الثورة/ حمدي دوبلة

بات الكيان الصهيوني كما تؤكد وسائل إعلامه يعيش خطرا وجوديا متزايدا جراء الفشل العسكري والأمني والاستخباراتي الفادح الذي أفرزته عملية طوفان الأقصى وما تبعه من عدوان إسرائيلي هستيري متواصل على قطاع غزة تركز في أهدافه الانتقامية على المدنيين الأبرياء في القطاع دون أن إحراز أي مكاسب عسكرية وسياسية أو ميدانية سوى الإيغال في إزهاق أرواح الآلاف من المدنيين غالبيتهم العظمى من النساء والأطفال وهو ما أثار غضب الرأي العالمي ليتجلى ذلك الغضب الذي وجه سهامه صوب حكومة دولة الاحتلال في مظاهرات جماهيرية حاشدة شهدتها مختلف بلدان العالم بما فيها تلك البلدان الحليفة والداعمة للكيان الصهيوني.


المجازر المروعة التي يرتكبها الكيان الصهيوني بحق سكان قطاع غزة تسبب وفقا لمحللين سياسيين صهاينة في إلحاق المزيد من الإضرار بالصورة المشوهة أصلا لكيان يدّعي الديمقراطية والمدنية والحضارة واحترام حقوق الإنسان.
وأكّدت وسائل إعلام عبرية امس الأحد أنّ “إسرائيل” باتت في أخطر أزمة أمنية وجودية تعكس إخفاقاً ضخماً سياسياً وأمنياً وعسكرياً واستخبارياً جرّاء (طوفان الأقصى).
ولفت الإعلام العبري إلى أنّ التدهور إلى حربٍ شاملة يُمكن أن يؤدي إلى تغييرٍ دراماتيكي في ميزان القوى في الشرق الأوسط، مضيفاً أنّ اندلاع ما أسماها “فاجعة اليوم الأسود السبت 7-10-2023 (طوفان الأقصى)، أدخل إسرائيل في خضّة هائلة”.
وأفادت وسائل إعلام صهيونية أن هناك تقديرات في “إسرائيل” باحتمال إطلاق صواريخ من اليمن والعراق، وذلك رداً على العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.
يأتي ذلك في وقت، تستمرّ المقاومة الفلسطينية، منذ أكثر من أسبوعين، في قصف مستوطنات الاحتلال ومواقعه، يقابلها الكيان بتكثيف غاراته العدوانية الإجرامية على المدنيين الفلسطينيين في غزة.
ويسجل محور المقاومة في معركة “طوفان الأقصى” تلاحما مقلقا للكيان، حيث نفذت المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان “حزب الله” عدة عمليات مستهدفة مواقع إسرائيلية أدت إلى وقوع قتلى وإصابات دقيقة في صفوف جنود الاحتلال وآلياته العسكرية.
وفي وقت سابق، تحدّثت وسائل إعلام إسرائيلية، عن تهديد إضافي لـ”إسرائيل”، وذلك بعدما أعلنت الجمهورية اليمنية من العاصمة صنعاء عن تعبئة جهادية شعبية شاملة وإعلان نيتها المشاركة بشكل فعّال في القتال في فلسطين المحتلة في حال قرر الأمريكي الدخول مباشرة في العدوان الصهيوني على غزة.
ومنذ أيام، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، أنّها لا تستطيع أن تحدّد “على وجه اليقين هدف الصواريخ التي أسقطتها البارجة الأميركية، “يو أس أس كارني”، قرب اليمن”.
وتُضاف التحذيرات اليمنية إلى تحذيرات من العراق أيضاً، إذ أكّد الناطق العسكري باسم كتائب حزب الله العراق، جعفر الحسيني، دخول المقاومة في العراق معترك المعركة وتوجيه ضرباتها إلى القواعد الأميركية.
وقال رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي، فالح الفياض، في لقاءٍ مع فضائية الميادين امس الأول ، إنّ العراق سيقوم “بكل الواجبات تجاه الفلسطينيين، سواء على صعيد المساعدات، أو على المستوى العسكري”.
وتأتي هذه المواقف في ظل التطورات التي فرضتها ملحمة “طوفان الأقصى” التي انطلقت في الـ 7 من /أكتوبر، واقتحم خلالها مئات المقاومين الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ويصعّد الاحتلال عدوانه على مناطق قطاع غزة من جنوبه إلى شماله لليوم الـ16 على التوالي، في ظل نفاد مخزونات الدواء وعدم توفّر المياه والكهرباء وبدعم أمريكي غربي مطلق لتلك الجرائم التي تؤكد منظمات حقوقية دولية أنها جرائم حرب ضد الإنسانية وحرب إبادة شاملة بحق شعب أعزل.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

الديمقراطية السائبة: طوفان بلا سدود

8 مارس، 2025

بغداد/المسلة: كتب رياض الفرطوسي

إنها الريح العاتية حين لا تجد جداراً يوقفها، والماء المتدفق حين تُهدم السدود من أمامه، فتتلاعب به المنحدرات، وتأخذه حيث تشاء المصالح، لا حيث تقتضي المصلحة الوطنية. إنها الديمقراطية السائبة، حين يُرفع عنها الغطاء القانوني، وتُترك دون ضوابط تحدد مساراتها، فتصبح بلا هوية، تتأرجح بين الولاء للوطن والانصياع لجهات أجنبية تملي شروطها خلف ستائر المصالح الخفية.

الديمقراطية في العراق، كما وصفها السياسي المستقل الأستاذ عزت الشابندر، تعاني من فقدان الحدود الواضحة التي تحكمها، فهناك سياسيون يتنقلون بين السفارات كما يتنقل العابر بين محطات استراحة، يلتقون بمسؤولين أجانب، ويتفاخرون بالصور التي تجمعهم بهم، وكأنهم حصلوا على ختم القبول من جهات خارجية ترفع شأنهم في الداخل، فيصبح ولاؤهم معلّقاً بين طرفين، لا بين شعبهم ووطنهم.

إن خطورة الديمقراطية السائبة تكمن في أنها تفتح الأبواب لمن هبّ ودبّ ليقدم أوراق اعتماده في المزاد السياسي، متناسياً أن العمل السياسي هو مسؤولية لا مساحة للعبث فيها. حين تصبح الديمقراطية جسراً لعبور المصالح الأجنبية، تتحول إلى أداة اختراق تُضعف الدولة، وتجعلها هشّة أمام العواصف.

الديمقراطية المنتجة التي يمكن أن يضع أسسها الراسخة البرلمان العراقي في مشروعه الإصلاحي، هي الديمقراطية التي يحرص على حمايتها وتطويرها بما يتماشى مع احتياجات التنمية والتطور في العراق، وفي إطار دستوري يجلب الاستقرار والرخاء والازدهار للجميع. إنها الديمقراطية التي تناسبنا، التي تعتبر امتداداً طبيعياً لتاريخنا وحضارتنا، وتراعي قيمنا ومبادئنا وثقافتنا والتطور التاريخي لمجتمعاتنا.

هذه الديمقراطية تختلف اختلافاً جذرياً عن الديمقراطية السائبة التي نرى إفرازاتها عند تصريحات ولقاءات بعض المسؤولين ونتائجها وعواقبها الوخيمة على مستقبل الوضع السياسي، وهو نوع من الانفلات. الأنكى من ذلك أن الغرب مؤمن أن نموذجه الديمقراطي هذا هو أحدث ابتكارات تراكمات الفكر السياسي عبر العصور، وأنه يصلح لكل مكان وكل أمة وشعب وتجمع بشري، ولذلك يعمل على نشر هذا النموذج في العالم، وقد ظهرت تجلياته في وضعنا السياسي من خلال الديمقراطية المشوّهة.

فرض ديمقراطية مستوردة من خارج الحدود هو أبشع أشكال الانفلات، فليس هناك من عاقل يكره الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، ولكن الواعي وحده يعرف أن الغرب يستخدم هذه المفردات الجميلة لتحقيق مكاسب سياسية، وزعزعة المجتمعات المستقرة، والضغط على أنظمتها، وخلخلتها، والعبث بمساراتها التاريخية والاجتماعية، ثم السيطرة على مقدراتها بعد إنهاكها بالحروب والنزاعات والفتن.

تؤدي الديمقراطية السائبة إلى قلب مراكز القوة في الدولة على المستوى الإعلامي والسياسي، وتعطل وتعرقل مسيرة البناء، لأنها تساهم في عدم التزام سياسة واحدة، مما يغري الجميع على التجاوز والاستقواء بالخارج على حساب القرار السياسي الداخلي للدولة. الفيلسوف وعالم الاجتماع جان جاك روسو يقول: “هناك شخص يمكن أن يمثل أشخاصاً آخرين لمجرد أنه حاز على عدد أصوات أكبر في الانتخابات، لكن من المفروض أن يعمل لصالح الناخبين، فكيف به إذا عمل ضد مصالح الناخبين سراً وعلانية؟” هنا تأتي أهمية الرقابة البرلمانية، وعلى المسؤولين أن يدركوا أنهم لا يتمتعون بتفويض مفتوح من الناخبين ليقوموا بما يحلو لهم من أعمال.

نحتاج إلى نضج سياسي وبصيرة في الفصل بين الديمقراطية السائبة والديمقراطية المنتجة.

إصلاح المسار قبل فوات الأوان

إن الحاجة مُلحّة اليوم لتشريعات واضحة، تُحدد معايير التعامل مع الجهات الخارجية، وتضع فواصل دقيقة بين العمل السياسي المسموح، والتسيب الذي يؤدي إلى الإضرار بمصالح الدولة. هناك عراقيون يتصلون بمسؤولين أجانب ويزورون السفارات دون علم الحكومة، وبعضهم يحصلون على رواتب وأموال من الدولة ثم يستغلون مواقعهم ضد نظامهم السياسي، وهذا سلوك خطير يجب التصدي له عبر قوانين صارمة ورقابة مشددة.

لا بد أن تُعاد هيكلة الديمقراطية في العراق لتكون ديمقراطية ذات هوية واضحة، لا يعبث بها الانتهازيون، ولا تتقاذفها أمواج المصالح الخارجية. فالوطن أكبر من أن يكون ساحة للتجارب السياسية، وأمنه القومي أقدس من أن يُرهن باتصالات عابثة لا تخدم إلا أصحابها.

إن لم يوضع حد لهذه الديمقراطية المنفلتة، فسيظل العراق ساحةً مشرّعة للنفوذ الخارجي، وستبقى المصالح الوطنية في مهبّ الريح، يتلاعب بها من لا يهمه سوى بقاؤه السياسي، ولو كان ذلك على حساب الأرض والشعب.

فإما ديمقراطية محكومة بالقانون، أو فوضى تتلبّس قناع الديمقراطية، تجرّ الوطن نحو الضياع.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • عبدالله نعمة: انعدام الأمن في سوريا يصب في مصلحة الكيان الصهيوني
  • تحقيقات طوفان الأقصى.. الشاباك في مواجهة نتنياهو
  • مؤسسة حقوقية:واقع المرأة الفلسطينية مأساوي ومرير بسبب المعاناة الناجمة عن الحروب على غزة
  • قيادي بحماس: لولا طوفان الأقصى لأصبحت فلسطين مثل الأندلس
  • الديمقراطية السائبة: طوفان بلا سدود
  • يوم المرأة العالمي.. استشهاد أكثر من 12 ألف فلسطينية منذ "طوفان الأقصى"
  • جيش الاحتلال يواصل انتهاكاته في القطاع وجرائمه بحق المدنيين في الضفة
  • أول تعليق من حماس على اقتحام الاحتلال للمسجد الأقصى
  • شاهد| النظام السوري الجديد: يتغنى بالسلام مع الكيان الصهيوني بينما يواصل قمع الأقليات
  • محللون: تحقيق الشاباك حول طوفان الأقصى يغذي التوتر بإسرائيل