يسأل الكثير من الناس عن حكم مطالبة الإنسان بحقه أجابت دار الافتاء المصرية وقالت أباح الشرع للإنسان أن يطالب بحقِّه، وأن يسعى للوصول إليه، سواء أكان محتاجًا له أم غير محتاج؛ خاصة إن عَلِمَ بمماطلة الغريم أو جحده في الوفاء بالحقِّ الذي للآخرين عليه، واستحسنتْ له التماس العذر والصبر عليه في حال إذا ثبت تعسره وعدم تعمد مماطلته.
فقد ورد عَنْ ابي هريرية اننَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَتَقَاضَاهُ؛ فَأَغْلَظَ؛ فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «دَعُوهُ، فَإِنَّ لِصَاحِبِ الحَقِّ مَقَالًا» أخرجه الشيخان في "صحيحيهما".
قال العلامة ابن الأثير في "الشافي في شرح مسند الشافعي" (4/ 153، ط. مكتبة الرشد): [قوله: "فإن لصاحب الحقِّ مقالًا" يعني: سعة في القول وتمكينًا من الكلام وبسطة في الإدلال] اهـ.
وقال الإمام أبو العباس القرطبي في "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" (4/ 509، ط. دار ابن كثير): [و(قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ لِصَاحِبِ الحَقِّ مَقَالًا») يعني به: صولة الطلب، وقوَّة الحجة، لكن على مَن يمطُل، أو يسيء المعاملة. وأما مَن أنصف مِن نفسه: فبذل ما عنده، واعتذر عما ليس عنده، فيقبل عذره، ولا تجوز الاستطالة عليه ولا كهره] اهـ. وكهره أي: انتهاره أو العبس في وجهه كما في "لسان العرب" للعلامة ابن منظور (5/ 145، ط. دار صادر).
وقال الإمام النووي في "شرحه على مسلم" (11/ 38، ط. دار إحياء التراث): [فيه: أنه يحتمل من صاحب الدين: الكلام المعتاد في المطالبة] اهـ. وممَّا سبق يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
مفهوم النداء لصلاتي الكسوف والخسوف.. الإفتاء توضح
قالت دار الإفتاء المصرية إن النداء للصلاة هو إعلام بوقت الصلاة المحدد، والأذان هو لغة الإعلام بدخول هذا الوقت؛ إذ قال الله تعالى: ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالحَجِّ﴾ [الحج: 27]، أي أعلمهم به.
وأوضحت الإفتاء أن الكسوف هو لغة كما جاء في "المجموع شرح المهذب" (5/ 37، ط. مطبعة المنيرية)-: [يقال: كَسَفت الشمس وكَسَف القمر -بفتح الكاف والسين وكُسِفا- بضم الكاف وكسر السين، وانكسفا وخَسَفا، وخُسِفَا وانخسفا، فهذه ست لغات في الشمس والقمر، ويقال: كَسَفت الشمس وخَسَف القمر، وقيل: الكسوف أوله والخسوف آخره فيهما، فهذه ثمان لغات، وقد جاءت اللغات الست في الصحيحين والأصح المشهور في كتب اللغة: أنهما مستعملان فيهما، والأشهر في ألسنة الفقهاء تخصيص الكسوف بالشمس والخسوف بالقمر، وادَّعى الجوهري في الصحاح أنه أفصح] اهـ.
بيان حكم الجماعة في صلاة الخسوف والكسوف والدليل عليهاوأضافت الإفتاء أنه يسن صلاة الخسوف والمستف جماعة، لما ورد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال في الحديث المتفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها: «إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَصَلُّوا»، فأمر بالصلاة لهما أمرًا واحدًا.
وعن ابن عباس، أنه صلى بأهل البصرة في خسوف القمر ركعتين، وقال: "إنما صليت لأني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي"، ولأنه أحد الكسوفين، فأشبه كسوف الشمس، ويسن فعلها جماعة وفرادى. ينظر: "المغني" لابن قدامة (2/ 142، ط. دار إحياء التراث العربي).
وقالت الإفتاء إن الأذان مشروع للصلوات المفروضة فقط بغير خلاف للإعلام بوقتها؛ لأنها مخصصة بوقت، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الذي يرويه البخاري ومسلم عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه: «إِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ»، فخصَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم الأذان بحضور الصلاة المكتوبة.
وبحسب الإفتاء فإنه لا يؤذن لصلاة الجنازة ولا للنوافل، ومما ورد في ذلك ما في مسلم عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: "صليت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم العيد غير مرة، ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة".
أما صلاة الكسوف والخسوف فإنه ينادى لها بـ"الصلاة جامعة"؛ لما جاء في "الصحيحين" من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: "لما كَسَفَتِ الشمس على عهد رسولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم، نُودِيَ: إِن الصلاةَ جامعة"، قال الإمام الشافعي في "الأم" (1/ 269، ط. دار المعرفة): [وأحب أن يأمر الإمام المؤذن أن يقول في الأعياد، وما جمع الناس من الصلاة: الصلاة جامعة] اهـ.