في يوم السبت 22ربيع الأول الماضي، الموافق 7 أكتوبر الحالي، قامت قوات الجهاد الفلسطيني المقدس بشن هجومها الواسع النطاق، ضد القوات والمستوطنات والمنشئات والمواقع الإسرائيلية المحيطة بقطاع غزة، وتمكنت في لحظات خاطفة ومباغته، من الحاق إسرائيل بأفدح الخسائر البشرية والعسكرية والمعنوية الباهظة، وترافق ذلك الهجوم الساحق، مع انطلاق آلاف الصواريخ الفلسطينية صوب المدن والمعسكرات والمنشآت الإسرائيلية الحيوية، الأمر الذي أدى بدوره إلى تفجير الأوضاع الإسرائيلية الداخلية، ونشر الفزع والخوف والرعب لدى المجتمع الإسرائيلي كله.


وبعد أن احترقت إسرائيل بنيران الغضب الفلسطيني الرهيب، وأصبح جيشها يقف عاجزاً أمام الصمود الفلسطيني الجبار، قامت «أي إسرائيل» باستخدام طائراتها المقاتلة، ذات التقنيات الأمريكية الحديثة، واستعمالها لقصف قطاع غزة وتدمير مقوماته البشرية والمادية، بطريقة غادرة وظالمة ومروعة، وبصورة تنطبق عليها كافة معايير جرائم الحرب الوحشية، وجرائم الإبادة الجماعية، والجرام ضد الإنسانية، والتي تمثل محور أعمال المحكمة الجنائية الدولية، ومحكمة العدل الدولية.
كما قامت إسرائيل بفرض الحصار البري والبحري والجوي على قطاع غزة، وحرمان سكانه من الماء والغذاء والدواء والكهرباء والمأوى وكافة متطلباتهم الحياتية اليومية.
من هذا المنطلق يمكن القيام باستشراف آفاق الدروس الاستراتيجية المستمدة من وحي [طوفان الأقصى] والنابعة من صميم شموخها وقوتها ومجدها التاريخي العظيم، والتي تنطوي على الدروس والعبر التالية:-
1 -نجاح عملية [طوفان الأقصى] في قصم ظهر الكيان الإسرائيلي الغاصب، وتبديد تفوقه الاستراتيجي (المزعوم)، وسحق جيشه الذي لا يُقهر [حسب قوله]، وتحطيم أسطورته الاستخباراتية (الموسادية) وكشف حقيقة ضعفه وعجزه وفشله في مواجهة القوات الفلسطينية، قليلة العدد والعدة.
2 – أماطت عملية [طوفان الأقصى] اللثام – بصورة أوضح من ذي قبل – عن حقيقة تكوين الجيش الإسرائيلي ومقوماته الأساسية، والذي يعتمد اعتماداً كاملاً ومطلقاً على القيام باستدعاء جنود الاحتياط العسكري، الذين يقومون بمزاولة أعمالهم اليومية في جميع القطاعات والمرافق الحكومية والأهلية، والقيام بتوزيعهم على الجبهات العسكرية الساخنة، الأمر الذي من شأنه أن يعمل على تعطيل كافة الدوائر الحكومية والأهلية في عموم إسرائيل، وإلحاقها بأفدح الخسائر الاقتصادية والمالية الباهظة.
3 – أدت عملية [طوفان الأقصى] إلى القيام بحشد وتعبئة جميع الشعوب والأمم في العالم، وتفجير براكين غضبها الواسع النطاق تجاه الكيان الصهيوني الغاصب، والذي يعد بمثابة غُدة سرطانية خبيثة، زرعت على أرض فلسطين في غفلة من الزمن، ولذلك يجب على جميع الأحرار في العالم أن يقوموا باقتلاعها واستئصالها من جذور جذورها، وإلقائها في مزبلة التاريخ البشري.
4 – ساهمت عملية [طوفان الأقصى]، في كشف حقيقة الاستراتيجية الإسرائيلية المستقبلية، والتي تهدف إلى تهجير سكان غزة ونقلهم إلى الأراضي المصرية في منطقة سيناء، وكذا تهجير سكان الضفة الغربية، وتوزيعهم فوق الأراضي الأردنية والسورية والعراقية… إلخ، وبحيث تصبح جميع الأراضي الفلسطينية من النهر إلى البحر في قبضة إسرائيل، وتحت إدارتها وسلطتها دون غيرها.
5 – شهدت عملية [طوفان الأقصى]، منذ انطلاقها في 7 أكتوبر الحالي، تصاعد الهجمات الالكترونية (السيبرانية) ضد إسرائيل من قبل عدد من العناصر العربية والإسلامية، وبصورة غير مسبوقة على مدار التاريخ، وقد أسفرت تلك الهجمات الالكترونية عن اختراق الأنظمة الالكترونية الإسرائيلية، وتعطيلها ونسخ محتوياتها وتغيير موضوعاتها بصورة كبيرة.
6 – قيام أفاعي التطبيع، وذئاب التركيع والتجويع في المنطقة العربية والإسلامية، بمواصلة جهودهم ومحاولاتهم ومؤامراتهم الهادفة إلى اختراق الأمة الإسلامية، وتسميم عقولها، وتذويب مواقفها، وتهجين شخصيتها، حتى لا يكون بمقدورها الذود عن دينها وعقيدتها ومقدساتها، والدفاع عن أرضها وخيراتها وثرواتها، والقيام ببناء حاضرها ومستقبلها.
7 – ساهمت عملية [طوفان الأقصى]، في إفشال المشروعات المتعلقة بقضية تطبيع العلاقات المشتركة بين إسرائيل وبين بعض الدول العربية والإسلامية، وعملت على إجهاضها والقضاء عليها بصفة تامة وكاملة، بعد أن أدركت – تلك الدول- وفهمت تمام الفهم إن الكيان الإسرائيلي البغيض، ليس بمقدوره حماية نفسه وصيانة وجوده في مواجهة قوة صغيرة من المجاهدين الفلسطينيين الأحرار، ومن ثم فهو غير جدير بحماية الآخرين من حوله، ففاقد الشيء لا يعطيه.
8 – أفضت عملية [طوفان الأقصى]، إلى تدشين مرحلة جديدة من مراحل الحروب والصراعات والأزمات المستقبلية الطاحنة، والتي سوف تدور رحاها بين الدول العربية والإسلامية من جهة، وبين إسرائيل وأعوانها في الدول الغربية من جهة أخرى، والتي يمكنها أن تؤدي إلى إحداث تحولات استراتيجية واسعة النطاق في الشرق الأوسط، تصب جميعها في مجال إضعاف الكيان الإسرائيلي الغاصب، وتحطيمه والقضاء عليه بعون الله – تبارك وتعالى – وتأييده ونصره.
9 – كشفت عملية [طوفان الأقصى]، الستار عن حقيقة تدهور أوضاع ومواقف المجتمع الدولي، ومنظمات الأمم المتحدة، وسائر الاتحادات الإقليمية والدولية، وغياب أدوارها وجهودها المطلوبة في شتى المجالات المتعلقة بإنهاء العدوان الإسرائيلي الغاشم تجاه الشعب الفلسطيني، وإحقاق حقوقه الوطنية المشروعة، وإقامة دولته المستقلة عاصمتها القدس الشريف.
10 – برهنت عملية [طوفان الأقصى]، على أن قيام الأمة الإسلامية الواحدة بتجاهل قضية الدفاع عن فلسطين بما فيها القدس والمسجد الأقصى، والتخلي عنها سوف يؤدي حتماً إلى إحراق هذه الأمة بنيران الحروب والصراعات والأزمات المتفجرة، وإغراقها في جحيم البراكين والطوفانات والأعاصير الساحقة، وتدميرها بقوافل الجيوش الأجنبية المعادية، وعند حدوث ذلك لن ينفع الندم في أي شيء على الإطلاق، فما أكثر العبر وما أقل الاعتبار.
ومن المناسب التنويه في هذا المقام، إلى قيامي بتأليف وطبع وتوزيع كتاب [الخيار العسكري العربي] والذي يحتوي على (الاستراتيجية العسكرية العربية في مواجهة إسرائيل) وتم القيام بإصداره عام 1986م ضمن منشورات (المؤسسة العربية للشؤون الاستراتيجية)، والتي قمت بتأسيسها وإدارتها في كل من بيروت ودمشق وروما في ذلك الوقت، وقد لقي هذا الكتاب الاهتمام الواسع من قبل الكثير من الجهات العربية المرموقة.
كاتب في الشؤون الإسلامية والدولية
Sultan.it3@gmail.com

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

نص رسالة السنوار للسيد القائد

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، ناصر جنده المخلصين المتقين والصلاة والسلام على إمام المجاهدين، وقائد الغُرّ المحجلين، وعلى آله وصحبه الطيبين، وأصحابه الميامين وعلى المجاهدين والمرابطين إلى يوم الدين، وبعد:

أخي الحبيب / سماحة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي حفظكم الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يُسعدني أن أكتب لكم هذه الرسالة في ذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ونحن نخوض سوياً معركة طوفان الأقصى المباركة، التي جاءت لتوجه ضربة قويةً للمشروع الصهيوني في المنطقة بشكل عام، وفي فلسطين على وجه الخصوص، ولنكتب بها أولى صفحات وعد الله المقدس بتحرير فلسطين تطبيقاً لقوله تعالى: ﴿ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا﴾

ويسعدني أن أشكركم على العاطفة الصادقة، والمشاعر الفياضة والإرادة الصلبة التي رأيناها منكم في معركة طوفان الأقصى، سواء في ميدان المقاومة، أو فيما ترسله لنا من مخاطبات وما تحمله وفودكم الكريمة من رسائل.

أخي العزيز/ سماحة السيد عبد الملك

لقد استيقظت فلسطين اليوم، على خبر تدشينكم المرحلة الخامسة من مراحل مشاركتكم في معركة طوفان الأقصى، وإنني بهذا الصدد أبارك لكم نجاحكم بوصول صواريخكم إلى عمق كيان العدو، متجاوزة كل طبقات ومنظومات الدفاع والاعتراض، ولتعيد وَهَجَ معركة طوفان الأقصى وتأثيرها على قلب "تل أبيب" من جديد.

لقد اعتقد العدو الصهيوني بأن حرب الإبادة الجماعية التي يقوم بها ضد شعبنا الفلسطيني، وخطوات الاحتواء والتحييد لجبهات المقاومة، التي تشرف عليها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها، ستجعله ينتصر في معركته النازية ضد شعبنا الفلسطيني، فجاءته عمليتكم النوعية صباح أمس لترسل للعدو رسالة عنوانها أن خطط الاحتواء والتحييد قد فشلت وأن تأثير جبهات الإسناد بدأ يأخذ منحى أكثر فعالية، وأعظم تأثيراً على طريق حسم المعركة لصالح شعوبنا الأبية الحُرّة.

وإنني بهذا الصدد أرسل تحياتي لقيادة اليمن الشقيق، وقيادة أنصار الله، ولأبطال الجيش اليمني العزيز الذين أبدعوا في تطوير قدراتهم العسكرية حتى وصلت إلى عمق الكيان الغاصب، كما أُبرق بالتحية للشعب اليمني العظيم، الذي ما فتئ عبر تاريخه عن نصرة شعبنا الفلسطيني وقضيته العادلة، ولا تزال ميادين اليمن العزيز تشهد على ذلك أسبوعياً منذ بدأت معركة طوفان الأقصى.

أخي العزيز

يعيش شعبنا في قطاع غزة بين حالتين حالة الألم والمعاناة الشديدة جراء العدوان النازي والإبادة الجماعية والحصار والتجويع وهو ما يتطلب من كل أبناء الأمة اسناده والوقوف معه، وحالة المقاومة الباسلة التي تقودها كتائب القسام التي خاضت هجوم 7 أكتوبر باقتدار قل نظيره، وخاضت معركة دفاعية على مدار عام كامل أرهقت العدو وأثخنت فيه، وإنني بهذا الصدد أطمئنكم بأن المقاومة بخير، وأنّ ما يعلنه العدو محض أكاذيب وحرب نفسية، وإننا قد أعددنا أنفسنا لخوض معركة استنزاف طويلة تكسر إرادة العدو السياسية، كما كسر طوفان الأقصى إرادته العسكرية وإنّ تضافر جهودنا معكم ومع إخواننا في المقاومة الباسلة في لبنان، والمقاومة الإسلامية في العراق سيكسر هذا العدو وسيُلحق به الهزيمة على طريق دحره عن أرضنا بإذن الله ﴿وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ ۖ قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيبًا﴾.

أخوكم

يحيى السنوار

رئيس المكتب السياسي لحركة حماس

مقالات مشابهة

  • تطورات اليوم الـ349 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • تطورات اليوم الـ348 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • هيئة البث الإسرائيلية: حزب الله يستعد لشن عملية عسكرية ضد إسرائيل
  • ‏الجيش الإسرائيلي: الشاباك أحبط عملية استهداف مسؤول سابق في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بعبوة ناسفة تابعة لحزب الله
  • صاروخ يمني واحد يُرعب الصهاينة ويُوقظ العالم
  • تطورات اليوم الـ347 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • السنوار: المقاومة بخير وتحضر نفسها لحرب استنزاف
  • نص رسالة يحي السنوار إلى قائد أنصار الله
  • نص رسالة السنوار للسيد القائد
  • تطورات اليوم الـ346 من طوفان الأقصى والعدوان الإسرائيلي على غزة