تنسيق أردني مصري عال: لكن أين الطحين؟
تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT
تنسيق أردني مصري عال: لكن أين الطحين؟
الأردن ينظر إلى التهجير كإعلان حرب، إلا أننا للآن لم نلمس خطة واضحة لمنع هذا الأمر.
اليوم وجدت عمّان والقاهرة نفسيهما في خندق جديد، ليصل التنسيق بين الطرفين ذروته فيما يتعلق بملف الحرب على غزة.
التهجير يقلق الأردن ومصر أي أننا أمام سيناريو حقيقي وليس افتراضيا، وهذا يفرض تحديات كبيرة ليس فقط على القيادات السياسية، بل على شعبي الأردن ومصر.
هناك قرار إسرائيلي أمريكي غربي بتصفية حماس والجهاد وإنهاء قوتهما بغزة، مما يتطلب إخلاء غزة من المدنيين حتى يتسنى للجيش الصهيوني شن عدوان بري كبير.
تصريحات السيسي لم تكن موفقة، ولا يجوز لزعيم أن يقع في "مطب" كهذا، وهذا إرباك يجعلنا في الأردن نتخوف من الموقف الرسمي المصري، الذي لم يكن حاسما بما يكفي.
* * *
لا يخفى أن العلاقات توثقت بين عمّان والقاهرة عقب الانقلاب العسكري ضد الرئيس الراحل محمد مرسي، واستمرت تلك العلاقات بالتنامي ووصلت إلى مراحل متقدمة قبل ثلاث سنوات بتشكيل مجلس التنسيق العراقي الأردني المصري.
اليوم وجدت عمّان والقاهرة نفسيهما في خندق جديد، ليصل التنسيق بين الطرفين ذروته فيما يتعلق بملف الحرب على غزة.
لم أعهد على الدبلوماسية الأردنية، بحسب علمي، أن تحدثت باسم دولة أخرى، لكن هذا ما حدث في الأزمة الأخيرة إذ صرح الملك عبد الله الثاني في مؤتمر صحفي مع المستشار الألماني: "لا لاجئين في الأردن، ولا لاجئين في مصر".
ذات الأمر تحدث عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي قال بصراحة إن تهجير الفلسطينيين إلى سيناء يعني ببساطة تهجير الفلسطينيين من الضفة إلى الأردن.
يبدو أن مسألة التهجير باتت تقلق الجانبين الأردني والمصري، ما يعني أننا اليوم أمام سيناريو حقيقي وليس افتراضيا، وهذا يفرض تحديات كبيرة ليس فقط على القيادات السياسية، بل على الشعبين الأردني والمصري.
تصريحات السيسي ربما كشفت ما يدور حول الكواليس في موضوع غزة، وخلاصتها أن هناك قرارا إسرائيليا أمريكيا غربيا قد اتخذ بتصفية حماس والجهاد وإنهاء قوتهما في غزة، وهذا قد يتطلب إخلاء غزة من المدنيين حتى يتسنى للجيش الصهيوني الدخول وشن عدوان بري كبير.
لكن السؤال المعلق هو: وماذا بعد؟ هذا السؤال يتعامل معه الجميع على افتراض أن نتيجة المعركة محسومة لصالح جيش الكيان الصهيوني.
تصريحات السيسي فهم منها البعض أنه ليس لدى مصر مانع من تصفية المقاومة الفلسطينية، كما ليس لديها مانع من تهيئة الظروف على الأرض لذلك عبر التهجير القسري لكن ليس إلى مصر.
فيما فهم منها آخرون أن السيسي إنما يدلل على استحالة هذا الأمر وأنه إذا كان ولا بد فليعودوا إلى ديارهم الأصلية (هناك جزء كبير من أهالي غزة هم من بئر السبع).
على أي الأحول فإن تصريحات السيسي لم تكن موفقة، ولا يجوز لزعيم أن يقع في "مطب" كهذا، وهذا الإرباك يجعلنا في الأردن نتخوف من الموقف الرسمي المصري، الذي لم يكن حاسما بما فيه الكفاية، وربط المسألة بأن نقل الفلسطينيين إلى سيناء سوف ينقل مكان المعركة فقط ما قد يورط مصر في صراع مع الكيان الصهيوني.
لنكن واضحين فإن إزاحة المقاومة من غزة سيسهّل عمليات التهجير لا سيوقفها، وسيضعف مقاومة الناس هناك ضد فيروس التهجير ولا يزيدها.
ومع التنسيق العالي بين الأردن ومصر ومواقفهما العلنية الصريحة والواضحة تجاه رفض التهجير، ومع تصريحات رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة في مجلس النواب حول ذات الملف، ومع تصريحات وزير الخارجية أيمن الصفدي من أن الأردن ينظر إلى التهجير كإعلان حرب، إلا أننا للآن لم نلمس خطة واضحة لمنع هذا الأمر.
نشعر بالتصريحات ترن في آذاننا، لكننا نريد أن نرى خطة إجرائية على الأرض بأدوات وأهداف ومراحل زمنية لتصبح التصريحات حقيقة واقعة، وما يحدث حتى الآن في غزة يعني أن خطة التهجير تسير دون معوقات.
باختصار: جيد أن نسمع جعجعة المطحنة لكننا بانتظار الطحين يا سادة.
*عبد الله المجالي كاتب صحفي أردني
المصدر | السبيلالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الأردن مصر تهجير غزة سيناء طوفان الأقصى الكيان الصهيوني تصريحات السيسي الحرب على غزة تصریحات السیسی
إقرأ أيضاً:
رايتس ووتش تؤكد ارتكاب الإبادة الجماعية في غزة.. لا سبب يبرر التهجير
أكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن الاحتلال الإسرائيلي تسبب في عمليات نزوح قسري واسعة النطاق ومتعمدة للمدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وهو مسؤول عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وقالت المنظمة في تقرير نشرته المنظمة الخميس، امتد غللا 154 صفحة بعنوان "يائسون، جائعون، ومحاصرون: تهجير إسرائيل القسري للفلسطينيين في غزة": إن سلوك السلطات الإسرائيلية أدى إلى نزوح أكثر من 90 بالمئة من سكان غزة (1.9 مليون فلسطيني) وإلى تدمير واسع النطاق لأجزاء كبيرة من غزة على مدار الأشهر الـ13 الماضية.
وأضافت أن "القوات الإسرائيلية نفّذت عمليات هدم متعمدة ومنظمة للمنازل والبنية التحتية المدنية، بما في ذلك في المناطق حيث يُفترض أنها تهدف إلى إنشاء "مناطق عازلة" و"ممرات" أمنية، والتي من المرجح أن يتم تهجير الفلسطينيين منها بشكل دائم. خلافا لادعاءات المسؤولين الإسرائيليين، لا تمتثل أفعالهم لقوانين الحرب".
ونقلت عن نادية هاردمان، الباحثة في قسم حقوق اللاجئين والمهاجرين في المنظمة، قولها: "لا يمكن للحكومة الإسرائيلية أن تدعي أنها تحافظ على أمن الفلسطينيين عندما تقتلهم على طول طرق الهروب، وتقصف ما تسميه بـ 'مناطق آمنة'، وتقطع عنهم الطعام والمياه والصرف الصحي. انتهكت إسرائيل بشكل صارخ التزامها بضمان عودة الفلسطينيين إلى ديارهم، حيث هدمت كل شيء تقريبا في مناطق واسعة".
إسرائيل ترتكب جرائم ضد الإنسانية في غزة https://t.co/OuqvhDWTsO — هيومن رايتس ووتش (@hrw_ar) November 14, 2024
وقابلت المنظمة "39 نازحا فلسطينيا في غزة وحللت نظام الإخلاء الإسرائيلي، بما في ذلك 184 أمر إخلاء وصور الأقمار الصناعية التي تؤكد الدمار واسع النطاق، وتحققت من فيديوهات وصور لهجمات على المناطق المحددة على أنها آمنة وطرق الإجلاء".
وشددت على أن "قوانين النزاع المسلح التي تنطبق على الأراضي المحتلة لا تُجيز تهجير المدنيين إلا بشكل استثنائي، لأسباب عسكرية قاهرة أو لأمن السكان، وتتطلب ضمانات وأماكن إقامة مناسبة لاستقبال المدنيين النازحين".
وأشارت إلى أن المسؤولين الإسرائيليين يزعمون أنه "نظرا لأن الجماعات الفلسطينية المسلحة تقاتل من بين السكان المدنيين، فإن الجيش الإسرائيلي قد قام بإجلاء المدنيين بشكل قانوني لمهاجمة هذه الجماعات مع الحد من الأضرار التي تلحق بالمدنيين"، بينما تُظهر أبحاث هيومن رايتس ووتش أن هذا الادعاء خاطئ.
وأكدت أنه "ليس هناك سبب عسكري قهري معقول لتبرير التهجير الجماعي الذي قامت به إسرائيل لجميع سكان غزة تقريبا، وغالبا ما تم ذلك عدة مرات"، حيث ألحق نظام الإجلاء الإسرائيلي ضررا بالغا بالسكان، وغالبا ما كان هدفه بث الخوف والقلق فقط، وبدلا من ضمان الأمن للمدنيين النازحين، ضربت القوات الإسرائيلية مرارا وتكرارا طرق الإجلاء والمناطق الآمنة المحددة.
واوضحت أن "أوامر الإخلاء كانت غير متسقة وغير دقيقة وفي كثير من الأحيان لم يتم إبلاغ المدنيين بها قبل وقت كافٍ للسماح بعمليات الإخلاء أو لم يتم إبلاغهم بها على الإطلاق. لم تراعِ الأوامر احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة وغيرهم ممن لا يستطيعون المغادرة دون مساعدة".
وقالت المنظمة إن "إسرائيل بصفتها سلطة الاحتلال، تعتبر ملزمة بضمان توفير التسهيلات الكافية لإيواء المدنيين النازحين، لكن السلطات منعت وصول جميع المساعدات الإنسانية الضرورية والمياه والكهرباء والوقود إلى المدنيين المحتاجين في غزة، باستثناء جزء يسير منها. ألحقت الهجمات الإسرائيلية أضرارا ودمرت الموارد التي يحتاجها الناس للبقاء على قيد الحياة، بما في ذلك المستشفيات والمدارس والبنية التحتية للمياه والطاقة والمخابز والأراضي الزراعية".
وذكرت أن "إسرائيل ملزمة أيضا بضمان عودة النازحين إلى منازلهم بمجرد توقف الأعمال العدائية في المنطقة. لكنها بدلا من ذلك جعلت مساحات شاسعة من غزة غير صالحة للسكن، وهدم الجيش الإسرائيلي عمدا البنية التحتية المدنية أو ألحق بها أضرارا جسيمة، بما في ذلك عمليات هدم المنازل بشكل ممنهج، بهدف مفترض هو إنشاء "منطقة عازلة" ممتدة على طول حدود غزة مع إسرائيل وممر يقسم غزة. هذا التدمير الهائل يشير إلى نية تهجير العديد من السكان بشكل دائم".
وأكدت أن "على إسرائيل أن تحترم حق المدنيين الفلسطينيين في العودة إلى المناطق التي هجرتهم منها في غزة. منذ ما يقرب من ثمانية عقود، تنكرت السلطات الإسرائيلية لحق العودة لـ80 بالمئة من سكان غزة من اللاجئين وأحفادهم الذين طُردوا أو هربوا عام 1948 مما يُعرف الآن بإسرائيل، فيما يسميه الفلسطينيون "النكبة". تتشابك الانتهاكات الجارية مع تاريخ الفلسطينيين في غزة، حيث يقول العديد ممّن قابلناهم إنهم يعيشون نكبة ثانية".
ومنذ الأيام الأولى للعدوان، أعلن كبار المسؤولين في حكومة الاحتلال ومجلس شؤون الحرب عن نيتهم تهجير السكان الفلسطينيين في غزة، حيث صرح وزراء الحكومة بأن أراضي القطاع ستتقلص وأن نسف غزة وتدميرها بالكامل "أمر رائع"، وأن الأراضي ستُمنح للمستوطنين، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، قال وزير الزراعة والأمن الغذائي آفي ديختر: "نحن الآن بصدد تنفيذ نكبة غزة".
ووجدت هيومن رايتس ووتش أن التهجير القسري كان واسع النطاق، وتُظهر الأدلة أنه كان منهجيا وجزءا من السياسة الإسرائيلية الرسمية، وتُشكل هذه الأعمال أيضا جريمة ضد الإنسانية.
من المرجح أن يكون التهجير المنظم والعنيف الذي تقوم به السلطات الإسرائيلية للفلسطينيين في غزة، وهم مجموعة عرقية مختلفة، مخططا له بأن يكون دائما في المناطق العازلة والممرات الأمنية. ترقى هذه الأعمال التي تقوم بها السلطات الإسرائيلية إلى التطهير العرقي.
واجه ضحايا الانتهاكات الجسيمة في إسرائيل وفلسطين جدارا من الإفلات من العقاب لعقود من الزمن. يعيش الفلسطينيون في غزة في ظل حصار غير قانوني منذ 17 عاما، وهو ما يشكل جزءا من الجرائم ضد الإنسانية المستمرة، المتمثلة في الفصل العنصري والاضطهاد، التي ترتكبها السلطات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين.
ودعت المنظمة حكومات العالم إلى "الإدانة العلنية للتهجير القسري الذي تُمارسه إسرائيل بحق المدنيين في غزة باعتباره جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، وعليها الضغط على إسرائيل لوقف هذه الجرائم فورا والامتثال للأوامر الملزمة المتعددة الصادرة عن محكمة العدل الدولية والالتزامات المنصوص عليها في رأيها الاستشاري الصادر في تموز/ يوليو".
وقالت إن "على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أن يُحقق في تهجير إسرائيل للفلسطينيين ومنعهم من ممارسة حقهم في العودة، باعتباره جريمة ضد الإنسانية. ينبغي للحكومات أيضا أن تدين علنا الجهود الرامية إلى ترهيب مسؤولي المحكمة والمتعاونين معها والتدخل في عملها".
وأضافت "ينبغي لحكومات العالم أن تتبنى عقوبات محددة الأهداف وغيرها من التدابير، بما في ذلك مراجعة اتفاقياتها الثنائية مع إسرائيل، للضغط على الحكومة الإسرائيلية للامتثال لالتزاماتها الدولية بحماية المدنيين".
وأكدت "على الولايات المتحدة وألمانيا ودول أخرى أن تُعلّق على الفور عمليات نقل الأسلحة والمساعدات العسكرية إلى إسرائيل، والاستمرار في تزويد إسرائيل بالأسلحة يعرضها لخطر التواطؤ في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وغيرها من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان".