الغرب.. وجرائم الكيان الطفيلي!
تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT
قبل أن يفكِّر الكيان الصهيوني في التنصّل عن جريمته النكراء بقصف مستشفى المعمداني في غزة وإزهاق أرواح مئات الأبرياء من الأطفال والنساء والمرضى والنازحين، كانت أمريكا – وعلى لسان رئيسها “الخرف” – تصدر أحكام البراءة المسبقة للقتلة وتحمِّل الفلسطيني الضحية مسؤولية قصف نفسه والتنكيل بحاله.
-خلال الثماني الساعات التي أمضاها بايدن “الخارج عن التغطية” في ضيافة الإرهابي “النتن” تحدث في مناسبتين إلى الصحفيين وأسرف في تخرصاته وأكاذيبه وبالغ في مواساة القاتل وربّت على كتفه مواسيا له بالقول – وهو على ثقة غريبة “لستم أنتم من ارتكب مجزرة مستشفى المعمداني بغزة إنما الطرف الآخر، في سقوط آخر مقزّز جاء هذه المرة على الهواء مباشرة ونقلته وسائل الإعلام إلى الجماهير في مختلف أصقاع الأرض ليكونوا شهودا على كذب وافتراء و دناءة وانحطاط رئيس أكبر وأقوى دولة في العالم وشهادة زور رسمية جديدة أكثر وقاحة وإسفافا من تلك التي أدلى بها في الساعات الأولى عقب عملية طوفان الأقصى وكيف رأت عيناه رؤوس أطفال ونساء “إسرائيل” مفصولة عن أجسادها بعد أن ذبحهم عناصر “حماس الإرهابية” وهو المشهد الخيالي الذي لم يشاهده إنسان غير الرئيس المريض ولم يكن له وجود إلا في مخيلة بايدن المتهالكة.
-لم يقل الرئيس العجوز – أثناء زيارته الاستثنائية للكيان الطارئ – كلمة واحدة ذات قيمة أو معنى أو مصداقية غير أنه أحسن – ومن حيث لا يشعر – من خلال القول بحماس وعاطفة جياشة، عبارة ظل يرددها منذ كان مسؤولا بسيطا في البيت الأبيض حين كان شابّا، وهي “لو لم تكن إسرائيل موجودة لأوجدناها” وأراد بذلك إبداء الدعم المطلق للكيان ولعدوانه الوحشي على أطفال ونساء فلسطين وغفل أن جوهر هذه العبارة جسدت حقيقة أصل وكُنه الكيان وأنه ليس أكثر من كيان لقيط تمت صناعته بإرادة غيره، وهو قابل للتصنيع وإعادة التدوير مرة أخرى متى ما شاء الرعاة في واشنطن وبقية الأسياد في دول الغرب الاستعماري.
-تداعى زعماء الغرب إلى عاصمة الكيان، يندبون ويتباكون ويذرفون الدموع على الضحايا الإسرائيليين “المدنيين” في هجمات المقاومة -صاحبة الحق والأرض- ولم ينبسوا ببنت شفة عن المجازر المروّعة التي ارتكبتها وتقترفها آلة القتل الصهيونية على مدار الساعة في قطاع غزة وقتلها آلاف الأطفال والنساء والمسنين وإبادتها لأحياء سكنية بكاملها واستهدافها الوحشي للمستشفيات والمدارس وممارسة العقاب الجماعي وحرب الإبادة الشاملة بأبشع الوسائل الإجرامية واعتماد سياسة الأرض المحروقة واستهداف الإنسان والشجر والحجر وحرمان ملايين الفلسطينيين من الحصول على الماء والدواء والغذاء ودفع من بقي منهم على قيد الحياة – قسريا – إلى ترك منزله وأرضه في أبشع جريمة تهجير جماعي في التاريخ الحديث، وكل هذه الجرائم والانتهاكات الخطيرة مغطاة بحفلة كذب وخداع وتزييف وتضليل تبناها الغرب الاستعماري وسخّر – بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية – كل إمكانياته العسكرية والمادية والتكنولوجية والإعلامية الضخمة لصالح الكيان الذي أوجده من العدم وهو يعلم أنه كائن طفيلي لا يعيش إلّا على الغير ولا يمكن أن يستمر أو يواجه وحيدا أصغر التحديات ولو في مقارعة فصيل مقاوم يحاصره القريب والبعيد منذ عقود ولا يمتلك من السلاح والعتاد ما يستحق الذكر مقارنة بآلة الغرب العسكرية المهولة الموقوفة في يد كيان الاحتلال وتحت تصرفاته وأهوائه ورهن إشارة قادته القتلة الإرهابيين.
-الحقيقة التي يتعامى عنها الغرب أن ما تُسمى “إسرائيل” كيان طفيلي مآله إلى الزوال المحتوم وألّا شيء سيمنعه من مواجهة هذا المصير، ولو امتلك قوة ودعم وسلاح ومناصرة سكّان الأرض أجمعين.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
السؤال الذي يعرف الغرب الإجابة عنه مسبقا
لا يُمكن فصل السّيَاسات الدولية اليوم تجاه فلسطين أو تجاه كافة دول العالم الإسلامي عن الموقف من الإسلام في حد ذاته. تحكم السياساتِ الدولية بشكل عامّ مصالح وصراعاتٌ اقتصادية، ولكن عندما يتعلق الأمر بالعالم الإسلامي يُلاحَظ أن هناك عاملا خفيا يُغلِّف كل هذه السياسات له علاقة بكون هذه الدولة بها غالبية من المسلمين أم لا، بغضِّ النظر عن المذهب أو طبيعة نظام الحكم أو التاريخ أو الجغرافيا لتلك الدولة.
في آخر المطاف تجد اتفاقا بين الدول الغربية في أسلوب التعامل مع أي منها يقوم على فكرة مركزية مفادها ضرورة إذعان هذه الدولة للنظام العالمي الغربي والقَبول بهيمنة القواعد المتحكِّمة فيه وعدم الخروج عنها بأيِّ صفة كانت، وإلا فإنها ستُحارَب بكافة الوسائل والطرق. لا يهم إن كانت هذه الدولة فقيرة مثل الصومال أو غنيّة مثل السعودية أو تركيا أو إيران. جميعهم في نظر السياسات الغربية واحد، فقط هي أساليب التعامل مع كل منهم التي تختلف. بعضهم يحتاج إلى القوة وآخر إلى الحصار وثالث إلى التّهديد ورابع إلى تحريك الصراعات الداخلية إلى حد الاقتتال وسادس إلى إثارة خلافات حدودية مع جيرانه… الخ، أي أنها ينبغي جميعا أن تبقى في حالة توتر وخوف وقلق من المستقبل.
تكفي نظرة شاملة إلى المساحة الجغرافية التي ينتشر بها المسلمون عبر العالمتكفي نظرة شاملة إلى المساحة الجغرافية التي ينتشر بها المسلمون عبر العالم للتأكد من ذلك، فحيث لا يوجد إخضاع تام من خلال القواعد العسكرية المباشرة والقَبول كرها بخدمة المصالح الغربية، يوجد إخضاع غير مباشر من خلال الحروب الأهلية أو اصطناع الجماعات الإرهابية أو إثارة النّعرات القبلية والعرقية أو تحريك مشكلات الحدود الجغرافية.. نادرا ما تُترك فرصة لِدولة من دولنا لتتحرّك بعيدا عن هذه الضغوط. السيناريوهات فقط هي التي تتبدّل أما الغاية فباستمرار واحدة: ينبغي ألا تستقلّ دول العالم الإسلامي بقرارها، ومن الممنوعات الإستراتيجية أن تُعيد التفكير في مشروع وحدة على طريق جمال الدين الأفغاني في القرن التاسع عشر مثلا!
وهنا تبرز فلسطين كحلقة مركزية في هذا العالم الإسلامي، ويتحدد إقليم غزة بالتحديد كمكان يتكثف فيه الصراع.
ما يحدث في غزة اليوم ليس المستهدَف منه سكان فلسطين وحدهم، إنما كل كتلة العالم الإسلامي المفترض وجودها كذلك. أيّ إبادة لسكان هذا القطاع إنما تحمل في معناها العميق تهديد أي دولة من دول العالم الإسلامي تُريد الخروج عن هيمنة النظام العالمي الغربي المفروض بالقوة اليوم على جميع الشعوب غير الغربية، وبالدرجة الأولى على الشعوب الإسلامية.. وكذلك الأمر بالنسبة للحصار والتجويع والقهر بجميع أنواعه. إنها ممارساتٌ تحمل رسائل مُوجَّهة لكافة المسلمين ولكافة دول الجنوب الفقير وليس فقط للفلسطينيين في قطاع غزة بمفردهم. محتوى هذه الرسائل واحد: الغرب بمختلف اتجاهاته يستخدم اليد الضاربة للصهيونية في قلب أمة الإسلام، ليس فقط لإخضاع غزة إنما إخضاع كل هذه المساحة الجيوستراتيجية الشاسعة لسيطرته الكاملة ثم إخضاع بقية العالم.
يُخطِئ من يحاول إقناع نفسه بأنه بمنأى عن هذا الخطر! أو أن الغرب هو ضد حماس فقط
وعليه، فإن السلوك المُشتَّت اليوم للمسلمين، وبقاء نظرتهم المُجزّأة للصراع، كل يسعى لإنقاذ نفسه، إنما هو في الواقع إنقاذٌ مؤقت إلى حين تتحول البوصلة نحو بلد آخر يُحاصَر أو يُقَسَّم أو تُثار به أنواع أخرى من الفتن… ويُخطِئ من يحاول إقناع نفسه بأنه بمنأى عن هذا الخطر! أو أن الغرب هو ضد حماس فقط أو ضد حركة الجهاد في فلسطين، ذلك أن كل الاتجاهات الإسلامية هي في نظر الاستراتيجي الغربي واحدة، تختلف فقط من حيث الشكل أو من حيث الحدة والأسلوب. لذلك فجميعها موضوعة على القائمة للتصفية يوما من الأيام، بما في ذلك تلك التي تعلن أنها مسلمة لائكية حداثية أو عصرية!.. لا خلاف سوى مرحليًّا بينها، لا فرق عند الغربيين بين المُعمَّم بالعمامة السوداء أو البيضاء أو صاحب ربطة العنق أو الدشداش أو الكوفية أو الشاش، ولا فرق عندهم بين جميع أشكال الحجاب أو الخمار أو ألوانها في كل بقعة من العالم الإسلامي، جميعها تدل على الأمر ذاته.
وفي هذه المسألة بالذات هم متّحدون، وإن أبدوا بعض الليونة المؤقتة تجاه هذا أو ذاك إلى حين.
فهل تصل الشعوب والحكومات في البلدان الإسلامية إلى مثل هذه القناعة وتتحرّك ككتلة واحدة تجاه الآخرين كما يفعل الغرب الذي يتصرّف بشكل موحد تجاه المسلمين وإنْ تنافس على النيل منهم؟
ذلك هو السؤال الذي تحكم طبيعة الإجابة عنه مصير غزة وفلسطين.. ومادام الغرب يعرف الإجابة اليوم، فإنه سيستمرّ في سياسته إلى حين يقضي الله تعالى أمرا كان مفعولا وتتبدَّل الموازين.
(نقلا عن صحيفة الشروق الجزائرية)