هل يجوز تقبيل الميت قبل الدفن ؟ دار الإفتاء تحدد الضوابط الشرعية
تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT
هل يجوز تقبيل الميت قبل الدفن ؟ ثبت في أحاديث صحيحة أنه يجوز تقبيل الميت بعد الوفاة، سواء كانوا من أقاربه أو من غيرهم، فيجوز للرجال أن يقبلوا الرجل الميت، ويجوز للنساء أن يقبلن المرأة الميتة، فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم: (قَبَّلَ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ وَهُوَ مَيِّتٌ وَهُوَ يَبْكِي.
حكم تقبيل الميت
تقبيل الميت بعد تكفينه قالت دار الإفتاء في بيانها حكم الدخول على الميت وقت الغسل بدون وضوء، ردا على سائل يقول: هل دخول الأفراد على الميت في غسله بدون وضوء جائز؟إن دخول الأفراد على الميت وقت الغسل أو قبله أو بعده بغير وضوء جائزٌ شرعًا، ولا حرج ولا حرمة فيه.
تقبيل الميت بعد تكفينه
وحول حكم كشف وجه الميت لتقبيله وتوديعه، وهل يصح ذلك بعد التكفين؟، أكدت أنه لا مانع شرعًا من الدخول على الميّت وكشف وجهه لتقبيله وتوديعه؛ سواء في ذلك الأقارب والأحباب، بل هو من هدي السنة النبوية المشرفة، وفعل السلف الصالح رضوان الله عليهم.
وأضافت دار الإفتاء، أنه يستوي في ذلك وقوع التقبيل قبل التكفين وبعده، ما لم يترتب عليه مفسدة؛ كحدوث جزعٍ أو فزعٍ ممن يدخل عليه، أو تغير جسد الميت أو وجهه لمرضٍ أو غلبة دمٍ أو نحوه؛ سدًّا للذريعة وخوفًا من سوء الظن به ممن يجهل حاله.
وتابعت: كما ورد في السنَّة النبوية المُشرَّفة وأفعال السلف الصالح رضوان الله عليهم ما يُفيد مشروعية كشف وجه الميت وتقبيله وتوديعه، ممن يجوز لهم تقبيله حال حياته، سواء أكانوا من أقارب الميت أو من غيرهم، وسواء كان التقبيل قبل التكفين أم بعده؛ لعموم النصوص الواردة فيها، والأصل أن يؤخذ العموم على عمومه حتى يأتي ما يخصصه؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَبَّلَ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ وَهُوَ مَيِّتٌ" أخرجه عبد الرزاق في "المُصنَّف"، وأبو داود الطيالسي وإسحاق بن راهويه والإمام أحمد في "مسانيدهم"، وأبو داود والترمذي وابن ماجه في "سننهم"، وقال الترمذي: حسن صحيح، والحاكم في "المستدرك" وصحح إسناده، وأبو نُعيم في "الحلية"، والبيهقي في "السنن الكبرى".
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: أُصِيبَ أَبِي يَوْمَ أُحُدٍ، فَجَعَلْتُ أَكْشِفُ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ وَأَبْكِي، وَجَعَلُوا يَنْهَوْنَنِي، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ لَا يَنْهَانِي، قَالَ: وَجَعَلَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ عَمْرٍو تَبْكِيهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «تَبْكِيهِ أَوْ لَا تَبْكِيهِ، مَا زَالَتِ الْمَلَائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رَفَعْتُمُوهُ» متفقٌ عليه.
كما ورد عن عائشة رضي الله عنها قالت: أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَلَى فَرَسِهِ مِنْ مَسْكَنِهِ بِالسُّنْحِ حَتَّى نَزَلَ، فَدَخَلَ المَسْجِدَ، فَلَمْ يُكَلِّمِ النَّاسَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، فَتَيَمَّمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وَهُوَ مُسَجًّى بِبُرْدِ حِبَرَةٍ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ، ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ، فَقَبَّلَهُ، ثُمَّ بَكَى، فَقَالَ: "بِأَبِي أَنْتَ يَا نَبِيَّ اللهِ، لَا يَجْمَعُ اللهُ عَلَيْكَ مَوْتَتَيْنِ، أَمَّا المَوْتَةُ الَّتِي كُتِبَتْ عَلَيْكَ فَقَدْ مُتَّهَا" أخرجه الإمام البخاري في "الصحيح"، وبوّب عليه بقوله: (باب الدخول على الميت بعد الموت إذا أُدرج في أكفانه).
وعن عاصم بن أبي النُجود الكوفي، قال: "لما مات أبو وائلٍ قبَّل أبو بردة جبهتَه" أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف".
كما قال العلَّامة ابن بطَّال المالكي في "شرح صحيح البخاري" (3/ 240، ط. مكتبة الرشد) عن حديث أبي بكرٍ رضي الله عنه: [قال الُمهَلِّبُ: فيه جواز كشف الثوب عن الميت إذا لم يَبْدُ منه أذًى، وفيه جواز تقبيل الميت عند وداعه] اهـ.
وقال الإمام بدر الدين العيني في "شرح سنن أبي داود" (6/ 94، ط. مكتبة الرشد): [وفيه من الفقه: جواز تقبيل الميت].
وقال العلَّامة ابن المُلقِّن في "التوضيح" (9/ 402، ط. دار الفلاح): [وفيه: جواز كشف الثوب عن الميت إذا لم يبدُ منه أذًى، وجواز تقبيل الميت عند وداعه، والتأسِّي؛ فإنَّ الصديق رضي الله عنه تأسَّى برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث قبَّل عثمان بن مظعون رضي الله عنه، كما صححه الترمذي] .
وشددت أن الفقهاء متفقون على جواز الدخول على الميت وتقبيله وتوديعه ممن يحق لهم ذلك حال حياته؛ لِمَا فيه من التبرك -إن كان صالحًا- والمحبة والشفقة والرحمة ولين القلب، ما لم يكن لشهوة، وجمهورهم على أن ذلك يستوي فيه الجواز إذا كان قبل الغسل أو بعده، وسواء كان قبل التكفين أم بعده؛ قال الإمام بدر الدين العيني الحنفي في "البناية شرح الهداية" (6/ 244، ط. دار الكتب العلمية): [فإن قيل: إنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم قبَّل عثمان بن مظعون رضي الله عنه بعد ما أدرج في الكفن، وقبَّل أبو بكر رضي الله عنه بين عيني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم بعد ما أدرج في الكفن. قلنا: هذا ضرب الشفقة أو التعظيم، والموت لا ينافيه] اهـ.
وقال الإمام الزيلعي الحنفي في "تبيين الحقائق" (3/ 157، ط. الأميرية): [وتقبيله صلى الله عليه وآله وسلم عثمانَ بن مظعون رضي الله عنه بعدما أدرج في الكفن محمولٌ على ضربٍ من الشفقة والتعظيم] اهـ.
وقال الإمام ابن أبي زيد القيرواني المالكي في "النوادر والزيادات" (1/ 566، ط. دار الغرب الإسلامي) [قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: ولا بَأْسَ بتقبيل الميت قبل غسله وبعد غسله؛ قد قَبَّل النبيُ صلى الله عليه وآله وسلم عثمان بن مظعون رضي الله عنه ميتًا، وقَبَّل أبو بكرٍ رضي الله عنه النبيَ صلى الله عليه وآله وسلم ميتًا] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (4/ 637، ط. دار الفكر): [وأما تقبيلُ الرجل الميتَ والقادمَ من سفره ونحوه: فسُنَّة] اهـ.
وقال في موضع آخر (5/ 127): [(فرع): يجوز لأهل الميت وأصدقائه تقبيل وجهه؛ ثبتت فيه الأحاديث] اهـ.
وقال العلامة شمس الدين الرملي الشافعي في "نهاية المحتاج" (3/ 19، ط. دار الفكر): [ويجوز لأهل الميت ونحوهم كأصدقائه تقبيل وجهه؛ لخبر أنه صلى الله عليه وآله وسلم قبَّل وجه عثمان بن مظعون رضي الله عنه بعد موته، ولِمَا في البخاري: أن أبا بكر رضي الله عنه قبَّل وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد موته، وينبغي ندبُه لأهله ونحوهم كما قال السبكي، وجوازُه لغيرهم، ولا يقتصر جوازه عليهم، وفي زوائد "الروضة" في أوائل النكاح: ولا بأس بتقبيل وجه الميت الصالح، فقيَّده بالصالح، وأما غيره فينبغي أن يكره] اهـ.
وقال العلَّامة الجاوي الشافعي في "نهاية الزين" (ص: 151، ط. دار الفكر): [ويجوز لأهل الميت تقبيله ما لم يحملهم التقبيل على جزعٍ كما هو الغالب من حال النساء وإلا حرم، ويجوز ذلك أيضًا لغير أهله، لكن لا بد من اتحاد الجنس وانتفاء المرودة عند عدم المحرمية] اهـ.
وقال العلَّامة المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (2/ 468، ط. دار إحياء التراث العربي): [ولا بأس بتقبيل الميت والنظر إليه ولو بعد تكفينه، نصَّ عليه] اهـ.
وقال العلَّامة البهوتي الحنبلي في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 344، ط. عالم الكتب): [(ولا بأس بتقبيله) أي: الميت (والنظر إليه) ممن يباح له ذلك في الحياة (ولو بعد تكفينه) نصًّا؛ لحديث عائشة رضي الله عنها] اهـ.
واستطرت: غير أنَّ بعض الفقهاء جعل الدخول على الميت وتقبيله إنَّما يكون بعد إدراجه في أكفانه أو ما في معناه من تغطيته، لئلَّا يُطَّلَع من الميت على ما يُكرَه الاطلاعُ عليه، إذ قد يتغير وجه الميت أو جسده بالسواد ونحوه عند الموت، لداءٍ أو لغلبة دمٍ؛ فينكر ذلك من يجهل حاله فيظن فيه سوءً، فيصبح ضرر ذلك أكبر من تطبيق سنة تقبيله.
وأجابوا عن تقبيل الصديق رضي الله عنه للحبيب صلى الله عليه وآله وسلم: بأنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم كان مُسجّى وقتما دخل عليه أبو بكر رضي الله عنه ليقبِّله، وأنَّ أبا بكر رضي الله عنه كان عالمًا بأنه صلى الله عليه وآله وسلم مصونًا عن أي أذًى، كما أجابوا عن حديث جابر رضي الله عنه الذي ورد فيه تقبيلُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم لوالده سيدنا عبد الله بن حرام رضي الله عنه: بأن الشهيد يكفَّن في ثيابه فهو كالمدرج فيها.
ما هي أسئلة القبر الثلاثة ؟
القبر هو أولى منازل الآخرة، حيث إنَّ الإنسان فيه يُبشَّر بمكانه في الجنة أو منزله من النار، فإن كان العبد مُؤمنًا لقي في قبره الراحة والفسحة والسّعادة، وإن كان كافرًا عاصيًا فاسقًا لقي نتيجة بعده عن الله في قبره وتكذيبه بما أرسله الله وجاء به الأنبياء، وإن كان المسلم الذي دخل القبر قد اقترف ذنوبًا يسيرةً فإن له في هذه الحالة مُعاملةً أخرى، وكلُّ ذلك سيجري بيانه خلال هذه المقالة.
وإذا مات ابن آدم وخرجت روحه ووضع في قبره فإنه عندئذٍ سيكون في أول مراحل الآخرة لأن القبر هو أول منزل من منازل الآخرة، وعن هانئ مولى عثمان بن عفان قال: «كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ إِذَا وَقَفَ عَلَى قَبْرٍ يَبْكِي حَتَّى يَبُلَّ لِحْيَتَهُ ، فَقِيلَ لَهُ : تَذْكُرُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ، وَلَا تَبْكِي، وَتَبْكِي مِنْ هَذَا ؟ قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : «إِنَّ الْقَبْرَ أَوَّلُ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ ، فَإِنْ نَجَا مِنْهُ، فَمَا بَعْدَهُ أَيْسَرُ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ، فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ مِنْهُ» قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا رَأَيْتُ مَنْظَرًا قَطُّ إِلَّا وَالْقَبْرُ أَفْظَعُ مِنْهُ»، رواه الترمذي ( 2308 ) وابن ماجه ( 4567 )
أسئلة القبر
وبعد دفن الميت في القبر يأتيه الملكان الموكلان به يسألانه عما كان يؤمن به في الدنيا عن ربه وعن دينه وعن نبيِّه، فإن أجابهم بخيرٍ فذلك خيرٌ، وإن لم يجبهم فإنهم يضربونه ضرباً شديداً أليماً، وإن كان من أهل الصلاح جاءه ملائكة بيض الوجوه، وإن كان من أهل الفساد جاءه ملائكة سود الوجوه، وهذه هي فتنته التي يُفتن بها.
عن عائشة أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: «اللهمَّ إنِّي أعوذ بك من الكسل والهرم والمغرم والمأثم، اللهمَّ إني أعوذ بك من عذاب النار وفتنة النار، وفتنة القبر وعذاب القبر وشر فتنة الغنى وشر فتنة الفقر ومن شر فتنة المسيح الدجال، اللهم اغسل خطاياي بماء الثلج والبرد ونق قلبي من الخطايا كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس وباعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب» .
أسئلة القبر
عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلْحَدْ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ وَكَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرَ وَفِي يَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ فِي الْأَرْضِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنْ الْآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ مِنْ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الشَّمْسُ مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ
حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ قَالَ فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السِّقَاءِ فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَأْخُذُوهَا فَيَجْعَلُوهَا فِي ذَلِكَ الْكَفَنِ وَفِي ذَلِكَ الْحَنُوطِ وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ قَالَ فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلَا يَمُرُّونَ يَعْنِي بِهَا عَلَى مَلَإٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا قَالُوا مَا هَذَا الرُّوحُ الطَّيِّبُ فَيَقُولُونَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانُوا يُسَمُّونَهُ بِهَا فِي الدُّنْيَاحَتَّى يَنْتَهُوا بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهُ فَيُفْتَحُ لَهُمْ فَيُشَيِّعُهُ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرَّبُوهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي تَلِيهَا حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ
فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ اكْتُبُوا كِتَابَ عَبْدِي فِي عِلِّيِّينَ وَأَعِيدُوهُ إِلَى الْأَرْضِ فَإِنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى قَالَ فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ مَنْ رَبُّكَ فَيَقُولُ رَبِّيَ اللَّهُ فَيَقُولَانِ لَهُ مَا دِينُكَ فَيَقُولُ دِينِيَ الْإِسْلَامُ فَيَقُولَانِ لَهُ مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ فَيَقُولُ هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَيَقُولَانِ لَهُ وَمَا عِلْمُك فَيَقُولُ قَرَأْتُ كِتَابَ اللَّهِ فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُ فَيُنَادِي مُنَادٍ فِي السَّمَاءِ أَنْ صَدَقَ عَبْدِي فَأَفْرِشُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ وَأَلْبِسُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ قَالَ فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا وَطِيبِهَا وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ
قَالَ وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ حَسَنُ الثِّيَابِ طَيِّبُ الرِّيحِ فَيَقُولُ أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ فَيَقُولُ لَهُ مَنْ أَنْتَ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ فَيَقُولُ أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ فَيَقُولُ رَبِّ أَقِمْ السَّاعَةَ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي، قَالَ وَإِنَّ الْعَبْدَ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنْ الْآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مِنْ السَّمَاءِ مَلَائِكَةٌ سُودُ الْوُجُوهِ مَعَهُمْ الْمُسُوحُ فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ
ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ اخْرُجِي إِلَى سَخَطٍ مِنْ اللَّهِ وَغَضَبٍ قَالَ فَتُفَرَّقُ فِي جَسَدِهِ فَيَنْتَزِعُهَا كَمَا يُنْتَزَعُ السَّفُّودُ مِنْ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَجْعَلُوهَا فِي تِلْكَ الْمُسُوحِ وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ
فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلَا يَمُرُّونَ بِهَا عَلَى مَلَإٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا قَالُوا مَا هَذَا الرُّوحُ الْخَبِيثُ فَيَقُولُونَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُسَمَّى بِهَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيُسْتَفْتَحُ لَهُ فَلَا يُفْتَحُ لَهُ ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ » فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي سِجِّينٍ فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى فَتُطْرَحُ رُوحُهُ طَرْحًا ثُمَّ قَرَأَ «وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ»
فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ مَنْ رَبُّكَ فَيَقُولُ هَاهْ هَاهْ لَا أَدْرِي فَيَقُولَانِ لَهُ مَا دِينُكَ فَيَقُولُ هَاهْ هَاهْ لَا أَدْرِي فَيَقُولَانِ لَهُ مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ فَيَقُولُ هَاهْ هَاهْ لَا أَدْرِي فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ السَّمَاءِ أَنْ كَذَبَ فَافْرِشُواََََ لَهُ مِنْ النَّارِ وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا وَسَمُومِهَا وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلَاعُهُ وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ قَبِيحُ الثِّيَابِ مُنْتِنُ الرِّيحِ فَيَقُولُ أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوءُكَ هَذَا يَوْمُك الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ فَيَقُولُ مَنْ أَنْتَ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالشَّرِّ فَيَقُولُ أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ فَيَقُولُ رَبِّ لَا تُقِمْ السَّاعَةَ ََََ».
وقال الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إن هناك 3 أنواع من الحياة، الحياة الدنيا، وحياة البرزخ، وحياة الآخرة، منوهًا بأن النوعين الآخرين من الأمور الغيبية.
وأوضح «شلبي» خلال البث المباشر لدار الإفتاء على «فيسبوك»، أن الحياة التي يعيشها الإنسان تنقسم إلى ثلاثة أقسام: أولًا الحياة الدنيا، والتي تنتهي بالموت، وثانيًا: حياة البرزخ، وهي التي تكون بعد الموت إلى قيام الساعة، ثالثًا حياة الآخرة، وهي التي تكون بعد قيام الناس من قبورهم إما إلى جنةٍ، وإما إلى نار.
وتابع: فالحياة البرزخية هي التي تكون بعد موت الإنسان إلى بعثه، وسواء قُبِر أو لم يُقبر أو احترق أو أكلته السباع، والذي يدل على هذه الحياة ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الميت بعدما يوضع في قبره يسمع قرع نعال أهله، كما جاء في الحديث.
وواصل: وهذه الحياة إما أن تكون نعيمًا وإما أن تكون جحيمًا ، والقبر فيها إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران، والذي يدل على النعيم والعذاب فيها ، قول الله تعالى عن قوم فرعون: «النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا ءَالَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ» (سورة غافر:46)، قال ابن مسعود: إن أرواح آل فرعون ومن كان مثلهم من الكفار تحشر عن النار بالغداة والعشي فيقال هذه داركم.
أوضحت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية، أن الروح يسلكها الله في البدن في الحياة الدنيا فتوجب له حسًا وحركةً وعلمًا وإدراكًا ولذةً وألمًا، ويسمى بذلك حيًا.ـ ثم تفارقه في الوقت المقدّر أزلًا لقطع علاقتها به فتبطل هذه الآثار ويفنى هيكل البدن ويصير جمادًا ويسمى عند ذلك ميتًا ولكن الروح تبقى في «البرزخ».
وأضافت لجنة الفتوى في إجابتها عن سؤال: «هل يشعر المتوفى بالزيارة؟» أن «البرزخ»: هو ما بين الحياة الدنيا والحياة الآخرة من يوم الموت إلى يوم البعث والنشور حية مُدركة تسمع وتبصر وتسبح في ملك الله حيث أراد وقدر، وتتصل بالأرواح الأخرى وتناجيها وتأنس بها سواء كانت أرواح أحياء، أم أرواح أموات، وتشعر بالنعيم، والعذاب، واللذة، والألم بحسب حالتها وترد أفنية القبور.
ونقلت ما قاله ابن القيم في كتابه «زاد المعاد»: «إن الموتى تدنو أرواحهم من قبورهم وتوافيها في يوم الجمعة، فيعرفون زوارهم ومن يمر بهم ويسلم عليهم ويلقاهم أكثر من معرفتهم بهم في غيره من الأيام، فهو يوم تلتقي فيه الأحياء والأموات، وروي أن الموتى يعلمون بزوارهم يوم الجمعة ويوما قبله ويوما بعده ، وهذا هو مذهب جمهور أهل السنة وبه وردت الأحاديث والآثار».
حكم زيارة القبور والسلام على أهلها
يستحب للمسلم زيارة القبور والسلام على أهلها، والميت يعرف المسلِّم عليه ويرد عليه السلام كما ذكرنا؛ قال الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" (5/ 310، ط. دار الفكر): [قال أصحابنا رحمهم الله: ويستحب للزائر أن يدنو من قبر المزور بقدر ما كان يدنو من صاحبه لو كان حيًّا وزاره].
وقال الإمام ابن القيِّم في "الروح" (ص: 5): [وقد شرع النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأمته إذا سلموا على أهل القبور أن يسلموا عليهم سلام من يخاطبونه، فيقول: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين)، وهذا خطاب لمن يسمع ويعقل، ولولا ذلك لكان هذا الخطاب بمنزلة خطاب المعدوم والجماد، والسلف مجمعون على هذا، وقد تواترت الآثار عنهم بأن الميت يعرف زيارة الحي له ويستبشر به].
وذكر المناوي في "فيض القدير" (5/ 287): [وقال الحافظ العراقي: المعرفة ورد السلام فرع الحياة ورد الروح، ولا مانع من خلق هذا الإدراك برد الروح في بعض جسده، وإن لم يكن ذلك في جميعه. وقال بعض الأعاظم: تعلق النفس بالبدن تعلق يشبه العشق الشديد، والحب اللازم، فإذا فارقت النفس البدن فذلك العشق لا يزول إلا بعد حين، فتصير تلك النفس شديدة الميل لذلك البدن؛ ولهذا ينهى عن كسر عظمه ووطء قبره].
حياة الميت في البرزخحياة الميت البرزخية هي التي تكون بعد موت الإنسان إلى بعثه، وسواء قُبِر أو لم يُقبر أو احترق أو أكلته السباع، والذي يدل على هذه الحياة ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الميت بعدما يوضع في قبره يسمع قرع نعال أهله، كما جاء في الحديث.
وهذه الحياة إما أن تكون نعيمًا وإما أن تكون جحيمًا، والقبر فيها إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران، والذي يدل على النعيم والعذاب فيها، قول الله تعالى عن قوم فرعون: «النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا ءَالَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ» (سورة غافر:46)، قال ابن مسعود: إن أرواح آل فرعون ومن كان مثلهم من الكفار تحشر عن النار بالغداة والعشي فيقال هذه داركم.
وجاءت العديد من النصوص القرآنيّة في إثبات ما يمرُّ به العبد بعد دخوله القبر من مراحل بين السؤال والحساب والنعيم والعذاب، فمن كان في حياته قريبًا من الله -سبحانه وتعالى- مُتعلّقًا فيه، مرّت عليه تلك المراحل سلسةً يسيرةً، ومن كان فيها غافلًا عن الله عاصيًا له مُطيعًا لهواه ورغباته فإنّه سيلقى أقسى أنواع العذاب والحساب والسؤال من قِبَل ملائكة الله، وفيما يأتي بيان بعض النصوص التي تُثبت شيئًا ممّا يمرُّ به الميت في القبر حسب ترتيبها المنطقي:
من آمن بالله حق الإيمان فإنه سيدخل قبره آمنًا مُطمئنًا، فإذا ما سأله الملكان أجابهما بثباتٍ وسكينةٍ واطمئنان، وذلك لما كان منه من الإيمان والتقوى والعمل الصالح وحسن الاستعداد للآخرة، قال الله تعالى: «ثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ۚ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ» (سورة إبراهيم: 27).
إذا أُنزِل الميّت إلى القبر ثم انصرف عنه أهله أتاه ملكان مبعوثات من الله -سبحانه وتعالى- ليسألاه بعض الأسئلة، وبناءً على إجابته على أسئلتهم يكون مصيره في القبر الذي سيوصله إلى مصيره المحتوم في الآخرة، فإذا أتى الملكان للميت بعد انصراف الناس عنه أقعداه في موضعه في القبر ثم سألاه عن ربه من هو؛ فإن كان مؤمنًا أجاب بثباتٍ وثقة: ربي الله، فيسألانه عن نبيه، فيجيب: نبيّي محمد، فيسألانه عن دينه، فيقول: ديني الإسلام، حتى إذا انتهيا من الأسئلة رأى منزله من الجنة جزاء ما كان منه من الصلاح والتقوى، أما الكافر فإنه يُجيب بعد كل سؤال من تلك الأسئلة بقوله: هاه هاه لا أدري، فيُرى مقعده ومكانه من النار جزاء اتّباعه لهواه وكفره بما جاء به الله على لسان أنبيائه.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الميت تقبيل الميت حكم تقبيل الميت النبی صلى الله علیه وآله صلى الله علیه وآله وسلم صلى الله علیه وسلم اهـ وقال الإمام الحیاة الدنیا دار الإفتاء م ا ه ذ ا الر قال الإمام هذه الحیاة ف ی ق ول ان المیت بعد دار الفکر وآله و س ل ا إ ل ى ال هل المیت إ ل ى الس المیت فی فی القبر ه وآله ى الله ع ی الله ع فی قبره ال و ج ه وإن کان ال ق ب ر ال أ ر ض ول الله وه ا ف ی قال ال ما کان کان من ل الله ما ورد إن کان
إقرأ أيضاً:
هل يجوز إعادة صلاة الوتر مرة أخرى في آخر الليل؟ ..الإفتاء ترد
أوضحت دار الإفتاء المصرية في ردها على سؤال حول “حكم إعادة صلاة الوتر لمن صلاها أول الليل ثم أراد قيام الليل؟”، أن جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية في المشهور عندهم والحنابلة والظاهرية، يرون أنه يجوز له أداء صلاة الليل بعد الوتر دون الحاجة إلى إلغاء الوتر الأول أو الإتيان بوتر جديد.
وأشارت الدار إلى أن الوتر يُصلى بعدد فردي من الركعات بين صلاة العشاء وطلوع الفجر، وهو سنة مؤكدة عند جمهور الفقهاء.
واستندت إلى أقوال عدد من الصحابة والتابعين، مثل أبو بكر الصديق وعائشة وابن عباس وسعد بن أبي وقاص وغيرهم، الذين أكدوا أنه لا حرج في قيام الليل بعد الوتر دون الحاجة إلى نقضه بركعة إضافية.
كما استشهدت الدار بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «لا وتران في ليلة» الذي رواه أبو داود والترمذي والنسائي، مؤكدة أن نقض الوتر غير مطلوب، وأن أداء الصلاة بعده لا يتعارض مع الحديث النبوي: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا»، لأن هذا التوجيه جاء على سبيل الاستحباب وليس الوجوب.
وأضافت أن بعض الفقهاء، خاصة في أحد أوجه الشافعية، أجازوا الإتيان بركعة إضافية لنقض الوتر ثم إعادة الوتر في آخر الصلاة، لكن المختار للفتوى هو ما ذهب إليه الجمهور، وهو عدم الحاجة لذلك.
وبناءً على ذلك، أوضحت دار الإفتاء أنه لمن أوتر في أول الليل ثم استيقظ وأراد صلاة التهجد، فبإمكانه أداء ما شاء من الركعات دون الحاجة إلى إبطال وتره الأول أو إعادة الوتر مرة أخرى.
كيفية صلاة الوتر في المذاهب الأربعةرأى الأحناف: الوتر واجب وهو ثلاث ركعات كالمغرب لا يسلم بينهن، ويقرأ في جميعها فاتحة وسورة ويقنت في الثالثة قبل الركوع مكبرًا رافعًا يديه، والمالكية يرون أن صلاة الوتر سنة مؤكدة لكن لا تكون إلا بعد شفع يسبقها- أي ركعتين - ثم يسلم وبعدهما ركعة واحدة ووصلها بالشفع مكروه.
الشافعية يرون أن صلاة الوتر سنة مؤكدة وأدنى الكمال ثلاث ركعات فلو اقتصر على ركعة كان خلاف الأولى وله أن يصلي ركعتين ثم يسلم ويأتي بثالثة أو يأتي بالثلاثة بتشهد واحد، أما الحنابلة فيرون أن صلاة الوتر سنة مؤكدة وأدنى الكمال ثلاث ركعات فله أن يصلي ركعتين ثم يسلم ويأتي بثالثة أو يأتي بالثلاث بتشهدين وبسلام واحد كما تصح صلاة الوتر بركعة واحدة.
حكم صلاة الوتراختلف الفقهاء في حكم صلاة الوتر والراجح أنها سنة مؤكدة عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ويثاب المسلم على أدائها ولا يعاقب على تركها ويجوز أداء صلاة الوتر بعد صلاة العشاء والأفضل تأخيرها إلى آخر الليل إذا كان الإنسان متيقنًا أنه لن ينام.
ودلت السنة على أن من طمع أن يقوم من آخر الليل فالأفضل تأخيره، لأن صلاة آخر الليل أفضل، وهي مشهودة، ومن خاف أن لا يقوم آخر الليل أوتر قبل أن ينام لحديث جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «مَنْ خَافَ أَنْ لا يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ فَإِنَّ صَلاةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ وَذَلِكَ أَفْضَلُ» رواه مسلم (755).