عربي21:
2024-11-08@19:59:07 GMT

تاريخ الكراهية الغربية للشعب الفلسطيني

تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT

لقد حشدت الحرب الفلسطينية الإسرائيلية القائمة دعما غربيا هائلا للإسرائيليين اليهود، مقرونا بدعوات للإبادة الجماعية لـ"القضاء" على الفلسطينيين صدرت من مختلف ألوان الطيف السياسي الغربي. حتى تلك الأصوات المتعاطفة مع الفلسطينيين لم تتوان عن إدانة انتفاضتهم ضد حراس السجن الإسرائيليين في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وسارعت إلى تبني الدعاية الإسرائيلية، بما في ذلك أكذوبة قطع رؤوس الأطفال والاغتصاب المزعوم، والتي دحضتها منذ ذلك الحين ذات وسائل الإعلام الغربية التي روجتها، بما في ذلك شبكة سي إن إن وصحيفة لوس أنجلوس تايمز، صاحبتا السبق في نشر هذه الافتراءات أصلا.

وقد تسببت حملة الكراهية الغربية العمياء للفلسطينيين وعشق إسرائيل اللا محدود في صدمة عند أغلب العرب، بمن فيهم أولئك الذين لطالما اعتبروا الغرب العدو الرئيس للشعب الفلسطيني.

لقد ظهر في العقود الأربعة الماضية تصور قوي بين المثقفين العرب الليبراليين والمؤيدين للغرب ورجال الأعمال والنخب السياسية بأن آراء الليبراليين الغربيين، وحتى بعض المحافظين منهم، تجاه الفلسطينيين قد تغيرت وأصبحت أقل عدائية. وهي القضية التي أمضيت الجزء الأكبر من العقود الثلاثة الماضية أقدم الحجة تلو الأخرى في كتاباتي لأبيّن زيفها ووهنها، وأن هذا التغيير في النظرة الغربية للفلسطينيين لم يزد عن كونه تعاطفا آنيا معهم كضحايا للمذابح فحسب، وبأنه لم يترجم مطلقا إلى دعم غربي لحق الفلسطينيين في مقاومة مستعمريهم الساديين، وبأن أي تعاطف مع الفلسطينيين كان مصحوبا دوما بالدعم الغربي اللا محدود لإسرائيل بغض النظر عن عدد الفلسطينيين الذين تقتلهم.

ظهر في العقود الأربعة الماضية تصور قوي بين المثقفين العرب الليبراليين والمؤيدين للغرب ورجال الأعمال والنخب السياسية بأن آراء الليبراليين الغربيين، وحتى بعض المحافظين منهم، تجاه الفلسطينيين قد تغيرت وأصبحت أقل عدائية. وهي القضية التي أمضيت الجزء الأكبر من العقود الثلاثة الماضية أقدم الحجة تلو الأخرى في كتاباتي لأبيّن زيفها ووهنها، وأن هذا التغيير في النظرة الغربية للفلسطينيين لم يزد عن كونه تعاطفا آنيا معهم كضحايا للمذابح فحسب، وبأنه لم يترجم مطلقا إلى دعم غربي لحق الفلسطينيين في مقاومة مستعمريهم
إن احتقار الغرب الأبيض للشعب الفلسطيني هو تقليد قديم راسخ يعود إلى القرن التاسع عشر، عندما قاوم الفلسطينيون المستوطنين المتعصبين البروتستانت الإنجيليين الأمريكيين والبريطانيين والألمان البيض الذين سعوا إلى إنشاء مستعمرات في فلسطين، وعندما رعى البريطانيون مشروعا لاعتناق اليهود الأوروبيين الديانة البروتستانتية وإرسالهم إلى فلسطين لاستعمارها.

وقد تبنى الصهاينة اليهود في أواخر القرن التاسع عشر وما بعده نفس هذا الازدراء تجاه الشعب الفلسطيني الذي سعوا إلى هزيمته وقتله وتشريده لتحقيق مشروعهم المتمثل في الاستعمار الاستيطاني للبلاد. وقد كان وعد بلفور البريطاني وعصبة الأمم، التي تبنت وعد بلفور بعد الحرب العالمية الأولى، قد اعتبرا الشعب الفلسطيني في أحسن الأحوال مصدر إزعاج وفي أسوئها قابلا للتخلص منه لغرض تأمين نقل اليهود الأوروبيين من أوروبا إلى فلسطين كمستعمرين.

وكان الازدراء العنصري الأوروبي والأمريكي للفلسطينيين قد نشأ كجزء من المواقف الاستعمارية البيضاء التقليدية تجاه الشعوب غير البيضاء قبل الحرب العالمية الثانية، فبعد الحرب العالمية الثانية وفي أعقاب الإبادة الجماعية المسيحية الأوروبية لليهود الأوروبيين، أصر الغرب المسيحي وحلفاؤه اليهود الصهاينة على أن الفلسطينيين هم من يجب أن يدفعوا فاتورة جرائم أوروبا المسيحية بتسليم وطنهم للصهاينة الغزاة.

وبعد أن طرد الصهاينة غالبية الفلسطينيين في عام 1948 من وطنهم، لم يعد الفلسطينيون الذين أمكن التخلص منهم يُعتبرون أكثر من "مشكلة اللاجئين العرب"، كما بدأت قرارات الأمم المتحدة بالإشارة إليهم، ومن ثم تم نسيانهم وإلقاؤهم في مزبلة التاريخ. لكن رغم ذلك، بدا أن وضع الفلسطينيين قد تغير على مدى العقود التالية وأن ديناميكية جديدة قد اخترقت المفاهيم الجامدة عن الفلسطينيين في الولايات المتحدة وأوروبا. فقد بدأ المعلقون وصانعو السياسات من مختلف ألوان الطيف السياسي الغربي في التعبير عن وجهات نظر تجاه الفلسطينيين لم يعبروا عنها من قبل.

لم تأت هذه التغييرات في توصيف الفلسطينيين في الغرب نتيجة إعادة ضبط الـ(لا)أخلاقيات الغربية، بل نتيجة الأحداث التي نقلت الشعب الفلسطيني إلى واجهة السياسة العالمية منذ منتصف الستينيات، وذلك بعد أن ظن الغرب أنه كان قد تخلص منهم نهائيا بعد عام 1948. وقد جاءت هذه التغييرات في الواقع نتيجة لثلاثة عوامل، بما فيها صعود حركة التحرير الفلسطينية التي بدأت بمهاجمة النظام الاستعماري الإسرائيلي للحصول على الاستقلال، والغزو الإسرائيلي الوحشي للبنان عام 1982 والمجازر التي تلته، والانتفاضة الفلسطينية الأولى (1987-1993). فقد شكّل كل حدث من هذه الأحداث نقطة تحول في وضع الفلسطينيين في الغرب.

فإذا كان الفلسطينيون قد أخفقوا في الظهور على الرادار الأخلاقي للغرب طوال العقدين اللذين أعقبا تخلص الغرب وإسرائيل منهم في عام 1948، فقد أدت العمليات الفدائية الفلسطينية المناهضة للاستعمار بين عامي 1968 و1981 إلى إيقاظ مشاعر الازدراء الغربية تجاه الفلسطينيين وإدانتهم بوصفهم إرهابيين وبرابرة، أو حتى كـ"حيوانات" تهاجم إسرائيل المسالمة، التي كانت ولا تزال تعتبر امتدادا للغرب الاستعماري.

ولكن بعد مذبحة صبرا وشاتيلا في أيلول/ سبتمبر 1982، تنوعت وجهات نظر المعلقين السياسيين الغربيين تجاه الفلسطينيين، وتراوحت ما بين من النقد المعادي والنقد والودي. وبدت المستويات المتباينة من العداء والود وكأنها تعكس اختلافات جوهرية فيما بين الطرفين، في حين أنهما في الواقع كانا يتشاركان في نفس الافتراضات الأساسية. فعلى سبيل المثال، عارض النقاد المعادون، مثل المعلق السياسي الأمريكي المحافظ جورج ويل، إقامة دولة فلسطينية وحق تقرير المصير للفلسطينيين، ودافعوا بشدة عما اعتبروه المصالح الإسرائيلية. ولكن، مع ذلك، فقد تمكن ويل من حشد بعض كلمات التعاطف مع الفلسطينيين بعد المذابح: "لقد أصبح لدى الفلسطينيين الآن مذبحة كمذبحة بابي يار، أو مذبحة ليديسي. لقد غيّرت مذبحة بيروت علم الجبر الأخلاقي للشرق الأوسط، ما أدى إلى إنتاج تناسق جديد للمعاناة" بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وفي أعقاب الانتفاضة الفلسطينية الأولى، التي كانت غير مسلحة إلى حد كبير، بدا المعلقون الغربيون متناقضين. فبينما أظهروا بعض التعاطف مع شعب أعزل يحارب الاستعمار، إلا أن سيف الإدانة كان جاهزا للإشهار كلما تعرّض جنود الاستعمار الإسرائيليين للخطر. وقد احتل الراحل أنتوني لويس، وكان في حينها كاتب عمود ليبراليا مرموقا في صحيفة نيويورك تايمز، الطرف المقابل من الطيف السياسي من جورج ويل، وقد قدم دعما مشروطا للحقوق الفلسطينية أثناء الانتفاضة.

فعلى الرغم من اعتراف لويس ببعض الحقوق الفلسطينية، إلا أنه قد طالب ياسر عرفات في عام 1990 بإدانة الهجوم الانتقامي الذي شنته جبهة التحرير الفلسطينية، وهي منظمة عضو في منظمة التحرير الفلسطينية، على شواطئ إسرائيل بالقرب من تل أبيب، والذي لم يسفر عن أي خسائر في صفوف الإسرائيليين، في حين لم  يقدم لويس مطلبا مماثلا لرئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إسحق شامير في أعقاب المذبحة التي ارتكبها مسلح إسرائيلي بحق 7 عمال فلسطينيين من غزة كانوا يقفون في محطة للحافلات في مستوطنة ريشون لتسيون قبل بضعة أيام من عملية جبهة التحرير، ولا بشأن ما تلا ذلك من مقتل 19 فلسطينيا، من بينهم طفل في الرابعة عشرة من عمره، وإصابة 700 آخرين برصاص جيش الاحتلال في الضفة الغربية.

ولعل الفارق الوحيد الواضح بين وجهة نظر لويس وغلاة مؤيدي إسرائيل إنما يتعلق بالقضية المتمثلة في تعرض الفلسطينيين للإيذاء الجسدي.. القتل والإصابات، والترحيل، والاعتقال، والتعذيب. فقد كان لويس يدعم الفلسطينيين بقدر ما كان الفلسطينيون ضحايا جسديين سلبيين، وأهدافا للعنف الإسرائيلي. لكن لم يتجاوز دعمه هذا الحد كثيرا، فعندما تولى الفلسطينيون دورا إيجابيا فاعلا، كانت الإدانة حاضرة، كما لو أنه قد جن جنونه بأن المفعول به قد تحول إلى فاعل. ولهذا السبب، عندما قاوم الفلسطينيون آنذاك أو يقاومون اليوم، يتم تصنيفهم على أنهم "همجيون" و"أشرار".

بدا هذا التناقض الغربي في التعامل مع الفلسطينيين، في نظر العديد من الفلسطينيين والعرب، رغم ضآلته وتواضع تعاطفه، بمثابة تحول واعد. وشعر المثقفون ورجال الأعمال والنخب السياسية الليبرالية الفلسطينية بأن هذا التناقض من شأنه أن يساعد في دفع النضال الفلسطيني إلى الأمام. لكن المشكلة في هذا الحماس الفلسطيني الليبرالي غير المبرر تكمن في عدم إدراك طبيعة هذا التناقض الغربي
هنا نبدأ في فهم تطور المواقف الغربية تجاه الفلسطينيين بعد عام 1948: بدءا من الازدراء التام والرفض في الفترة 1948-1968، والانتقال إلى الإدانة والعداء الشديد في الفترة 1968-1981، وإظهار بعض التعاطف مع الفلسطينيين كضحايا المجازر في الفترة 1982-1987، وأخيرا التعاطف والإدانة المتذبذبة في الفترة 1987-1993. أما في فترة ما بعد عام 1993، فقد غدا الموقف الغربي المتذبذب والمتناقض ما بين التعاطف والإدانة هو السائد.

بدا هذا التناقض الغربي في التعامل مع الفلسطينيين، في نظر العديد من الفلسطينيين والعرب، رغم ضآلته وتواضع تعاطفه، بمثابة تحول واعد. وشعر المثقفون ورجال الأعمال والنخب السياسية الليبرالية الفلسطينية بأن هذا التناقض من شأنه أن يساعد في دفع النضال الفلسطيني إلى الأمام.

لكن المشكلة في هذ الحماس الفلسطيني الليبرالي غير المبرر تكمن في عدم إدراك طبيعة هذا التناقض الغربي. ذلك أن القناعات الأساسية التي تحكم موقع الفلسطينيين في بوتقة الأخلاق الغربية ليست مستمدة مما يفعله الفلسطينيون أو لا يفعلونه، بل من طبيعة علاقة الفلسطينيين باليهود الأوروبيين.


إن مكانة اليهود الأوروبيين في الغرب هي التي تحكم كيفية رؤية الغربيين لليهود فيما يتعلق بفلسطين، وكيف يُنظر إلى اليهود الأوروبيين في العالم العربي، وخاصة من قبل الفلسطينيين. ففي حين يتم تصوير اليهود الأوروبيين في الغرب كلاجئين فارين من النازية والأهوال اللاحقة في أوروبا ما بعد المحرقة، وناجين من حرب الإبادة، وضحايا الالتزامات البريطانية تجاه العرب، فإن نظرة الفلسطينيين لليهود الأوروبيين نابعة من تجاربهم المباشرة. فبالنسبة إلى الفلسطينيين، لم يصل اليهود الأوروبيون كلاجئين، بل كغزاة، هدفهم الوحيد هو الاستيلاء على فلسطين بأي وسيلة ممكنة لتحقيق التطلعات الاستعمارية الصهيونية، التي بدأت قبل نصف قرن من صعود هتلر إلى السلطة. ولهذا السبب ينظر الفلسطينيون إلى اليهود الأوروبيين ليس باعتبارهم لاجئين عاجزين، بل كمستعمِرين مسلحين يرتكبون المجازر. هذا بالضبط ما أراد إدوارد سعيد أن ينقله في مقالته الكلاسيكية "الصهيونية من وجهة نظر ضحاياها".

وفي حين أن الكثير من العنف الإسرائيلي "يُفسَّر" في الغرب بوضع اليهود الأوروبيين قبل إقامة إسرائيل، فإن المقاومة الفلسطينية يُنظر إليها أيضا من خلال نفس وضع هؤلاء اليهود أنفسهم، وليس من خلال تاريخ الغزو الاستعماري الصهيوني لوطن الفلسطينيين. ويتم تقديم جرائم إسرائيل على أنها نابعة من وضع اليهود الذين وصلوا إلى شواطئ فلسطين بعد فرارهم من النظام النازي والمحرقة، ليواجهوا حملة عنيفة أخرى "معادية للسامية"، هذه المرة من قبل الفلسطينيين وغيرهم من عرب دول الجوار، الذين كانوا عازمين على طردهم من ملجئهم الأخير والوحيد. ومن ثم فإن العنف الذي تمارسه إسرائيل، مهما كان مؤسفا في بعض الأحيان، يُنظر إليه في واقع الأمر باعتباره دائما دفاعا عن النفس بطبيعته.

وفي السياق نفسه، يتم تفسير المقاومة الفلسطينية، السلمية أو العنيفة، والتي كانت ولا تزال دائما دفاعا عن النفس ضد المستعمرين الغزاة الأجانب، على أنها جزء من حملة "معادية للسامية" ضد اللاجئين اليهود وليس مقاومة للمستعمرين الصهاينة. ما يعنيه هذا هو أنه في حين أن بعض الغربيين قد يتعاطفون مع الفلسطينيين باعتبارهم ضحايا للقمع الإسرائيلي، فإنهم لا يتعاطفون مع أي شكل من أشكال المقاومة التي يتبناها الفلسطينيون التي يمكن أن تنجح في الإطاحة بالنظام الاستعماري والعنصري الإسرائيلي.

لقد أدى الزلزال الأخير الذي أحدثته عملية المقاومة الفلسطينية "طوفان الأقصى" إلى رِدة الغربيين من جميع المشارب السياسية إلى موقفهم الأساس، وهو الإدانة الصريحة لمقاومة الفلسطينيين من أهل البلاد ودعم مستعمريهم الأوروبيين الذين تم تصويرهم كضحايا، ليس لمقاومة السكان الأصليين الذين أخضعهم الصهاينة لنظام عنصري استعماري على الأقل منذ عام 1948، ولكن لعنف آخر على نمط المحرقة من قبل معادين للسامية يكرهون اليهود كيهود، على غرار النازيين.

والحقيقة أن المؤرخ الفلسطيني يزيد الصايغ المناهض لحماس، والذي كان قد وصف في كتابه عن تاريخ منظمة التحرير عمليات المقاومة التي قامت بها منظمة التحرير في الستينيات والسبعينيات بـ"الإرهابية" (حذف الناشر العربي وصف "الإرهابية" من الترجمة العربية للكتاب)، قد شارك في هذا الخطاب الغربي مؤخرا، إلى الحد الذي جعله يشبّه هجوم حماس الأخير، بحسب المجلة البريطانية الليبرالية "لندن ريفيو أوف بوكس"، بالمذبحة النازية بحق اليهود في عام 1938 المعروفة بـ"ليلة تحطيم الزجاج".

لا يرجع هذا الدعم الغربي لإسرائيل إلى الشعور بالرعب إزاء القتل المؤسف والمرعب دائما للمدنيين، بل لأن المدنيين الذين قضوا هم يهود إسرائيليون. ولم يسبق أن كان ثمة تعبير مماثل عن الرعب إزاء القتل الإسرائيلي المتعمد لعشرات الآلاف من الفلسطينيين وغيرهم من العرب. ويجادل الكثيرون اليوم بوجوب الانتقام من هذه الوقاحة "الإجرامية" من جانب المقاومة الفلسطينية عبر قصف جميع الفلسطينيين في غزة بالقنابل تماما كما تم قصف مدينة درزدن الألمانية في أواخر الحرب العالمية الثانية، وتحميل جميع الفلسطينيين المسؤولية عن جرأتهم على مقاومة إسرائيل، كما أكد الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ.

يجادل الكثيرون اليوم بوجوب الانتقام من هذه الوقاحة "الإجرامية" من جانب المقاومة الفلسطينية عبر قصف جميع الفلسطينيين في غزة بالقنابل تماما كما تم قصف مدينة درزدن الألمانية في أواخر الحرب العالمية الثانية، وتحميل جميع الفلسطينيين المسؤولية عن جرأتهم على مقاومة إسرائيل
في ضوء هذا التاريخ المشحون بالكراهية الغربية للشعب الفلسطيني فليس هناك ما يمكنه أن يشكل صدمة لأي شخص في العالم العربي. فقد ظلّ هذا التعصب والبغض الغربيان ثابتيْن منذ القرن التاسع عشر، أما أولئك العرب الذين أصيبوا بالصدمة فقد أساؤوا فهم بعض التعاطف الغربي مع الفلسطينيين باعتبارهم ضحايا للمذابح على أنه دعم للمقاومة الفلسطينية وللتحرير. كما أخفقوا في فهم أن أغلب الليبراليين الغربيين الذين يتعاطفون مع محنة الفلسطينيين باعتبارهم ضحايا للقمع الإسرائيلي نادرا ما يدافعون عن حقهم في الإطاحة بالنظام الاستعماري العنصري الذي أسسته إسرائيل منذ عام 1948. أما أولئك القلائل الذين يدافعون عن هذا الحق فإنهم يطالبون الفلسطينيين بالإطاحة بالفصل العنصري الاستعماري بالوسائل "السلمية"، ربما عن طريق إلقاء الزهور على الدبابات الإسرائيلية أو كتابة رسائل إلى الأمم المتحدة.

لقد كان التعبير عن التعاطف من قبل هؤلاء الغربيين، على أقصى تقدير، يأمل في تخفيف القمع الذي يعتقدون أن الفلسطينيين يجب أن يتحملوه بنبل كضحايا للعنف الاستعماري الإسرائيلي المتواصل لكن دون قيامهم بتهديد إسرائيل بأي شكل من أشكال العنف. وفي اللحظة التي قام فيها الفلسطينيون بذلك في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، تبدد التعاطف كله.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينية اليهود الغربي الكراهية فلسطين الغرب معاناة اليهود الكراهية مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحرب العالمیة الثانیة المقاومة الفلسطینیة تجاه الفلسطینیین جمیع الفلسطینیین للشعب الفلسطینی مع الفلسطینیین الفلسطینیین فی فی الفترة فی الغرب على أنه من قبل فی عام عام 1948 فی حین على أن

إقرأ أيضاً:

رؤساء أمريكا.. تاريخ أسود ملطخ بدماء الشعب الفلسطيني .. تقرير مفصل

تقرير:

يكاد لا يسمع العربي والفلسطيني اسم أي رئيس أمريكي أو الولايات المتحدة الأمريكية حتى يعود ذهنه سريعاً إلى المجازر التي ارتكبها كيان الاحتلال الصهيوني طوال عقود بحق الشعب الفلسطيني برعاية أمريكية وسلاح ودعم عسكري ودبلوماسي وسياسي أمريكي، حتى صارت المتلازمة في العقل العربي والفلسطيني وفي كل دول الجنوب العالمي (المضطهدة) أن “كيان الاحتلال الصهيوني” هو أمريكا.

تختلف الآراء والتحليلات عادة بين أن هل “كيان الاحتلال” تابع للولايات المتحدة الأمريكية، أم أن الأخيرة تعمل لصالح المشروع الصهيوني في ظل سيطرة اللوبيات على المؤسسات الأمريكية السيادية، وفي المقابل فإن تغلغل العقائد الصهيونية في عقل الرؤساء الأمريكييين، والمصالح الاستراتيجية التي يحققها وجود كيان الاحتلال في منطقتنا، يجعل في المطاف الأخير من الحفاظ على التفوق الصهيوني والهيمنة على المنطقة مصلحة أمريكية لإدامة منع استقلال عربي وإسلامي يحقق إنهاء الاستعمار ونهب الثروات.

عرفت الولايات المتحدة الأمريكية منذ قيام كيان الاحتلال بعد نكبة الشعب الفلسطيني، في 1948، عديد الرؤساء لكن ما اجتمعوا عليه رغم اختلاف أيدلوجياتهم وعقائدهم السياسية والاجتماعية هو الاستمرار في دعم “كيان الاحتلال الصهيوني لقتل وتدمير وتشريد الشعب الفلسطيني”.

ترومان… صاحب أول اعتراف بكيان الاحتلال

كانت الولايات المتحدة الأمريكية في عهد الرئيس هاري ترومان أول دولة تعترف بـ”بكيان الاحتلال”، فور إعلان ديفيد بن غوريون قيام ما وصفها بدولة اسرائيل في أيار/ مايو 1948 على أنقاض مئات القرى والمدن الفلسطينية التي تدمرت وأجبر أهلها على الخروج منها تحت المجازر والقصف والهجمات الوحشية التي نفذتها العصابات الصهيونية.

وأطلق الاعتراف الأمريكي بكيان الاحتلال بداية الدعم الواسع على الصعيد الاقتصادي، والعسكري، والتسليحي، والسياسي

وكان ترومان أعلن في 1946 عن دعمه لفتح أبواب الهجرة اليهودية إلى فلسطين ودعا بريطانيا التي كانت قوة الاحتلال حينها إلى تسهيل انتقال اليهود إلى البلاد.

ورغم أن مسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية وأجهزة أخرى حذروا ترومان من قيام “كيان الاحتلال”، في فلسطين، بسبب خشيتهم من تحولها إلى تابع للاتحاد السوفياتي الذي كان أيضاً من المعترفين الأوائل بدولة كيان الاحتلال، في البدايات، قبل أن تتحول إلى حليف وتابع أمريكي في السنوات اللاحقة، إلا أن ترومان بدأ عهد التحالف الأمريكي – الصهيوني الذي سيصل في هذه المرحلة إلى الحد الذي تقود فيه الولايات المتحدة الأمريكية الحروب الإسرائيلية على الفلسطينيين والعرب.

آيزنهاور… الغضب من “كيان الاحتلال” والحرص على دعمه !!

يشير المؤرخون دائماً إلى مرحلة الرئيس الأمريكي دوايت آيزنهاور بالموقف الذي اتخذه بإجبار كيان الاحتلال على الانسحاب من سيناء وغزة، بعد احتلالها، في العدوان الثلاثي (الصهيوني – الفرنسي – البريطاني).

تقول المصادر التاريخية إن آيزنهاور غضب من العدوان المشترك بين كيان الاحتلال، وفرنسا، وبريطانيا على مصر في 1956 جاء بسبب خوفه على المصالح الأمريكية في المنطقة، ولأنه اعتبر أن العملية أخذت أنظار العالم من الثورة في هنغاريا على الاتحاد السوفياتي.

ورغم “غضب” آيزنهاور من كيان الاحتلال الصهيوني وإجباره على الانسحاب من غزة وسيناء إلا أنه واصل التأكيد على دعم وجود كيان الاحتلال في المنطقة العربية والإسلامية، ورفض الطلب المصري بالتزود بالسلاح.

وفي عهد آيزنهاور الذي لم يكن الدعم التسليحي المباشر قد بدأ إلا أن قيمة المساعدات المالية الأمريكية لكيان الاحتلال كان يبلغ 100 مليون دولار.

كينيدي… رفع الحظر عن تسليح “كيان الاحتلال”

بعد وصوله إلى رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، قرر الرئيس جون كينيدي رفع قرار ترومان وآيزنهاور حظر تسليح “كيان الاحتلال” وبدأ عهد الدعم العسكري المباشر لكيان الاحتلال، الصهيوني ووافق على تزويده بنظام “هوك” المضاد للصواريخ

كينيدي وصف العلاقات الأمريكية – الصهيونية بـ”العلاقة الخاصة” وأكد لرئيسة حكومة الاحتلال السابقة، غولدا مائير، على “القيمة المعنوية والأخلاقية”، حسب تعبيره، للدعم الأمريكي لـ”للاحتلال”.

هذا رغم أن بعض المصادر التاريخية تربط بين اغتيال كينيدي واللوبي الصهيوني و”الموساد” إذ ترى أن “اغتياله جاء بعد تصميمه على تفتيش المنشآت النووية الإسرائيلية التي أقيمت حينها من قبل فرنسا للتأكد من عدم تحولها إلى مفاعل عسكري”، وتقول إن منفذ الاغتيال كان في زيارة قبلها إلى دولة الاحتلال، وما زالت هذه الروايات لم تؤكد وفي إطار الجدال التاريخي.

عهد جونسون… حرب 1967 تثبت أهمية “كيان الاحتلال” الاستراتيجية

ير مختصون في العلاقات الأمريكية مع كيان الاحتلال أن انتصاره على الدول العربية، في حرب 1967، أثبت للولايات المتحدة الأمريكية أن “كيان الاحتلال ذات أهمية استراتيجية كبرى”، في المنطقة العربية والإسلامية، خاصة في فترة الصراع مع الاتحاد السوفياتي الذي كان يقدم الدعم حينها لمصر وسوريا وقوى أخرى في المنطقة، بينها منظمة التحرير الفلسطينية.

الرئيس الأمريكي حينها ليندون جونسون كان يحمل “نظرة متعاطفة وعاطفية” تجاه كيان الاحتلال، كما تصفه دراسات تاريخية، وكان هو من ضغط على الرئيس آيزنهاور لمنع فرض عقوبات على “كيان الاحتلال” في حال لم تنسحب من غزة وسيناء خلال العدوان الثلاثي على مصر.

وكان جونسون أول رئيس أمريكي يمنح كيان الاحتلال منظومة أسلحة هجومية، وبعد الحرب أصبح “كيان الاحتلال” قوة عسكرية تعتمد عليه الولايات المتحدة في مواجهة التهديدات التي تواجهها مصالحها في منطقة الشرق الأوسط، خاصة في مواجهة القوى المدعومة من الاتحاد السوفياتي حينها.

وشاركت الولايات المتحدة حينها مع بريطانيا في ضمان تحقيق كيان الاحتلال انتصاراً سياسياً، بعد انتصارها العسكري في العدوان على الدول العربية، وانحازت إلى موقف حكومة ليفي أشكول الصهيونية التي رفضت الانسحاب من الأراضي العربية التي احتلتها، وربطتها بإجبار الدول العربية على الاعتراف بها، وبقيت قضية احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة معلقة بالاعتبارات الأمنية والسياسية لكيان الاحتلال.

نيكسون… إنقاذ “كيان العدو الصهيوني”

تعرض كيان الاحتلال الصهيوني في عهد الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون لتجربة شديدة القسوة، بعد أن شنت القوات المصرية والسورية هجوماً على جبهتي سيناء والجولان، في تشرين الأول/ أكتوبر 1973، تعرضت فيه قوات الاحتلال في الأيام الأولى لخسائر فادحة وانتكاسة كبيرة تقول مصادر صهيونية إنها دفعت وزير الحرب حينها، موشيه دايان، للتفكير باستخدام الأسلحة النووية.

تشير مذكرات القادة الصهاينة والأمريكيين عن تلك المرحلة، إلى الدور الذي لعبه مستشار الأمن القومي الأمريكي كيسنجر اليهودي الذي بقي ملتزماً بتوفير أسباب بقاء “كيان الاحتلال” وضمان تفوقه طوال حياته السياسية، في فتح المخازن الأمريكية لتزويد كيان الاحتلال بالأسلحة طوال أيام الحرب، بالإضافة لمساعيه السياسية والدبلوماسية لمنع العرب من تحقيق الانتصار، كما أعلن بوضوح في لقاءات إعلامية وصحفية لاحقة معه.

وبعد الحرب عمل كيسنجر على اتفاقيات ثنائية بين كيان الاحتلال والدول العربية، ضمن سياسة “خطوة بخطوة”، توازياً مع مخططاته لتهميش القضية الفلسطينية، ومنع عقد اتفاق شامل في المنطقة، يحقق قيام دولة فلسطينية مستقلة، وانشغل من خلال زياراته للمنطقة على السعي للتوصل لاتفاق بين مصر – وكيان الاحتلال وكذا بين سوريا وكيان الاحتلال يحقق إقصاء لمنظمة التحرير الفلسطينية ومطالبها بحق عودة اللاجئين وإقامة دولة فلسطينية، وضمان أمن “كيان الاحتلال” وإجبار العرب على الاعتراف بوجودها في المنطقة.

مرحلة جيرالد فورد… كيسنجر يقود مرحلة تأمين “كيان الاحتلال” في المنطقة

واصل كيسنجر في مرحلة فورد مساعيه لتحييد مصر وسوريا عن الصراع مع دولة الاحتلال، وسعى إلى توقيع اتفاقيات فض الاشتباك، وكان رحلاته المكوكية للمنطقة تهدف لضمان أمن “كيان الاحتلال” والاعتراف بوجوده في المنطقة، مع الاستمرار في تهميش القضية الفلسطينية.

وكان مؤتمر جنيف في 1973 الذي عقد بمساع أمريكية ومشاركة الأمم المتحدة والاتحاد السوفياتي ومصر والأردن، وإقصاء منظمة التحرير الفلسطينية، والتمثيل الفلسطيني، ضمن هذه الجهود التي قادها كيسنجر.

هذا مع استمرار الدعم العسكري والاقتصادي والسياسي ورغم الخلافات الجزئية خلال مفاوضات فض الاشتباك على الجبهتين السورية والمصرية إلا أن كيسنجر أعلن في الجلسات مع الرئيس فورد هو أن السياسة المثلى مع ” كيان الاحتلال” هو “الاستمرار في احتضانه ودعمه ودفعه نحو تنازلات في المفاوضات”.

كارتر… التأسيس لقطع الطريق على دولة فلسطينية

كان الرئيس الأمريكي جيمي كارتر يؤمن باستراتيجية في الشرق الأوسط تخالف ما سار عليه كيسنجر والرئيس فورد، وهو التوصل إلى اتفاق تسوية شامل يشمل جميع الأطراف، بما فيها تحقيق نوع من “الكيان السياسي” للفلسطينيين، الذي اعتبر أنهم حرموا من حقوقهم بعد تهجيرهم.

تقول مصادر تاريخية إن كارتر رسم خطة مع أقطاب الأمن القومي والخارجية في عهد حكومته للتوصل إلى حل شامل لمختلف القضايا، بما فيها القضية الفلسطينية واللاجئين وغيرها، وكان البند الأول في مساعيه هو ضمان “أمن كيان الاحتلال” وبقائها في المنطقة وقبول الدول العربية بها.

وبعد خطاب ذكر فيه كلمة “الوطن” للفلسطينيين ثارت عليها الجماعات اليهودية وأعلنت غضبها، وتراجع ليقول إنه يقصد قيام كيان فلسطيني ضمن ترتيبات أمنية إسرائيلية ومع الأردن، وأكد أن على منظمة التحرير الفلسطينية “نبذ الإرهاب”، حسب وصفه، والاعتراف بالقرارات الدولية وبحق “إسرائيل في الوجود”.

لكن في الواقع فإن خضوع كارتر لبرنامج مناحيم بيغن الذي كان وصوله إلى السلطة على رأس حزب “الليكود”، في السبعينات، بمثابة “انقلاب” في تاريخ السياسية الصهيونية، بعد سنوات من سيطرة حزب “العمل”.

أعلن بيغن من اللقاء الأول مع كارتر أنه يرفض أي انسحاب من الأراضي العربية المحتلة في الضفة الغربية وقطاع غزة، وليس أمام الفلسطينيين سوى التعامل معهم كأقلية “ثقافية” ولها “حقوق” اقتصادية وإنسانية، ولا سبيل لإقامة أي دولة فلسطينية.

رغم أن إدارة كارتر كانت تعلن معارضتها للتوسع الاستيطاني، في الضفة الغربية وقطاع غزة، إلا أنها استمرت في دعم “كيان الاحتلال”، وكان الاتفاق الذي رعته بين مصر وكيان الاحتلال الذي عرف باسم “اتفاقية كامب ديفيد”، هو الأساس الذي حرم الفلسطينيين من أي دولة في المستقبل حتى لو على جزء من أرضهم التاريخية، بعد أن خضعت الولايات المتحدة الأمريكية ومصر لرؤية بيغن حول الحكم الذاتي الذي لا يمنح الفلسطينيين أي مقومات دولة ويبقيهم تحت الحكم كيان الاحتلال الاستعماري، وهو ما يسميه الباحث الأمريكي سث أنزيسكا “قطع الطريق على فلسطين” في الكتاب الذي أصدره، قبل سنوات، وتحدث فيه بالتفاصيل كيف أسس “كامب ديفيد” والإدارة الأمريكية والسادات لقطع الطريق على إقامة أي دولة فلسطينية، وكانت مباحثات الحكم الذاتي حينها هي الأساس الذي قامت عليه اتفاقية “أوسلو” التي قسمت القضايا الرئيسية ولم تحمل للفلسطينيين أي دولة حتى الآن.

ريغان.. اجتياح لبنان

حمل أرئيل شارون معه إلى وزارة الحرب في كيان الاحتلال مخططاً استراتيجياً لتغيير المنطقة على النمط الذي يريده “الاحتلال”، خطط لاجتياح لبنان وصولاً إلى العاصمة بيروت، وتدمير منظمة التحرير الفلسطينية، وإجبار الفلسطينيين في المخيمات على الخروج إلى الأردن وإقامة دولة هناك تكون بديلاً عن الضفة وغزة.

زار شارون الولايات المتحدة الأمريكية قبل الاجتياح واجتمع مع أقطاب في إدارة الرئيس رونالد ريغان، وأطلع وزير الخارجية حينها ألكساندر هيغ على المخطط، كما تقول مصادر تاريخية مختلفة، ورغم التصريحات الأمريكية حينها حول معارضة الوصول إلى بيروت، إلا أن الوقائع تؤكد أن الإدارة الأمريكية كانت تريد من “الاحتلال” تدمير القوة العسكرية والسياسية لمنظمة التحرير في لبنان، لإجبارها على الخضوع لمطلب “الاعتراف بكيان الاحتلال الصهيوني” وجرها نحو اتفاقيات التسوية والقرارات الدولية التي تسقط الحق التاريخي للشعب الفلسطيني في فلسطين كاملة.

لعب المبعوث الأمريكي حينها فيليب حبيب دوراً استراتيجياً في تحقيق الأهداف الإسرائيلية، من خلال ضغه الدبلوماسي المتزامن مع الهجوم العسكري، على الفلسطينيين والشخصيات اللبنانية المختلفة، لضمان تحقيق إخراج منظمة التحرير.

ورغم القرار الذي أصدره ريغان حينها بتعليق توريد أسلحة عنقودية إلى دولة الاحتلال، وأكمل وزير الخارجية الأمريكي شولتز الذي حل مكان هيغ الذي استقال خلال الحرب، مسار العمل السياسي الأمريكي لضمان تحقيق نجاحات سياسية إسرائيلية من الحرب بعد تدمير قوات منظمة التحرير.

وفي عهد ريغان اتخذت الولايات المتحدة مجموعة خطوات لدعم دولة الاحتلال، بينها التهديد بالانسحاب من الاتحاد البرلماني الدولي إذا أصدر قراراً يعتبر الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية، وقررت اللجنة الفرعية للعلاقات الخارجية في “الكونجرس” الأمريكي الموافقة على مشروع قرار نقل السفارة الأمريكية من “تل أبيب” إلى القدس المحتلة، وأكد وزير الخارجية الأمريكي حينها على رفض الولايات المتحدة إنشاء دولة فلسطينية مستقلة رغم مساعي دول عربية وقيادات في منظمة التحرير للاتصال مع الأمريكيين وفتح مفاوضات للتوصل إلى اتفاقيات تسوية، وقررت الإدارة الأمريكية حينها إغلاق مكتب مقر منظمة التحرير لدى الأمم المتحدة.

بوش الأب… عهد جديد في المنطقة عنوانه اتفاقيات التسوية

كان عهد الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب حافلاً بالانقلابات، في العالم والمنطقة، خاصة مع انهيار الاتحاد السوفياتي وحرب الخليج الأولى عقب اجتياح العراق للكويت ودخول دول عربية في مرحلة المفاوضات للوصول إلى تسوية مع كيان الاحتلال.

عمل جورج بوش وإدارته على عقد مؤتمر دولي للسلام عرف بـ”مؤتمر مدريد”، شاركته فيه دول عربية بينها الأردن وممثلون عن الفلسطينيين، وضغطت الولايات المتحدة على كيان الاحتلال التي كان يقود حكومته حينها اسحاق شامير، للمشاركة فيه بعد تهديدها بوقف المساعدات.

ورغم الاندفاع الأمريكي للوصول إلى تسوية في الشرق الأوسط، تحقق الاعتراف العربي بـ”كيان الاحتلال”، ومنع المشاريع الأخرى التي تدعو لمقاومته وإزالته من الوجود، إلا أن المفاوضات في النهاية خضعت لتصور شامير الذي رفض الانسحاب من الضفة وغزة أو وقف الاستيطان واعتبر أن الاستراتيجية المثلى هي المفاوضات حتى النهاية.

ولم تزعزع الخلافات الجزئية بين حكومة الاحتلال والإدارة الأمريكية حينها على قضايا مثل تزويد السعودية بطائرات مقاتلة من الدعم الأمريكي لكيان الاحتلال خاصة في قضية القرض لتوطين اليهود الذين قدموا من الاتحاد السوفياتي.

كلينتون… السلام على الشرط الصهيوني

جاء بيل كلينتون إلى السياسة الأمريكية وهو يحمل مشروع توطيد “السلام”، في الشرق الأوسط، بداية من اتفاقية “أوسلو” التي حملت انقلاباً تاريخياً لمنظمة التحرير الفلسطينية التي انتقلت من مربع حركة تحرر إلى “شبه دولة”، حصلت على شبه ما ثبته بيغن منذ عهد كارتر، وهو حكم ذاتي فلسطيني يريح “كيان الاحتلال” من الأعباء المادية والاقتصادية والاجتماعية لحكم الفلسطينيين المباشر، ويضم أجهزة أمنية فلسطينية على تنسيق مع أجهزة الاستخبارات والعسكر الاحتلال.

كان كلينتون من معارضي مناقشة ملف الاستيطان، في مفاوضات أوسلو، وجاء الاتفاق ليؤجل كل القضايا الرئيسية مثل القدس واللاجئين وغيرها، وطوال سنوات حكمه منح كيان الاحتلال دعماً كبيراً من خلال القروض والمنح، وكانت معارضة التوسع الاستيطاني على المستوى اللفظي، بينما منع إصدار قرارات من الأمم المتحدة لإدانة الاستيطان في الضفة والقدس وغزة.

وهكذا حصل كيان الاحتلال، في هذه السنوات، على الاعتراف الفلسطيني الرسمي به مع عدم الانسحاب من الضفة وغزة والقدس، والاستمرار في الاستيطان، وإغراق الفلسطينيين ودول الطوق العربي في مفاوضات التسوية والسلام.

وفي مفاوضات “كامب ديفيد” التي شارك فيها الرئيس الراحل ياسر عرفات أمام رئيس حكومة الاحتلال حينها، إيهود باراك، انحاز كلينتون للموقف الصهيوني وحمَل القيادة الفلسطينية مسؤولية فشل المفاوضات.

وخلال عهده نفذ كيان الاحتلال عمليات عدوانية على لبنان، كما في عدوان “عناقيد الغضب”، في نيسان/ إبريل 1996، الذي كان للولايات المتحدة الأمريكية دور سياسي فيه من خلال زيارات وزير خارجيتها الذي حاول تحقيق إنجاز سياسي لصالح كيان الاحتلال.

هكذا استمرت السياسة الأمريكية في الخضوع للمطالب الإسرائيلية، رغم الخلافات الجزئية، واستمر حرمان الفلسطينيين من دولة حتى على أقل من مساحة أرضهم التاريخية

جورج بوش الابن… الحرب على المنطقة

جاء جورج بوش الابن إلى السلطة في الولايات المتحدة الأمريكية، في أوج انتفاضة الأقصى، مدججاً بأفكار أعضاء إدارته الذين يمزجون بين التطلعات نحو الصهيونية والطموح لتغيير المنطقة العربية والإسلامية والقضاء على بؤر المقاومة فيها. واستغلت الإدارة الأمريكية عملية أيلول/ سبتمبر 2001 لإعلان الحرب على المنطقة تحت شعار “الحرب على الإرهاب”.

رئيس حكومة الاحتلال حينها، أرئيل شارون، أعلن أن حربه على انتفاضة الفلسطينيين ضمن الحرب الأمريكية على “الإرهاب”، وحظي بدعم مطلق من إدارة الرئيس الأمريكي، جورج بوش، الذي توافقت معه على أهدافه حينها وهي القضاء على الانتفاضة، وضمان أمن “كيان الاحتلال”، وتدمير التنظيمات الفلسطينية، وإقصاء الرئيس ياسر عرفات، وتنصيب قيادة على السلطة الفلسطينية تسير وفقاً للبرنامج الذي أعلنه شارون في مؤتمر هرتسيليا للأمن وهو في خلاصته: فلسطيني خاضع مقابل بعض الحقوق.

نفذت الإدارة الأمريكية، خلال فترة الانتفاضة، برنامجاً مركباَ من الضغوط السياسية والدبلوماسية على السلطة ودول المنطقة، لوقف الانتفاضة، وتدمير الفصائل الفلسطينية، وواصلت تقديم الدعم العسكري والغطاء للمجازر والعمليات العدوانية التي نفذها أرئيل شارون، في الضفة وغزة، تزامناً مع الجهود لإحلال قيادة فلسطينية بديلة عن الرئيس ياسر عرفات، الذي اعتبر “كيان الاحتلال” والولايات المتحدة أنه يدعم العمليات وعقبة في وجه المرحلة الجديدة.

خلال هذه السنوات احتلت القوات الأمريكية العراق وأسقطت نظام صدام حسين، وكان ضمان “أمن كيان الاحتلال” من التهديد العراقي، ضمن حزمة الأهداف التي لم تعلنها الإدارة الأمريكية، وصار كيان الاحتلال يعلن أنه يريد تغيير المنطقة لصالحه.

وفي حرب 2006 على لبنان، كانت وزيرة الخارجية الأمريكية حينها كونداليزا رايس عنوان الهجوم السياسي والدبلوماسي على المقاومة، وأعلنت أن أميركا تريد شرق أوسط جديد، على جثة المقاومة وجثث الأطفال الفلسطينيين واللبنانيين والعرب، وكان فشل جيش الاحتلال في الحرب كسراً للمشروع، كما شهدت فترة بوش الإبن الحرب الإبادية الأولى على غزة في 2008 التي ارتكب الاحتلال فيها مجازر بشعة باستخدام أسلحة أمريكية ودعم أمريكي.

أوباما… انتعاشة العلاقات رغم قناع “الخلافات”

سادت صورة النمطية للعلاقات بين إدارة أوباما وكيان الاحتلال هي الخلافات، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، والاستيطان، وحل الدولتين، والملف النووي الإيراني، خاصة مع المزاعم التي حملها أوباما إلى المنطقة خاصة بعد انطلاق ما سمي بالربيع العربي حول نواياه لنشر السلام والتعاون مع العرب وإنصاف الفلسطينيين وغيرها.

تقرير لمجلس الأمن القومي الأمريكي يقول عكس هذه الصورة وهو أن العلاقات الأمريكية – الصهيونية في عهد أوباما، شهدت انتعاشة كبيرة.

وقع أوباما مع كيان الاحتلال في 2008 معاهدة تنص على تقديم دعم أمريكي له بقيمة 30 مليار دولار، خلال 10 سنوات، بالإضافة لمبلغ 3 مليار دولار لبناء نظام دفاعي جوي، وقدمت الإدارة الأمريكية 140 مليون دولار خلال 6 أعوام للمساهمة في نقل اليهود إلى فلسطين المحتلة، عارضت الولايات المتحدة الأمريكية خلال فترته 18 قراراً في الجمعية العامة للأمم المتحدة ضد “كيان الاحتلال”.

ترامب… صهيوني صريح في الإدارة الأمريكية

مثل وصول دونالد ترامب نقلة نوعية لصالح تحقيق برامج اليمين واليمين الصهيوني الديني، في دولة الاحتلال، الذي أصبح قوة رئيسية، خلال السنوات الماضية.

أعلن ترامب منذ اليوم صهيونيته ومنح دولة الاحتلال عدة هدايا، خلال فترة رئاسته، بينها نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، وإعلان ما سميت ب”ًصفقة القرن” التي تعني منع قيام أي دولة فلسطينيو مستقلة، واعترف بسيطرة كيان الاحتلال على الجولان السوري المحتل، ووعد بضم الضفة الغربية له.

وأطلق ترامب وأركان إدارته مشروعاً لتطويع المنطقة، في الزمن الاحتلال، من خلال اتفاقيات التطبيع التي أشرفت عليها مع الإمارات، والبحرين، والمغرب، وفتح علاقات مع السودان وجهات أخرى في المنطقة بينها السعودية، لضمان سيادة كيان الاحتلال” على المنطقة العربية والإسلامية.

وكان هدف ترامب من الاتفاقيات بالإضافة لضمان بقاء “كيان الاحتلال” هو تهميش القضية الفلسطينية وجلب العرب إلى “التطبيع” حتى قبل تحقيق مشروع “حل الدولتين”.

بايدن… راعي حرب الإبادة

يمكن وصف الرئيس الأمريكي الحالي، جو بايدن، بأنه راعي “حرب الإبادة الجماعية” الصهيونية في قطاع غزة بداية ثم في لبنان.

منذ اللحظات الأولى للعدوان الصهيوني على قطاع غزة، في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، أعلن بايدن ووزير خارجيته بلينكن ووزير الدفاع أوستن ومختلف أركان الإدارة عن دعمهم المطلق لكيان الاحتلال في الحرب على الوجود الفلسطيني في قطاع غزة، وزار الرئيس الأمريكي كيان الاحتلال، وتوالت زيارة المسؤولين الأمريكيين طوال هذه الشهور.

قدمت الولايات المتحدة الأمريكية منذ بداية العدوان على غزة أكثر من 14 مليار دولار لكيان الاحتلال، وفتحت مخازن السلاح له وشغلت قطاراً جوياً يحمل العتاد والصواريخ التي استخدمت في قتل الأطفال وتدمير المساجد والمنازل والمنشآت السكنية والمدنية والقطاع الطبي.

ودفعت الولايات المتحدة الأمريكية بحاملات الطائرات للمنطقة للدفاع عن دولة الاحتلال، وعملت على المستوى السياسي والدبلوماسي لمنع أي تدخل لوقف الحرب على غزة، أو تقديم دعم عسكري للمقاومة الفلسطينية، وعملت على حملة تضليل للمجتمع الدولي حول أنها حريصة على التوصل لاتفاقيات تهدئة وتبادل للأسرى، بينما دعمت باستمرار حكومة الاحتلال في الاستمرار في مخططاتها لتدمير المقاومة والسيطرة على غزة.

ولم تكتف بالدعم العسكري بل شاركت في الدفاع عن كيان الاحتلال، من خلال الدفاعات الجوية وقواعدها المنتشرة في المنطقة، في التصدي للهجمات الإيرانية، وعبر حلفائها الذين كانت دفاعاتهم الجوية حاضرة في التصدي عن “كيان الاحتلال”، وشاركت أيضاً في الحرب على لبنان من خلال الضغوطات السياسية والدعم العسكري والاستخباري كما تؤكد مصادر مختلفة.

ورغم حملة التضليل الإعلامي والحديث منذ بداية الحرب عن خلافات بين بايدن ونتنياهو، إلا أن الواقع يقول إن الولايات المتحدة دعمت حرب الإبادة منذ بدايتها وحتى الآن، وربما لم تتجاوز الخلافات التفاصيل الصغيرة التي تتعلق بحرص على أفضل صورة من “أمن كيان الاحتلال”، وقد منعت الإدارة الأمريكية حتى الإدانات الدولية في المؤسسات لدولة الاحتلال، وسعت إلى تجاهل وإخفاء تقارير صادرة حتى من وزارة خارجيتها تؤكد ارتكاب “كيان الاحتلال” للتجويع، في قطاع غزة.

 

مقالات مشابهة

  • برلماني: انضمام مصر لخطاب الأمم المتحدة تأكيد الموقف المشرف المساند للشعب الفلسطيني
  • السيد عبدالملك الحوثي: حزب الله كان سنداً للشعب الفلسطيني وتضحياته وجهاده أسهم في خدمة المقاومة وفي عزّة وحرية لبنان
  • إسرائيل تقر قانونا يسمح لها بترحيل عائلات الفلسطينيين الذين يقومون بهجمات ضدها
  • الهلال الأحمر الفلسطيني: إصابة سيدة بشظايا قصف في مخيم طولكرم بالضفة الغربية
  • "السياسة تجاه الفلسطينيين ستبقى كما هي".. المواطنون في رام الله بالضفة الغربية غير متفائلين بترامب
  • إيطاليا تتطلع لدور مهم بالشرق الأوسط.. وتاياني: يحق للشعب الفلسطيني أن تكون له دولة
  • المقاومة الفلسطينية تواصل استهدافها بالرصاص والعبوات الناسفة قوات الاحتلال الإسرائيلي في جنين بالضفة الغربية وتحقق بينها إصابات مؤكدة
  • عباس يهنىء ترامب ويأمل أن يدعم “التطلعات المشروعة” للشعب الفلسطيني
  • وزير الخارجية: لابد من إقامة دولة مستقلة والإستجابة للتطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني
  • رؤساء أمريكا.. تاريخ أسود ملطخ بدماء الشعب الفلسطيني .. تقرير مفصل