كتب طوني عطية في" نداء الوطن"؛ يعود وجود المسيحيين في فلسطين إلى الزّمن الميلادي الأول مع انطلاق البشارة المسيحية في مهدها إلى جميع الأمم. وأسست كنيستها الأولى في غزّة حوالى عام 250 م. ثمّ أخذت تنمو وتتوسّع مع القدّيس برفيريوس (الذي تحمل الكنيسة المُستهدفة إسمه ولا يزال قبره فيها حتّى اليوم)، في القرن الرابع، حتّى أطلق الفيلسوف المسيحي إينيس من غزّة على مسقط رأسه: «أثينة آسيا».
أمّا التواصل معهم، فيشير بدر إلى أنّه «مرهون بالتيّار الكهربائي لشحن هواتفهم الخلوية». تضمّ كنيسة اللاتين، راهبات مرسلات المحبة للقديسة تيريزا أو كما يسمّونهنّ «ملائكة غزّة»، فهنّ نعمة كبيرة للقطاع والمجتمع الفلسطيني ولكل المسيحيين والمسلمين. وصلن إلى غزّة قبل خمسين عاماً (شباط 1973). ويُدرن ملجأ للمسنين والمرضى ويهتمّون بمساعدة الفقراء والذين فقدوا منازلهم وممتلكاتهم. في غزّة أيضاً راهبات الوردية المقدّسة، القيّمات على أكبر مدارس القطاع الخاصّة في حيّ تلّ الهوى (وسط المدينة)، حيث كانت تستقبل ما يقارب الـ2000 طالب، معظمهم من الغزّاويين المسلمين، مقابل 180 تلميذاً مسيحيّاً. يقدّمن خدمتهن من دون تفرقة. صحيح أن وجودهنّ العددي ضئيل جدّاً، لكن حضورهن ودورهنّ الثقافي والإجتماعي والإنساني، يتخطّى واقعهنّ الضعيف. وأوضح الأب بدر أنه «عندما تلقّت الكنائس إنذارات بالإخلاء، حالت الظروف والإمكانيات دون ذلك. إلى أين سيتوجّهون؟ وكيف سيتمكنون من نقل المرضى والمسنّين؟». علاقتهم مع «حماس»أمّا في العلاقة مع حركة «حماس»، فأشار بدر إلى أنّ نيافة البطريرك لرعية اللاتين سابقاً ميشال صبّاح كان قد لعب دوراً مهمّاً في محاولة توحيد الصفّ الفلسطيني، لا سيما بين حركتي «حماس» و»فتح». وقد التقى أكثر من مرّة في غزّة زعيم ومؤسّس «حماس» الشيخ أحمد ياسين الذي اغتيل من قبل إسرائيل عام 2004، لتعزيز التقارب بين الغزّاويين من مسلمين ومسيحيّين. كما أن الأب مانويل مسلّم (راعي كنيسة اللاتين في غزّة سابقاً) قد خدم لمدّة 20 عاماً ونسج وفق تحديد وتشديد بدر «علاقات إنسانيّة» مع حماس. تجدر الإشارة إلى أن مسلّم (85 عاماً)، قد دعا قبل أسبوع في رسالة مصوّرة، الفلسطينيين في غزة «للصمود على كل شبر من الأرض»، قائلاً إن «قصفوا منازلكم فاحذروا أن يقصفوا إرادتكم وشجاعتكم. إن رحل بيتكم بالهدم فلا ترحلوا أنتم، اليوم يوم التحرير وقهر الغزاة».
أضاف: «إن رحلت أنت فعودتك ستكون شبه مستحيلة... إن حيينا أو متنا فللرب والقدس وفلسطين وشعبنا نموت أو نحيا».في المقابل، تشير مصادر كنسية أخرى إلى أن «تقلّص الحضور المسيحي في غزّة تتحمّل «حماس» مسؤوليته أيضاً، فالحركة التي سيطرت على القطاع قد أرست حكماً إسلاميّاً، وتعرّض المسيحيون في بعض الأوقات لمضايقات، خصوصاً مع ظهور بعض الجماعات السلفية داخل القطاع، واستهدافها مؤسسات مسيحية بالحرق أو التفجير عامي 2007 و2009. كما عانوا من تهميش وتمييز في توزيع فرص العمل بشكل عادل. فالضغط النفسي والواقع الإقتصادي والعدوان الإسرائيلي ساهمت في هجرة المسيحيين». أما في الضفة الغربية، فيقول المصدر إنّ «واقعهم أحسن حالاً، ولم يعانوا مضايقات أو تعدّيات كثيرة، لا سيما أن «فتح» كانت تضمّ قيادات مسيحية سياسية وعسكرية، ما عكس تعايشاً أفضل بين مكوّنات الشعب الفلسطيني في الضفّة».
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: إلى أن
إقرأ أيضاً:
سفير الاحتلال الجديد في واشنطن يشن هجوما ويطالب بتهجير الفلسطينيين
عقد سفير الاحتلال الإسرائيلي الجديد لدى الولايات المتحدة يحيئيل لايتر، إحاطة لقادة اليهود في أمريكا، عبر تطبيق "زووم" أواخر كانون الثاني/ يناير الماضي، وعرض عقيدته كممثل لتل أبيب في واشنطن.
يعكوب ماغيد الكاتب في موقع "زمن إسرائيل"، نقل عن لايتر "اتهامه لمصر بانتهاك اتفاق السلام، واستغلال محنة الفلسطينيين الساعين للفرار من غزة، والانخراط بمناورة مزدوجة لصالح حماس، وأتت كلماته قاسية ضد مصر ورئيسها، وغير عادية، خاصة منذ اندلاع حرب غزة، رغم محاولة تل أبيب الحفاظ على علاقات طبيعية معها (..)".
وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21" أن "مصر رفضت التوجه الاسرائيلي بشكل قاطع، وظلت على موقفها في الأسابيع الأخيرة، عندما عزز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دعمه للفكرة كجزء من خطته للسيطرة على غزة، وطلبت من تل أبيب ضمانات بأن أي فلسطيني يغادر القطاع سيُسمح له بالعودة، لكنها لم تحصل عليها، ما أدى لتفاقم توتراتهما الاستراتيجية".
وزعم أن "مصر تبني قواعد لا يمكن استخدامها إلا للعمليات العسكرية، وتضع فيها أسلحة هجومية، وهذا انتهاك واضح، هذه قضية سنثيرها قريبًا جدًا، وبحسم شديد، لأن الصور الملتقطة في الأسابيع الأخيرة من سيناء تُظهر حشدًا هائلاً للقوات العسكرية والدبابات، في إشارة لاستياء القاهرة من استمرار السيطرة الإسرائيلية على ممرّ فيلادلفيا بين غزة ومصر"، لكنه ادعى أن "الأخيرة ستكون على استعداد للتعاون مع تل أبيب ضد حماس إذا نجحت في هزيمة الحركة في غزة تمامًا".
سُئل ليتر عما "تواجهه إسرائيل من صعوبة في التخطيط لإدارة غزة بعد الحرب، وهي القضية التي أثارت انتقادات واسعة النطاق في تل أبيب، بزعم أنها فشلت بالترويج لبديل حقيقي لحماس، ما سمح لها بملء الفراغ الذي نشأ عندما انسحب الجيش الإسرائيلي من مراكز القتال في القطاع بشكل متكرر، مردّدا حجّة نتنياهو القائلة بأنه لا جدوى من التخطيط لمستقبل غزة حتى يتم القضاء على حماس، حيث لن تكون أي جهة حكومية أخرى على استعداد لدخول القطاع قبل ذلك".
وتوقع ليتر أن "تكون مصر جزءًا من جهود الإدارة في غزة، بجانب السعودية والإمارات العربية المتحدة، رغم أنها اشترطت مرارًا وتكرارًا مشاركتها بالسماح للسلطة الفلسطينية في غزة، وتأكيد حلّ الدولتين، وهو ما ترفضه تل أبيب"، لكن ليتر أصرّ على استمرار مناقشات "اليوم التالي" في غزة، زاعما أن الطريقة الوحيدة لنجاحها هي عدم التحدث عنها علنا.
تهجير الفلسطينيين
وقال ليتر إننا "بحاجة لمنطقة عازلة واسعة، والتفكير خارج الصندوق، وخلق وضع يعيش فيه الفلسطينيون بكرامة وإحساس بقيمة الذات"، في إشارة لدعوة ترامب لتهجير سكان غزة لمصر والأردن ودول أخرى.
وأضاف أنه "من غير المعقول أن مصر لن تفكر حتى بإمكانية استيعاب بعضهم، على الأقل مؤقتًا، لأن أفراد عائلة السيسي يديرون وكالة سفر فرضت على عشرات آلاف من الفلسطينيين عشرات آلاف الدولارات للخروج من القطاع عبر مصر، وخرج مئة ألف منهم".
وطالب بفتح الحدود مؤقتًا للسماح بخروج من يريدون مغادرة قطاع غزة، موجها انتقادا إلى تركيا، وقال إنها أصبحت "معادية لفظيا" تجاه تل أبيب، وسمحت لقادة حماس بالعمل من أراضيها، إلى جانب تمويل منظمات تعمل على تأجيج التوترات في المسجد الأقصى.
ولفت إلى أن التطبيع مع السعودية على وشك التوصل إليه، مضيفا أن "هزيمة حماس في غزة قد تعزز هذه الخطوة، لكن انسحاب الولايات المتحدة من الشرق الأوسط يعقد الأمر قليلا، لأنه يفقد حلفاءها في الخليج ضمانة أمنهم".
وعندما سُئل عن وجود الاحتلال بالضفة الغربية، قال ليتر إنه "أصبح أقل إثارة للجدل من ذي قبل، حيث يعيش 600 ألف مستوطن يهودي فيها، وهذا تعبير عن نجاح تل أبيب (..)".
وسبق أن أيّد ليتر ضم الضفة الغربية دون توضيح ما إذا كان سيتم منح الفلسطينيين الهوية الإسرائيلية، لكنه هذه المرة أوضح أنه "سواء كان حكما ذاتيا محليا أو خطة حكم ذاتي أوسع، فإننا لا نرى في رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس حلا"، على حد قوله.