية بنسبة 73٪ وارتفعت شركة ثاليس المدرجة في باريس بنسبة 78٪.
ارتفع اليورو بنسبة 1.5٪ مقابل الدولار الأمريكي إلى حوالي 1.08 يورو. كما ارتفع الجنيه الإسترليني مقابل الدولار في يوم من التحركات الدرامية في الأسواق، حيث تفاعل المستثمرون أيضًا مع وزير التجارة الأمريكي، هوارد لوتنيك، الذي أشار إلى أنه “من المحتمل” التوصل إلى اتفاق لتهدئة حرب ترامب التجارية مع كندا والمكسيك.
وقال بعض المحللين إن هناك خطرًا يتمثل في فقدان الدولار لوضعه “كملاذ آمن” بين المستثمرين العالميين مع اهتزاز حروب ترامب التجارية لأكبر اقتصاد في العالم. وقال جورج سارافيلوس، رئيس أبحاث العملات العالمية في دويتشه بنك: “إن سرعة وحجم التحولات العالمية سريعان للغاية لدرجة أنه يجب الاعتراف بهذا كاحتمال”.
في تغيير جذري للسياسة الاقتصادية بعد سنوات من التمسك بقواعد صارمة بشأن الديون الحكومية، قال المستشار الألماني المنتظر فريدريش ميرز يوم الثلاثاء إن الإنفاق الدفاعي الذي يتجاوز 1٪ من الناتج المحلي الإجمالي سيكون معفيًا من قاعدة الديون في البلاد.
بالاتفاق مع الديمقراطيين الاجتماعيين من يسار الوسط، الذين من المتوقع أن يشكلوا ائتلافًا مع الاتحاد الديمقراطي المسيحي بزعامة ميرز، تتضمن الخطة أيضًا إنشاء صندوق بقيمة 500 مليار يورو لتمويل الإنفاق على البنية التحتية في ألمانيا على مدى السنوات العشر المقبلة.
ردًا على ذلك، سجلت أكبر شركات البناء والهندسة في ألمانيا مكاسب حادة في الأسهم يوم الأربعاء. قفزت شركة صناعة الأسمنت هايدلبرج ماتيريالز بنسبة 17٪، وقفزت شركة الخدمات الصناعية بيلفينجر بنسبة 18٪، وتقدمت مجموعة البناء هوختيف بنسبة 15.5٪. ارتفعت شركة الهندسة والصلب تيسين كروب بنسبة 13.4٪.
وفي إشارة إلى كلمات ماريو دراجي، رئيس البنك المركزي الأوروبي السابق أثناء أزمة الديون في منطقة اليورو، قال ميرز إن ألمانيا ستفعل “كل ما يلزم” فيما يتصل بالدفاع. وتحت ضغط زيادة الإنفاق على الدفاع من 2.1% من الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي، قال محللون في مورجان ستانلي إن الحجم الإجمالي للخطة الألمانية قد يصل إلى أكثر من تريليون يورو.
ووصف خبراء الاقتصاد في دويتشه بنك الصفقة بأنها “واحدة من أكثر التحولات النموذجية التاريخية في تاريخ ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية”، وسوف تعمل الصفقة فعليًا على تهميش مكابح الديون الدستورية للإنفاق على الدفاع.
وقد قدمت أنجيلا ميركل في عام 2009 بعد الأزمة المالية، القاعدة، التي غالبًا ما تقيد الاقتراض الفيدرالي السنوي بنسبة 0.35٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وكانت رمزية للنهج الصارم الذي تنتهجه ألمانيا تجاه سياسة الضرائب والإنفاق.
وقال محللون إن تهميش القاعدة سيكون بمثابة تغيير كبير لاقتصاد البلاد وسط تحديات كبيرة من انهيار الناتج الصناعي، الذي أضعفه ضعف الطلب والمنافسة من مصنعي السيارات الكهربائية الصينيين.
كتب محللون في بنك أوف أميركا في مذكرة للعملاء: “كانت ألمانيا تواجه مسار نمو محتمل يتجه نحو الصِفر على مدى السنوات القادمة. [تعزيز الدفاع والبنية الأساسية] يدفع آفاق النمو إلى ما يقرب من 1.5-2٪ لعام 2027 فصاعدًا”.
حزمة التحفيز المدعومة بالديون تأتي بتكلفة، وهو ما ينعكس في ارتفاع عائدات السندات لأجل عشر سنوات إلى ما يقرب من 2.7%. ومع ذلك، تظل تكاليف الاقتراض في ألمانيا أقل بكثير من نظيراتها في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، حيث تجاوزت العائدات 4%.